السعودية تتمسك.. لماذا ترفض إسرائيل إنشاء بنية تحتية نووية في المملكة؟

12

طباعة

مشاركة

بات من المعروف أن أهم شرط سعودي لإتمام اتفاق التطبيع مع إسرائيل يكمن في موافقة الأخيرة ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية على إنشاء بنية تحتية نووية في المملكة.

وترى وسائل إعلام عبرية أن المعضلة الرئيسة التي تعرقل اتفاق التطبيع هي المطلب السعودي ببناء محطة نووية، في وقت ينقسم "كبار المسؤولين في إسرائيل حول هذه القضية".

وتنظر إسرائيل إلى أي تفوق نووي إستراتيجي في الشرق الأوسط، ومن ضمن ذلك السعودية، كتهديد حقيقي لوجودها، إضافة إلى أنه يفتح شهية باقي الدول لتطوير برامج نووية مماثلة.

تصريح مرفوض

وعن هذا الشرط، يقول موقع القناة 12 العبرية إنه "في إطار الاتفاق الذي يجرى تشكيله بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل، يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للحصول على تصريح من واشنطن لتطوير دورة كاملة لإنتاج الوقود النووي في أراضي المملكة".

ويشير إلى أن ذلك يعني "تجهيز البنية التحتية لتطوير البرنامج النووي العسكري السعودي في المستقبل". 

وبين أن النتيجة الأخرى لهذا التصريح قد تكون "سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، والذي سيشمل في المقام الأول إيران ومصر وتركيا".

فضلا عن ذلك، فإن موافقة إسرائيل على تخصيب اليورانيوم في السعودية ستشكل في واقع الأمر إلغاء لمبدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن.

ويقضي هذا المبدأ بأن "تعمل إسرائيل على منع أي دولة في الشرق الأوسط من تطوير أو امتلاك الأسلحة النووية".

ويحذر الموقع من أن "هذه التطورات ستخلف عواقب سلبية على الاستقرار في الشرق الأوسط، وعلى صورة إسرائيل في القوة والردع، وعلى النظام العالمي لمنع الانتشار النووي".

ولفت إلى أن تطوير القدرات في المجال النووي يُعد ركيزة أساسية لرؤية ولي العهد لتحويل المملكة إلى قوة عالمية، مستفيدة من التدخلات الأمنية الأميركية وإمكانية الحصول على الأسلحة النووية. 

وفي الواقع، يهدف ابن سلمان إلى خلق وضع لا تتخلف فيه السعودية عن إيران في السباق للحصول على قدرات نووية عسكرية. 

ولم تخرج أي تصريحات رسمية من جانب المملكة تتعلق بهذا الشرط للتطبيع مع إسرائيل، في وقت يتزايد فيه التقارب بين الجانبين بوساطة أميركية.

لكن صرح ابن سلمان، سابقا، بشكل علني عن هذه النية، قائلا: "إذا طورت إيران قنبلة نووية، فإن المملكة العربية السعودية ستحذو حذوها".

القدرات النووية

من ناحية أخرى، يعتقد الموقع العبري أن طموح ابن سلمان لإنشاء برنامج نووي عسكري هو أمر "طويل الأمد".

ويدلل على ذلك بأنه "ليس من المنطقي اقتصاديا إنشاء بنية تحتية لتخصيب اليورانيوم وتجنب الخيار الأبسط المتمثل في شراء اليورانيوم المخصب". 

وفي ظل ضعف قدرات السعودية في المجال النووي، تظهر علامات استفهام تتعلق بكميات رواسب اليورانيوم الموجودة في المملكة، خاصة وأنها لا تمتلك أكثر من عشرة مفاعلات. 

كما يؤكد الموقع على حقيقة أن السعودية رفضت حتى الآن التوقيع على اتفاقية التفتيش الكامل العادية و"البروتوكول الإضافي" للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وعلاوة على ما سبق، يلفت الأنظار أيضا إلى التقارير المتعلقة بالعلاقات بين السعودية وباكستان في المجال النووي.

وينفي الموقع الادعاء المركزي الذي يفيد بأن "السعودية لديها بدائل أخرى غير الولايات المتحدة لإنشاء دائرة للوقود النووي". 

وأوضح أن القوى النووية لم توفر سابقا، وفي المقام الأول الولايات المتحدة وروسيا والصين، إمكانية وصول قدرات التخصيب إلى بلدان أخرى.

والولايات المتحدة، صاحبة النظرة الأكثر صرامة، تحظر أنشطة تخصيب اليورانيوم وفصل الوقود المشع، كشرط لبيع مفاعلات الطاقة. 

وذلك كما حدث، على سبيل المثال، في الاتفاقيات التي وقعتها الولايات المتحدة مع الإمارات العربية المتحدة "2009" وكوريا الجنوبية "2015".

وينوه الموقع إلى أن الأخيرة التزمت في وقت سابق في اتفاقياتها مع الولايات المتحدة بالامتناع عن تنفيذ أنشطة تتعلق بالتخصيب.

وبالمثل، فإن "روسيا مخلصة لسياسة منع نقل قدرات التخصيب، وهو ما يتجلى في نشاطها لإنشاء مفاعلات الطاقة في إيران وتركيا ومصر"، وذلك بموجب عقود خاصة.

وهو ما يعني أن روسيا نفسها مسؤولة عن إمداد المفاعلات بالوقود النووي ونقل الوقود المشع. 

ووفقا للموقع العبري، فإن الاستثناءات في العقود الأخيرة هي باكستان وكوريا الشمالية، اللتان باعتا سرا قدرات نووية عسكرية لإيران وسوريا وليبيا.

بدائل أخرى للسعودية

من ناحية أخرى، يوضح موقع القناة أن "إحدى علامات الاستفهام الرئيسة تتعلق بدرجة استقرار النظام السعودي وأمن المنشآت النووية في أراضي المملكة". 

وتحدث هنا عن "ضرورة التعلم من دروس الماضي، لا سيما بعد انهيار نظام الشاه في إيران، وصعود جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر قبل نحو عقد من الزمن".

وفي سيناريو حدوث انقلاب وأزمة داخلية عميقة، فإن "الالتزامات كافة التي ستتعهد بها السعودية، بما في ذلك الاستعداد لإنشاء محطة خارج الحدود الإقليمية في أراضيها تحت السيطرة الأميركية والإشراف الدقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لن تكون كافية". 

وهو ما يعني أن "إسرائيل قد تجد نفسها في واقع مليء بالمخاطر الإستراتيجية، بعد أن يهدأ غبار صفقة التطبيع".

ولذلك، يوجه الموقع بضرورة معارضة إسرائيل أي إمكانية لإنشاء دائرة كاملة للوقود النووي في السعودية. 

علاوة على ذلك، هناك نماذج مختلفة يمكن للسعودية استخدامها للحصول على اليورانيوم المخصب للاستخدامات المدنية، دون القيام بالتخصيب على أراضيها. 

على سبيل المثال، ملكية سعودية جزئية لمصنع تخصيب خارج المملكة، في الولايات المتحدة أو دولة أوروبية أخرى، دون الوصول إلى التكنولوجيا. 

ويشبه الموقع ذلك بملكية إيران الجزئية لمصنع لتخصيب اليورانيوم في فرنسا في عهد الشاه. 

وأضاف خيارا آخر يتمثل في "شراء اليورانيوم المخصب من سوق الطاقة الدولية، كما تفعل إسبانيا أو فنلندا على سبيل المثال". 

ويختتم الموقع بالتأكيد على أن "اتفاقيات السلام والتطبيع بين إسرائيل والدول العربية لبنة مركزية في الأمن القومي" لتل أبيب، وفق تعبيره.

ويشدد كذلك على أن "اتفاقية السلام مع السعودية سيكون لها أيضا آثار إيجابية بعيدة المدى على إسرائيل".

لكنه يحذر بشدة في ذات الوقت من أن هذا الاتفاق "لو تضمن تطوير القدرات اللازمة لإنشاء دورة وقود كاملة في السعودية، فإن المخاطر على إسرائيل والاستقرار الإقليمي ستكون كبيرة". 

ولذلك، يؤكد الموقع ضرورة "منع السعودية من تطوير هذه القدرات الخطيرة، وأي خيار آخر يمكن أن يكون مصدرا لبكاء أجيال عديدة".