عباس ونتنياهو يتبادلان الأدوار.. كيف يتصدى مخيم جنين لاحتلالين؟

منذ ساعة واحدة

12

طباعة

مشاركة

في تبادل مفضوح للأدوار، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي “عملية عسكرية واسعة” في جنين شمالي الضفة الغربية، بعد أخرى شنتها السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس.

وبدأ الجيش في 21 يناير/كانون الثاني 2025، عدوانا وحشيا على مخيم جنين وذلك بعد أكثر من شهر ونصف الشهر على شن أجهزة أمن عباس عملية أطلقت عليها اسم “حماة وطن” واستهدفت فصائل المقاومة العسكرية.

ولليوم الثاني، يواصل الجيش اقتحامه مدينة جنين ومخيمها مع استمرار الدفع بمزيد من القوات، لمواجهة عناصر المقاومة التي تنفذ عمليات إطلاق نار تجاه قوات الاحتلال بين حين وآخر.

ونفذ جيش الاحتلال الاجتياح في اليوم الأول، بعشرات الآليات وغطاء جوي، مما أسفر عن استشهاد 10 أشخاص، وإصابة أكثر من 35، ونزوح أكثر من 600 فلسطيني.

ووثقت كاميرات مواطنين في جنين لحظة خروج أجهزة أمن السلطة من محيط المخيم، تزامنا مع دخول آليات الاحتلال الإسرائيلي.

وهو مشهد وصفه ناشطون بأنه "تنسيق وتبادل أدوار واضح"، قبل أن يعلن جيش الاحتلال إطلاق اسم "السور الحديدي" على العملية.

وبرر الناطق باسم أجهزة أمن السلطة الفلسطينية أنور رجب، الانسحاب المتزامن مع اقتحام جيش الاحتلال، بأنه يهدف إلى “تجنب مواجهة مباشرة معه”.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إطلاق العملية العسكرية في مخيم جنين، جاء بقرار من مجلس الوزراء السياسي والأمني المصغر "الكابينت".

وقال في بيان: "بتوجيه من الكابينت أطلقت قوات الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك (الأمن العام) والشرطة، عملية عسكرية واسعة النطاق ومهمة للقضاء على الإرهاب في جنين"، وفق تعبيره.

وأضاف أن العملية تحمل اسم "السور الحديدي"، زاعما أن "هذه خطوة أخرى نحو تحقيق الهدف الذي حددناه وهو تعزيز الأمن في الضفة الغربية"، وذلك بعد وقف إطلاق النار في غزة.

وقالت كتيبة جنين في سرايا القدس إنها تتصدى لقوات الاحتلال في محاور القتال المختلفة بالمدينة، وإنهم "يمطرون قوات العدو والآليات العسكرية بزخات من الرصاص المباشر والعبوات الناسفة وفق متطلبات وظروف الميدان".

ومن جانبها، دعت حركة المقاومة الإسلامية حماس للنفير العام وإسناد المقاومين في جنين في وجه عدوان الاحتلال الإسرائيلي.

وقالت إن "ما يثير الاستغراب سلوك أجهزة السلطة التي انسحبت من محيط مخيم جنين، بالتزامن مع بدء العملية العسكرية للاحتلال، بعد حصاره لأكثر من 48 يوما، وتعطيلها للاتفاق مع المقاومين حتى اليوم، ورفضها كل النداءات الوطنية لوقف إجراءاتها الخطيرة بحق المناضلين والمقاومين".

وأضافت في بيانها أن "هذه العملية العسكرية التي يشنها الاحتلال في جنين ستفشل كما فشلت كل عملياته العسكرية السابقة ضد أبناء شعبنا الصامد ومقاومته الباسلة، ولن تنكسر الإرادة الفلسطينية أمام غطرسة المحتل وجرائمه وانتهاكاته المستمرة".

وفي أعقاب تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي عمليته في جنين، شهدت تل أبيب عملية طعن أسفرت عن إصابة 4 إسرائيليين بجراح متفاوتة.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية: إن المؤسسة الأمنية تخشى تصاعد عمليات الطعن داخل إسرائيل بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأشارت التقارير الأولية إلى أن المنفذ الذي استشهد بنيران عناصر أمن إسرائيليين، مقيم في الولايات المتحدة الأميركية، وهو من أصول مغربية، يدعى قاضي عبد العزيز.

وبدورها، نعت حركة حماس الشهيد المغربي، مؤكدة أن العملية  رد فعل طبيعي بعد ساعات من ارتقاء عشرات الشهداء والجرحى خلال العدوان على جنين، داعية أبناء الضفة للنفير وتكثيف العمل المقاوم.

وأعرب ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية على منصة إكس، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #جنين، #تل_أبيب، #ديما_المغرب، وغيرها، عن سعادتهم بعملية الطعن وحالة الرعب التي يعيشها الاحتلال، مسلطين الضوء على هوية منفذها.

وصبوا جام غضبهم على السلطة الفلسطينية وحركة التحرير الوطني “فتح” برئاسة محمود عباس، لإصرارهما على مواصلة التنسيق الأمني مع الاحتلال.

وعدوا ما يحدث في جنين برهانا على أن السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي المحتل والغاصب وجهان لعملة واحدة.

واستنكر ناشطون على أجهزة الأمن الفلسطينية انسحابها من جنين وإفساحها المجال للاحتلال لتنفيذ عمليته وإطلاق يده بدلاً من مواجهة العدوان الإسرائيلي والتصدي له، داعين للاستجابة لدعوة المقاومة والنفير العام بوجه الاحتلال والسلطة.

تبادل أدوار

وتحت عنوان "يتناوبون على جنين ومخيمها"، أشار المحلل السياسي في الشؤون الشرق أوسطية عرابي الرنتاوي، إلى أن السلطة تهاجم المخيم لأكثر من شهر بحجة "تطهيره" من الزعران والخارجين على القانون، وإسرائيل توفر لها غطاءً جوياً.

ولفت إلى أن "إسرائيل" عندما تقرر أخذ زمام أمرها بنفسها، تخلي السلطة الفلسطينية قواتها الأمنية تاركة جيش الاحتلال لقتل من يقتل وجرح من يجرح.

ووصف الرنتاوي، ما يحدث في جنين بأنه "تبادل للأدوار مخجل ومفتوح"، مؤكدا أن السلطة لا تحمي شعبها وذرائعها تتساقط تباعا وانكشفت العورات وسقطت ورقة التوت.

وأوضح الصحفي نظام المهداوي، أن سلطة عباس تدك مخيم جنين وتحاصره منذ أسابيع في محاولة للقضاء على المقاومين الفلسطينيين.

وأردف: “كان نتنياهو يراقب المهمة عن كثب، ويحذر السلطة الفلسطينية أنه إن لم تنجز المهمة بسرعة، فسيتولى هو إنجازها بنفسه”.

وأوضح أن السلطة استمرت في أثناء ذلك، في اتهام المقاومين بأنهم "خارجون عن القانون"، ورغم كل محاولاتها، فشلت في القضاء عليهم. 

وأشار المهداوي إلى أنها انسحبت من المخيم لتسليمه عمليًا للقوات الإسرائيلية، التي سارعت إلى اقتحامه بآلياتها الثقيلة، لترتكب المجازر وتنجز مهمة القضاء على "الخارجين عن القانون" كما تصفهم السلطة.

وعرض مقطع فيديو لمدرعة للسلطة الفلسطينية تتنحى جانباً لإفساح الطريق أمام آليات الاحتلال لاقتحام جنين.

وتساءل: "هل ممكن أن تتخيل مشاهدة سلطة تساعد المحتل في قتل شعبها ومقاوميها وتفسح له الطريق وتأمنه أيضا؟".

خيانات السلطة

وعن دورها المشبوه، قال السياسي فايز أبو شمالة: "بعد أن مهدت الأرض حول جنين، وبعد أن فجرت العبوات الناسفة من محيطه، وبعد أن صادرت السيارات المفخخة، والكثير من القذائف، الجيش الإسرائيلي يستكمل مهمة السلطة الفلسطينية، ويهاجم المدينة ومخيمها".

وتساءل: “ماذا نسمي هذه الجريمة المشتركة؟ هل هذا هو التنسيق والتعاون الأمني؟ وهل يحق لقادة السلطة أن يحكموا غزة، ويديروا شؤونها؟”

ووصف الصحفي خير الدين الجابري، ما يحدث في جنين بأنه "ملحمة حقيقية وغير متكافئة" بين جيش الاحتلال وخلايا المقاومة ذات السلاح الخفيف والتي تعرضت لضربات وحصار من قبل أجهزة سلطة رام الله لأكثر من 40 يوما لتمهد لعملية الاحتلال المكثفة الآن.

وأكد أن "جنين تقاتل احتلالين".. الكف في مواجهة المخارز والشوكة في حلق التنين، مناشدا الجميع ألا ينسوا المدينة.

وأكد الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، أنه "لم يجتمع على الفلسطينيين في تاريخ الصراع عدوّان في آن واحد كما اجتمع على المقاومين اليوم في الضفة".

وقال: "اجتمع على أبطال جنين في شهر واحد، عدو السلطة وعدوّ الاحتلال، وهذه والله سابقة غير معهودة في التاريخ الفلسطيني بأسره".

وأشار المحلل السياسي ياسر الزعاترة، إلى أن مخيم جنين يواجه حملة صهيونية لا يُعرف رقمها، والجديد هذه المرة أن عسكر سلطة "فتح" كانت تحاصره منذ أكثر من شهر  لوقف مقاومته، لكن "شغلهم" لم يعجب "المعلّم الصهيوني"، فقرّر أداء المهمّة بنفسه. 

وقال إن عندها لم يتردّد العسكر إياهم -في إشارة إلى السلطة الفلسطينية - في الانسحاب الفوري، لافتا إلى ارتقاء شهداء ووقوع مصابين ولكن الحملة لا تزال مستمرة.

وعد الزعاترة، ما يحدث تأكيد آخر على أن المقاومة ستتواصل، وتأكيد آخر - لا يقل أهمية-  على أن من أدمنوا العار، ليسوا في وارد العودة إلى شعبهم.

وعرض الكاتب عبدالعزيز الفضلي، مقطع فيديو للحظة انسحاب عناصر السلطة من محيط مخيم جنين تزامنًا مع اقتحام جيش الاحتلال له ولمدينته، لاعنا التنسيق الأمني.

دعوة للنفير

واستنهاضا للهمم للتصدي لعدوان الاحتلال على الضفة وتبني لدعوة المقاومة الفلسطينية للنفير بوجه الاحتلال، حث الأكاديمي العماني حمود النوفلي، أهل الضفة والقدس على النفير والتحرك، وإنقاذ مخيم جنين.

وحذر أهل الضفة من أن المخيم إذا سقط سيتم تهجيرهم وترحيلهم دون هوادة، مخاطبهم بالقول: "خرجوكم وتهديدكم بانتفاضة سوف يرعب العدو ويحسب لكم ألف حساب".

وكتبت رانيا بركات: "يا شعبنا في الضفة الغربية هيا إلى النفير العام، دعم جنين، وإفشال مخططات الاحتلال في القضاء على المقاومة!".

وقال بلال: "لا نزاود عليكم يا أهل فلسطين ولكن هي نصيحه حتى لا يأتي الدور عليكم فرادى النفير النفير ولبوا نداء الحراك الشعبي في وجه الاحتلال".

وتساءلت إحدى المغردات: "إن لم يكن هذا وقت الانتفاضة الثالثة فمتى ستكون فكوا الحصار على جنين وأفشلوا مؤامرة ضم الضفة كما أفشلت غزة التهجير".

عملية تل أبيب

وعرض الناشط خالد صافي، صورة لمنفذ عملية تل أبيب، قائلا: “السياحة على أصولها نفذها المغربي عبد العزيز قاضي”.

وعلق الكاتب ياسر علي، على صورة لمنفذ العملية، قائلا: "ولا عمره كان الاستشهادي فقيرا أو يائسا أو مريضا، بل كانوا لا ينقصهم شيء إلا أن يروا أوطاننا حرة".

وأوضح أن المغربي قاضي عبد العزيز القادم من أميركا سائحا، وهو الذي نفذ عملية الطعن في تل أبيب.

وأوضح تامر قديح أن قاضي عبد العزيز مغربي، مقيم في أميركا، استقل طائرة قبل ثلاثة أيام متجهة إلى الأراضي المحتلة كسائح، ونفذ عملية طعن في تل أبيب قبل قليل، مما أسفر عن إصابة أربعة إسرائيليين قبل أن يستشهد، قائلا: "مغربي يلبي النداء".

ونشرت الصحفية إسراء الشيخ، صورة لعبدالعزيز، قائلة: "حين يسطر أهل المغرب كلمتهم بالقلب والدم ويتصدرون الحاضر والتاريخ.. هنا الشهيد المغربي قاضي عبدالعزيز الذي نفذ عملية الطعن في تل أبيب".

وعرض الكاتب رضوان الأخرس، مقطع فيديو يوثق فرار الصهاينة من الشهيد "قاضي عبد العزيز" أثناء تنفيذه عملية طعن في "تل أبيب".