أزمة معقدة.. لهذه الأسباب تقترب أذربيجان وأرمينيا من حرب جديدة في قره باغ
تحذيرات دولية من أزمة إنسانية في إقليم "قره باغ" المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان، نتيجة تفاقم الوضع بسبب الحصار الذي تفرضه باكو على ممر لاتشين، بعد استخدام الطريق المذكور لتهريب البضائع بمركبات منظمة الصليب الأحمر الدولية.
ولا يستبعد المراقبون، سيناريو تجدد النزاع بين الطرفين، فيما يجرى البحث عن حلول ملموسة لتجنب وقوع كارثة إنسانية.
وتدهور الوضع أكثر على الحدود بين البلدين بعد الاجتماعات الأخيرة بالعاصمة البلجيكية بروكسل في 15 يوليو/تموز 2023 بين رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، والرئيس الأذري، إلهام علييف، ورئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، التي تلت سلسلة طويلة من المحادثات السابقة.
صعوبة الاتفاق
وأشارت صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو" الإيطالية إلى أن "النقطة الرئيسة للخلاف تتعلق بالحصار المفروض على ممر لاتشين، ما تسبب- في الأيام التي أعقبت الاجتماع الدبلوماسي ببروكسل في فترات من التوتر الشديد- في تصعيد الصراع".
ونقلت الصحيفة عن رئيس المجلس الأوروبي ميشيل إشارته خلال الاجتماع الثلاثي إلى "استعداد أذربيجان لتقديم المساعدات الإنسانية عبر مدينة أغدام".
كما أضاف "أنا أرى أن كلا الخيارين مهم، وأشجع البعثات الإنسانية من كلا الجانبين، علاوة على ذلك، رحبت باستئناف اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات الإجلاء الطبي".
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه "التصريحات الإيجابية" لم تمنع في الأيام التالية وقوع حصار أذري لـ19 شاحنة محملة بـ360 طنا من المساعدات الإنسانية قادمة من يريفان ومتجهة إلى الإقليم المتنازع عليه، بعد اكتشاف باكو تهريب أطراف أرمينية بضائع بمركبات منظمة الصليب الأحمر الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، لفتت الصحيفة إلى أن هناك من يؤكد من كلا الجانبين، أن اجتماع بروكسل كان غير مثمر لأن باكو "لن تقبل مقترح ميشيل إلا إذا لم تضطر إلى الانسحاب من نقطة التفتيش بشكل نهائي، وبالتالي إنهاء حصار لاتشين، كما تخشى تسللا عسكريا أرمينيا غير نظامي".
من جانبها، تخشى الحكومة الأرمينية أن يؤدي هذا الحل إلى تخلي الاتحاد الأوروبي بشكل كبير عنها، ووقوع الأسوأ، وذلك في حال إدارة أذربيجان للمساعدات الإنسانية.
علاوة على ذلك، تضيف بأن تفاقم التوتر في جنوب القوقاز شمل في الأسابيع التي تلت اجتماعات بروكسل، أيضا مراقبي بعثة الاتحاد الأوروبي في أرمينيا على الحدود بين البلدين، بعد أن استهدفهم جنود لم يتم تحديد هويتهم بعد.
نحو الكارثة
وأغلقت أذربيجان ممر لاتشين بشكل دائم من خلال إنشاء نقطة تفتيش يديرها الجيش منذ أبريل/نيسان 2023.
كما أغلقت نقطة التفتيش تلك بعد أن كشفت عمليات التفتيش، أن بعض المركبات ضمن القوافل الإنسانية التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر المتجهة من أرمينيا إلى قره باغ، "كانت تنقل بضائع تجارية".
من جانبها، أكدت اللجنة الدولية في بيان لها أن البضائع "تم تهريبها"، موضحة أنه لم يتم العثور عليها في مركبات رسمية تابعة لها، وإنما في بعض المركبات التجارية الثقيلة التي يقودها موظفون في شركة تجارية تعاقدت معها اللجنة لإيصال المساعدات إلى قره باغ.
في ظل هذا الوضع، استنكرت الصحيفة "حرمان سكان الاقليم من أي نوع من الإمدادات وهو ما يخلق كارثة إنسانية خطيرة"، وفق زعمها.
على الطرف المقابل، نفت باكو صحة هذه التصريحات ناقلة بالصور لمحة من الحياة اليومية لسكان قره باغ، مثل الاحتفال بزفاف اثنين من الأرمن ما ينفي "وقوع كارثة إنسانية".
النقطة الحاسمة، تشرح الصحيفة الإيطالية، تتمثل في أن قوات حفظ السلام الروسية "لم تراقب الممر" رغم الاتفاق الثلاثي لعام 2020 الذي تفاوضت عليه موسكو.
وتخوض روسيا حاليا حربا في أوكرانيا من المتوقع أن تستمر لفترة طويلة جدا، لذلك "قواتها المتمركزة في المنطقة قليلة وغير مهتمة على نحو متزايد"، على حد تعبير "إيل كافي جيوبوليتيكو".
من ناحية أخرى، تلاحظ بأنه "لا توجد إرادة حقيقية من جانب الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي لمراقبة الممر بشكل منهجي".
وتجزم بأن الحل الذي اقترحه ميشيل ويتقاسمه مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أيضا لإدارة المساعدات الإنسانية التي تقدمها أذربيجان عبر أغدام "يمكن أن يكون خطيرا للغاية".
وأكدت الصحيفة على "ضرورة أن يتبع المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي النهج الدبلوماسي والبحث عن حل مشترك".