ترغب في بناء مفاعل نووي.. هل يرضخ نتنياهو لشروط السعودية من أجل التطبيع؟
أكد موقع عبري أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يواجه معضلة بشأن التطبيع مع السعودية تتمثل في شرط الموافقة على بناء مفاعل نووي مدني في المملكة.
وهذا الشرط كشفت عنه وسائل إعلام عبرية وأخرى أميركية هذا العام من بينها صحيفة وول ستريت جورنال التي قالت في مارس/آذار إن المملكة طلبت من الولايات المتحدة تقديم ضمانات أمنية وتصريح يخولها بتطوير برنامج أسلحة نووية مدني مقابل اتفاق سلام مع إسرائيل.
وقال موقع "زمان" العبري إن "نظرة سريعة على التقويم الزمني قد توضح لنا بعض العمليات المتوقعة في الشرق الأوسط خلال عام 2024".
ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ستجرى انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، حيث سيتنافس الرئيس الحالي جو بايدن، مع سلفه دونالد ترامب، على الأغلب.
وهناك حدث آخر سيجرى في عام 2024، أو ربما حتى نهاية عام 2023، هو الشهادة التي من المتوقع أن يدلي بها نتنياهو، في المحكمة الجزئية بالقدس المحتلة.
وبدأت الشرطة الإسرائيلية التحقيق مع نتنياهو، في ديسمبر/كانون الأول 2016، للاشتباه بتورطه في قضايا فساد.
ووُجّه إليه رسميا عام 2019، اتهامات بالتورط بقضايا رشوة وخيانة الأمانة العامة واستغلال السلطة لأمور شخصية، ومنذ ذلك الحين عقدت عدة جلسات محاكمة له دون نتيجة نهائية.
جهود خلف الكواليس
وأشار الموقع إلى أنه ما من شك في أن نتنياهو لا يرغب أن يقف في هذا الموقف، كزعيم قوي في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أنه "لا يريد أن يقف على منصة صغيرة، في قاعة ضيقة، ويجيب على أسئلة محرجة".
وأضاف: "ومن المرجح أنه سيُطلب منه أيضا الإجابة على العديد من التفاصيل التي قد يجيب عليها بـ "لا أتذكر"، وهذا سيكون علامة على الضعف أو الإرهاق أو الاستنزاف، أو حتى كل ذلك".
وأوضح أن "هذا ليس شيئا من شأنه أن يعزز من مكانة أي شخص، ولذا، فإن نتنياهو يعمل بإصرار على الوصول لاتفاق مع السعودية".
وقال موقع "زمان": "على الرغم من أن الجمهور لم يعرف التفاصيل بعد، فإن هناك جهدا مكثفا يجرى خلف الكواليس بهدف الوصول لاتفاق كهذا".
ونوه إلى أن "هناك جهودا تبذل بشكل مكثف لتقريب وجهات النظر، التي يقول البعض إنها متباعدة جدا، غير أن نتنياهو مصمم للغاية على إنجاز الاتفاق".
وكشف أن "إحدى أهم نقاط الخلاف -وربما الأكثر قابلية للحل أيضا- هي المشكلة الفلسطينية"، مشيرا إلى أن المملكة عينت، في 12 أغسطس/آب 2023، ولأول مرة في تاريخها، سفيرا لدى سلطة رام الله، وسيكون أيضا قنصلا عاما في القدس".
وأوضحت أن هذا يعني أن المسؤول السعودي سيسافر بين العاصمة الأردنية عمّان، ورام الله، وربما أيضا القدس بجواز سفر سعودي رسمي.
ووفق الموقع، فإنه يمكن النظر إلى هذا التعيين من زاويتين، الأولى هي أن السعودية تعبر لإسرائيل عن مدى أهمية القضية الفلسطينية لديها.
أما الزاوية الثانية، فإنه بهذا التعيين "سيكون هناك الآن ممثل فعال في المنطقة، يمكنه نقل الرسائل بشكل مباشر والبقاء على اتصال مستمر -تحت الرادار- مع صناع القرار الإسرائيليين".
"وعلى ما يبدو، ستطالب المملكة باتخاذ إجراءات ملموسة نحو الشعب الفلسطيني"، حسب الموقع.
أما نقطة الخلاف الثانية، فتتعلق بطلب السعودية إنشاء برنامج نووي مدني، مع التركيز على قدرتها على تخصيب اليورانيوم بشكل مستقل.
"وفي تباين مع اتفاق التطبيع مع الإمارات -التي طالبت بتزويدها بطائرات "إف-35" الأميركية- فإن مفهوم السيادة الكاملة، الذي صاغه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، مناحم بيغن، والقيادي بالحركة الصهيونية، زئيف جابوتينسكي، بات على المحك".
عقيدة بيغن
وحسب الموقع، فإن عقيدة بيغن تنص على أنه يجب على إسرائيل ألا تقبل أن تمتلك أي دولة في الشرق الأوسط قوة نووية.
وبالفعل، نفذ اثنان من الزعماء هذه العقيدة، الأول هو بيغن نفسه، عندما قصف المفاعل العراقي عام 1981، والثاني هو رئيس الوزراء الأسبق، إيهود أولمرت، عندما دمر المفاعل السوري عام 2007.
ونوه التقرير إلى أن كلا الزعيمين كانا ينتميان إلى "الليكود" اليميني، الحزب نفسه الذي يترأسه نتنياهو.
ولذلك، في هذا السياق، "يجد نتنياهو نفسه في صراع أيديولوجي ليس مع دافيد بن غوريون (أوّل رئيس وزراء لإسرائيل)، ولكن مع بيغن"، وفق موقع "زمان".
وتابع أنه "فيما يتعلق بجوانب السياق الحالي، فإن هذا الموقف يمكن أن تكون له تبعات ضخمة".
وأوضح: "بعبارة أخرى، فإن مجال التنازلات لدى نتنياهو في سياق قضية البرنامج النووي السعودي ضيق للغاية، خاصة بعد أن أعلن زعيم المعارضة، يائير لابيد، أنه سيعارض أي اتفاق يتيح للسعودية تخصيب اليورانيوم بشكل مستقل".
وأردف الموقع: هنا يدور نقاش أساسي حول تفسير مصطلح "الجدار الحديدي" الذي صاغه القيادي في الحركة الصهيونية جابوتينسكي.
ويقود المعسكر ضد نتنياهو في هذا الشأن، وزير القضاء السابق، دان ميريدور، الذي أعاد صياغة مفهوم الأمن الإسرائيلي في عام 2006.
وحسب جابوتينسكي، فإن "إسرائيل يجب أن تبني نفسها كقوة إقليمية محاطة -مجازيا بالطبع- بجدار حديدي، تتحطم عليه كل موجات المقاومة العربية، وعندها فقط سيعترف العرب بالأمر الواقع".
وقبل مئة عام بالضبط، قال جابوتينسكي: عندما تفقد الجماعات المتطرفة سحرها، ويخبو شعارها "لا لإسرائيل أبد الدهر"، وينتقل النفوذ إلى الجماعات المعتدلة، فقط في تلك اللحظة سيأتي إلينا أعضاء هذه الجماعات بمقترحات تنازلات متبادلة.
الجدار الحديدي
ويدعي "ميريدور" أن إسرائيل محصنة بهذا "الجدار الحديدي" منذ عدة سنوات، وبالتالي يمكنها التفاوض مع الفلسطينيين، لكن نتنياهو يعتقد العكس تماما، حيث يستمر في الالتفاف حول اتفاقيات أوسلو للسلام 1993 الموقعة مع السلطة الفلسطينية.
وشدد على أن "سياسة نتنياهو هي دفع القضية الفلسطينية إلى ذيل القائمة، وجعلها بلا أهمية، والنأي بنفسه عن فكرة الدولتين".
وأضاف: "فيما يتعلق بالمفاعل النووي، هناك بالفعل قلقا كبيرا من الجانب الإسرائيلي، وهنا يجد نتنياهو نفسه على طرفي نقيض مع عقيدة بيغن وتصريحات لابيد".
أما بالنسبة للرئيس الأميركي جو بايدن، فإنه "يدرك جيدا حجم الإنجاز المتوقع بالنسبة له، إذ يريد خوض الانتخابات، وفي جعبته اتفاقية تطبيع موقعة بين إسرائيل والسعودية بوساطته".
وأشار موقع "زمان" إلى أن صفقة كهذه "سيكون لها ثقل مهم للغاية، وموازن لاتفاقيات أبراهام التي أنجزها ترامب مع الإمارات والبحرين".
وأضاف: "من ناحية السياسة الداخلية، سيقوي هذا بشكل كبير موقف الديمقراطيين في الساحة اليهودية الأميركية، وقد يهدئ وربما يسكت بعض الأصوات التقدمية داخل الحزب".
أضف إلى ذلك أن اتفاقا كهذا "قد يؤدي أيضا إلى جذب بعض الأصوات الليبرالية لبايدن، التي تقبع في منتصف الطيف السياسي".
وفيما يتعلق بنتنياهو، فإنه "سيحوز بذلك سجلا من الإنجازات، يحقق له إرثا تاريخيا، بصفته قائدا أعاد رسم خريطة القوى في منطقة الشرق الأوسط، وحقق سلاما مع أحد أكبر وأهم الدول العربية في الألفية الحالية، وعزز من مكانة إسرائيل الإقليمية".
وأردف: "الآن، ضع كل هذا أمام منصة قاض في أحد شوارع القدس ينظر في قضية ضد نتنياهو!"، في إشارة إلى أن الاتفاق سيقوي موقفه في محاكمته إلى حد بعيد.
لكن يعتمد هذا الإنجاز السياسي على عامل صغير، وهو موافقة إسرائيل على وجود قدرات نووية مدنية في السعودية، وفق الموقع.
وكشف أن "الأميركيين يفهمون بشكل جيد حساسية هذه المسألة، ويضغطون خلف الكواليس، مع تقديم ضمانات أمنية".
ومن جانبه، رأى وزير الجيش الإسرائيلي الأسبق أفيغدور ليبرمان، مطلع أغسطس/آب 2023، أن "الهدف النهائي للمملكة هو خلق توازن للردع ضد إيران، من خلال امتلاك المعرفة والقدرة على تخصيب الأسلحة النووية".
وتابع: "ولذا، يجب ألا توافق إسرائيل على هذا"، مشيرا إلى أن آخرين يتبنون نفس موقفه. وأوضح الموقع أنه "في نظر بعض الخبراء، فإن هذا سيناريو كابوس، منحدر زلق".
"وعلى الرغم من الضغط السعودي على واشنطن، فإن موقف إسرائيل حاليا يتمثل في قبول الطاقة النووية للأغراض المدنية فقط، دون إمكانية تخصيب اليورانيوم"، يقول الموقع.
وختم بالقول إنه "وإذا ما انتُهك هذا المبدأ، فإن إسرائيل -التي حاولت منع إيران بكل جهد من الدبلوماسية العدائية والتدابير العسكرية- ستكون قد فتحت الباب بنفسها أمام تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة سلاح نووي".