أغضبت بكين.. لماذا صوتت واشنطن على نزع صفة الدولة النامية من الصين؟

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة صينية الضوء على جهود الولايات المتحدة لنزع صفة "الدولة النامية" من الصين، مؤكدة أن الدافع وراء ذلك هو القلق الأميركي من صعود بكين.

وقالت صحيفة "جوانغمينغ ديلي" إنه في 8 يونيو/حزيران 2023، صوتت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي على تمرير ما يسمى بـ"قانون إنهاء وضع الصين كدولة نامية".

وأضافت أن "هذا القانون ذا النوايا الخبيثة، يزعم أن الصين لم تعد تتمتع بوضع دولة نامية، ويُدرج بشكل مُتعمّد مواد تهدف إلى تخريب بيئة التجارة الدولية لبكين".

وتابعت الصحيفة الصينية أن "هذا القانون يعكس القلق الذي يبديه بعض المسؤولين الأميركيين إزاء النمو المستمر والتقدم الاقتصادي للصين".

وبينت أن المسؤولين الأميركيين يتخوفون من أن تفقد الولايات المتحدة مكانتها كزعيم مُطلَق للاقتصاد العالمي.

وقالت "جوانغمينغ ديلي": "في السنوات الأخيرة، نظرت الولايات المتحدة بشكل متزايد إلى الصين بصفتها منافسها الرئيس في المجال الاقتصادي والتجاري".

إذ أقامت بشكل تعسفي حواجز تجارية، وجعلت من الملفات الاقتصادية والتجارية قضايا سياسية وأدوات للاستخدام السياسي.

وأكدت الصحيفة أن "هذا القانون يهدف إلى جعل الاقتصاد الصيني يعمل في ظروف أسوأ، وإلى عرقلة التقدم الاقتصادي للصين".

إعاقة تقدم الصين

وأشارت إلى أنه "إذا صدق الرئيس الأميركي جو بايدن، على هذا القانون، فإن الجانب الأميركي سيتمكن -بسهولة أكبر- من استخدامه لإعاقة العلاقات الاقتصادية والتجارية الطبيعية بين الصين والولايات المتحدة، وفقا للمصالح الأميركية".

وأردفت: "في المستقبل، قد يتسع نطاق الخلافات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة نتيجة لهذا القانون، ومن المرجح أن يقل التعاون الاقتصادي بينهما".

وتابعت: "قد تظل العلاقات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة، على المدى البعيد، عند مستوى منخفض جدا".

وأوضحت الصحيفة الصينية أن التحدي الذي يفرضه الجانب الأميركي في مسألة "تصنيف الصين كدولة نامية" يُعد انعكاسا لرغبته في زيادة تكاليف التقدم الاقتصادي على بكين.

وأضافت أن "الولايات المتحدة تهدف للحفاظ على موقف اقتصادي وتجاري شديد الضغط على الصين، وذلك لضمان أن يكون لدى واشنطن وسائل كافية للإكراه الاقتصادي والتجاري؛ لتحقيق هدفها الإستراتيجي المتمثل في عرقلة صعود بكين بشكل مباشر وفعال".

وأشارت إلى أنه "في السنوات الأخيرة، ألقت واشنطن باللوم على الصين في سلسلة من الصعوبات الاقتصادية التي واجهتها، والتي يصعب حلها على المدى القصير، مثل ارتفاع كل من معدلات التضخم وأسعار الفائدة ومعدلات البطالة".

لعبة إستراتيجية

وترى صحيفة "جوانغمينغ ديلي" أن "بعض السياسيين الأميركيين يفتقرون إلى النية أو القدرة على حل هذه المشكلات الاقتصادية الداخلية، لذلك يتبنون مواقف استفزازية، ويتعمدون التركيز على عروض سياسية مُرضية للجمهور، تحقق نتائج سريعة".

وهذا هو السبب وراء ترويج بعض أعضاء الكونغرس لقضية "تصنيف الصين كدولة نامية"، حسب الصحيفة.

وقالت: "يبقى أن نرى ما إذا كان الرئيس بايدن سيصادق في النهاية على القانون، لكن على الرغم من ذلك فإن الجانب الأميركي سيستخدم بالتأكيد المشروع -الذي أقره مجلسا الشيوخ والنواب- كورقة مساومة مهمة مع بكين".

وتعتقد الصحيفة أن "إقرار غرفتي الكونغرس لمشروع القانون يُعد جزءا من اللعبة الإستراتيجية للولايات المتحدة، حيث يعمل الجانب الأميركي على استنفاد أوراق الدبلوماسية الصينية من خلال استمرار تضخيم هذه المسألة".

ورأت أن "أصل المنافسة بين القوى العظمى يمكن في الجغرافيا السياسية، التي تتأثر بالاقتصاد، وهو ما ينعكس عند مقارنة القوة الاقتصادية بين الدول".

وأضافت أن "هذا هو المنطق الكامن وراء تطور المشهد السياسي والاقتصادي الدولي، ففي الوقت الحاضر، لم تصبح بكين تاجرا رئيسا للسلع فحسب، بل إنها تزيد من قوتها الاقتصادية عاما بعد عام، وهذه هي الحقيقة التي لا تريد واشنطن تقبلها".

إعادة تشكيل

ويعتقد المسؤولون الكبار في الولايات المتحدة أن الصين هي اللاعب الوحيد القادر على إعادة تشكيل نمط العلاقات السياسية والاقتصادية العالمية، بل ربما تكون التهديد الجيوسياسي والاقتصادي الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، وفق الصحيفة.

وأشارت إلى أن "الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، اعتمد سياسة تتمثل في التصعيد السريع والشديد، واتخاذ إجراءات أحادية الجانب ضد الصين".

"لكن على العكس من ذلك، فقد أدركت إدارة بايدن تدريجيا أنها لا يمكن أن تحقق هدف إعادة بناء العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين من خلال سياسة الضغط الأحادي".

"وبالتالي، عدّلت الإستراتيجية نحو سياسة شاملة لاحتواء الصين على المستوى الدولي"، حسب الصحيفة الصينية.

فمن جهة، "تستمر الإدارة الأميركية في استخدام أدوات اقتصادية قوية، لاحتواء الصين اقتصاديا وقمعها سياسيا فضلا عن تدمير البيئة التجارية الدولية المواتية للبلاد خطوة بخطوة".

وتتابع: "من جهة أخرى، تواصل واشنطن تصعيد الحروب التجارية والتكنولوجية ضد بكين".

"كما أنها تعتزم تنفيذ سياسات دقيقة للتخلي عن الارتباط التكنولوجي مع الصين في المجالات الاستثمارية والتكنولوجية، بهدف بناء نمط جديد من العلاقات التجارية بين البلدين"، وفق تقديرها.

وأضافت الصحيفة الصينية: "عندما ننظر إلى سياسات الإدارتين الأميركيتين (الحالية والسابقة) لتضييق الخناق على الاقتصاد الصيني، يظهر أن واشنطن تتخلى تدريجيا عن السياسات السابقة التي كانت تعتمد على التعاون الاقتصادي بين البلدين".

وفي هذا السياق، يعد "القانون" مثالا حيا على اهتمام السياسيين الأميركيين بإلحاق الضرر بالاقتصاد الصيني، عبر توظيف أدوات الضغط الاقتصادي.

الصين كدولة نامية

وأشارت الصحيفة إلى أنه "كدولة نامية ذات نمو اقتصادي سريع، حققت الصين قفزة ناجحة من دولة منخفضة إلى أخرى متوسطة الدخل بعد سنوات من الانفتاح، مع توقعات أن تصبح دولة مرتفعة الدخل في المستقبل".

"ومع ذلك، فإنه وفقا لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الذي يحدده مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، ومستوى البنية التحتية الاجتماعية، ونظام الخدمة الوطني ومعايير التقييم الأخرى، لا تزال الصين دولة نامية نموذجية".

وأوضحت الصحيفة: "تنوي الولايات المتحدة حرمان الصين من وضعها الأصلي كدولة نامية، لتضعها في منافسة مع العديد من الدول الأوروبية المتقدمة في نفس بيئة التجارة الدولية، وهو أمر غير عادل بتاتا".

وتعتقد أن "الخطوة الأميركية لن تؤدي إلا إلى زيادة صعوبة حل النزاع التجاري بين البلدين، وإضافة مشكلات جديدة لا يمكن السيطرة عليها، إلى ساحة العلاقات الاقتصادية المعقدة والمتقلبة بالفعل".

وأردفت أن "تعمد الولايات المتحدة تعطيل بيئة التجارة الدولية للصين، والإضرار بالمصالح المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري العالمي، لن يؤدي إلا إلى إعاقة عملية تعافي الاقتصاد على مستوى العالم".

"ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يوقف "مشروع القانون" الأميركي خطوات الصين الحاسمة للتحول لقوة تجارية عظمى"، وفق صحيفة "جوانغمينغ ديلي" الصينية.