صفقة ضخمة.. كيف تؤثر المسيرات التركية على القدرات العسكرية السعودية؟
تحدثت وكالة الأناضول التركية عن أهمية اتفاقيات الدفاع الموقعة بين تركيا والمملكة العربية السعودية، على هامش جولة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى منطقة الخليج التي شملت السعودية وقطر والإمارات.
ووقعت السعودية عقدين مع تركيا، لشراء طائرات مسيرة، بالإضافة إلى خطة تنفيذية للتعاون الدفاعي بين البلدين.
وأعلن وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان توقيع العقدين، في تغريدة نشرها في 18 يوليو/تموز 2023 غداة بدء أردوغان زيارة للمملكة، التقى خلالها ولي العهد محمد بن سلمان، ضمن جولة خليجية شملت أيضا قطر والإمارات.
وقال الوزير في تغريدته: "بتمكين ودعم ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، سعدت اليوم بتوقيع الخطة التنفيذية للتعاون الدفاعي مع وزير الدفاع الوطني في تركيا يشار غولر".
وأضاف أن تلك الخطة "تأتي تتويجاً لمسار التعاون بين البلدين الصديقين في المجال الدفاعي والعسكري".
وقال الوزير: "كما جرى التوقيع على عقدَي استحواذ بين وزارة الدفاع وشركة (بايكار) التركية للصناعات الدفاعية، تستحوذ بموجبهما وزارة الدفاع على طائرات مسيَّرة، بهدف رفع جاهزية القوات المسلحة، وتعزيز قدرات المملكة الدفاعية والتصنيعية".
بتمكين ودعم سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-؛ سُعدت اليوم، بتوقيع الخطة التنفيذية للتعاون الدفاعي مع معالي وزير الدفاع الوطني في جمهورية تركيا السيد ياشار غولر، والتي تأتي تتويجًا لمسار التعاون بين البلدين الصديقين في المجال الدفاعي والعسكري. pic.twitter.com/RRSnuk6Mvu
— Khalid bin Salman خالد بن سلمان (@kbsalsaud) July 18, 2023
وتحدثت الأناضول في مقال للباحث التركي "جان كاساب أوغلو" عن نجاح بايكار المتسارع في العالم ومدى تأثير هذا الوضع على دول مثل الصين والولايات المتحدة الأميركية.
لاعب جيوسياسي
وقال الكاتب: "أصبحت شركة بايكار جهة فاعلة تنتج نتائج جيوسياسية من خلال بيع أنظمة طائرات أكنجي (تيها) الإستراتيجية المسلحة بدون طيار إلى المملكة العربية السعودية".
وسيؤدي هذا أيضا إلى زيادة وزن تركيا في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لأن الاتفاق سيكون له تأثير على التوازن العسكري الإيراني السعودي على نطاق واسع، من تقوية قدرات الرياض.
هذا بالإضافة إلى تعزيز قدرات تركيا في مواجهة الصين وذلك بزيادة فعالية مبيعات الأسلحة في الشرق الأوسط، وفق تقدير الكاتب.
وأضاف: دعونا نوضح سبب كون التقديرات السياسية والعسكرية على هذا النحو باستخدام بيانات ملموسة.
وأردف: "ينتج عن صادرات الدفاع درجات متفاوتة من النتائج الجيوسياسية، ترتبط بالظروف الدورية بقدر ما ترتبط بالفعالية القتالية لأنظمة الأسلحة".
وذكر أمثلة على ذلك مثل صواريخ "هاربون" المضادة للسفن التي ستزودها الولايات المتحدة الأميركية للدفاع عن تايوان ضد البحرية الصينية.
وكذلك أنظمة قاذفات الصواريخ متعددة الفوهات بنظام الصواريخ المدفعية عالية الحركة "هيمارز إم -14" الممنوحة للقوات المسلحة الأوكرانية لمقاومة الهجوم الروسي.
وقد جاءت اتفاقية الطائرات بدون طيار التي وقعتها بايكار مع السعودية على جدول الأعمال مع البعد الاقتصادي الدفاعي.
ومن المرجح أن تكون هذه الصفقة واحدة من أكبر مبيعات البند الواحد التي تنفذها صناعة الدفاع التركية، بحسب الكاتب.
وكان المدير العام لشركة بايكار خلوق بيرقدار قال إن "الاتفاقية الموقعة مع السعودية أكبر صفقة تصدير في مجال الدفاع والطيران بتاريخ الجمهورية التركية".
Suudi Arabistan Savunma Bakanlığı (@modgovksa) ile Bayraktar #AKINCI TİHA ihracatı ve iş birliği sözleşmesi imzaladık.
— Haluk Bayraktar (@haluk) July 18, 2023
Türkiye Cumhuriyeti tarihinin en büyük savunma ve havacılık ihracatı sözleşmesi hayırlı ve uğurlu olsun. ��������#MilliTeknolojiHamlesi ������ https://t.co/Y3JwhZV826 pic.twitter.com/iCfehdIHs6
ومن ناحية أخرى، فإنَّ هناك بعض الأسئلة التي نحتاج إلى طرحها خارج موضوع اقتصاديات الدفاع، وهي كالتالي:
أولاً، لماذا احتاجت السعودية إلى أكنجي؟ وما علاقة بيع هذه الطائرات إلى المملكة بسياسة الصين في الشرق الأوسط وصراعها العالمي على السلطة مع الولايات المتحدة؟
زيادة القدرات
وذكر أن أهم ميزة في أكنجي من حيث الواقع العسكري للمملكة العربية السعودية هي تكوين نظام الأسلحة سريع التطور.
فبفضل قدرتها القتالية العالية وارتفاعها التشغيلي البالغ 45 ألف قدم وشهادات الذخيرة، أصبحت أكنجي نوعاً من منصات حاملات أنظمة الأسلحة الإستراتيجية التي تطير على ارتفاعات عالية ولديها أجهزة كمبيوتر مهمة متطورة.
وتابع: دعونا نلقي نظرة فاحصة على تكوين نظام الأسلحة المذكور أعلاه. فمع صاروخ تي أر 230، الذي كان من بين شهادات براءة الاختراع لأكنجي في الأشهر الأخيرة، اكتسبت الطائرة بدون طيار قدرة الصواريخ الباليستية.
إذ تعمل الصواريخ الجوية على تعقيد عمل أنظمة الدفاع بزوايا اقترابها الحاد من الهدف وقدراتها الهجومية بسرعات عالية. بالإضافة إلى ذلك، فإن للرؤوس الحربية أيضا تأثيرا مدمرا للغاية.
وتشمل تكوينات نظام الأسلحة البارزة الأخرى ودراسات شهادات براءة الاختراع التي أجراها نظام أكنجي صاروخ "سوم كروز".
وهو صاروخ كروز طويل المدى جو- جو يعمل بالطاقة النفاثة، قادر على ضرب الأهداف بدقة كبيرة دون الدخول في النطاق الفعال لأنظمة الدفاع الجوي ولديه قدرة هجومية فعالة ضد الأهداف السطحية الثابتة والمتحركة، وفق الكاتب.
وأضاف: "أما صواريخ كروز وطائرات الكاميكازي بدون طيار لها خصائص مختلفة تماماً عن الصواريخ الباليستية الهوائية".
وهي مصممة للاقتراب من أهدافها بسرعات أقل ولكن على ارتفاعات أقل بكثير وبمناورات معقدة، مع الاستفادة من منحنيات التضاريس عند الضرورة. فهذه الصواريخ تهدف إلى استغلال الثغرات ونقاط الضعف النظامية في شبكات رادار العدو.
ولا يجب أن ننسى أن صاروخ كيمانكيش يمتلك عنصرا استخباراتيا وقدرات استشعارية قبل مهمة الهجوم بإقامته لمدة ساعة واحدة في الهواء، حيث يهدف إلى استغلال الثغرات ونقاط الضعف النظامية في شبكات رادار العدو. وأردف الكاتب: كل نظام من أنظمة السلاح له معنىً في التصميم التشغيلي.
وواصل القول: "تخيل أنه في بيئة تشغيلية افتراضية، يهاجم عدد كبير من المغيرين أهدافا قيمة على عمق العدو باستخدام صاروخ آر جي-230 الجوي وصواريخ سوم كروز وصواريخ شاكر ميني كروز وذخيرة كيمانكيش المتنقلة".
في مثل هذا الهجوم، ستتقدم كل ذخيرة بزوايا وسرعات مختلفة جداً إلى الهدف بخصائص طيران مختلفة، وستكون المنصات آلية بالكامل، وهذا الأمر سيكون مدمراً للغاية، وفق تعبيره.
حجم التهديد
وطرح الكاتب سؤالا عن طبيعة التهديدات التي تواجهها المملكة العربية السعودية بعد توقيع هذه الاتفاقية؟
وقال: "من الضروري النظر في هجوم أرامكو عام 2019، والتهديد الصاروخي والطائرات بدون طيار التي واجهتها السعودية أثناء تدخلها في اليمن".
ولفت إلى أنَّ برامج الصواريخ والأنظمة غير المأهولة الإيرانية خصوصاً تشكِّل تهديداً كبيراً على المملكة.
فقد غيرت إيران وحلفاؤها مخططاتهم ليجري استخدام الذخائر المتحركة في نفس حزم الهجوم مثل الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز.
وعندما تتحد الصواريخ والحرب الروبوتية، فإن النتيجة هي معادلة تتفوق فيها القدرة الهجومية على أنظمة الدفاع القائمة على التأثير.
لدرجة أنه حتى عدد صغير من أنظمة الأسلحة يمكن أن يتجاوز أنظمة الدفاع الجوي، والتي يمكن أن تخلق تأثيرات مضرة، وفق قوله.
ولفت إلى أن النظر إلى العواقب السياسية والاقتصادية لهجمات أرامكو سيكون كافياً لفهم القضية.
ومن خلال تشكيلات نظام الأسلحة الإستراتيجية، ستلعب "أكنجي" دورا رئيسا في القدرة التشغيلية للرياض على مكافحة الهجوم.
لذلك، فإن نجاح "بايكار" سيمنح حلول الصواريخ التركية أيضاً ميزة في سوق الخليج المربح للغاية، وفق تقدير الكاتب التركي.
الصين وأميركا
وعلق الكاتب التركي: يعرف الخبراء العسكريون السعوديون أنهم لا يستطيعون الرد على تهديد الحرب الصاروخية و الروبوتية الإقليمية من خلال عمليات الشراء الجوية والصاروخية باهظة الثمن وحدها.
لهذا السبب، تمتلك المملكة العربية السعودية برنامجاً للصواريخ الباليستية وتنفذ عمليات كثيرة من شراء الطائرات بدون طيار.
وأردف: "بالطبع، هناك هدف آخر لبرنامج الصواريخ الباليستية وهو أن يكون بمثابة نقلة نوعية بالنسبة لخطط المملكة في تطوير القدرات النووية في حال حصول سيناريو امتلاك إيران لأسلحة نووية.
من جهةٍ أخرى، يضيف: "دعونا نترك قضية الحرب النووية جانباً وننظر إلى مصدر مشتريات المملكة العربية السعودية من الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار والبلد الذي نواجهه هنا هو الصين".
وبين أن "صناعة الدفاع الأميركية، مورد الأسلحة التقليدي للسعودية، لا يمكنها تصدير أنظمة الأسلحة ذات الصلة إلى الرياض بسبب تفضيلات واشنطن السياسية".
وختم الكاتب التركي مقاله قائلا: مع بيع أكنجي إلى المملكة، جعلت شركة "بايكار" تركيا دولة في الناتو يمكنها التنافس مع الصين في قطاع أنظمة الحرب الجوية بدون طيار في السوق الخليجية العربية، والتي تعد واحدة من أهم أسواق الأسلحة في العالم، بحسب تقديره.
بالإضافة إلى ذلك، ستصبح الطائرة بدون طيار "أكنجي" لدى المملكة لاعبا مهما في التوازن العسكري بين إيران والسعودية.
وتُعد كل هذه التطورات ملفات رفيعة المستوى من حيث الوزن الجيوسياسي، يخلص الكاتب.