توسعة قناة السويس.. هل تعزز العائدات وتضمن استدامة الملاحة البحرية؟

منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

مع نهاية 28 ديسمبر/ كانون الأول 2024، أعلنت القاهرة عن إجراء التشغيل التجريبي لمشروع ازدواج قناة السويس الذي سيزيد مساحة الازدواج فيها بواقع 10 كيلومترات.

وأفاد رئيس هيئة القناة الفريق أسامة ربيع في بيان بـ"نجاح التشغيل التجريبي لمشروع ازدواج قناة السويس في البحيرات المرة الصغرى ضمن مشروع تطوير القطاع الجنوبي للقناة بعبور سفينتين من المجرى الملاحي الجديد للقناة".

وذكرت الهيئة أن التوسعة الجديدة ستزيد "مساحة الازدواج 10 كيلومترات تضاف إلى قناة السويس الجديدة ليصبح طولها 82 كيلومترا بدلا من 72، مما سيسهم في زيادة الطاقة الاستيعابية للقناة بمعدل 6 إلى 8 سفن إضافية يوميا، فضلا عن زيادة القدرة على التعامل مع حالات الطوارئ المحتملة".

انخفاض حاد

وفي تطرقها إلى مدى أهمية هذه التوسعة الجديدة، أكدت مجلة "فورميكي" الإيطالية أن "القاهرة تركز على مستقبل قناة السويس بإنجاز توسعات جديدة، إلا أن التحديات الجيوسياسية والأمنية، التي أدت إلى انخفاض الإيرادات، تمثل عائقا".

وأكدت أن الهدف من مشاريع التوسعة أن "تظل القناة البوابة الرئيسة للترابط الجيواقتصادي والجيوستراتيجي بين القارتين الأوروبية والآسيوية، وأن تصمد أمام زعزعة الاستقرار الناجمة عن هجمات الحوثي اليمنية التي تشنها على سفن الشحن وأن تنافس ممرات جديدة على غرار الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا". 

ولفتت المجلة إلى أن هذه التوسعة “تعد استجابة مباشرة لم حدث عام 2021، حيث أدى جنوح سفينة الحاويات (إيفر غرين) إلى شل الحركة التجارية لمدة ستة أيام، مما تسبب في خسائر اقتصادية كبيرة”.

وأشارت إلى أن مشاريع التوسعة "تأتي في سياق انخفاض حاد لعائدات قناة السويس عام 2024، بخسائر تقدر بنحو 7 مليارات دولار، أي ما يعادل انخفاضا يزيد عن 60 بالمئة مقارنة بعام 2023". 

وتعزى هذه الأزمة التي تمر بها القناة المصرية، بشكل مباشر إلى الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي ضد سفن تجارية في البحر الأحمر "الإستراتيجي" دعما لقطاع غزة الذي يتعرض إلى عدوان إسرائيلي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. 

وقد قام العديد من الشركات بتحويل مسار سفنها بعيدا عن قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا لتقطع مسافة أطول وبالتالي أكثر تكلفة من حيث التأمين والمخاطر ومواعيد التسليم. 

وترى المجلة الإيطالية أن تحويل مسار السفن التجارية لا يتعلق بمسألة تجارية فحسب بل يشير إلى "سياق أكثر تعقيدا". 

وشرحت أن السفن التي تصل إلى أوروبا من آسيا وتبحر حول إفريقيا وتتوقف مباشرة في موانئ مطلة على المحيط الأطلسي في شمال أوروبا، تتبع مسارا من شأنه أن يؤدي إلى تقلص أهمية البحر الأبيض المتوسط.

ويجعله حوضا يقتصر على حركة المرور المحلية فقط ولا يلعب دوره كمركز رئيس للدخول إلى السوق الأوروبية.

تداعيات جيوسياسية

وأردفت فورميكي أن "انخفاض عائدات قناة السويس لا تعد مسألة اقتصادية فحسب، بل تعكس أيضا التوترات الجيوسياسية الإقليمية لا سيما أن البحر الأحمر، وهو مفترق طرق إستراتيجي للتجارة العالمية، يقع في قلب صراعات تشمل مختلف الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية".

وأشارت إلى توسع عمليات الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة ضد أطراف مختلفة، "فيما لا يزال القرن الإفريقي يعيش حالة اضطراب، بينما مازال اليمن ينشد الاستقرار، أما السودان فيعيش مأساة إنسانية متواصلة". 

وبالنسبة للجانب المصري، أكدت أن القاهرة "أمام تحد حاسم قائم خصوصا أن قناة السويس تشكل مصدرا رئيسا للعملة الأجنبية للبلاد". 

في هذا الصدد، ذكرت أن رئيس النظام عبد الفتاح السيسي لا يفوت مطلقا أي فرصة للحديث عن تأثير هذه "التحديات الإقليمية" على الاقتصاد، مجددا التأكيد على الحاجة الملحة لإيجاد حلول على مستوى البنية التحتية والدبلوماسية.

وبالإضافة إلى التوسعة الأخيرة، تدرس الحكومة المصرية مشاريع إضافية لتحسين "قدرة القناة وتقليل التعرض للصدمات الجيوسياسية". 

ولفتت المجلة إلى أن "هذه الخطط ستتطلب استثمارات ضخمة في إطار مشاريع يهدف فيها السيسي إلى إشراك شركاء خليجيين وشركاء من خارج المنطقة، مثل الآسيويين". 

وأكدت على الحاجة إلى "سياق سياسي أكثر استقرارا من أجل تنفيذ الخطط وقبل ذلك تحفيز الاستثمارات".

طويلة المدى

وأكدت المجلة على أهمية قناة السويس في التجارة العالمية، مستدركة في نفس الوقت أن مركزيتها تجعلها أيضا عرضة بشكل خاص للحوادث الجيوسياسية. 

وذكرت على سبيل المثال تسبب مرساة سفينة هاجمها الحوثيون منذ أشهر قبالة سواحل اليمن، بقطع كابلات إنترنت واتصالات دولية في البحر الأحمر.

إلى ذلك، نقلت المجلة عن مصدر من إحدى الشركات المالية التي تتكفل بمشاريع تطوير إقليمية لم تسمه توضيحه أن التوسعة الجديدة  للقناة “تشكل خطوة مهمة”.

وأكد المصدر على ضرورة "معالجة الأسباب الجذرية للأزمة الحالية، والعمل على إستراتيجيات الأمن الإقليمي والتعاون الدولي".

وبحسب المجلة، يندرج توسيع قناة السويس “ضمن سياق إستراتيجي واسع، يتسم خاصة بتحديات كبيرة فيما يتعلق بالأمن البحري”. 

وأردفت أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وتجدد القرصنة البحرية في منطقة القرن الإفريقي “يشكلان التهديدات الرئيسة لحركة الملاحة البحرية”. 

وفي مواجهة هذه التهديدات، أطلق الاتحاد الأوروبي عملية "أسبيدس" لحماية السفن التجارية من هجمات الحوثيين، ووسع نطاق مهمة "عملية أتالانتا" التي تكافح أنشطة القرصنة قبالة سواحل الصومال. 

وتؤكد هذه العمليات، بحسب المجلة الإيطالية، على "أهمية تعزيز التعاون الدولي لضمان سلامة تلك الممرات البحرية وهي مسألة تعتمد أيضا على القدرة على ممارسة الردع على الجهات الفاعلة المتدخلة بشكل مباشر". 

وأشارت إلى أنه من شأن تحالفات مثل رباعي "أندوميد" الذي يضم الإمارات وإيطاليا والولايات المتحدة والهند أن "يلعب دورا حاسما في تأمين الممرات البحرية، كما أنه يمتلك القدرة على إشراك لاعبين أساسيين آخرين بسهولة، مثل مصر".