تحت "نيران الحرب".. هكذا تخدع إسرائيل العالم بالبحث عن هدنة في لبنان وغزة
“اغتيال قادة حماس وحزب الله كان بمثابة الضربة القاضية للهدنة”
العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة والتوترات في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب دور الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية في المشهد الدولي يلقي بظلاله على مسار الهدنة في فلسطين ولبنان.
وشددت صحيفة “كيهان” الإيرانية على أن “التوصل إلى وقف إطلاق النار مستبعد دون موافقة من قوى المقاومة"، مؤكدة أن "القوى الغربية ليست مؤهلة للتفاوض بشكل عادل”.
بالإضافة إلى ذكرها أن "إسرائيل تصعد الوضع عبر الهجمات والاغتيالات ضد قيادات حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مما يدمر جهود التهدئة".
حياة أو موت
وعلى جانب آخر، لفتت الصحيفة إلى الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل، مبرزة خيبة الأمل من وعود الولايات المتحدة بالسلام التي تذكر أنها "لم تُنفذ بصدق".
كما ترى أن استمرار هذه السياسات الأميركية والإسرائيلية “قد يؤدي إلى تصعيد واسع في المنطقة، مع احتمالات تأثيرات على السوق النفطية والتجارة العالمية إذا استمر التوتر”.
وأشارت الصحيفة إلى زعم إسرائيل أنها “ستجري أي مفاوضات للهدنة مع لبنان تحت نيران الحرب”.
ولفتت إلى أن "أفق الحرب يظهر أن أمنية وزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، بإعادة سكان المناطق الشمالية إلى منازلهم لن تتحقق تحت نيران الحرب، ولن يعود الأمن إلى الأراضي المحتلة إلا إذا عاد الأمن إلى فلسطين ولبنان".
وبالتأكيد على أنه لا يبدو أن أي نوع من الهدنة ممكن في الوضع الحالي، ذهبت الصحيفة إلى أنه "لا ينبغي لأي طرف أن يتصور إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي دائم في الأمم المتحدة أو في باريس أو في الدوحة والقاهرة دون موافقة المقاومة".
وفي هذه النقطة، قالت إن "الدول، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، التي تزود نتنياهو بالقنابل الثقيلة والصواريخ وأنظمة الدفاع لدعم توسع الحرب، والدول الإقليمية التي تتيح لإسرائيل طرقا للتنفس بشكل مخادع، لا تمتلك الصدق والكفاءة، ولا يمكنها الادعاء بأنها تسعى لإنهاء جرائم النظام الصهيوني أو التفاوض حول احتياجات الفلسطينيين لإعادة بناء حياتهم".
ومن ناحية أخرى، لفتت الصحيفة إلى أن "التفاوض لإنهاء حرب ارتُكبت فيها جرائم بهذا الحجم يتطلب وقتا وتوضيحا للوضع على الأرض".
كما أن اغتيال قادة حماس وحزب الله كان -من وجهة نظر الصحيفة- بمثابة "الضربة القاضية للهدنة".
وفي هذا الصدد، نقلت “كيهان” عن وسائل إعلام أميركية أن "إسرائيل وافقت في البداية على هدنة مع حزب الله، لكنها بعد ذلك باغتت الوسطاء بقرار اغتيال حسن نصر الله وتصعيد الهجمات على لبنان".
كما لفتت إلى أنه "بعد تصريح رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي لقناة الجزيرة بأنهم حصلوا على ضمانات من الولايات المتحدة بشأن تقليل هجمات إسرائيل على الضاحية الجنوبية، كثفت إسرائيل مباشرة الهجمات على الضاحية".
جرائم واسعة
ونتيجة لذلك، شددت "كيهان" على أنه "أصبح من الواضح، حتى لمن هم قصار النظر، أن الإسرائيليين والأميركيين يسعون، كما في السابق، لخداع العالم، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأميركية".
وبقولها إن "الوضع في المنطقة لا ينبئ بنهاية قريبة للحرب"، أشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو يروج لما يسميه "النظام العالمي الجديد" عبر تغيير اسم العملية إلى "القيامة".
من جانبه، بعد اغتيال نصرالله، صعد حزب الله من هجماته، ما أثار فزع الأميركيين والإسرائيليين، وفق الصحيفة الأصولية.
ونتيجة لما سبق ذكره، رأت الصحيفة أن هذا التصعيد في ساحة المعركة، وصولا إلى حرب الطائرات المسيرة، يشير إلى أن "الحرب الحالية هي حرب حياة أو موت، ولن تكون قصيرة أو سهلة".
ووفقا لمبدأ المفاجأة، كما تصفها الصحيفة، يبدو أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية قد ضحت بالدبلوماسية لصالح الساحة الميدانية، حيث تستخدم الدبلوماسية كغطاء لأهدافها على الأرض.
ومن ناحية أخرى، سلطت الصحيفة الضوء على أن "موقف إيران هو الترحيب بأي قرار للمقاومة بشأن وقف إطلاق النار، مع دعم الجهود الإقليمية والدولية لحماية شعبي فلسطين ولبنان وحقهم المشروع في الدفاع".
إلى جانب ذلك، أرسلت طهران رسائل واضحة للدول الإقليمية والدولية، تفيد بأنها "تدرك أن إسرائيل لا تمتلك القدرة بمفردها لتنفيذ أي جرائم واسعة".
وبالإضافة إلى الرسائل الدبلوماسية والمخفية، صرح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قائلا: "لقد حددنا كل الأهداف في إسرائيل، والقوات الأميركية التي تدير نظام الدفاع الصاروخي ستكون هدفا مشروعا لقواتنا وجبهة المقاومة".
كما شدد خلال حديثه على أن "الولايات المتحدة ستكون مسؤولة عن أي هجوم محتمل من إسرائيل على إيران".
وهذا يعني -وفق ما ورد عن الصحيفة- أن "القواعد والقوات الأميركية في المنطقة لن تكون في مأمن أيضا".
مسار المواجهة
وبالنظر إلى تسلسل الأحداث من بداية الحرب الحالية والمجازر الجارية في المنطقة، لفتت "كيهان" النظر إلى أن "الحرب جاءت بأمر من الرئيس الأميركي جو بايدن الديمقراطي، الذي كان يُنظر إليه بشكل مختلف عن سلفه دونالد ترامب، لكون الأول مؤيدا للدبلوماسية".
ومع ذلك، تكشف الأحداث -وفق الصحيفة- أن "القبضة الحديدية للجمهوريين يمكن أن تخرج من قفازات الديمقراطيين المخملية في الوقت المناسب"، أي أن الديمقراطيين قد يمارسون نفس الممارسات الجمهورية إذا كان الوقت ملائما.
وتابعت موضحة: “إذ أصبح من الواضح أن كلا من ترامب وبايدن لهما هدف مشترك في المنطقة، سواء عبر الاتفاق النووي أو عبر الانسحاب منه، وهذا يظهر أن الاتفاق النووي، والخروج منه، كانا جزءا من خطة تستهدف المنطقة بأسرها، وليس إيران وحدها”.
وفي هذه النقطة، قالت الصحيفة إن هذا يشير إلى أن "نقطة التحول الحالية في المنطقة بدأت مع انسحاب أميركا من الاتفاق النووي عام 2018، حيث بدأت مع إسرائيل بمسار من الأعمال العدائية لتحقيق مشروع (الشرق الأوسط الجديد)".
ولفتت إلى أن "كلا من بايدن وترامب كان يسعى لوضع إيران أمام خيارين؛ إما التخلي عن دعم مجموعات المقاومة بالمنطقة، أو الدخول في مواجهة عسكرية لحماية تلك المجموعات، بهدف إجبار طهران على مفاوضات إقليمية مشابهة للاتفاق النووي".
ومع ذلك، تعتقد الصحيفة أن “إيران يبدو أنها اختارت مسار المواجهة بحذر دون الاعتماد على المفاوضات، أو الخوف من الحرب، كما أنها ركزت على دعم الساحة الميدانية كأساس لدبلوماسيتها، حيث ستكون الساحة هي التي تحدد مصير الدبلوماسية واتجاهاتها النهائية”.
وبالحديث أكثر تفصيلا عما يحدث في لبنان، سلطت "كيهان" الضوء على أن "جذور التوترات الحالية في لبنان تكمن أساسا في غزة"، موضحة أنه "يجب إنهاء الحرب على غزة حتى تهدأ الأوضاع في لبنان".
ومن وجهة نظر الصحيفة، "يبدو أن الحرب الحالية لن تنتهي إلا بتدخل جوي أو في مضيق هرمز، مثلما انتهت حرب 2006 في البحر باستهداف الفرقاطة الإسرائيلية".
وفي هذا السياق، أضافت أنه "كما اضطرت السعودية إلى قبول وقف إطلاق النار مع اليمن عندما شعرت بتهديد حقيقي لشركة أرامكو، فإن الدعم لإسرائيل واستمرار الاحتلال في غزة ووقف إطلاق النار في لبنان لن يتحقق حتى يُدرك الخطر الحقيقي الذي يهدد سوق الطاقة والتجارة البحرية".
وقالت إن "إغلاق مضيق هرمز يمكن أن يكون له مبرر دولي، فكما أغلقت أوروبا مجالها الجوي أمام الطائرات الإيرانية، يمكن لطهران بالمثل أن تغلق المضيق أمام السفن الأوروبية".
وتابعت: "بينما يزعم البعض أن التهديد بإغلاق مضيق هرمز أمر غريب، فإن السكوت على التهديدات والعقوبات الأميركية والأوروبية والإسرائيلية يبدو أكثر غرابة".
وأكدت الصحيفة أن "وزير الخارجية الإيراني قد نجح في توضيح موقف بلاده بشأن إغلاق المضيق في حال تعرض المنشآت النفطية أو البنية التحتية الإيرانية لأي هجوم"، مما يعني أن "إسرائيل أو القواعد الأميركية لن تكون موجودة في الوضع الحالي إذا حدث ذلك".