بعد حرب مدمرة مع إسرائيل.. هل يدفع حزب الله بعناصره إلى سوريا لإنقاذ الأسد؟

يوسف العلي | منذ ٦ أيام

12

طباعة

مشاركة

مع التراجع الميداني لقوات النظام السوري وفقدانها مناطق إستراتيجية مهمة، برز تساؤل ملح عن مدى إمكانية دخول حزب الله اللبناني على خط المعارك ولعب دور عسكري ضد المعارضة في سوريا، كما حصل عام 2012.

ففي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، اندلعت معركة "ردع العدوان" التي أعلنتها فصائل المعارضة السورية، بالتزامن مع دخول الهدنة حيز التنفيذ بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.

وجاء ذلك بعد أن كلفت هذه الحرب، الحزب اللبناني خسارة أبرز قياداته، وعلى رأسهم أمينه العام السابق حسن نصر الله.

وفي هجومها المفاجئ على شمال سوريا، تمكنت قوات المعارضة من السيطرة على مناطق كان يستولي عليها النظام برئاسة بشار الأسد في محافظتي حلب وإدلب، وأجبر قوات الأخير على الخروج من حلب في أكبر انتكاسة له منذ سنوات.

عدم المشاركة

وفي 2 ديسمبر، نقلت وكالة "رويترز" البريطانية عن ثلاثة مصادر مطلعة قولها إن حزب الله اللبناني لا ينوي حاليا إرسال مقاتلين إلى شمال سوريا لدعم جيش النظام هناك.

وقالت المصادر إن حزب الله لم يُطلب منه التدخل بعد وإن الجماعة “ليست مستعدة لإرسال قوات إلى سوريا في هذه المرحلة”، بعد أن أنهى وقف إطلاق النار عاما من الأعمال القتالية مع إسرائيل بما في ذلك اشتباكات برية مكثفة جنوب لبنان.

لم يعلق حزب الله اللبناني المدعوم من إيران على ما ورد في تقرير "رويترز" حتى يوم 3 ديسمبر 2024.

ونقلت الوكالة عن مسؤول إيراني وصفته بـ"الكبير" أن "إيران تراقب التطورات عن كثب ومستعدة لمساعدة الحكومة السورية بأي طريقة ممكنة، لكن طهران ليس لديها خطة حاليا لتقديم الدعم العسكري، بما في ذلك نشر عسكريين على الأرض".

وأضاف المصدر أنه: "خلال الاجتماعات مع المسؤولين السوريين، لم يُطلب من إيران نشر عسكريين".

وقال مسؤول إقليمي مقرب من طهران (لم تكشف هويته) إن "طهران على تواصل مع حزب الله، ولا، لم يكن هناك أي طلب من هذا القبيل من الحكومة السورية حاليا".

وذكر مصدر مطلع على عمليات الجماعة أنها خسرت ما يصل إلى أربعة آلاف مقاتل في الهجمات الإسرائيلية على لبنان منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حسبما أفادت به "رويترز".

وقال أحد المصادر إن الجماعة سحبت قيادات كبيرة من المسؤولين عن حلب من شمال سوريا للمساعدة في خوض الحرب البرية ضد إسرائيل.

وأفاد مصدران آخران للوكالة ذاتها، أحدهما لبناني والآخر سوري، بأن حزب الله سحب قوات تابعة له من سوريا في منتصف أكتوبر 2024، عندما احتدمت المعارك مع إسرائيل على طول الحدود.

كما استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية بشكل متزايد مقاتلي الجماعة في سوريا، إذ تدخل حزب الله لمساعدة قوات النظام على استعادة الأراضي بداية من عام 2013، إلى جانب حليفتيه إيران وروسيا.

وفي 2 ديسمبر، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن الجيش السوري قادر على مواجهة مقاتلي المعارضة المسلحة لكن "جماعات المقاومة ستساعد وإيران ستقدم أي دعم مطلوب"، في إشارة إلى المليشيات المدعومة من طهران في المنطقة.

"خذلان الأسد"

وعن إمكانية تدخل حزب الله للعب دور عسكري والقتال ضد المعارضة في سوريا، قال رئيس مركز "رصد" السوري للدراسات الإستراتيجية العميد المتقاعد عبدالله الأسعد، إن "الحزب عبارة عن بندقية مأجورة".

ورأى الأسعد في حديث لـ"الاستقلال" أن "حزب الله إذا تلقى أوامر من علي خامنئي (المرشد الإيراني) رأس الفتنة في إيران، فإنه من الممكن أن يجر عناصر هذا الحزب وإرسالهم لقتال الثوار السوريين".

وأكد أن "حزب الله اللبناني يأتمر بأوامر إيران، وأن عودته للقتال ضد المعارضة السورية الثورية، مرهون في الأول والأخير بقرار إيراني".

وأشار إلى أنه "في ظل الهدنة مع إسرائيل، يلملم حزب الله جراحه حاليا، وأصبح لديه روح معنوية منخفضة، لذلك فإن نسبة احتمالية مشاركته في القتال ضد الثوار السوريين باتت منخفضة جدا". 

ويعتقد الأسعد أن “حزب الله اللبناني لن يقبل الدفاع عن النظام، بعدما رأى خذلان رئيسه بشار الأسد، له في الحرب مع إسرائيل، بل ومساهمته في كشف عناصر الحزب للطيران الإسرائيلي لأجل قتلهم”، وفق قوله.

وطيلة الحرب التي خاضها حزب الله مع إسرائيل، منذ اندلاع عمليات “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، وحتى اشتدادها منذ سبتمبر/أيلول 2024، لم يكن للنظام السوري أي مساهمة عسكرية مع حليفه اللبناني ضمن ما يعرف بـ"محور المقاومة".

وشدد الأسعد على أن "قوات الأسد اندحرت على يد الثوار السوريين في مناطق حلب وإدلب، والآن نحن على أبواب نصر وهزيمة لهذا النظام، فهو لا يستطيع العيش إلا معتمدا على الآخرين لذلك سيبقى وحده في الميدان".

ولفت الخبير السوري أيضا إلى أن "الثوار سيكونون بالمرصاد لمن يدخل من اتجاه منطقة البوكمال (على الحدود العراقية) من المليشيات الطائفية".

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية في 2 ديسمبر عن مصادر مخابراتية غربية (لم تكشف هويتها)، أن “حزب الله” نقل بعض قواته من لبنان إلى داخل سوريا من أجل حماية منشآته في البلد المجاور.

وأضافت: "يخشى حزب الله من وقوع ممتلكاته والممتلكات الإيرانية على الأراضي السورية في أيدي المتمردين"، وفق تعبيرها.

من جهة أخرى، نقلت الهيئة عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين (لم تسمهم) أن "هذه الأحداث يمكن أن تساعد على المدى القصير في إحلال الهدوء على الحدود الشمالية (لبنان)، لأن اهتمام حزب الله يتحول إلى سوريا".

ورجح المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أن "تزداد حرية التحرك الإسرائيلية في سوريا، لأن الروس سيركزون الآن على إنقاذ نظام الأسد".

واستدركوا بالقول: "على المدى البعيد، يمكن أن يكون لهذه الأحداث تأثير سلبي على الواقع في الشرق الأوسط".

وفسرت هيئة البث الإسرائيلية ذلك، بالقول: "يعمل الإيرانيون على مساعدة نظام الأسد، حتى أن وزير الخارجية الإيراني زار دمشق (بعد عملية المعارضة العسكرية)، وهذا يعني أنهم قد يعمقون أنشطتهم في سوريا".

"جرائم لا تنسى"

ومع اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد نظام بشار الأسد، دخل المئات من عناصر الحزب إلى سوريا بين عامي 2011 و2012، وتمركزوا في المواقع الحيوية بالعاصمة دمشق ومواقع بحلب شمال البلاد، خصوصاً نبل والزهراء، إضافة إلى كفريا والفوعة شمال شرق إدلب.

وانتشر عناصر حزب الله بلباس مدني وعسكري على أبواب الكليات في جامعتي دمشق وحلب، للمشاركة في قمع المظاهرات وضرب الطلاب وسحلهم بأوامر من نصر الله.

وارتكب حزب الله جرائم حرب يندى لها الجبين، مثل مجزرة الحولة الشهيرة عام 2012، التي قتل فيها 112 من السوريين المدنيين، بينهم نساء وأطفال ذبحا بالسكاكين وحراب البنادق.

وفي خطاب له في 30 أبريل/نيسان 2013، كان نصر الله واضحا عندما ذكر أن حلفاء سوريا في "محور المقاومة" – وهم إيران وحزب الله- سيفعلون كل ما هو ضروري للحفاظ على النظام في دمشق.

وأضاف، قائلا "هناك أصدقاء لسوريا في المنطقة والعالم لن يسمحوا بسقوط النظام في أيدي الولايات المتحدة وإسرائيل، أو في أيدي الجماعات التكفيرية"، وفق تعبيره.

وكانت أبرز مجازر حزب الله عام 2013، التي تسرّبت منها مقاطع مصوّرة، وقعت في بلدة العتيبة بريف دمشق، إذ نفّذ عناصر الحزب مجزرة استُشهد فيها أكثر من 175 مدنيا كانوا يحاولون مغادرة الغوطة المحاصرة.

وفي العام نفسه وتحديدا أكتوبر 2013 كشف مقطع فيديو عن إعدام عناصر من حزب الله، جرحى سوريون عقب المعارك التي جرت في مدينة القصير السورية، وانتهت بسقوطها في أيدي المليشيا اللبنانية ونظام الأسد.

وكان الفيديو يحتوي على مشاهد قاسية جدا تُظهر توسل الجرحى السوريين لعناصر حزب الله اللبناني بالحفاظ على حياتهم، إلا أن ذلك كان يُقابل بوابل من الرصاص بلا رحمة.

وفى 2013 أيضا، هدّدت عناصر من مليشيا الحزب بدخول مسجد خالد بن الوليد في حمص ونبش قبره، وما إن مضى عام عليه، حتى اقتحموه ودمروا الضريح ونهبوه، وكتبوا على جدرانه عبارات شيعية طائفية.

وفي عام 2014، وجه تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، اتهاما لحزب الله اللبناني بارتكاب مجازر بشعة ضد الإنسانية وصلت إلى حد “الذبح وقتل جميع أبناء الحي حتى النساء والأطفال”.

وتنوعت تلك الجرائم بين الإعدامات الميدانية بالرصاص واغتصاب النساء وقتل الأطفال وكبار السن والتنكيل بالجثث وحرقها.

ومع التدخّل الروسي عام 2015، دخل الآلاف من عناصر حزب الله، وحاصروا مدينة مضايا في محافظة ريف دمشق، وحرموا أهلها من الطعام والدواء.

وهو ما أدى إلى وفاة الكثير من الأطفال والمرضى وكبار السن، ثم قتلوا المئات، وفرضوا التهجير على ما بقي من الأهالي.