الأسد يعيد بناء الجيش.. لماذا تتزايد مخاوف إسرائيل من النظام السوري؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

بعد مرور أكثر من عقد من انخراط جيش النظام السوري في قمع الثورة الشعبية الداخلية، فإنه يتجه في الوقت الراهن أكثر فأكثر نحو استعادة قوته، التي فقدها خلال الحرب الدموية.

ويرى مراقبون أنه "خلال الأعوام الأخيرة، كان جيش نظام بشار الأسد يخضع لعمليات إعادة تأهيل متسارعة، بالتوازي مع إعادة إعمار البلاد".

مخاطر إستراتيجية

وقال معهد "دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي إن "جيش الأسد رغم أنه يواجه العديد من التحديات، ولا يزال بعيدا عن كونه تهديدا مباشرا لإسرائيل، إلا أن هناك مخاطر إستراتيجية محتملة يجب إدراكها".

وأفاد بأن هذه الأخطار تتمثل على المستوى التقليدي في القدرات الصاروخية، والطائرات المسيرة والدفاع الجوي.

وعلى المستوى غير التقليدي، تتمثل في القدرة على الهجوم بالأسلحة الكيماوية، وقد تكون هناك طموحات لتطوير قدرات نووية"، وفق تقرير المعهد.

وأشار إلى أن "الجيش السوري تم بناؤه على مدى سنوات عديدة، وقد كان قويا ومنظما، حيث شمل 300 ألف جندي، بالإضافة إلى ترسانة من الأسلحة التقليدية".

هذا مع التركيز على صواريخ أرض - أرض (TKK)، وصواريخ أرض - جو (TKA)، والصواريخ المضادة للدبابات (ANTs)، والطائرات بدون طيار (UAVs)، وأنظمة الدفاع الجوي، حسب التقرير.

وأردف أنه "بالإضافة إلى ذلك، تضمنت ترسانته سلاحا غير تقليدي، وهو السلاح الكيماوي، حتى أن سوريا تحولت إلى تطوير قدراتها النووية، وشيدت مفاعلا نوويا في دير الزور، دُمر عام 2007، بضربة جوية إسرائيلية".

وتابع أنه خلال الثورة، "أعاد النظام السوري ترتيب أهدافه وأولوياته، وتحركت وزارة الدفاع للتركيز على الاقتتال الداخلي".

وعلى ذلك، فإنه بدلا من أن يكون مسلحا بمدافع متطورة مضادة للطائرات، احتاج الجيش إلى أسلحة خفيفة، أي بنادق بسيطة وقذائف هاون"، حسب المعهد.

ونوه إلى أن جيش الأسد قد ضعف "بسبب انخفاض القوة البشرية نتيجة الانشقاقات، ومقتل الجنود، والأضرار التي لحقت بنظمه العسكرية".

وأفاد بأنه "مع تراجع الحرب الأهلية، وتحديدا في الأعوام 2015-2018، طرأت تغييرات كثيرة على هيكلية الجيش السوري، بالتعاون مع روسيا وإيران". 

وأكد أن النظام السوري "يخصص الكثير من الموارد لإعادة إعمار الجيش، حيث يتخذ إجراءات لإعادة هيكلته وبناء قوته، بما في ذلك اتخاذ قرارات بتعيينات جديدة".

تحولات إيجابية

 وأوضح المعهد أن "الأسد يتخذ هذه الإجراءات على خلفية التحولات الإيجابية التي سجلت في السنوات الأخيرة لصالحه".

ويسيطر الأسد حاليا على حوالي 65 بالمئة من الأراضي السورية، كما أنه حقق تقدما على المستوى الدبلوماسي، مع عودة علاقاته بالعديد من الدول العربية.

وبلغ هذا التطور ذروته مع عودة الأسد لجامعة الدول العربية، في مايو/ أيار 2023، فيما تسعى الكثير من الدول العربية جاهدة للمساعدة في إعادة إعمار سوريا.

ووفق المعهد الإسرائيلي، فإن "المساعدات العربية ستُترجم -على الأرجح وفي المستقبل المنظور- إلى إعادة تأهيل مستمرة للجيش السوري وتقويته".

وقال إنه "في خضم الحرب الداخلية، أفاد معهد الأبحاث السوري (سيريس) بعودة دمشق إلى إنتاج الصواريخ طويلة ومتوسطة المدى والصواريخ، بنفس المعدل الذي كان موجودا قبل بدء الحرب".

وأضاف المعهد أنه "من أجل الإضرار بهذه القدرات الصاروخية وكذلك التعاون بين سوريا وإيران، جرى القضاء على عالم الصواريخ، المقرب من نظام الأسد، عزيز أسبار، في أغسطس/ آب 2018، في عملية نُسبت إلى إسرائيل".

 

وأفاد بأن "حجم الذخيرة في أيدي جيش الأسد اليوم غير معروف، لكن يمكن تقدير أن لديه مئات الأنواع من الأسلحة، مع التركيز على الصواريخ".

أما بالنسبة للطائرات المسيرة، وبصرف النظر عن قدرات الإنتاج الذاتي، فقد أُبلغ في السنوات الأخيرة عن تجهيز طائرات بدون طيار إيرانية وروسية متطورة.

وتابع التقرير أنه "خلال الحرب الداخلية، قام الجيش بتضمين قدرات استخدام الطائرات المسيرة في ساحة المعركة، مع التركيز على الطائرات بدون طيار للهجوم الدقيق".

وفي الوقت نفسه، استُخدم ما لا يقل عن ستة أنواع مختلفة من الطائرات بدون طيار الإيرانية المتقدمة لأغراض التجميع، أحدها طراز Ababil-3.

وأضاف المعهد الإسرائيلي: "في السنوات الأخيرة، من الممكن ملاحظة أن هناك جرأة متزايدة في استخدام هذه المعدات العسكرية ضد إسرائيل".

وتابع: "هناك العديد من حوادث تسلل الطائرات المسيرة السورية إلى الأراضي الإسرائيلية خلال الثورة الشعبية، رغم أنه لا يمكن تحديد إذا كان ذلك متعمدا أم لا".

هذا بالإضافة إلى أن "طائرة بدون طيار إيرانية أُطلقت من سوريا في أبريل/ نيسان 2023، كانت على ما يبدو ردا على الغارات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل".

ووفق التقرير، فإنه "رغم الاشتباه في أن إطلاق الطائرة كان بقيادة إيران، إلا أن الشكوك تتزايد في أن النظام السوري سمح بهذا الإطلاق كعمل انتقامي".

وذكر أن "سوريا لا تزال تمتلك أسلحة كيماوية، بل إن برنامجها للأسلحة الكيماوية لا يزال ساريا".

تحديات التحديث

وقال المعهد إن "التحدي أمام إعادة بناء الجيش، وكذلك إعادة إعمار سوريا بشكل عام، هو الوضع الاقتصادي في سوريا".

وأضاف أن "الاقتصاد وصل إلى أدنى مستوياته، كما أنه يواجه تضخما مرتفعا، وأزمة في النقد الأجنبي، ونقصا حادا في الوقود.

وبالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية، "يواجه جيش النظام نقصا في القوى العاملة، حيث إن القوات الموجودة -وبعضها من المتمردين السابقين الملحقين بالجيش- تمثل تحديا من حيث الولاء، والتدريب العملياتي، والفعالية القتالية"، وفق المعهد.

وتابع: "لكن من الواضح أن النظام -بالتعاون مع روسيا وإيران- يتخذ خطوات كثيرة لإعادة الجيش إلى قدراته العملياتية، ومن أهمها تجنيد الجنود وتدريبهم، والتعيينات في المناصب العليا".

وقدم المعهد بعض التوصيات إلى القيادة الإسرائيلية، قائلا: "يجب على النظام الأمني الإسرائيلي ​​وبالتعاون مع المستوى السياسي تحديد الخطوط الحمراء، على أن يكون معظمها سري تختص به الأجهزة الإسرائيلية، وبعضها علني".

وشدد على أن "وضع خطوط حمراء واضحة سيساعد الأجهزة الأمنية ​​على صياغة خطة عمل منهجية، لمنع تحويل سوريا إلى تهديد إستراتيجي، فضلا عن خلق الوضوح في مواجهة نظام الأسد".

وفي الوقت نفسه، "يمكن لإسرائيل استخدام علاقاتها مع الدول العربية، والاستفادة من عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، من أجل تعزيز إعادة تأهيل سوريا في الجانب المدني، على حساب إعادة تأهيلها العسكري"، حسب التقرير.

وفي هذا الإطار، أكد المعهد أنه "يجب على إسرائيل أن تعزز تعاونها الاستخباراتي والعملياتي مع الدول التي طبعت معها قديما، والدول التي طبعت معها خلال السنوات الأخيرة، وصياغة خطط مشتركة معها، ردا على التحديات المتعلقة بسوريا".