موازنة صعبة.. صحيفة إيطالية: استبداد مودي يتجه لتعقيد علاقات الهند مع الغرب

12

طباعة

مشاركة

قضية اغتيال الزعيم الانفصالي السيخي في كندا، هارديب سينغ نيجار، قد تؤدي إلى تعقيد العلاقات بين الهند والغرب، في وقت يعمل فيه الطرفان على تعزيزها.

ويعمل الغرب على تنمية علاقات مكثفة على نحو متزايد مع الهند، بهدف بناء محور اقتصادي ودبلوماسي بات يشكل ضرورة جيوسياسية تقريبا، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وتزايد نفوذ الصين.

نهج استبدادي

وقالت صحيفة "لينكياستا" الإيطالية إنه "بات من الصعب تجاهل النهج الاستبدادي لرئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي".

وأشارت إلى أن "الأزمة الدبلوماسية بين كندا والهند بعد مقتل الانفصالي نيجار في 18 يونيو/حزيران 2023، تسلط الضوء على (حدود الاحتضان السياسي) لمودي".

وذكرت الصحيفة أن "مودي بنى منذ عام 2014 قاعدة سياسية متينة وحاول إسقاط قوة الهند في الخارج، بما في ذلك العمليات الاستخباراتية".

وأشارت إلى أنه "اتُهم إلى جانب قياديين في حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم داخل وخارج البلاد بإذكاء الطائفية وتقويض القيم العلمانية للجمهورية الهندية، إلى جانب عرقلة أو استهداف الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني".

وانتقدت  الصحيفة "صمت الغرب أمام هذه المخاوف"، لافتة إلى أنه "لن يكون بإمكانه مواصلة ذلك إذا تبين صحة الاتهامات بدعم وتنظيم الهند لعملية اغتيال خارج الحدود الإقليمية في كندا".

ونقلت "لينكياستا" عن مصادر لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية الحاضرة في قمة مجموعة العشرين بنيودلهي خلال سبتمبر/أيلول 2023 تأكيدها تناول نقاش الرئيس الأميركي جو بايدن وبعض القادة، مع مودي في اجتماع خاص قضية مقتل الزعيم السيخي.

وفي اليوم نفسه، تبادل مودي ونظيره الكندي جاستن ترودو، في لقاء خاص، كلمات حادة فيما يتعلق بالأنشطة المناهضة للهند التي تقوم بها الجالية الكندية الكبيرة من الانفصاليين السيخ (الحركات المؤيدة لإنشاء دولة خالستان المستقلة في البنجاب الهندية حيث يشكل السيخ 58 بالمئة من السكان)".

ولدى عودته إلى أوتاوا، اتهم ترودو استنادا إلى تقارير المخابرات الكندية، بعض العملاء الهنود بالتورط في اغتيال نيجار، ما أدى إلى اندلاع أزمة دبلوماسية بين البلدين.

من جانبها، رفضت نيودلهي جميع الاتهامات ووصفت كندا بأنها "ملاذ للإرهابيين والمتطرفين والجريمة المنظمة".

كما تبادل البلدان طرد بعض الدبلوماسيين، بينما توقفت الحكومة الهندية عن منح تأشيرات الدخول إلى بلد يعيش فيه أحد أكبر جاليات الهنود في العالم، ما يقرب من 700 ألف مواطن هندي مقيم وأكثر من مليون ونصف المليون كندي من أصل هندي.

وقالت صحيفة لينكياستا: "في الواقع، كان الناشط السيخي نيجار مواطنا كنديا هاجر من الهند وعاش في كندا منذ التسعينيات وكافح من أجل إنشاء دولة خالستان".

وأضافت "في الثمانينيات والتسعينيات، شنت حركة السيخ الانفصالية حملات عنيفة في البنجاب وتحظى حاليا قضيتها بدعم خاص من السيخ البنجابيين الذين هاجروا إلى الخارج".

موازنة صعبة

ويوجد في كندا واحدة من أكبر مجتمعات الشتات الهندي وأكبر مجتمع للسيخ خارج البنجاب يقدر بـ800 ألف شخص من إجمالي 40 مليون نسمة (2.1 بالمئة من السكان).

بينما في الهند يشكل السيخ أقلية صغيرة بما يقرب من 21 مليون شخص من إجمالي مليار وأربعمائة ألف نسمة أي 1.7 بالمئة من السكان.

وفي عام 1984، أمرت رئيسة الوزراء أنديرا غاندي الجيش بإخلاء معبد أمريستار الذهبي، وهو أقدس مكان في السيخية تحصن داخله الانفصاليون السيخ المسلحون للدفاع عن زعيمهم ما تسبب في سقوط مئات الضحايا.

وبعد بضعة أشهر، قتلها اثنان من حرسها الشخصي من السيخ انتقاما منها، وهو ما أثار موجة من العنف في جميع أنحاء البلاد، قتل فيها الآلاف من السيخ، بحسب الصحيفة الإيطالية.

وفي العام التالي، وضع بعض الانفصاليين السيخ قنبلة على طائرة ركاب تابعة لشركة طيران الهند كانت متجهة من مونتريال إلى لندن، مما أسفر عن مقتل 329 شخصا وكان معظم الضحايا كنديين من أصل هندي.

وتشكو نيودلهي لأوتاوا منذ سنوات من أنشطة الانفصاليين السيخ في المهجر، لكن الحكومات الكندية كانت ترد دائما بأن بلادها "تضمن حق التعبير وحرية التظاهر".

وفي عام 2020، صنفت السلطات الهندية نيجار إرهابيا، ووفقا لجمعية السيخ الكندية حذرت المخابرات الكندية الناشط من وجود تهديدات ضده.

علاوة على ذلك، وهذه ليست تفاصيل بسيطة على حد قول الصحيفة الإيطالية، "يحظى ائتلاف حكومة ترودو بدعم الحزب الديمقراطي الجديد الذي يتزعمه جاغميت سينغ وهو من السيخ ولم يخف قط كراهيته لمودي".

وأعرب الرأي العام الهندي في الأغلب عن دعمه لمودي من خلال مطالبة كندا بأدلة تؤكد اتهامات ترودو، كما أعرب "المؤتمر الوطني" (حزب المعارضة الرئيسي في الهند)، عن دعمه للحكومة.

لذلك، "تتوفر جميع عناصر التصعيد الدبلوماسي التي قد تخرج عن نطاق السيطرة تماما"، تسنتج "لينكياستا".

على جانب آخر، ترى الصحيفة أن قضية الناشط السيخي تثير حالة من عدم الارتياح في البيت الأبيض من خلال إحياء الأسئلة غير المريحة التي تم طرحها في يونيو/حزيران 2023 بمناسبة زيارة مودي لواشنطن.

وذكرت تعرض بايدن لانتقادات لعدم اتخاذ موقف أكثر صرامة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الهند.

وتتوقع الصحيفة أن "تواجه الولايات المتحدة عملية موازنة صعبة في حال ظهور أدلة دامغة تدعم اتهامات كندا بشأن تورط الحكومة الهندية في اغتيال الانفصالي السيخي على أراضيها".

واستدرك في الختام بالقول إن "شيئا ما قد انكسر بالفعل والآن أصبح الغرب أكثر وعيا بأنه يواجه مشكلة مع مودي".