اتفاقية استضافة المهاجرين في ألبانيا.. لهذا تمولها إيطاليا

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

أثارت مذكرة التفاهم المبرمة بين الحكومتين الإيطالية والألبانية لبناء مراكز استقبال مهاجرين على الأراضي الألبانية بتمويل إيطالي منذ الإعلان عنها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، الكثير من الجدل وانتقاد المنظمات الإنسانية في البلدين.

ويأتي هذا الجدل بالنظر إلى ما تشكله من تهديد لحقوق الإنسان للمهاجرين وطالبي اللجوء الذين يتم إنقاذهم قبالة السواحل الإيطالية وإرسالهم إلى ألبانيا وكذلك عواقبها الوخيمة، بحسب منظمات حقوقية.

وكانت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني قد قامت بزيارة إلى ألبانيا في 5 يونيو/حزيران 2024 رفقة وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوزي لتفقد بناء المركزين.

وأعلنت خلال مؤتمر صحفي مع نظيرها الألباني إيدي لاما أن المنشأتين ستكونان جاهزتين للعمل وإيواء المهاجرين بدءا من الأول من أغسطس/آب 2024.

مثير للجدل

وانتقد "معهد تحليل العلاقات الدولية" الإيطالي نقص الشفافية بشأن التكاليف التي تتكبدتها الحكومة الإيطالية في بناء هذين المركزين وتشغيلهما.

وشكك المعهد في حقيقة الأهداف المعلنة بمناسبة الإعلان عن مذكرة التفاهم وعلى رأسها مكافحة الاتجار بالبشر.

وقد تبنى مجلس النواب الإيطالي في يناير/كانون الثاني 2024 الاتفاق الموقع بروما في 6 نوفمبر 2023، قبل أن يحظى كذلك بالموافقة النهائية لمجلس الشيوخ في الشهر الموالي.

بدوره، صادق البرلمان الألباني على الاتفاق على إثر تصويت شهد مقاطعة المعارضة. 

وقبل ذلك، رفضت المحكمة الدستورية الألبانية طعن نواب من الحزب الديمقراطي المعارض في الاتفاق المثير للجدل، قائلين إنه “ينتهك الدستور” من خلال نقل الأراضي وسلطة الدولة إلى دولة أخرى. 

وتعليقا على مصادقة البرلمان، قال رئيس الوزراء إيدي راما في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن "ألبانيا تقف جنبا إلى جنب مع إيطاليا عبر اختيارها التصرف كدولة عضو في الاتحاد الأوروبي".

وبموجب هذا الاتفاق الذي يمتد لخمس سنوات، وافقت ألبانيا على منح مناطق  على أراضيها لإيواء مهاجرين وطالبي لجوء قد يصل عددهم إلى ما يقرب من 36 ألف سنويا بتمويل إيطالي. 

وعلى وجه الخصوص، نصت مذكرة التفاهم على بناء مركزين في الدولة الواقعة بمنطقة البلقان، الأول في شينغجين على بعد 70 كيلومترا من العاصمة تيرانا.

ومركز احتجاز في جادير، قاعدة عسكرية سابقة تقع شمال البلاد، سيكون مخصصا لاستضافة طالبي اللجوء الذين ينتظرون الرد على طلباتهم في إيطاليا.

وداخلهما سيتم إيواء المهاجرين القادمين من البلدان التي تعد آمنة فقط (21 في المجموع، منها بنغلاديش ومصر وكوت ديفوار وتونس).

وسيتم استثناء الفئات الضعيفة بما في ذلك النساء والقصر وكبار السن وغيرهم من الأشخاص الضعفاء، من الإيواء في تيرانا.

وفي هذا الصدد، جدير بالذكر أن رئيسة الحكومة الإيطالية كانت قد أكدت في جلسة برلمانية أن "التزام حكومتها مكّن من تقليل عدد المهاجرين غير النظاميين بنسبة 60 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية". 

وأشارت إلى أن ذلك "تحقق بفضل علاقات التعاون مع دول شمال إفريقيا، وفي مقدمتها تونس وليبيا".

عواقب وخيمة

وقد حصلت ألبانيا في المقابل على 16.5 مليون يورو كدفعة أولية، فيما ستتكفل إيطاليا بكامل تكاليف بناء وتشغيل المركزين المذكورين.

وبحسب المعهد الإيطالي، ستتيح هذ الاتفاقية لروما فرصة "التحايل" على لائحة دبلن التي تسمح لمقدمي طلبات اللجوء بالبقاء في الدولة العضو حتى يتم اتخاذ قرار بشأن طلبهم.

وذلك نظرا لأن المركزين سيظلان تحت إشرافها رغم وجودهما في الأراضي الألبانية.

وقال المعهد إن “إيطاليا تخاطر بانتهاك القانون الأوروبي والدولي إذا لم تستجب بسرعة لطلبات اللجوء المقدمة من المهاجرين الموجودين في المركزين أو في حالة الرفض غير القانوني لهذه الطلبات”.

وأكد أن المسؤولية ستقع دائما على عاتق روما، لافتا إلى أنه “من غير الواضح ما إذا كانت إيطاليا ستشرف على مراكز الاستقبال على الأراضي الألبانية وكيف سيكون ذلك”.

وتساءل المعهد كذلك عن كيفية التشغيل الملموس لهذين المركزين، وبالتالي التكاليف التي قد تتكبدها روما. 

وأشار إلى عدم اكتمال جاهزية مركز جادير رغم اقتراب موعد افتتاحه مطلع أغسطس، بعد أن كان من المقرر أن يشرع المركزين في إيواء المهاجرين في 20 مايو/ أيار 2024.

وإلى جانب تأخير موعد الافتتاح، انتقد المعهد الإيطالي كذلك زيادة تكاليف المشروع وبلوغ النفقات المعتمدة إلى 825 مليون يورو مقارنة باستثمار أولي قدره 653 مليون يورو.

وفيما يتعلق بغرض الاتفاق، أعاد التذكير بالأهداف الثلاثة التي أعلنت عنها ميلوني في المؤتمر الصحفي الذي عُقد في 6 نوفمبر 2023 بمناسبة إبرام مذكرة التفاهم بين الجانبين.

وقالت حينها إن هدفها "مكافحة الاتجار بالبشر ووقف تدفقات الهجرة غير النظامية واستقبال فقط الأشخاص الذين لهم الحق في الحماية الدولية".

وفي تعليقه، استغرب المعهد البحثي الإيطالي بالقول إنه "لا يوجد أي تفسير حول الكيفية التي من خلالها سيسهم بناء مركزين على الأراضي الألبانية في مكافحة الاتجار بالبشر ومنع تدفقات الهجرة غير النظامية". 

وشكك بالقول إن "الاتفاق ليس أكثر من مجرد تبادل للصفقات والمزايا" وبأنه ذو "غرض سياسي واضح، ولا يعد حلاً للأهداف الثلاثة المذكورة أعلاه".

ونقل عن منظمة العفو الدولية فرع إيطاليا تحذيرها من استخدام "الاتفاق للتهرب من الالتزامات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي" ما قد يترتب عنه "عواقب وخيمة على طالبي اللجوء".