خطة جديدة لإدارة الأوضاع في قطع غزة.. هل تدعمها القاهرة والدول العربية؟

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

في ظل التصعيد المستمر في قطاع غزة، طرح زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، خطة تهدف إلى إعادة ترتيب الأوضاع بعد العدوان، تقوم فكرتها الأساسية على "إخراج حركة حماس من السلطة وتسليم إدارة القطاع إلى القاهرة مؤقتا".

وحسب موقع "فرارو" الفارسي، اقترح لابيد كذلك إشراك قوات حفظ سلام عربية ودولية في عملية إعادة إعمار القطاع، مع نزع سلاح فصائل المقاومة. 

من جانبها، لم تصدر حكومة النظام المصري أي رد رسمي.

لكن الخبراء -وفق الموقع- يشككون في إمكانية قبولها بهذا المقترح، خاصة أن القاهرة لطالما رفضت محاولات إسرائيل تحميلها مسؤولية غزة.

أما على الصعيد العربي، فلا تزال الدول العربية متحفظة على أي مشروع يحاول نقل مسؤولية غزة من إسرائيل إلى طرف عربي.

إدارة مؤقتة 

ونقل الموقع الفارسي عن مجلة "فورين بوليسي"، أن لابيد كشف، في 25 فبراير/ شباط 2025، عن خطة جديدة لإدارة الأوضاع في غزة بعد العدوان الإسرائيلي.

وبموجب هذه الخطة، ستُستبعد حركة "حماس" من السلطة، وستتولى القاهرة إدارة قطاع غزة مؤقتا بعد التوصل إلى الهدنة وإطلاق سراح جميع الأسرى.

وخلال اجتماع نظمه معهد "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" في واشنطن، قال لابيد: "العالم بحاجة إلى حل جديد لقطاع غزة، وهذا الحل يتمثل في أن تتولى مصر إدارة المنطقة لمدة ثماني سنوات، مع إمكانية التمديد حتى 15 عاما".

وتتضمن الخطة المقترحة من لابيد، التي يُطلق عليها اسم "الحل المصري"، نقل المسؤوليات الأمنية والإدارية في غزة إلى القاهرة.

وبموجب هذه الخطة، ستشارك قوات حفظ السلام من الدول العربية في الخليج والمجتمع الدولي في إعادة إعمار القطاع وإدارته.

ووفق ما كشف عنه لابيد، فإن هذه الإدارة المؤقتة ستمهد الطريق للحكم الذاتي في غزة، مما سيؤدي في النهاية إلى نزع السلاح في المنطقة. 

كما أنه بعد تنفيذ الإصلاحات، قد يكون للسلطة الفلسطينية دور في إدارة غزة.

وفي المقابل، كحافز لمصر، كما يقول الموقع، سيتكفل المجتمع الدولي والحلفاء الإقليميون بسداد الديون الخارجية للقاهرة، التي تبلغ 155 مليار دولار.

بشكل عام، يمكن القول إن "لابيد عد هذا الاقتراح وسيلة لحل المشكلات الاقتصادية لمصر، مع ضمان أمن إسرائيل في الوقت ذاته".

قبول الخطة 

وفي هذا الصدد، سلط "فرارو" الضوء على أن هذه الخطة تواجه العديد من العقبات. 

وأحد هذه التحديات هو أن "لابيد لم يتشاور بعد مع المسؤولين المصريين بشأنها". 

وبهذا الشأن، صرح لابيد قائلا إنه "يتوقع أن يرفض الجانب المصري هذا المقترح في البداية، لكنهم سيقبلون لاحقا".

وأكمل مؤكدا: "لدي خبرة كبيرة في العمل مع المصريين، وهذا هو نهجهم المعتاد".

وفي الوقت نفسه، نوَّه الموقع إلى أن "السفارة المصرية في واشنطن لم ترد بعد على طلب بعض الصحف الأميركية للتعليق على الأمر".

كذلك، لا يزال من غير الواضح كيف ستتفاعل الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي لا تبدي رغبة في منح الفلسطينيين حكما ذاتيا، مع المبادئ الأساسية لخطة لابيد المصرية.

ومن ناحية أخرى، أوضح الموقع أن الرئيس التنفيذي لمؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات"، مارك دوبوفيتز، وصف هذا المقترح بأنه "خطوة مهمة لمعالجة المخاوف الرئيسة بشأن غزة، وهي مخاوف سبق أن طرحها كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمجتمع الدولي".

جدير بالذكر أن إعلان لابيد عن هذه الخطة جاء بعد أسابيع قليلة فقط من طرح ترامب لفكرة مثيرة للجدل، مفادها أن "الولايات المتحدة يجب أن تتولى إدارة وإعادة إعمار غزة، مع إعادة توطين سكانها (التهجير القسري)".

رد الفعل

وفي هذا السياق، لفت الموقع إلى أن لابيد أكد أن اقتراحه لا يتعارض مع الفكرة التي طرحها ترامب، والتي تضمنت إعادة إعمار غزة من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.

وأشار إلى أن "خطته تمثل فرصة لتعاون واشنطن والقاهرة في مشاريع استثمارية تتعلق بالمنطقة".

ومع ذلك، أشار "فرارو" إلى أنه "على عكس اقتراح ترامب، فإن خطة لابيد لا تشمل إخلاء غزة أو نقل سكانها إلى الدول العربية المجاورة، رغم أنه أوضح أن الفلسطينيين في غزة سيكون بإمكانهم مغادرة المنطقة طوعا إذا رغبوا في ذلك".

أما بشأن موقف ترامب من هذه الخطة، فقد صرح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، برايان هيورز، لمجلة "فورين بوليسي" أن "ترامب ملتزم بخطته الحالية لإعادة إعمار غزة، ويرغب في مناقشة هذه الخطط مع شركائه الإسرائيليين والعرب في المنطقة".

وفي الوقت نفسه، يتوقع الموقع أن "تقدم الدول العربية، التي عارضت بشدة خطة ترامب، مقترحا بديلا خلال الاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية، المقرر عقده بالقاهرة في 4 مارس/ آذار 2025".

وأضاف “رغم أنه من غير المرجح أن تواجه القاهرة والدول العربية الأخرى خطة لابيد بنفس الحدة التي واجهت بها خطة ترامب، إلا أن الخبراء يشككون في استعداد القاهرة للانخراط طويل الأمد في شؤون غزة”.

وفي السياق، قال الباحث البارز في مجلس العلاقات الخارجية والمتخصص في دراسات الشرق الأوسط وإفريقيا، ستيفن إيه كوك، لمجلة فورين بوليسي: "هذه الخطة قد تكون مصدر قلق لمصر؛ لأنها تعزز اعتقادهم بأن إسرائيل تسعى منذ فترة طويلة إلى تحميل القاهرة مسؤولية غزة".

وأضاف أن "المصريين لا يرون بالضرورة أن عليهم تحمل مسؤولية غزة، فهم يعتقدون أن إسرائيل هي التي يجب أن تتحمل تبعات الوضع هناك؛ لأن القطاع جزء من الأراضي الفلسطينية".

غير واقعية

وبناء على ما سبق ذكره، خلص الموقع إلى أن "التداعيات الأمنية لخطة لابيد يمكن أن تشكل تحديا كبيرا لمصر".

وفي حديثه مع مجلة "فورين بوليسي"، وصف مدير برنامج "الحروب والتهديدات غير النظامية والإرهاب" في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، دانييل بايمن، بأن "هذه الخطة غير واقعية".

وقال: "مصر أعلنت بوضوح أنها لا ترغب في لعب دور الشرطي في غزة نيابة عن إسرائيل. وهذا الدور سيكون مكلفا جدا من الناحية الاقتصادية، وصعبا للغاية من الناحية السياسية، كما أنه سيمثل كارثة سياسية داخلية لحكومة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي".

ومن ناحية أخرى، يرى بايمن أن "إحدى العقبات الرئيسة أمام الخطة هي أن حماس لا تزال تسيطر على غزة، ومن غير المحتمل أن تتخلى عن سلطتها طوعا".

وهذا يعني -من وجهة نظره- أنه وفقا لخطة لابيد، "قد تجد القوات المصرية والعربية الأخرى نفسها منخرطة في مواجهات مباشرة مع حماس والجماعات المسلحة الأخرى في غزة".

وفي السياق ذاته، أشار ستيفن إيه كوك إلى أنه "من غير المرجح أن توافق القوات المسلحة المصرية، المعروفة بحذرها الدائم، على إرسال عدد كبير من جنودها لتأمين غزة، فقط ليصبحوا أهدافا لهجمات متكررة في نهاية المطاف".