اشتباكات متصاعدة.. لماذا يقصف الحرس الثوري مناطق الأكراد في إيران؟

12

طباعة

مشاركة

تصاعدت حدة الاشتباكات بين الحرس الثوري الإيراني و"وحدات دفاع شرق كردستان" (ي.ر.ك/YRK)، التابعة لحزب "الحياة الحرة الكردستاني" (بيجاك/PJAK)، المتمركزة في جبال كوسالان، بمنطقة مريفان، الواقعة في إقليم كردستان الإيراني.

وبحسب المعلومات التي حصل عليها موقع إيران واير، فإن اشتباكا وقع في مرتفعات قريتي "دره‌ تقي" و"سه ‌ردوش" بماريفان، وأن أحد أعضاء الحرس الثوري قد لقي مصرعه، وأصيب اثنان آخران بجروح خطيرة خلال يونيو/حزيران 2023.

بالإضافة إلى تأكيد هذه النبأ، أعلنت العلاقات العامة لـ "قاعدة حمزة سيد الشهداء" البرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، عن هوية عضوها القتيل، ويُدعى رزكار تبيره، وهو من أفرادها في منطقة مريفان.

رتل عسكري

ووفقا لتقارير إعلامية كردية، فإن الحرس الثوري الإيراني أرسل رتلا عسكريا إلى غرب إقليم كردستان، وقصف مرتفعات جبال كوسالان في مريفان.

وبحسب ما أفاد به كبار قادة الحرس الثوري، فإن هذه العملية العسكرية "ستستمر حتى التطهير الكامل للمنطقة الشمالية الغربية من الجماعات المسلحة المعادية للثورة".

وقد نقل التقرير الذي نشره موقع إيران واير روايات سكان القرى المحيطة بجبال كوسالان عن الأحداث، وعن أهداف العملية العسكرية التي ينفذها الحرس الثوري في منطقتهم.

وحاول التقرير الحصول على إجابات لأسئلة عديدة، منها: هل كوسالان في مريفان إستراتيجي بالنسبة للحرس الثوري الإيراني؟ هل لدى الأخير أهدافا أخرى بخلاف تطهير الجبل هل يحاول إنشاء نظام صاروخي في تلك المنطقة؟

بدأ التقرير بالحديث عن المنطقة، فقال إن محمية جبل كوسالان هي جزء من مريفان، وتطل على جبال أورامان التي يصعب عبورها، وتشلتششمه وشاهو. 

وتقع في المناطق الحدودية بين إقليمي كردستان وكرمانشاه، وتمتد حتى تتصل بجبال سورين وشالير، الواقعة في إقليم كردستان العراق.

وخلال يونيو/حزيران 2023، ركز الحرس الثوري معظم هجماته على (ي.ر.ك)، الفرع العسكري لبيجاك في جبل كوسالان، وجعله هدفا لهجماته المدفعية.

وصرح كبار قادة الحرس الثوري بأن الهدف من هذه العملية العسكرية هو تطهير المنطقة من تواجد القوات التابعة لأحزاب المعارضة الكردية.

لكن سكان القرى المحيطة بكوسالان، وبوصفهم شهود عيان، يعتقدون أن للحرس الثوري أهدافا أخرى تتجاوز تطهير المنطقة من القوات التابعة للأحزاب  الكردية المعارضة.

ونقل التقرير عن أحد سكان قرية "داكاكا"، التي تقع عند سفح جبل كوسالان، والذي شهد بنفسه تحركات قوات الحرس الثوري وانتشار القوات، أن الأخير نشر معدات ثقيلة بالمنطقة.

وأضاف هذا المواطن أن القوات المذكورة تعمل على إنشاء طريق جديد إلى مرتفعات كوسالان، بواسطة الحفارات الميكانيكية والجرافات والرافعات، في الوقت الذي تتساقط فيه قذائف الهاون والكاتيوشا والمدافع على تلك المرتفعات، وهو ما أدى إلى حرق الغطاء النباتي في هذه المحمية.

وأوضح هذا المصدر المطلع أيضًا أن قوات الحرس الثوري الإيراني لم تذكر اسم بيجاك، وأنها تقول فقط إن الغرض من هذه الهجمات هو تطهير المناطق الجبلية في كوسالان من الجماعات المناهضة للثورة. 

لكن يبدو أن هدف الحرس الثوري من تحريك الجرافات والحفارات والرافعات باستمرار إلى مرتفعات كوسالان وإرسال قوات جديدة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرته، هو إنشاء نظام صاروخي جديد، وليس قاعدة عسكرية عادية.

وبحسب هذا المصدر المطلع، فقد حدثت في السنوات الماضية اشتباكات قصيرة بين قوات الحرس الثوري الإيراني ومقاتلي بيجاك على فترات متفاوتة، لكن هذا النوع من تركيز القوة وكثافة العمل لم يحدث من قبل.

وتابع موضحا: "إذا أنشأ الحرس الثوري الإيراني هذا النظام الصاروخي، فسوف يمكنه استهداف المقرات والقواعد العسكرية للأحزاب الكردية المعارضة في أعماق إقليم كردستان بسهولة من قاعدته في جبال كوسالان".

وتتهم السلطات الإيرانية أحزاب المعارضة في إقليم كردستان بالتحريض على الاحتجاجات، واستخدام أراضي الإقليم ضد النظام الإيراني، بعد وفاة الفتاة الإيرانية من أصل كردي، مهسا أميني، في سبتمبر/أيلول 2022، في مقر احتجاز خاص بشرطة الأخلاق.

زيادة التحركات

كما استهدف الحرس الثوري الإيراني المعسكرات المركزية التابعة لهذه الأحزاب، والتي تقع في أعماق إقليم كردستان العراق، وهاجمها بالطائرات بشكل متكرر.

 وطالبت الحكومة الإيرانية حكومتي بغداد وإقليم كردستان بتفكيك قواعد هذه الأحزاب ومقراتها، بالإضافة إلى نزع سلاحها.

وأكد المصدر المحلي على زيادة تحركات قوات الحرس الثوري الإيراني في منطقة كوسالان في الفترة الأخيرة.

وقال لإيران واير: باستثناء كبار قادة الحرس الثوري الإيراني وأطقم المدفعية وقوات الإمداد، هناك أكثر من 400 تشارك في هذه العمليات، ومعظمهم من الـ"جاش"، وهي كلمة كردية تطلق على المتعاونين مع الحكومة الإيرانية، ويمتلكون دراية واسعة بجغرافية المنطقة.

وحول ما يشاع عن تهجير سكان المنطقة، أشار هذا المصدر المحلي إلى شدة نيران مدفعية الحرس الثوري الإيراني في مرتفعات كوسالان والأضرار الجسيمة التي لحقت بطبيعة هذه المنطقة المحمية البكر وغطائها النباتي جراء الهجمات العديدة.

وقال إن معظم سكان القرى في محيط كوسالان يشعرون أن هناك هدفا آخر للحرس الثوري الإيراني، وهو إجبارهم على الهجرة القسرية وإخلاء هذه المنطقة.

وأضاف في هذا الصدد: "تماشيا مع الهدف المشؤوم، المتمثل في الإخلاء القسري لسكان القرى المحيطة بكوسالان، استهدف الحرس الثوري الإيراني مراعي المنطقة بنيران المدفعية الثقيلة، بما في ذلك مراعي قرى دل، ودله مه رز، ودكاكا، وكاني حسين بك وجولان دي.

وألحقت نيران المدفعية الثقيلة أضرارا جسيمة بالأنشطة التجارية لسكان هذه القرى، الذين غالبًا ما يعملون في تربية الحيوانات وتربية النحل والبستنة.

وبعد تنفيذ عملياته العسكرية ضد مقاتلي بيجاك في مرتفعات كوسالان بمنطقة مريفان، أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه أحدث خلال هذه العملية خسائر فادحة في صفوف (ي.ر.ك).

لكن أهون تشياكو، عضو مجلس بيجاك، رفض في مقابلة مع إيران واير مزاعم الحرس الثوري، وأشار إلى ما ورد في بيان وحدات الدفاع عن شرق كردسان، التي أعلنت عدم سقوط أحد من أعضائها في الاشتباكات.

ويرى هذا العضو في قيادة بيجاك أن الجمهورية الإسلامية وضعت أجندة لعسكرة كردستان بعد فشل نظامها الفكري، خاصة بعد انطلاق حركة "المرأة، الحياة، الحرية"، التي تبناها المتظاهرون بعد مقتل مهسا أميني.

وأوضح تشياكو أن هذه الإجراءات تدل على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تفقد تدريجيا ثقة القوى التابعة لها، بالإضافة إلى ضعف القاعدة الاجتماعية والشعبية لهذا النظام السياسي في المجتمع.

وأضاف أن النظام الإيراني يحاول الحفاظ على سلطته من خلال استعراض القوة. كما يسعى لتحويل الجوانب المختلفة لحركة "المرأة، الحياة، الحرية" إلى قضية أمنية عسكرية بالكامل في إقليم كردستان.

وذكر أن السلطات الإيرانية تتخذ في بعض الأحيان إجراءات استفزازية ضد الأحزاب الكردية المعارضة؛ لإجبارها على ردود أفعال غير محسوبة، وتمهيد الطريق لقمع عنيف.

ووفقا لأهون تشياكو، فإنه بالإضافة إلى التدمير المستهدف لبيئة منطقة كوسالان، فإن الهدف الآخر للجمهورية الإسلامية هو إخلاء المناطق الجبلية والإستراتيجية في كردستان، بما في ذلك كوسالان، من القوات التابعة لبيجاك، من أجل وضع قوات الحرس الثوري على الحدود بين إيران والعراق، لمنع تحركات أحزاب المعارضة الكردية بين البلدين.

وفي هذا الصدد، أكد أهون تشياكو أن بيجاك لا ينوي مهاجمة قواعد وقوات الحرس الثوري، وأنه ينخرط في الغالب في الدعاية والتنظيم بين أبناء المنطقة.

ولكن (ي.ر.ك) ستدافع عن نفسها إذا استمرت هجمات الحرس الثوري، ولن يخلوا تحت أي ظرف من الظروف المناطق الواقعة تحت سيطرتهم والتي تتحرك فيها قواتهم في المناطق الحدودية بين إيران والعراق.