الإرهاب والهجرة والفوضى.. لماذا تتخوف الجزائر من التدخل العسكري في النيجر؟

12

طباعة

مشاركة

بهدف بحث سبل الوصول إلى حل دبلوماسي للأزمة في النيجر، أوفدت الجزائر، في 23 أغسطس/ آب 2023، وزير خارجيتها أحمد عطاف، في جولة تشمل 3 دول في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "الإيكواس".

وكانت محطة عطاف الأولى نيجيريا، صاحبة الوزن الثقيل في كتلة غرب إفريقيا، ثم بنين وغانا.

وتركزت المناقشات مع نظرائه في "الإيكواس"، على آليات الوصول لحلول سلمية، والعودة إلى النظام الدستوري، وتجنب التدخل العسكري الذي يحمل مخاطر جسيمة على المنطقة بأسرها.

تهديد مباشر

وأشار موقع "كل شيء عن الجزائر" المحلي الناطق بالفرنسية، إلى أن "الجزائر، التي تشترك في حدود طولها ألف كيلو متر مع النيجر، تعارض بشدة استخدام القوة لطرد مدبري الانقلاب العسكري من نيامي، وذلك بسبب المخاطر التي تهدد أمنها وعدم فعالية التدخلات الأجنبية بأي حال من الأحوال".

وفي إطار الرفض الجزائري عالي المستوى لأي تدخل عسكري، جدد رئيس أركان الجيش، السعيد شنقريحة، معارضة بلاده التدخل العسكري الأجنبي في النيجر.

وحذر من أن ذلك سيؤدي إلى "مزيد من عدم الاستقرار في منطقة الساحل".

كما طالب بالعودة إلى "الوضع الدستوري في النيجر في أقرب وقت".

وأعلن شنقريحة رفض أي تدخل أجنبي، لأنه "سيفرز مزيدا من عدم الاستقرار في المنطقة".

وقد سبقه كذلك الرئيس عبد المجيد تبون، الذي رأى أن ما يحدث في النيجر يمثل "تهديدا مباشرا للجزائر".

وحسب الموقع، يعزى موقف الجزائريين المناهض بشدة لأي تدخل عسكري إلى ما حدث في جارتهم ليبيا، حيث إنها سقطت في الفوضى منذ التدخل العسكري الفرنسي عام 2011، وهو ما انعكس بالسلب على بلدان المغرب العربي والساحل.

وإضافة لليبيا، فإن مالي كذلك بمحاذاة الجزائر، وكلتا الدولتين يعاني من أزمات أمنية وعسكرية، ولذا ترفض الجزائر فتح جبهة ثالثة عند حدودها.

وفي ذات السياق، فإن التدخل المسلح في النيجر، من أي طرف من الأطراف، يهدد بتفاقم التهديدات الإرهابية، وسيؤدي إلى زيادة تدفقات الهجرة نحو الجزائر.

وفي غضون ذلك، كلف تبون، الأمين العام لوزارة الخارجية، لوناس مقرمان، بالسفر للنيجر، وهي خطوة أساسية في البحث عن حل سياسي للأزمة التي تهز البلاد، إثر الانقلاب العسكري في 26 يوليو/ تموز 2023.

ووفقا لوزارة الخارجية الجزائرية، فإن هذه الزيارة تندرج في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها للمساهمة في إيجاد حل سياسي للأزمة في النيجر، "بما يجنب هذا البلد الجار والشقيق، والمنطقة بأكملها مزيدا من المخاطر عليها".

وساطات عديدة

وحسب الموقع، "بدأت الآمال في الوصول إلى حل سياسي للأزمة يطفو على السطح من جديد، مع الوساطة الجزائرية".

والتقى مقرمان رئيس وزراء النيجر المعين من قبل سلطات الانقلاب العسكري، علي محمد الأمين زين، بحضور عدد من أعضاء الحكومة المعينة، منهم وزراء الدفاع والخارجية والعدل، ساليفو مودي وبكاري ياو سانغاري وعلي داودا.

ووفقا للموقع، تأتي جهود الجزائر في الوقت الذي يتصاعد فيه التهديد بالتدخل العسكري.

وأعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، في 18 أغسطس 2023، في ختام اجتماع هيئة الأركان العامة أنها مستعدة للتدخل في النيجر، بل وذكرت أن الموعد قد حدد كذلك.

ووفقا للإيكواس (تضم 15 دولة)، حددت الأهداف الإستراتيجية، وكذلك اتفق على المعدات اللازمة، ومدى التزام الدول الأعضاء بهذا التدخل المحتمل.

وعقب الموقع: "إلا أن المنظمة الإقليمية لا تغلق الباب أمام مواصلة البحث عن حل سلمي للأزمة".

وأردف: "ومن خلال إرسال الجزائر وزير خارجيتها والأمين العام للوزارة إلى البلدان التي تحظى بثقل كبير داخل الكتلة، تعتزم الجزائر استخدام كل ما أوتيت من قوة وثقل لتجنب التدخل العسكري، الذي ستكون عواقبه كارثية على النيجر، ومن ثم الجزائر والمنطقة بأكملها".

ويبدو أن مخاوف الجزائر ليست وليدة مشهد الانقلاب العسكري، حيث أشار وزير الخارجية إلى أنه "حتى قبل الانقلاب العسكري، كان الوضع خطيرا للغاية في النيجر".

ولفت إلى أن "المنطقة شهيرة بكثافة وجود ونشاط الجماعات الإرهابية فيها، وهي منطقة الحدود الثلاثة".

ووفق الموقع، فإن "الدبلوماسية الجزائرية معروفة بمهاراتها في الوساطة، والتي غالبا ما تقوم بها بأقصى قدر من التكتم".

وأفاد بأنها "حققت العديد من النجاحات الدبلوماسية في هذا الصدد".

واستذكر الموقع أزمة الرهائن الأميركيين الـ52 المحتجزين في إيران (1979-1981)، وكذلك الصراع الحدودي بين إريتريا وإثيوبيا عام 1999.

كما أن الدبلوماسية الجزائرية نجحت عام 2015، بإقناع أطراف الأزمة في مالي بالتوقيع على ما يسمى "اتفاق الجزائر"، وهو اتفاق سلام ومصالحة بين الجانبين، لا يزال قيد التنفيذ.