بعد فترة هدوء وتعاون.. هل ينتهي التحالف بين إيران وروسيا حول الشرق الأوسط؟
سلط موقع إيراني، الضوء على الخلافات التي بدأت تبرز بين طهران وموسكو خاصة بعد دعم روسيا للموقف الخليجي بشأن الجزر الثلاث المتنازع عليها مع الإمارات في مياه الخليج، وهي جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى.
وقال موقع "خبر فوري" إنه "رغم عضوية إيران الرسمية في منظمة شنغهاي للتعاون ودعمها لموسكو، أكدت وزارة الخارجية الروسية رواية الإمارات بشأن الجزر الثلاث قرب مضيق هرمز، في البيان الذي صدر عن الحوار الإستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي وروسيا، في 10 یولیو/تموز 2023".
وفي ردها على البيان، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، في خطوة دبلوماسية روتينية، السفير الروسي للاحتجاج على نهج موسكو في تحدي ملكية إيران للجزر الثلاث، وطلبت طهران من روسيا تصحيح موقفها في هذا الشأن.
ثم التقى سفير إيران لدى موسكو بممثل الرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط، نائب وزير الخارجية في موسكو، ميخائيل بوغدانوف، للبحث في هذا الأمر، ولكن روسيا ظلت على موقفها، واستخدمت كلمة "الخليج" بدلا من كلمة "الخليج الفارسي" في مكاتباتها الدبلوماسية.
ورقة مساومة
ووفقا لتقرير موقع "خبر فوري"، فإن "سلوك روسيا يكشف عن ضعف علاقاتها مع الغرب وإيران والدول العربية، بدلا من أن يُظهِر قوتها".
وتساءل التقرير عن سبب استخدام روسيا كلمة "الخليج" بدلا من "الخليج الفارسي"، وتشكيكها في ملكية إيران للجزر الثلاث الواقعة قرب مضيق هرمز.
ويرى الموقع أنه "يجب العثور على جذور الإجابة في الاتفاق غير المكتوب بين طهران وواشنطن لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)".
وأفاد بأن "روسيا فشلت لحد الآن في تحقيق أهدافها في أوكرانيا، ولم تتمكن من وقف توسع الناتو، حيث حظيت السويد بالدعم لنيل عضوية الناتو، وأعلنت تركيا دعمها لعضوية أوكرانيا أيضا، ولاتزال كييف تتمتع بالدعم الكامل من الغرب، ولا يوجد احتمال فوري لتقديم تنازلات لموسكو من أجل السلام".
وبينما تواصل إيران دعم روسيا على جميع المستويات، العسكرية والسياسية والدبلوماسية، "تخشى موسكو أن تستخدم طهران هذا الدعم كورقة مساومة في المفاوضات لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة مع الولايات المتحدة وأوروبا"، يقول الموقع.
وتابع: "يبدو أن اتفاقية جديدة غير رسمية وغير مكتوبة بين الولايات المتحدة وإيران قد بدأ تنفيذها، وهو ما يثير مخاوف روسيا".
وكانت إيران قد تعهدت بتوسيع تعاونها مع المفتشين النوويين الدوليين، والامتناع عن بيع صواريخ باليستية لروسيا، والامتناع عن مهاجمة المقاولين الأميركيين في سوريا والعراق.
وكانت ردود فعل المسؤولين الإيرانيين على تحدي روسيا لملكية طهران للجزر الثلاث "أكثر حدة" من رد فعل طهران المماثل على موقف الحكومة الصينية في هذا الصدد.
ويُظهر هذا النهج أن طهران تعد حاليا موقف روسيا "ضعيفا وهشا"، وتشعر أن روسيا لا تستطيع استخدام التوتر الإيراني العربي كورقة ضغط ضد طهران، لأن موسكو ليس لديها نفوذ دبلوماسي وسياسي واقتصادي كافٍ، وفق الموقع.
وأعلن القيادي في الحرس الثوري الإيراني، محسن رضائي، أن "علاقات إيران مع روسيا ليست بسبب ضعف طهران، وأن على موسكو تصحيح موقفها".
كما عد مستشار القائد الأعلى للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، موقف روسيا "ساذجا".
ومما يثير الدهشة أن السياسيين الأصوليين مثل محمد جواد لاريجاني، ومحمد باقر قاليباف، ألقوا باللوم على روسيا، واتهموها بـ"الانتهازية"، وقالوا إنها "تلعب في الملعب الأميركي"، و"تساعد الغرب في زعزعة استقرار الخليج الفارسي"، بحسب ما أفاد موقع "خبر فوري".
وقال إن "التكاليف السياسية والدبلوماسية الباهظة لدعم إيران لروسيا قد تجعل طهران تعيد النظر في سياستها".
فقدان القوة
وينقل الموقع عن مصدر مطلع في طهران أن "إيران تخطط لإعادة النظر في موقفها من الحرب في أوكرانيا، بعد أن تأكد لها أن روسيا فقدت قوتها وقدرتها على لعب دور أساسي في المعادلات الاقتصادية والأمنية الدولية والثنائية".
واسترسل: "ففي الوقت الذي فشل فيه اعتماد روسيا المفرط على التهديدات والأعمال العسكرية في تحقيق النتائج المرجوة، استمر توسع الناتو، حيث فتحت المزيد من الجمهوريات في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى أبوابها أمام نفوذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، واستسلمت للضغط الغربي على روسيا".
ونتيجة لذلك، قد يعرض الدعم الإيراني غير المحدود لروسيا المصالح الحيوية لإيران للخطر، وقد يزيد أيضا من احتمال وجود مؤامرات قانونية وسياسية وأمنية وعسكرية غير متوقعة من قبل الغرب ضد طهران.
وقال الموقع إن "المثير للاهتمام أن نلاحظ أن القائد الأعلى للثورة في إيران علي خامنئي قد أشار في خطابه إلى أن شعب أوكرانيا لا حول له ولا قوة، وأنهم لا يعدون أداء روسيا ونتائج الحرب في أوكرانيا إيجابية".
بالإضافة إلى ذلك، أدى وقف التصعيد وتطبيع علاقات إيران مع الدول العربية في الخليج، والذي تم بوساطة الصين، إلى "فشل دبلوماسي لروسيا".
وبحسب نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، شهريار حيدري، فإن روسيا غير راضية عن تطبيع العلاقات الدبلوماسية الإيرانية مع الدول العربية في المنطقة.
وفسر حيدري ذلك بقوله: "فيما يتعلق بتقليص دور الغرب في المنطقة، فإن روسيا المتورطة في الحرب مع أوكرانيا تحاول تعزيز مشاركتها، لذلك تسعى إلى تعزيز دورها في المنطقة من خلال إضعاف روابطنا الإقليمية".
وتابع: "لم تعد روسيا تلعب دورا مهما في محادثات إيران النووية غير المباشرة مع أميركا والدول الأوروبية، وصارت الصين تهيمن على عملية خفض التوتر بين إيران والدول العربية".
لكن الموقع يرى أنه "رغم ذلك تعد الدول العربية موسكو مصدرا مهما للتأثير على سلوك إيران الإقليمي، كما أن الثقل الدبلوماسي والسياسي لروسيا يمكن أن يمنع طهران من بدء تصعيد جديد للتوتر في المنطقة".
وقبل مناقشة موضوع الجزر المتنازع عليها بين إيران والإمارات، ركز البيان المشترك لمجلس التعاون الخليجي وروسيا على "الحفاظ على الأمن البحري والممرات المائية في المنطقة، بالإضافة إلى التهديدات لخطوط الشحن والتجارة الدولية والمنشآت النفطية".
ولفت الموقع إلى أن "المفاوضات النووية إذا وصلت إلى طريق مسدود، فقد تندلع التوترات والصراعات الإقليمية مرة أخرى، مما يجعل روسيا شريكا مفيدا للعرب في السيطرة على قرارات إيران وسلوكياتها الأمنية الإقليمية، ويسمح هذا السيناريو لموسكو بدور انتهازي في المناورات السياسية والدبلوماسية".
وأفاد بأنه "رغم ترحيب موسكو بتطبيع العلاقات بين إيران وبعض الدول العربية، إلا أن ظهور الخلافات الإقليمية يخدم المصالح الأمنية والاقتصادية لموسكو".
وختم الموقع بالقول إن "طهران ترى أنه لو كانت روسيا تقبل بحق تطبيع إيران والعرب، ولم تكن لديها رغبة في استغلال الفجوة في العلاقات مع الإمارات لمصالحها الاقتصادية أو السياسية أحادية الجانب، لامتنعت عن اقتراح ذكر الجزر الثلاث في البيان متعدد الأطراف، ولكنها فضلت بدلا من ذلك استخدام هذه القضية كأداة ضغط".