"في قفص الاتهام".. كيف أسهمت ألمانيا في الإبادة الجماعية بقطاع غزة؟
"برلين تقدم المساعدة لإسرائيل في المجال السياسي والمالي والعسكري"
في إطار التداعيات الدولية التي أفرزها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، اتهمت حكومة نيكاراغوا الحكومة الفيدرالية الألمانية بانتهاك القانون الدولي، وذلك من خلال دعمها إسرائيل والإبادة الجماعية في غزة، وهو الاتهام الذي تحقق فيه محكمة العدل الدولية.
وفي مستهل تداعيات العدوان، كانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي هي المتهمة أمام محكمة العدل الدولية، لكن "في الوقت الحالي تقبع ألمانيا أيضا في قفص الاتهام"، وفق ما ذكرته صحيفة "فرانكفورتر" الألمانية.
وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت ألمانيا بالفعل تساعد وتحرض على الإبادة الجماعية في غزة.
شعور بالقلق
جدير بالذكر أن الحرب في غزة عادت إلى بؤرة التركيز مرة أخرى في لاهاي، في 8 أبريل/ نيسان 2024.
وقالت الصحيفة: "ولكن على عكس القضية التي فتحتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية (في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023)، فإن إسرائيل ليست المتهمة هذه المرة، بل ألمانيا".
وحول خلفية القضية، أفادت الصحيفة بأن "حكومة نيكاراغوا اتهمت ألمانيا بانتهاك القانون الدولي من خلال دعم إسرائيل".
وأوضحت أن "نيكاراغوا أعربت عن شعورها بالقلق إزاء انتهاكات القانون الإنساني الدولي، أي القانون الذي ينطبق على النزاعات المسلحة وحق الفلسطينيين في تقرير المصير".
ومثلها كمثل جنوب إفريقيا، رفعت نيكاراغوا دعوى قضائية وطلبت اتخاذ تدابير مؤقتة في لاهاي، ويجرى التفاوض بشأن هذه التدابير.
ووفق الصحيفة، شدد وفد نيكاراغوا في مرافعته أمام المحكمة على أن "إسرائيل هي المسؤول الأساسي عن الجحيم الذي أودى بحياة أكثر من 30 ألف ضحية في القطاع".
وفي صدد اتهاماتها للحكومة الفيدرالية الألمانية، أشارت نيكاراغوا إلى أن برلين "ليست ملزمة فقط بعدم ارتكاب جرائم إبادة جماعية أو جرائم حرب بنفسها، بل ملزمة أيضا ببذل كل ما في وسعها لمنع مثل هذه الجرائم".
وفي هذا السياق، أظهر وفد نيكاراغوا استنكاره "إهمال الحكومة الألمانية هذا الواجب المحتم عليها".
وشدد على أنها لم تهمل فقط واجبها، "بل إنها تقدم المساعدة لإسرائيل في المجال السياسي والمالي والعسكري".
تصدير الأسلحة
وكما قال خبير القانون الدولي الفرنسي، آلان بيليه، فإن "ألمانيا رغم إدراكها الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، إلا أن العمل مستمر كما كان من قبل، بل إنه يستمر حاليا بشكل أفضل".
من جانب آخر، أفادت صحيفة "فرانكفورتر" بأن "نيكاراغوا تهتم بشكل خاص بصادرات الأسلحة الألمانية".
وقدم العضو في وفد نيكاراغوا، دانييل مولر، بعض الأرقام التي تفيد بأن "حكومة برلين وافقت على تصدير أسلحة بقيمة 326 مليون يورو إلى إسرائيل عام 2023".
بالإضافة إلى أن مبلغا قدره 306 ملايين يورو ذهب إلى الأسلحة الأخرى، وأكثر من 20 مليون يورو إلى الأسلحة الحربية.
"ولأن إصدار غالبية التصاريح لم يحدث إلا في النصف الثاني من عام 2023"، نوهت الصحيفة الألمانية أن نيكاراغوا تتهم ألمانيا أن هذه الأسلحة المرسَلة "كانت مرتبطة بالعدوان على غزة".
وفي لاهاي، أشار مولر كذلك إلى أنه "حتى كبار السياسيين الألمان أصبحوا حاليا يعبرون عن شكوكهم بشأن تصرفات إسرائيل".
فعلى سبيل المثال، أشارت الصحيفة إلى تصريحات وزيرة الخارجية، أنالينا بيربوك، التي حذرت فيها إسرائيل بشكل أكثر إلحاحا من ذي قبل من الالتزام بالقانون الدولي.
وفي هذه النقطة، علق مولر في المحكمة قائلا: "يعترف كبار المسؤولين الألمان بوجود شكوك في مدى الامتثال للقانون الدولي في غزة، ورغم ذلك، فإن التصدير مستمر".
وبناء على ذلك، لفتت الصحيفة إلى أن طلب نيكاراغوا في لاهاي نص على "ضرورة أن تضمن ألمانيا فورا عدم استخدام الأسلحة التي سُلمت بالفعل لارتكاب أعمال إبادة جماعية في غزة".
نقص المساعدات
وعلى النقيض من نيكاراغوا، لفتت الصحيفة الألمانية إلى أن "الحكومة الفيدرالية لا تفترض إمكانية اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية".
في المقابل، نقلت الصحيفة نص اتفاقية الأمم المتحدة، الذي جاء فيه أن "أي شخص يقتل أفرادا من جماعة قومية أو عرقية أو دينية، أو يسبب لهم ضررا بدنيا أو عقليا خطيرا، أو يفرض عليهم ظروفا معيشية يمكن أن تؤدي إلى الدمار الجسدي، فإنه يُعد مرتكبا لجريمة إبادة جماعية".
ورغم ذلك، بحسب الصحيفة الألمانية، "رفضت ألمانيا الاتهامات بالفعل".
وقالت المحامية عن الحكومة الألمانية، تانيا فون أوسلار-غليشن، إن "برلين ترفض الاتهامات بالكامل، لم ننتهك يوما اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية ولا القانون الإنساني الدولي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر".
وفي النهاية، سلطت "فرانكفورتر" الضوء على أن نيكاراغوا لم تركز فقط على الدعم الذي تقدمه ألمانيا لإسرائيل، بل إنها أعربت عن قلقها من احتمال نقص المساعدات للفلسطينيين في المستقبل.
ولفتت الصحيفة إلى المزاعم، التي ظهرت في يناير/ كانون الثاني 2024، بأن "موظفي وكالة الإغاثة الفلسطينية التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) متورطون في مجازر 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023".
وبناء على ذلك، قررت الحكومة الألمانية تعليق المدفوعات المستقبلية للمنظمة الإغاثية مؤقتا، وهو ما دفع نيكاراغوا بالمطالبة بإلغاء هذا القرار على الفور.
وأشارت في الطلب -بحسب الصحيفة- إلى أن هذا الإجراء يهدد أي مساعدة فعالة تُقدم لـ"ضحايا الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل".
وشددت على كون "الأونروا هي (العمود الفقري) لدعم سكان غزة".