بعد حرب دامت عامين.. هل تتمكن إثيوبيا من الانضمام إلى مجموعة البريكس؟
تقول صحيفة "دويتشه فيله" الألمانية إن إثيوبيا تود الانضمام إلى مجموعة البريكس للاقتصادات الناشئة، في خطوة تأمل من خلالها بالارتقاء والنمو في هذا المجال.
وهنا يدور تساؤل عن طبيعة الفرص المتاحة للدولة الواقعة في شرق إفريقيا بعد فترة وجيزة من انتهاء الحرب الأهلية التي استمرت عامين.
يشير اختصار "BRICS" إلى الأعضاء الخمسة المؤسسين للمنظمة وهم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
وتذكر الصحيفة الألمانية أن دول البريكس تمثل أكثر من 40 بالمئة من سكان العالم، وحوالي 26 بالمئة من الاقتصاد العالمي.
فقد أعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية رسميا، في 29 يونيو/حزيران 2023، أن إثيوبيا تود تغيير الاختصار إلى "BRICSE".
إعادة تشكيل
من وجهة نظر إثيوبيا، كما تنقل الصحيفة، فإن هذه الخطوة "مهمة للغاية وجيدة من الناحية الإستراتيجية".
ويقول ألكسندر ديميسي، مدير شركة الاستشارات المستقلة "The China-Africa Advisory"، والتي يقع مقرها في كولونيا، إن "هذه الخطوة توسع فرص إثيوبيا لتعزيز مصالحها الخاصة، لتصبح جزءا من التحول المستمر للنظام الاقتصادي والجيوسياسي الدولي".
بحسب ديميسي، فإن نظام "بريتون وودز"، المالي الدولي الذي أُنشئ بعد الحرب العالمية الثانية، يجرى "تغييره من قبل منظمات مثل مجموعة دول البريكس".
ويؤكد أن هذه المنظمات تطور هيكلا يمكن أن يقدم للدول الناشئة مثل إثيوبيا سيناريوهات بديلة.
من بين أمور أخرى، فإن بنك التنمية الجديد "NDB"، الذي أسسته دول البريكس عام 2014 كبديل لصندوق النقد والبنك الدوليين، يمكن أن يوفر رأس مال إضافي لتطوير البنية التحتية في إثيوبيا.
وفي المقابل، تشير الصحيفة إلى أن يارد هايلي مسكل، مدير شركة الاستشارات المالية "YHM "Consulting في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أقل تفاؤلا، إذ يرى أن "الآمال الكبيرة المرتبطة بالعضوية مبالغ فيها".
وأضاف: "لا أتوقع معجزة تجعل بلادنا مزدهرة نتيجة انضمامها، ولا أعتقد أن دول البريكس ستحل أيا من مشاكلنا".
ووفق الصحيفة، انتقد الخبير المالي اعتماد إثيوبيا، وإفريقيا ككل، على كل من الغرب ودول البريكس، مؤكدا أن الأخير ما هو إلا "ناد حصري لا يريد سوى تأكيد نفوذه العالمي".
ويعتقد هايلي ميسكل أن "إثيوبيا يجب أن تركز على نقاط قوتها الخاصة"، موضحا أنه يجب على البلاد أيضا أن توجه أنظارها إلى بلدان أخرى في إفريقيا.
ويقول: "إن الواقع مؤسف حقا، فإفريقيا تزود غالبية الدول بالمعادن الثمينة. ومع ذلك، ليس لدينا عملتنا الخاصة المدعومة بالذهب".
ولفتت الصحيفة إلى أن إثيوبيا، تعد ثاني أكبر بلد في القارة من حيث عدد السكان (120 مليون نسمة)، كما أنها تعد واحدة من أكبر الاقتصادات وأسرعها نموا في إفريقيا.
ومع ذلك، أشارت إلى أن الناتج الاقتصادي لإثيوبيا يحتل المرتبة الـ 59 عالميا، ويساوي أقل من نصف إنتاج جنوب إفريقيا، أصغر عضو في البريكس.
ورغم أن إثيوبيا وسعت تجارتها مع الصين والهند، من بين دول أخرى، لكن شعبها واقتصادها يعانيان من الحرب الأهلية والجفاف في السنوات الأخيرة.
عواقب الحرب والمجاعة
منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، تذكر "دويتشه فيله" أن صوت البنادق قد صمت في منطقة الحرب السابقة في المناطق الشمالية من تيغراي وأمهرة وعفر.
وتشير التقديرات، التي نقلتها الصحيفة، إلى مقتل حوالي 600 ألف شخص وإجبار ما لا يقل عن مليوني شخص على النزوح والفرار، ولكن مع الأسف لم يهدأ الوضع بشكل كامل حتى الآن".
وأوضحت بالقول: أعقب ذلك صراعات سياسية داخلية أخرى، حيث تقاتلت القوات الحكومية في الداخل مع مليشيات "أورومو" و"أمهرة".
بالإضافة إلى تداعيات هذه النزاعات المسلحة، توضح الصحيفة الألمانية أن ملايين الإثيوبيين يعانون من الجوع بسبب سنوات من المجاعة والجفاف.
ولفتت إلى أن "عدم وصول الحبوب من أوكرانيا وروسيا يؤدي إلى تفاقم الوضع، لا سيما مع اختلاس المساعدات الغذائية من برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة".
ولم يقتصر الوضع على ذلك فقط، فكما تذكر الصحيفة، تزامنا مع الحرب الأهلية باهظة الثمن، ارتفع معدل التضخم بشكل كبير.
ولذلك، كتب الخبير الاقتصادي، ستيف هانكي، من جامعة جونز هوبكنز على تويتر: "بدلا من السعي للحصول على عضوية مجموعة البريكس، ينبغي أن يركز رئيس الوزراء آبي أحمد على خفض التضخم".
في الختام، توضح الصحيفة أنه بالإضافة إلى إثيوبيا، فإن إيران ومصر والمملكة العربية السعودية وإندونيسيا من بين الدول التي تطمح للانضمام لمجموعة البريكس.
وفي هذا الصدد، يقدر جوستافو دي كارفالو من معهد جنوب إفريقيا للشؤون الدولية "SAIIA" في جوهانسبرغ، أن أكثر من 20 دولة عبرت حتى الآن عن رغبتها في الانضمام إلى مجموعة البريكس.
ويقول دي كارفالو: "إن العديد منهم يشترك في خصائص متشابهة مع إثيوبيا، فهم يمتلكون أهمية إقليمية واقتصادا سريع النمو وعددا كبير جدا من السكان".
بالإضافة إلى ذلك، يوضح أنهم "مهتمون باستخدام العملات البديلة، وخاصة في التجارة الثنائية، رغبة منهم في أن يصبحوا أقل اعتمادا على الدولار الأميركي".
وبحسب "دويتشه فيله" الألمانية، فإن دي كارفالو لا يعتقد أن إثيوبيا ستصبح قريبا عضوا في البريكس.
ويوضح خبير جوهانسبرغ: "إذا اضطررتُ إلى وضع مقياس احتمالي، فسأقول إن إثيوبيا في المنتصف".
وعلى عكسه، يفترض ألكسندر ديميسي مدير شركة "The China-Africa Advisory" أن عملية الانضمام ستستغرق وقتا، ولكن هناك "مؤشرات إيجابية كثيرة للمستقبل"، ويعزو ذلك إلى الوضع المهم والإيجابي الذي تتمتع به إثيوبيا.