ترامب يعود إلى البيت الأبيض.. جدل واسع حول مخططاته بشأن الشرق الأوسط
"خطة الصهيونية بعد وصول ترامب لرئاسة أميركا هي القضاء على المقاومة في غزة"
انتهى سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية بإعلان فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، ليصبح الرئيس الـ47 للبلاد بعدما تخطى عتبة الـ270 صوتا مقابل 226 لمنافسته الديمقراطية كامالا هاريس التي اتصلت به لتهنئته، معترفة بخسارتها.
وحصد ترامب في الانتخابات التي جرت في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، 295 صوتا في المجمع الانتخابي، مقابل 226 لهاريس، من أصل 270 صوتا يحتاجها المرشح للوصول إلى البيت الأبيض.
وتعهّد ترامب في خطاب النصر الذي ألقاه أمام أنصاره بولاية فلوريدا، بأن يجعل أميركا عظيمة مجددا، واصفا فوزه بولاية رئاسية جديدة بأنه "انتصار تاريخي وسياسي لم تر الولايات المتحدة مثيلا له من قبل".
من جانبها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أن موقفها من الإدارة الأميركية الجديدة، يعتمد على مواقفها وسلوكها العملي تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقضيته العادلة.
وقالت حماس، إن الإدارة الأميركية السابقة سلكت مسارا منحازا للاحتلال، عبر منح مجرمي الحرب الصهاينة غطاءً سياسيا وعسكريا، للمضيّ في أبشع حروب الإبادة التي عرفها التاريخ الحديث، ما ثبّت دورها كشريك كامل في قتل عشرات الآلاف من أبناء شعبنا من أطفال ونساء وشيوخ.
وأكدت حماس، أن ترامب مُطالب بالاستماع للأصوات التي تعالت من المجتمع الأميركي نفسه منذ أكثر من عام على العدوان الصهيوني على قطاع غزَّة، رفضا للاحتلال والإبادة الجماعية، واعتراضاً على الدعم والانحياز للكيان الصهيوني.
وترامب رجل أعمال أميركي مشهور بثرائه، فاز في انتخابات الرئاسة الأميركية 2016 مرشحا للحزب الجمهوري، متفوقا على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، وخسر أمام ممثل الحزب الديمقراطي جو بايدن في انتخابات 2020.
وعرفت ترامب بتصريحات ومواقف مثيرة للجدل مثل وقف دخول المسلمين إلى أميركا، وهي تصريحات عززتها قوته المالية والاقتصادية.
وولد ترامب يوم 14 يونيو/حزيران 1946 في مدينة نيويورك، وهو الرابع في أسرة مكونة من خمسة أطفال لأبوين من أصول ألمانية وأسكتلندية. وكان والده يعمل ببناء الشقق السكنية في نيويورك وتشييد مساكن العسكريين الأميركيين ومن عمله هذا كوّن ثروته.
وتوقع ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية بمنصة إكس، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #دونالد_ترامب، #الانتخابات_الأميركية، #الانتخابات_الأمريكية2024، #ترامب، وغيرها عودة البلطجة السياسية للمنطقة، والابتزاز المالي لحكام العرب خاصة الخليجيين.
وتحدثوا عن دور منصة إكس في نجاح ترامب في العودة إلى رئاسة أميركا مرة أخرى رغم هجوم الإعلام الرسمي عليه، مؤكدين أن تلك المنصة المملوكة لإيلون ماسك كانت أهم الأدوات التي ساعدت في فوز ترامب وساعدت على توجيه الرأي العام لصالحه.
وبرز جدل حول مستقبل المنطقة والحروب الحاصلة في عهد ترامب إذ رأى فريق أنه الخيار الأفضل بينما أعرب آخرون عن تشاؤمهم من فوزه، متوقعين أنه سيعمل على توسيع رقعة التطبيع بين الدول العربية والكيان الإسرائيلي.
تحليلات وقراءات
وتفاعلا مع النتائج، شارك المحلل السياسي ياسر الزعاترة، تحليلا شاملا لفوز ترامب، خلص فيه إلى أن في فوزه خيرا؛ لأن مسار التراجع الأميركي سيتعزّز بجنونه ومغامراته، فيما لن يكون وجوده في صالح "الكيان" الذي يطارد زعيمه (نتنياهو) أوهام "النصر المُطلق"، و"الهيمنة على المنطقة".
وقال: “قد تزيد التضحيات والمعاناة في السياق، لكن المؤكّد أن الأمر سيكون في صالحنا وضد المشروع الصهيوني، بل ضد المشروع العدواني الغربي برمّته.. سيحدث ذلك، بإذن الله، إن لم يكن في المدى القريب، ففي المدى المتوسط.”
من جانبه، رأى الأكاديمي محمد مختار الشنقيطي، أنه ربما يكون أهل المنطقة بحاجة اليوم إلى بلطجة ترامب واستفزازه وابتزازه، أكثر من حاجتهم إلى نفاق هاريس وعصابتها التي تنافق أهل المنطقة وهي تذبحهم من الوريد إلى الوريد.
وأرجع ذلك إلى أن مستوى الغفلة والخذلان وبلادة الإحساس التي كشفها عملية طوفان الأقصى التي انطلقت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في صفوفنا لا يعالجه إلا لهيب السياط الحارقة.
بدوره، أوضح الكاتب رفيق عبدالسلام، أن ما حصل في أميركا هو صراع بين خط النفاق السياسي الذي يمثله الديمقراطيون وخط البلطجة السياسية الذي يمثله ترامب.
ولفت إلى أن الديمقراطيين يكثرون من الحديث عن الديمقراطية ولكنهم واقعا يدعمون الدكتاتوريات والدكتاتوريين، ويكثرون من الحديث عن السلم والتعاون الدوليين ولكنهم واقعا شنوا أكبر عدد من الحروب في العالم والشرق الأوسط.
وأشار إلى أن ترامب لا يتحدث عن الديمقراطية والليبرالية ولكنه واقعا لن يختلف عن الديمقراطيين، فهو مثلا لا يجد حرجا في ابتزاز ملوك وأمراء العرب بأن يدفعوا له مزيدا من المال ثمن حمايتهم ومنع سقوطهم، ويقول هذا بلا مكياج.
وأوضح أن هذا يحدث في حين أن الديمقراطيين يبتزون المال باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وترامب لن يكثر من الحديث في نظريات الحوار والتعاون الدولي ولكنه لا يريد شن مزيد من الحروب.
ورأى مدير معهد لندن الإستراتيجي العالمي مأمون فندي، أنه من المهم معرفة أن علاقة أميركا بالمنطقة في عهد ترامب ستكون علاقات ثنائية وأن فكرة (المنطقة) لن تكون في ذهنه إلا عند الحديث عن أمن إسرائيل ومصالحها.
ليس الأفضل
وبينما رأى البعض فوز ترامب "جيدا لأنه "عدو صريح"، أعرب آخرون عن رفضهم الترويج لهذه السردية؛ إذ وجه المحلل السياسي ياسين عز الدين، تساؤلا لأصحاب هذه النظرية يقول: “ ماذا تفيدنا صراحته إن لم نفعل شيئًا لمواجهته؟”
وأكد أن الفروق بين ترامب وهاريس طفيفة والسياسي البارع يعرف كيف يستفيد من كل الاحتمالات، قائلا إن الكلب المسعور والحية الملساء كلاهما عدو لكنك تتعامل مع كل حالة بما يناسبها.
وأضاف عز الدين: "ما تسمونها صراحة ترامب، بحاجة لقوة تواجهها، أفعالنا هي التي ستحدد ما هو أفضل لنا وليس المشاهدة كأننا نتابع مسلسلا تلفزيونيا".
واستنكر الناشط أدهم أبو سلمية، الترويج لأن ترامب رجل صفقات، وأنه سيضع حدّا للحروب في العالم، قائلا: "لم أسمع أحدا يُخبرنا كيف سيفعل ذلك؟
وأضاف: هل سيعطي أوكرانيا لروسيا مثلاً؟، هل سيترك تايوان للصين؟، هل سيعيد ضبط العلاقة بين الكوريتين؟، هل سيهاجم إيران أم سيسمح لها بامتلاك القنبلة النووية؟ هل سيترك إسرائيل تدمر ما تبقى من فلسطين ولبنان؟"
وأوضح أنه يطرح هذه الأسئلة في محاولة لرسم المشهد القادم من شكل السياسة الخارجية لدولة, ومن المهم ونحن نحاول تفكيك السياسة الخارجية الأميركية أن لا ننسى مواقف الرجل من قضايا داخلية مرتبطة ارتباطا مهما بالخارج مثل الاقتصاد والهجرة.
وتحدث الباحث عبده فايد، عن الكارثة التي تنتظر الفلسطينيين والعرب والعالم بعد فوز ترامب، مؤكدا أنه أسوأ من هاريس التي قتلت 43 ألف فلسطيني، وأنه من صنع ذلك الوضع من البداية.
ورأى أن قياسا على سلوك ترامب السابق، فإنه سيمنح لإسرائيل شرعية ضم قطاع غزة، والاستيطان الموسّع في شماله، مع أمد غير منظور للحرب، وسيعوضها مكاسب سياسية إضافية في دول أخرى.
وذكر فايد بأن هذا ما عبّر عنه ترامب نصا بحتمية توسيع حدود إسرائيل، محذرا من أن ما قد يفعله ترامب في أربعة أعوام قد يحتاج أربعة قرون لمحو آثاره.
وقال: "ينتظر الجمهور العربي الناقم نهاية الكون، أو الحرب الكبرى، أو معركة تسحق الكل، بحثا عن إثارة مفترضة أو تحقيقا لعدالة غائبة يلعب فيها بمفرده دور الضحية.. فليكن الجميع إذن ضحايا.. لكن هذا الدمار سيكون العرب أول دافعي أثمانه الباهظة..".
وأوضح فايد، أن في تخطيط ترامب الإستراتيجي سوف ينتقل مركز صراع الكون إلى منطقة واحدة وهي "بحر الصين الجنوبي والشرقي"، حيث تعتقد أميركا الجديدة أنه يجب حصار الصين بحريا وتجاريا لتأخير تقدمها كقوة إقليمية مهيمنة قرنا أو اثنين.
دور إكس
وفي سياق متصل، أشار الباحث لقاء مكي، إلى أن معظم وسائل الإعلام الأميركية الكبرى كانت ضد ترامب، وبعضها تجاوز القواعد المهنية من أجل شيطنته، لكنه فاز رغم ذلك، ووضع وسائل الإعلام التقليدية حرفيا أمام تساؤل البقاء.
وأكد أن ترامب انتصر بالإعلام الجديد والمنصات الرقمية، ولذلك يمكن القول إن هذه لحظة انتقالية مهمة في تاريخ وسائل الإعلام..
وقال الكاتب سامح عسكر، إنه من خلال الخدمات التي قدمها إيلون ماسك لترامب، وأسهمت بشكل كبير في نجاحه، يُتوقع زيادة نفوذ وانتشار منصة إكس الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن ماسك غرد اليوم بعد نجاح ترامب بعبارة أنتم الإعلام الآن، مؤكدا أن ماسك لم يقلها هباء، وأن برقبة ترامب دينا لماسك لا يُنسى.
وقال عسكر، إن واحدا من أكبر الرابحين في الانتخابات بالمطلق هو ماسك وشركاته، وفي مقدمتهم ذراعه الدعائي إكس الذي يسير بخطى منتظمة ليصبح أقوى إعلام ومنصة إلكترونية بالمطلق، وأشدهم تأثيرا في مجالات الفكر والسياسة.
ورأى رسام الكاريكاتير علي فاتروني، أن من المؤكد أن منصة إكس كان لها التأثير الأكبر في دعم ترامب في حملته الانتخابية والتي كان له منها حصة في تفوقه على هاريس، مما يؤكد أن إكس المنصة المستقبلية للإعلام والتحليل، خصوصا أنها تعطي للمشارك فيها أن يعبر عن رأيه بحرية أكثر من منصات التواصل الأخرى.
وأكد المغرد غيث، أن دور ماسك في فوز ترامب كان محوريا، من خلال دعم منصات التواصل الاجتماعي وتوجيه النقاشات السياسية في الاتجاه الذي يخدم مصالح ترامب.
وقال: “قد يكون تأثيره على السياسة الأميركية أكبر مما نتخيل، فالتغريدات والتفاعلات على منصاته ساعدت في تشكيل الرأي العام بشكل غير مسبوق.”
عراب التطبيع
وعن مستقبل التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي الذي قاده ترامب خلال ولايته الأولى، قال الإعلامي وليد وفق: "عاد ترامب إلى المكتب البيضاوي من جديد، وسيعود معه زوج ابنته جاريد كوشنر أحد مقاولي التطبيع الخليجي الإسرائيلي".
وأضاف: “عادوا في أجواء وظروف مختلفة تجعل التطبيع مع إسرائيل مستحيلا، بينما نهر الدم الفلسطيني لم يجف بعد، وصور ومشاهد الإبادة الجماعية للفلسطينيين عالقة في الأذهان.”
وأكد الصحفي الأردني رامي السبع، أن خطة الصهيونية بعد وصول ترامب لرئاسة أميركا هي القضاء على المقاومة في غزة وتوطين أهل غزة في أي مكان آخر وتحقيق التطبيع السعودي الإسرائيلي، ولاحقا التخلص من أهل رام الله وتهجيرهم نحو الأردن ومحاولة التخلص من المقاومة أيضا في لبنان.
وذكر الإعلامي أنيس منصور، بأن ترامب "عراب التطبيع"، متسائلا: “ما الذي ينتظره العرب منه؟”
وأكد أن ترامب جمع المليارات من دول الخليج وشيطن العرب والمسلمين.
وتوقعت الباحثة عبير كايد، أن يكمل ترامب في الأشهر الأولى من إدارته التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وأن تدخل العلاقات إلى العلن المطلق، وأن يبرم اتفاقية دفاع مشتركة مع السعودية وتزويدها بالسلاح والسماح لهم ببناء المفاعل النووي.
وتنبأت أيضا أن يخلق ترامب توازن ويزج إيران في معترك سياسي عسكري جديد، كما سيضخ سمومه مرة أخرى بالخليج العربي ويتابع سياسة فرق تسد.
وتكهنت كايد، بأن في عهد ترامب سيتم ضم الضفة الغربية وتهجير أهلها إلى الأردن ومتابعة ودعم خطة إسرائيل في قضم أراضٍ من الأردن في المستقبل وتهجير الفلسطينيين منه إلى خارج الحدود فإسرائيل كما يصفها صغيرة وعليها أن تتوسع.
وأضافت: "كما سيتم تفريغ غزة من سكانها وليس فقط في الشمال وتقسيمها، وسيتم بناء ميناء لسرقة الغاز في بحر #غزة وكذلك مقابل شواطئ في لبنان، سيتم اغتيال شخصية عربية مرموقة أخرى وزج دولة أخرى في صراعات مع إثيوبيا."
وتوقعت أيضا أن يتم الاستيلاء على مفاصل الشواطئ في غزة وعلى الحدود الجنوبية مع لبنان وتمدد إسرائيل بدعم أميركي أوروبي وداخليا سيتم معاقبة كل من يعادي السامية واليهود ويمنع دخول بعض المسلمين لأسباب عقائدية، ساخرة بالقول: “مبروك عليكم عراب التطبيع.”
وعدد أستاذ العلوم السياسية عصام عبدالشافي، ما قدمه ترامب لإسرائيل في ولايته الأولى، ومنها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ووقف استخدام مصطلح الأراضي المحتلة في إشارة إلى الضفة وغزة، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
وأشار إلى أن ترامب قطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية، ووقف المساعدات المالية الأميركية لوكالة الأونروا، ووقف المساعدات للمستشفيات الفلسطينية بالقدس الشرقية، وأغلق مكتب تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وألغى القنصلية الأميركية بالقدس.
ولفت إلى أن ترامب اعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية، ووقف عدّ المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية، وأعلن الخطة الأميركية للسلام (صفقة القرن)، وأطلق عمليات التطبيع بين دول عربية وإسرائيل، وضمن المستوطنات الإسرائيلية في اتفاقية التعاون العلمي الأميركي.
وأوضح أن ترامب سمح بتسجيل المواليد الأميركيين في القدس أنهم ولدوا في إسرائيل، وعد حملة مقاطعة إسرائيل معادية للسامية، ووضع وسم (صُنع في إسرائيل) على بضائع المستوطنات.