جيش الاحتلال يقر باستحالة هزيمة حماس.. وناشطون: الحق ما نطقت به الأعداء
أعرب ناشطون على منصة إكس عن سعادتهم بتصريحات هاغاري ووصفوها بالتاريخية
بعد أكثر من ثمانية أشهر على العدوان والمكابرة وادعاء إمكانية “تحقيق النصر الكامل”، أقر جيش الاحتلال باستحالة القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس، مؤكدا أنها فكرة لا يمكن تدميرها.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري، في لقاء أجرته معه القناة "13" العبرية، إن "الحديث عن تدمير حماس هو بمثابة ذر للرماد في أعين الجمهور، وذلك لأنها مغروسة في قلوب الناس"، مضيفا أنه "لا يمكن إعادة كل الأسرى بالوسائل العسكرية".
وانتقد قيادات الاحتلال السياسية الداعية للقضاء على حركة المقاومة، قائلا إن "حماس فكرة، لا يمكنك تدميرها، يجب على المستوى السياسي أن يجد بديلا لها وإلا فستبقى"، معترفا بأن إسرائيل "تدفع ثمنا باهظا في الحرب لكننا لا يمكن أن نبقى صامتين".
وبدوره، علق مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في 19 يونيو/حزيران 2024، على إقرار جيشه باستحالة تدمير حماس، قائلا إن “مجلس الوزراء الأمني المصغر حدد تدمير قدراتها العسكرية والحكومية كأحد أهداف الحرب وجيش الدفاع ملتزم بذلك”.
فيما قالت القناة 12 الإسرائيلية إن تصريحات المتحدث باسم الجيش بشأن عدم إمكانية القضاء على حماس أغضبت نتنياهو وأنه طالب هو ووزير الجيش يوآف غالانت مكتب رئيس الأركان هرتسي هاليفي بتقديم توضيح بشأنها.
وأعرب ناشطون على منصة إكس عن سعادتهم بتصريحات هاغاري ووصفوها بالتاريخية والخطيرة والبائسة والاستسلامية والانهزامية وغيرها من التوصيفات الأخرى ذات المعنى، وعدوها بمثابة ركوع واعتراف بالهزيمة أمام المقاومة، مؤكدين أن "الحق ما نطقت به الأعداء".
وأشاروا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #حماس، #هاغاري #نتنياهو، وغيرها إلى أنها المرة الأولى في تاريخ الكيان التي يصل فيها الخلاف الداخلي والتضارب بهذا الشكل، وتمنوا مزيدا من التصدع والانقسام داخل الكيان،
وصب ناشطون جام غضبهم على الأنظمة العربية الحاكمة خاصة المطبّعة مع الاحتلال، وغيرها من الحكومات المتواطئة مع الكيان والمدافعة عما تسميه حقها في الدفاع عن نفسها أمام المقاومة بدعوى القضاء على حماس.
اعتراف تاريخي
وحفاوة باعتراف هاغاري، قال الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، إن تصريحات الجيش الصهيوني الليلة تاريخيّة، مؤكدا أن مفاعيل طوفان الأقصى بدأت وإسرائيل تنهار، ومفاعيل هذا الانهيار يمكن قراءته اليوم بكل سهولة في كل زوايا هذا الكيان.
وقال الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، إن البيان التاريخي لجيش العدو لا يمثل إحدى أهم محطات هذه الحرب فحسب، بل يمثل إحدى أهم محطات الصراع العربي الإسرائيلي برمّته.
ورأى أنه يمكن القول، إن هذا الاعتراف التاريخيّ الأكثر أهمية لإسرائيل مذ خلقت، بأنها مهزومة، مجندلٌ بها، وأن الطوفان لا يزال يغمرها حد الاختناق، ولا حول لها حتى بإنقاذ نفسها بنفس واحد حتى.
وعرض الناشط الحقوقي بلال نزار ريان اعتراف هارغاري بالصوت والصورة بأن حماس فكرة وحزب وهي مغروسة في قلوب الناس ومن يعتقد أن بإمكاننا إخفاءها فهو مخطئ.
وسخر أستاذ العلوم السياسية خليل العناني، من تصريح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، قائلا: "هاغاري أصبح محللا سياسيا وليس متحدثا باسم جيش الكيان".
وعلق أحد المغردين على قول هاغاري إن حماس فكرة والفكرة لا تموت، قائلا إن الحق هو ما شهدت به الأعداء.
انقسام وتصدع
وتحت عنوان عن تصريح "هاغاري" المفاجئ ورد نتنياهو، قال المحلل السياسي ياسر الزعاترة، إن التصريح والرد، يعكس بجانب الاعتراف الصريح باستحالة القضاء على "حماس"، ما بات واضحا من تصاعد الصراع داخل "الكيان" إلى مستوى الصراع بين المؤسسة السياسية والعسكرية والأمنية، وهو ما تعكسه هجائيات نجل نتنياهو المتكرّرة لهما.
وذكر بتصريح نتنياهو قبل أيام حول أن "إسرائيل دولة لها جيش وليست جيشا له دولة"، قائلا إنه يخالف بالطبع ما هو معروف تاريخيا عن "الكيان".
وأكد الزعاترة، أن هذا المستوى من الصراع، والذي أُضيف إليه صراع التيار الديني بشأن قانون الحاخامات وتلويح بعضهم بالتعاون مع المعارضة في سياق الدعوة لانتخابات مبكّرة، إنما يعكس الفشل الذريع في تحقيق أهداف الحرب واستمرار الخسائر في غزة، ومعضلة الشمال مع حزب الله، والتي تتصاعد أيضا.
وتساءل: "هل سيفضي ذلك بالتعاون مع الأميركان إلى إسقاط نتنياهو، وأقله فرض التراجع عليه؟"، مجيبا: “يصعب الجزم بذلك، فنحن إزاء رجل له قدرات استثنائية في اللعب على الحبال".
وأوضح كريم عوني، أن تصريحات دانيال هاغاري هي أول مواجهة علنية بين الجيش والمستوى السياسي وهو أول شرارة لتمرد الجيش على نتنياهو.
وأكد الباحث علي أبو رزق، أن هذا الاعتراف لحظة فارقة في عمر الحرب بعد أن طفت الخلافات بين القيادة العسكرية والسياسية للسطح، قائلا إن إسرائيل لم تكن ضعيفة ومهزوزة وتقاتل على عدة جبهات كما اليوم، وها هم يقرُّون أن المقاومة فكرة لا يمكن القضاء عليها، وهي كذلك بالفعل، وستبقى تقاتل وتقاوم حتى انتزاع حقوق شعبها.
وأشار أحمد الكحلوت، إلى أن التصريح الانهزامي للمتحدث باسم جيش الاحتلال الصهيوني "هاغاري"، ورد نتنياهو التصادمي هو تجسيد لحالات الرُّعب والتَّخبط والفشل الذي يعيشه الاحتلال والخلاف الحاد بين مؤسساته.
ورأى الباحث الفلسطيني يونس أبو جراد، أن تصريح هاغاري يعكس اعترافا صريحا بالفشل في تحقيق أهداف الحرب وأن المهمة الرئيسة من الحرب لم تتم على الوجه المطلوب.
وقال إن تصريحات هاغاري تعكس حجم السجال الداخلي، خاصة أن مكتب نتنياهو سارع بالرد على تصريحات هاغاري بالقول: حدد مجلس الكابنيت السياسي والأمني برئاسة رئيس الوزراء نتنياهو أن أحد أهداف الحرب هي تدمير قدرات حماس العسكرية والحكومية. والجيش الإسرائيلي ملتزم بالطبع بذلك".
وأضاف أبو جراد، أن تصريحات هاغاري، ن زاوية أخرى قد تكون تبريرا لاستمرار حرب الإبادة الجماعية والحصار الخانق والأزمة الإنسانية الكبيرة في القطاع، لكنها قطعا تصريحات مهمة وتاريخية من متحدث تافه باسم جيش يحاول استعادة هيبته وسمعته بالمجازر والتطهير العرقي.
اعتراف بالهزيمة
وبدوره، عد أستاذ الإعلام السياسي أحمد بن راشد بن سعيد، تصريحات هاغاري بمثابة اعتراف إسرائيلي بالعجز عن تدمير حماس.
وأكد الكاتب والسياسي الجزائري عز الدين ميهوبي، أن هاغاري عندما يقول إن القضاء على حماس مجرد ذرّ للرمال في العيون، فهذا اعتراف صريح سيزيد من متاعب نتنياهو الذي يبشر كل يوم بتدمير حماس دون جدوى، وصار قاب قوسين من الجنون لأنه لم يحقق منذ 8 أشهر أي هدف، وهو يأكل من رصيده.
وقالت الناشطة مايا رحال: "عندما يصرح هاغاري أن حماس فكرة وهي كالبذرة مزروعة بقلوب الناس فاعلم تماما أن حكومة المتطرف نتنياهو قد أخفقت رسميا بتحقيق أهدافها بغزة وهي تقويض وتفكيك حماس وقدراتها وبنيتها العسكرية وأن حماس تحتويها وتدعمها حاضنة شعبية فيْحال أن تهزم".
بأس المقاومة
وعن وقع تصريحات المتحدث باسم جيش الاحتلال على الداخل الإسرائيلي ودور المقاومة الفلسطينية في انتزاعها من فم الاحتلال، أكدت المغردة تغريد، أن هذا الاعتراف يشعل الجدل في إسرائيل، قائلة: "عاشت المقاومة الفلسطينية حماس".
وقال الكاتب السياسي إبراهيم المدهون، إن اعتراف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ضمنيًا بفشل العدوان الذي استمر تسعة أشهر في تحقيق أهدافه المعلنة، والتي تضمنت القضاء على حماس، تهجير الفلسطينيين، واستعادة الأسرى، مؤكدا أن هذا الاعتراف يعزز من صورة حماس كقوة مقاومة صامدة وفعالة في وجه العدوان.
وأشار إلى أن اعتراف هاغاري إقرار بأن حماس ستبقى طالما لم تجد الحكومة بديل يعكس قوة واستمرارية الحركة في الساحة الفلسطينية. هذا يعزز شرعية الحركة ويؤكد دورها القيادي في فلسطين، رغم كل محاولات القضاء عليها أمريكيا وإسرائيليا.
وأكد المدهون، أن الفشل الإسرائيلي يعكس قدرة حماس على التصدي لحرب الإبادة الوحشية والتي استخدمت إسرائيل فيها قوتها العسكرية القصوى، والحفاظ على هيكلها وقيادتها رغم الهجمات الإجرامية المكثفة، قائلا إن هذا يمكن عدّه إنجازا يعزز من ثقة الجبهة الداخلية بحماس.
وأضاف أن استمرار حماس في المقاومة وعدم تقديم أي تنازلات يعكس التزام الحركة بمبادئها وبحقوق الشعب الفلسطيني. وأنها في الطريق الصحيح وستخرج أقوى من الاول، وستبني وتعمل وتعوض شعبها.
وكتب المترجم التونسي محمد الرفرافري: لكوني أرى الكيان الصهيوني عبارة عن عصابة لها ثكنة وجمهور، و"جيشه" هو بالتالي العمود الفقري لهذا الكيان، فإن تصريح ناطقه الرسمي "هاغاري" لا يمكن أن يكون إلا اعترافا صريحا بالهزيمة؛ ما يعني أنه انتصار مؤكّد للمقاومة في غزة.. نقطة إلى السّطر.
وعد المغرد بدر، تصريحات هاغاري، بأنها بوادر الهزيمة، مؤكدا أن حماس في طريقها لانتصار تاريخي يدرس ويخلد كمجموعه قليلة العده والعتاد محاصرة من جميع الاتجاهات واجهت قوى الشر العالمية وانتصرت.
خيانات العرب
وعن وقع تصريحات هاغاري على الأنظمة العربية الحاكمة، استنكر الناشط خير الدين الجابري، إصرارها على التخلص من حماس رغم الاعتراف الإسرائيلي بصلابة وبقاء المقاومة وصعوبة القضاء عليها.
وقال الناشط السياسي المغربي حسن ناجح، إن مقولة المجرم هاغاري، التي اعترف فيها بهذه الحقيقة المرة في حلقه وصدره البغيضين في إطار الصراع الداخلي المتصاعد بين القتلة، تغيظ أكثر الجهات التالية: المجرم نتنياهو وداعميه في الغرب وفي مقدمتهم الإدارة الأميركية، وصهاينة العرب، ثم أنظمة التطبيع.
وأضاف أن هؤلاء جميعهم تقض مضجعهم روح وفكرة ومشروع حماس، ويمنون أنفسهم كل لحظة أن يغمضوا أعينهم ثم يفتحوها فيجدوا حماس وكل المقاومة قد تبخروا من الوجود، وأنى لهم، فليموتوا بغيظهم.
وأشار مدرم أبو سراج، إلى أن الجملة التي قالها هاغاري: "حماس فكرة متجذرة في قلوب الناس ولا يمكن القضاء عليها"، توضح عمق ومفهوم القضية في حروف معدودة اختصرها متحدث الجيش الصهيوني.
وقال: "لعل رسالة تصل للمنبطحين والمطبعين مع الكيان الصهيوني من القيادات العربية"، مضيفا أن رسالة هاغاري تؤكد على انكسار الكيان وجيشه.
وقال أحمد أبو الطيب، إن حديث دانيال هاغاري في شمال فلسطين السليبة اليوم، بأن حماس فكرة لا يمكن القضاء عليها، أكبر دليل على هزيمة الصهاينة، وهي رسالة أخرى للمطبعين العرب الذين راهنوا على حصان خاسر، وهزيمة المقاومة، داعيا للشماتة بكل المطبعين العرب.
وقال الخبير في إدارة الأزمات مراد علي، إن هذا التصريح من متحدث الجيش الإسرائيلي هو إعلان هزيمة حقيقي لدولة إسرائيل، لكنني أعتقد أن قادة بعض الدول العربية سيكونون الأكثر حزنا من هذا التصريح إذ كانوا يعتمدون على دولة الاحتلال للقضاء على مشروع المقاومة.
ووصف أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم محمد عبد اللطيف، تصريح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأنه "خطير وسوف يؤلم بعض العرب".