توعد مصر وانتصر للروهنغيا وحليف لإسرائيل.. من هو السيناتور الأميركي بن كاردين؟
في 28 سبتمبر/ أيلول 2023 وقف السيناتور الأميركي "بن كاردين" داخل قاعة اللجنة التاريخية للعلاقات الخارجية الأميركية، التي تعود إلى القرن التاسع عشر، مدليا بتصريحات حاسمة لعدد من الصحفيين والسياسيين.
وصف خلالها وراثته غير المتوقعة لرئاسة لجنة العلاقات الخارجية الأميركية بمجلس الشيوخ بأنها تشبه "القرصة" التي تدفع الحالم إلى اليقظة.
لا سيما أن وصول "كاردين" (80 عاما) إلى المنصب جاء على خلفية فضيحة مزلزلة لرئيس لجنة العلاقات الخارجية (السابق) بوب مينينديز وزوجته.
حيث وجه لهما الادعاء الأميركي اتهامات بتلقي رشاوى بمئات الآلاف من الدولارات وسبائك الذهب من رجل الأعمال الأميركي المصري الأصل وائل حنا.
وذلك مقابل تسهيله استمرار المساعدات العسكرية الأميركية لمصر، وغض الطرف عن ملفها سيئ السمعة في حقوق الإنسان.
وبالتالي سيكون أمام السيناتور "كاردين" تحديات خاصة فيما يتعلق بالحالة المصرية، لكنه أيضا سيحمل على عاتقه وضع إستراتيجية تحولات سياسية من المحتمل أن تؤثر على عدة دول بالشرق الأوسط.
من كاردين؟
اسمه "بنجامين لويس كاردين" ولد يوم 5 أكتوبر/ تشرين الأول 1943، في مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند الأميركية.
كان أجداد كارين من المهاجرين اليهود الروس، واسم العائلة في الأصل هو "كاردونسكي" قبل أن يتغير إلى "كاردين".
وعملت عائلته بالسياسة والتجارة، فوالده شغل منصب عضو مجلس مندوبي ولاية ماريلاند، ثم أصبح في عام 1961 عضوا في المجلس الأعلى لمدينة بالتيمور.
كاردين في طفولته كان مواظبا على حضور فعاليات المجمع الأرثوذكسي بالقرب من منزلهم، والذي كانت العائلة تابعة له لمدة ثلاثة أجيال.
والتحق بمدرسة سيتي كوليدج الثانوية، في بالتيمور وتخرج فيها عام 1961. وفي عام 1964، حصل على درجة البكالوريوس في الآداب بامتياز من جامعة بيتسبرغ الأميركية.
ثم حصل على دكتوراه في القانون من كلية الحقوق بجامعة ميريلاند عام 1967، وكان الأول على دفعته، بعدها تم قبول كاردين في نقابة المحامين بولاية ميريلاند.
بينما كان لا يزال في كلية الحقوق، تم انتخاب كاردين لعضوية مجلس مندوبي ولاية ماريلاند في نوفمبر/ تشرين الثاني 1966.
حيث شغل المقعد الذي كان يشغله عمه، موريس كاردان، الذي قرر عدم الترشح لإعادة انتخابه حتى يتمكن ابن أخيه من متابعة المقعد بدلا من ذلك.
وفي عام 1974 أصبح كاردين رئيسا للجنة الطرق والمواصلات في مجلس الولاية. وفي عام 1979 شغل منصب الرئيس رقم 103 لمجلس نواب ولاية ميريلاند، وهو ابن 35 عاما، حيث كان أصغر رئيس في تاريخ الولاية.
في عام 1986 ترشح كاردين لمقعد منطقة الكونغرس الثالثة، والتي تمثل ولاية ميريلاند.
وبالفعل فاز كاردين بترشيح الحزب الديمقراطي بنسبة 82 بالمئة من الأصوات، ليفوز في الانتخابات العامة بنسبة 79 بالمئة من الأصوات ضد المرشح الجمهوري روس بوربوينت.
وبذلك دخل "بن كاردين" للكونغرس الأميركي لأول مرة، وتحديدا مجلس الشيوخ الذي يمثل الغرفة العليا للكونغرس، بينما يمثل مجلس النواب الغرفة الأدنى.
الأكثر ليبرالية
عام 2009 أعدت مجلة الكونغرس قائمة للأعضاء الذين كانوا أكثر دعما للأجندة التشريعية للرئيس باراك أوباما.
كان كاردين خامس أكثر أعضاء مجلس الشيوخ دعما مع خمسة أعضاء آخرين في مجلس الشيوخ.
وفي عام 2013، صنفته مجلة "ناشيونال جورنال" الأميركية، على أنه متعادل مع ستة أعضاء ديمقراطيين آخرين في مجلس الشيوخ ليصبح خامس أكثر أعضاء مجلس الشيوخ ليبرالية.
ومع ذلك فإن السيناتور كاردين مؤيد لعقوبة الإعدام (خلافا لكثير من الديمقراطيين) لكنه يقول إنه يجب تطبيقها فقط على "أسوأ الأسوأ".
ويعد السيناتور كاردين من الذين يواجهون انتشار مبيعات الأسلحة في الولايات المتحدة.
حتى إنه في أعقاب إطلاق النار في لاس فيغاس عام 2017، صرح أن الأفكار والصلوات لن تنقذ المزيد من الناس من الموت في عمليات إطلاق نار جماعية.
كما دعا إلى اتخاذ إجراءات لتغيير قوانين الأسلحة، قائلا على حسابه بـ "تويتر" إكس حاليا، إن "الأسلحة الآلية ليست ضرورية لاصطياد الغزلان أو البط، فهي تهدف إلى قتل الناس".
على جانب آخر دخل كاردين في صدام حاد مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
حيث كان كاردين يشارك في التصديق على فرز أصوات الهيئة الانتخابية الأميركية لعام 2021 عندما وقع هجوم الكابيتول في الولايات المتحدة في 6 يناير/ كانون الثاني 2022.
وكان كاردين في قاعة مجلس الشيوخ عندما اقتحم مثيرو الشغب من أنصار ترامب مبنى الكابيتول.
أثناء الهجوم، وبينما كان كاردين يختبئ مع أعضاء آخرين في مجلس الشيوخ في مكان آمن، غرد، وألقى باللوم على ترامب في تشجيع مثيري الشغب، ودعاه إلى إيقاف المتظاهرين حتى ينتهي الحدث "بسلام".
كما اتهم السيناتور المخضرم الشرطة بالتورط والتقاعس عن منع الهجوم، وقارن سلوكهم المتخاذل بتصديهم العنيف لاحتجاجات حياة السود، ووصف الأمر بـ "التناقض الصارخ".
بعدها انضم كاردين إلى الكونغرس للتصديق على عملية الفرز، وقال إنه يجب محاسبة ترامب على التمرد ودعا القادة الجمهوريين إلى إخبار ترامب بأنه بحاجة إلى الاستقالة.
بعد يومين، في 8 يناير 2022، دعا كاردين إلى تفعيل التعديل الخامس والعشرين لدستور الولايات المتحدة، القاضي بإمكانية عزل ترامب عن منصبه.
مواقف متباينة
على الصعيد الخارجي كان لكاردين مواقف متباينة في قضايا مختلفة، ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2017، أدان الإبادة الجماعية لأقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار، ودعا المجتمع الدولي لاستجابة أقوى للأزمة، والحد من التصرف الجامح للسلطة هناك.
وفي أغسطس/ آب 2018، حث كاردين و16 مشرعا آخر إدارة ترامب على فرض عقوبات بموجب قانون "ماغنيتسكي" العالمي ضد المسؤولين الصينيين المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد أقلية الأويغور المسلمة في منطقة شينغيانغ غرب الصين.
وكتب عبر إكس: "إن احتجاز ما يصل إلى مليون أو أكثر من الأويغور، وغيرهم من الأقليات العرقية ذات الأغلبية المسلمة في مراكز أو معسكرات يتطلب ردا عالميا صارما".
ومع ذلك فقد أدان كاردين الحملة الأمنية واسعة النطاق التي شنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على المجموعات الانقلابية.
وذلك في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل في يوليو/ تموز 2016، ويذكر أن المتورط الأول في الانقلاب فتح الله غولن، يقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية.
ولطالما طالبت أنقرة بتسليمه إليها، على أساس أنه أسهم في قتل العديد من المدنيين الذين ذهبوا ضحية محاولة الانقلاب.
على مستوى العلاقات الأميركية الإسرائيلية، كثيرا ما دعم كاردين المواقف التي تهدف إلى تعزيز علاقة أميركا مع دولة الاحتلال.
وفي عام 2017، رعى مشروع قانون "مكافحة مقاطعة إسرائيل" الذي من شأنه أن يعاقب الشركات التجارية والكيانات الاقتصادية التي تنخرط في مساعدة المنظمات غير الحكومية الدولية، النشطة في مقاطعة إسرائيل.
وكاردين هو أحد رعاة قرار مجلس الشيوخ الذي يعرب عن اعتراضه على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334، الذي أدان بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بصفته انتهاكا للقانون الدولي.
وقال كاردين إن "الكونغرس سيتخذ إجراءات ضد الجهود المبذولة في الأمم المتحدة، أو خارجها، التي تستخدم القرار 2334 لاستهداف إسرائيل".
وأيد كاردين قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقال: "القدس هي عاصمة دولة إسرائيل ويجب أن يعكس موقع السفارة الأميركية هذه الحقيقة".
وللسيناتور الأميركي مواقف متشددة تجاه ما يطلق عليهم أعداء أميركا، وفي يوليو 2017، صوت كاردين لصالح قانون "مكافحة الأعداء" من خلال فرض عقوبات اقتصادية على إيران وروسيا وكوريا الشمالية.
مصر وتركيا
وعن توجهاته إزاء مصر بعد رئاسته لجنة العلاقات الخارجية، قال كاردين في بيان في 30 سبتمبر، إنه سيحجب المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة عن مصر، إذا لم تتخذ خطوات ملموسة لتحسين حقوق الإنسان في البلاد.
وأضاف السيناتور الديمقراطي أنه "من الضروري أن نواصل محاسبة الحكومة المصرية والحكومات كافة على انتهاكاتها لحقوق الإنسان".
وأتبع: "يتعين على القاهرة أن تظهر تقدما في الإسراع بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإفساح المجال للمدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني والمعارضة السياسية والإعلام المستقل".
وأشار كاردين إلى جزئية أخرى تتعلق بتركيا، الشريكة في الناتو التي سعت لسنوات لشراء طائرات مقاتلة "إف 16" من واشنطن لكنها قوبلت بالرفض.
وكان مينينديز الرئيس السابق المستقيل من لجنة العلاقات الخارجية قد أوقف بيع الطائرات لتركيا، بحجة أنه قلق بشأن امتلاكها قوة جوية أكبر من جارتها وغريمتها اليونان.
لكن كاردين أوضح أنه منفتح على دراسة سبل السماح بالمبيعات، إذا كان راضيا عن بعض النقاط التي تتناول التهديد الإضافي لليونان وحقوق الإنسان في تركيا.
أما فيما يتعلق بالحرب الأوكرانية، رأى كاردين أن الأولوية القصوى بالنسبة له هي العمل على الحفاظ على تدفق الأموال والأسلحة الأميركية إلى أوكرانيا ضد القوات الروسية المعتدية.
وشدد أنه يرى أن تلك الخطوة مهمة لأمن الولايات المتحدة وقدرتها على التأثير في الشؤون العالمية.
ومن المفارقات المهمة أن فترة تولي السيناتور المحنك بن كاردين، لرئاسة لجنة العلاقات الخارجية، سوف تكون قصيرة لأنها ستنتهي في يناير 2025 بنهاية ولايته التي لا يسعى إلى تجديدها حسبما أعلن.
المصادر
- About Ben cardin
- Two famous-name freshmen begin to carve own niche in Md. House
- السيناتور كاردين عقدة جديدة تنتظر مصر وتركيا
- إنذار في مجلس الشيوخ الأميركي بحجب مساعدات عسكرية عن مصر
- About Ben
- israel-anti-boycott-bill-does-not-violate-free-speech
- خليفة مينينديز يشير لتحولات سياسية أمريكية محتملة بشأن مصر وتركيا.. ماذا سيفعل؟