في حال شنت الصين حربا لضم تايوان.. هل ستقاتل اليابان إلى جوار أميركا؟
استعرضت صحيفة أميركية موقف اليابان من الدفاع عن تايوان، إذا ما شنت الصين حربا على الجزيرة، التي تتعهد الولايات المتحدة بحمايتها.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن "المسؤولين العسكريين في الولايات المتحدة واليابان يعملون على وضع خطة، منذ أكثر من عام، للتعامل مع أي صراع عسكري حول تايوان".
وأشارت إلى أن "المحادثات لم تجب بعد على السؤال المركزي بخصوص انضمام اليابان إلى القتال في حال اندلاعه".
رفض شعبي
وقال أشخاص مطلعون على المحادثات الأميركية-اليابانية، إن "واشنطن حثت طوكيو على النظر في أدوار قد يضطلع بها الجيش الياباني، كاستهداف الغواصات الصينية حول تايوان، لكن لم تنَل الولايات المتحدة أي تعهدات بعد من اليابان بهذا الخصوص".
وشددت "وول ستريت جورنال" على أن "التخطيط هو أحد أهم جوانب رد الولايات المتحدة على التهديدات التي تطلقها بكين بالاستيلاء على تايوان بالقوة".
وأوضحت أن "اليابان تقع في أقرب نقطة لها على بعد 70 ميلا فقط من تايوان -الجزيرة التي تتمتع بالحكم الديمقراطي الذاتي- كما تستضيف اليابان حوالي 54 ألف جندي أميركي، يتمركزون في جزيرة أوكيناوا جنوب البلاد".
وأشارت إلى أنه "إذا تحركت الصين للاستيلاء على تايوان وتدخلت الولايات المتحدة -كما يتعهد الرئيس الأميركي، جو بايدن- فمن المحتمل أن يأتي الرد الأول من تلك القواعد الأميركية".
"وبموجب اتفاقية يعود تاريخها إلى الستينيات، ستحتاج الولايات المتحدة إلى موافقة اليابان أولا، وستواجه طوكيو ضغوطا لتقديم تلك الموافقة، إذ إن الرفض قد يعرض التحالف الذي يضمن أمنها للخطر"، وفق الصحيفة.
واستدركت: "لكن حَمل اليابان على الانخراط في القتال بشكل مباشر سيكون أكثر صعوبة، حيث يتجنب القادة اليابانيون علنا مناقشة أي دور لهم إذا ما شُنّت حرب على تايوان".
ويرجع ذلك جزئيا، وفق وول ستريت جورنال، إلى أن "الرأي العام الياباني يعارض بشكل عام التورط في أي صراع".
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في "جامعة كيو" اليابانية، ساتورو موري، "إنك إذا ما أجريت استطلاعا تسأل فيه مواطننا عما إذا كان لديه استعداد للمخاطرة بحياته من أجل الدفاع عن تايوان، فإن 90 بالمئة من اليابانيين في اعتقادي سيقولون لا حاليا".
ووفق الصحيفة، فإن "طوكيو تستثمر بكثافة في (صواريخ كروز) طويلة المدى، وغيرها من العتاد العسكري، كردّ على الترسانة العسكرية الصينية المتنامية، لكنها تقول إن تعزيز قواتها المسلحة مخصص للدفاع عن النفس".
وقال رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، في زيارة إلى جزيرة أوكيناوا أخيرا: "علينا أن ننفق المزيد على الردع العسكري وقدرات الرد، للحد من خطر تعرضنا لهجوم".
وقالت "وول ستريت جورنال" إن "الدستور الياباني -الذي كتبته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية- يخلو من حق استخدام القوة لتسوية النزاعات".
لكن بموجب قانون صُدِّق عليه عام 2015، في عهد رئيس الوزراء آنذاك، شينزو آبي، فإن "اليابان يمكنها الرد عسكريا إذا تعرض حليف وثيق لهجوم قرب الأراضي اليابانية، وكان بقاء هذا الحليف على المحك".
سيناريوهات القتال
وأوردت الصحيفة الأميركية ما خلُص إليه "مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية"، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، في عملية محاكاة أجراها في وقت سابق عام 2023.
وقال المركز البحثي الأميركي إن "الولايات المتحدة -بدعم من حلفائها كاليابان وأستراليا- قد تمنع على الأرجح استيلاء الصين على تايوان".
وفي معظم سيناريوهات المناورات التي أوردها المركز، فإن "اليابان ستنضم إلى الولايات المتحدة في القتال، بعد أن تهاجم الصين القواعد الأميركية على الأراضي اليابانية، وتدمر مئات الطائرات الأميركية واليابانية".
ووفق وصف "وول ستريت جورنال"، فإن ذلك سيكون بمثابة نسخة حديثة من "بيرل هاربور"، في إشارة إلى الهجوم الذي نفذته الإمبراطورية اليابانية في 7 ديسمبر/ كانون الأول 1941، على الأسطول الأميركي في ميناء بيرل هاربر بجزر هاواي.
وأرغم هذا الحدث الولايات المتحدة على دخول الحرب العالمية الثانية.
ووفق السيناريوهات الذي رسمه "مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية"، فإن "السفن والطائرات اليابانية المتبقية ستهاجم الصينيين في شمال وشرق تايوان، وستساعد في اعتراض سفن الغزو البرمائية الصينية، قبل أن تسيطر على تايوان".
وذلك لأن "الغواصات اليابانية -التي يصعب اكتشافها- ستلعب دورا حيويا في غرق السفن الصينية"، وفق المركز الأميركي.
وأكدت "وول ستريت جورنال" أن "أكثر ما يقلق طوكيو بشأن التورط في القتال هو خطر التصعيد، فعلى سبيل المثال يمكن أن تشجع الصين حليفتيها -روسيا وكوريا الشمالية- على مهاجمة اليابان، أو تهدد باستخدام الأسلحة النووية".
وشددت على أن "الولايات المتحدة تسعى لمزيد من الوضوح من اليابان، حيث يحاول الجانبان تطوير خطة تشغيلية مشتركة حول أي نزاع في تايوان".
وقال أشخاص مطلعون على المحادثات إن "الموضوعات التي يتحدث فيها الطرفان، تشمل طرق الإمداد، ومواقع إطلاق الصواريخ، وخطط إخلاء اللاجئين".
وأكد هؤلاء الأشخاص -وفق الصحيفة- على أن "اليابان مستعدة لدعم الجيش الأميركي، من خلال توفير الوقود والإمدادات الأخرى".
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن متحدث باسم البنتاغون قوله إن "الولايات المتحدة واليابان تشتركان في الالتزام بالسلام في مضيق تايوان".
وأكد المتحدث أن بلاده "ترحب باهتمام اليابان بتوسيع أدوارها ومهامها وقدراتها، باعتبار أن هذا سيعزز قوة الردع".
تعزيز القدرات
وردا على سؤال حول التخطيط لنزاع محتمل حول تايوان، قال متحدث باسم الحكومة اليابانية إن طوكيو وواشنطن "تحتفظان بخطط دفاعية مشتركة"، لكنه امتنع عن الخوض في مزيد من التفاصيل، حسب التقرير.
وأفادت الصحيفة الأميركية بأن "الجيش الياباني المعروف باسم (قوات الدفاع الذاتي) يشغّل حاليا 50 مدمرة، و22 غواصة هجومية، بالإضافة إلى أكثر من 300 مقاتلة نفاثة".
وأواخر عام 2022، أعلنت طوكيو أنها سترفع الإنفاق العسكري بنحو 60 بالمئة خلال السنوات الخمس المقبلة، ليصل إلى 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وحسب التقرير، فإن اليابان تخطط لجعل "صواريخ توماهوك"، التي حصلت عليها من الولايات المتحدة، وصواريخ كروز بعيدة المدى الخاصة بها، جاهزة للاستخدام بعد ربيع عام 2026.
كما أنه "من المقرر أن ينمو أسطول اليابان من مقاتلات الشبح F-35 من حوالي 30 إلى 147 طائرة، ما سيجعلها الدولة التي تمتلك العدد الأكبر من هذه المقاتلات بعد الولايات المتحدة"، وفق "وول ستريت جورنال".
بدوره، قال مستشار الأمن القومي في اليابان سابقا في عهد شينزو آبي، نوبوكاتسو كانهارا: "نبني جيشنا وقواتنا البحرية والجوية، فضلا عن قدراتنا الفضائية والسيبرانية".
وأردف: "ربما في غضون خمس سنوات عندما يصبح شكلنا الجديد أكثر وضوحا، سيتعين علينا التحدث عن أدوارنا ومهامنا الجديدة في المنطقة".
وفي خطاب لحشد التمويل عام 2021، قال نائب رئيس الوزراء آنذاك، تارو آسو، إن "الحرب على تايوان قد تعرض اليابان لخطر وجودي، وهو ما يبرر مساعدة اليابان في الدفاع عن الجزيرة".
ومع ذلك، أشار الأستاذ بجامعة كيو، موري إلى أن "غياب المناقشات العامة الجادة في اليابان، بشأن سبب دعمها للدفاع عن تايوان، قد يؤدي إلى حدوث فوضى سياسية في حالة وقوع أسوأ السيناريوهات".
وأشار إلى أن "الحكومة اليابانية ستواجه صعوبات في إدارة تحالفها مع الولايات المتحدة، ومعالجة قلق الجمهور، إذا لم يكن لديها موقف واضح".
ووفق التقرير، فإن "رئيس الوزراء الياباني يشعر بالحساسية من أن يقال عنه إنه يتبع فقط توجيهات واشنطن".
ففي خطاب ألقاه في يونيو/ حزيران 2023، تباهى بايدن بالفضل في تعزيز القدرات العسكرية لليابان، قائلا عن كيشيدا: "لقد أقنعته".
وحينها، عبّرت حكومة اليابان عن استيائها من تصريحات الرئيس الأميركي، الذي خرج لاحقا ليقول إن "رئيس الوزراء الياباني كان قد قرر بالفعل زيادة الإنفاق العسكري".
وفي قمة منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، التي انعقدت في 11 و12 يوليو 2023، أشاد بايدن بكيشيدا؛ لزيادة ميزانية بلاده المخصصة للدفاع، ودعمه لأوكرانيا.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى "تحذيرات الخبراء من أن الضوابط المدنية المشددة على الجيش الياباني، قد تبطئ عملية اتخاذ القرار، في وقت قد يتوقف فيه مصير تايوان على أيام معدودة".
والجدير بالذكر أنه بعد الحرب العالمية الثانية، فُرضت قيود على الجيش الياباني، لمنع العودة إلى الماضي العسكري للبلاد.
وقالت نائبة وزير الدفاع الياباني سابقا، روي ماتسوكاوا: "حينما يكون بوسعنا القتال معا، فإننا على الأرجح سنقاتل".
لكن أكدت المسؤولة اليابانية السابقة أن بلادها "لن تكون في الخطوط الأمامية".