تعاون متزايد بين قبرص واليونان وإسرائيل.. كيف يؤثر على العلاقات مع تركيا؟

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية الضوء على التعاون المتزايد بين قبرص واليونان وإسرائيل، وأثره على مجريات الأحداث في شرق البحر الأبيض المتوسط.

وفي 21 يونيو/ حزيران 2023، عُقد "المنتدى الإسرائيلي-اليوناني"، في العاصمة نيقوسيا، بحضور سفراء ودبلوماسيين ورجال أعمال ومسؤولين من إسرائيل واليونان وقبرص.

وفي إشارة إلى التقدم في العلاقات بين الأطراف الثلاثة، ألمحت الصحيفة إلى أن عبارة: "لم يكن من الممكن تصور هذا قبل عدة سنوات" كانت تصريحا تردد كثيرا خلال اجتماعات المنتدى.

وأكدت أن "البلدان الثلاثة أصبحوا شركاء وحلفاء وثيقين خلال وقت قصير"، مشيرة إلى أن "النقاط التي لاحظها العديد من الحضور هي مدى السرعة التي تغيرت بها المنطقة خلال السنوات والعقود الماضية".

وأضاف التقرير أن "ما يعنيه هذا هو أن إسرائيل وقبرص واليونان أصبحوا حاليا أقرب بكثير مما كانوا عليه في الماضي، في وقت اكتسبت فيه إسرائيل أيضا شركاء خليجيين جددا".

ملفات خلافية

وأوضح التقرير أن "قبرص واليونان لديهما لغة وتاريخ مشترك، لكن إسرائيل واليونان على وجه الخصوص لم يكن لديهما دائما علاقات دافئة مثلما هي الآن".

وخلال المنتدى، لفت المتحدثون الانتباه إلى أن "تحقيق تكامل أوسع من شأنه أن يحقق الاستقرار في منطقة تمتد من أوروبا، مرورا بشرق البحر الأبيض المتوسط وإسرائيل ومصر والأردن، ووصولا إلى دول الخليج والهند".

ووفق التقرير، فإنه "رغم ذلك، فإن هناك بعض التحديات، ففي حين أن إسرائيل وتركيا ربما تعملان على تحسين علاقاتهما، إلا أن أنقرة لا تزال على ما يبدو مناهضة لنيقوسيا".

"كذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت العلاقات بين اليونان وتركيا ستتحسن، وفي الوقت نفسه، قد لا تشارك اليونان وقبرص ذات وجهات نظر إسرائيل بشأن إيران"، وفق التقرير.

وتابع: "مع ذلك، ففي المسائل الجوهرية، تولي هذه الدول اهتماما بالنظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب الباردة بقيادة الولايات المتحدة؛ باعتبار أنها ديمقراطيات تتقارب مع أوروبا والغرب".

والجدير بالذكر أن "المنتدى الإسرائيلي-اليوناني" أنشئ من قِبل منظمة "بناي بريث" الدولية في واشنطن، وعُقدت جلسته الأولى عام 2019 في أثينا.

وأشار التقرير إلى أنه "بينما حاول الحضور حينها تجنب الحديث حول خصوم بلدان المنتدى، والتركيز بدلا من ذلك على قيمهم ومصالحهم المشتركة، كانت سياسات تركيا حاضرة بقوة".

وترى "جيروزاليم بوست" أنه "قبل عدة سنوات، كانت تركيا تتبع سياسات صلبة بشكل متزايد تجاه اليونان وقبرص، فضلا عن تهديداتها لإسرائيل".

كما أرسلت تركيا قواتها إلى ليبيا، الأمر الذي أثار حينها توترات بشأن المناطق الاقتصادية الخالصة قبالة سواحل قبرص واليونان.

وأردف التقرير بأن "هذا مصدر قلق بالنسبة لإسرائيل، التي تأخذ على محمل الجد أمن منطقتها الاقتصادية الخالصة في البحر المتوسط".

وفي السياق، "تمتلك إسرائيل أيضا سفنا جديدة من طراز Sa'ar 6 لحراسة مياهها الإقليمية، كما تعمل مع مصر وقبرص، بالإضافة إلى الأردن والفلسطينيين واليونان، بخصوص سياسات الطاقة".

وأوضحت الصحيفة العبرية أن "الغزو الروسي لأوكرانيا سلط الضوء بشكل أقوى على هذه القضية".

فبالنسبة للعديد من البلدان الصغيرة والمتوسطة الحجم في العالم -مثل إسرائيل واليونان وقبرص- تعد مسألة النظام الدولي القائم على القواعد مهمة للغاية.

وأوضح التقرير أن من هذه القواعد الدولية التي تهم إسرائيل واليونان وقبرص هي أن "الدول لا تغزو بعضها بعضا".

وأفاد بأن "الغزو الروسي لأوكرانيا دفع العديد من الدول إلى إعادة التفكير في سياستها الدفاعية".

قضايا للنقاش

وأشار التقرير إلى أن "اليونان وإسرائيل وقبرص يفضلون نظاما دوليا مركزه الدول الغربية، وذلك بسبب خشيتهم من أن يتضرروا من سياسات تركيا أو روسيا أو إيران".

ومع ذلك، "تتساءل بلدان المنتدى أيضا عما إذا كانت سياسة الولايات المتحدة ستظل حازمة وملتزمة بدورها في المنطقة"، حسب التقرير.

وأضاف التقرير أنه "بينما تلعب الولايات المتحدة دورا مهما في شرق المتوسط، وقد تساعد ضمن بعض الأطر، كالتدريبات العسكرية المشتركة، إلا أن دول المنتدى تدرك الآن أنها بحاجة إلى زيادة مشترياتها العسكرية والعمل معا بشأن القضايا الإقليمية".

ولهذه الغاية، ناقشت مديرة المكتب الدبلوماسي لرئيس قبرص، ماريلينا راونا، الشراكات الثلاثية والعلاقات الإستراتيجية خلال المنتدى، حسب الصحيفة.

بدوره، ناقش الأستاذ المساعد في قسم الدراسات السياسية بجامعة بار إيلان الإسرائيلية، إيلي ريتيج، إمكانيات التعاون الإقليمي في مجال الطاقة، بحيث يمكن ربط شرق البحر الأبيض المتوسط بالخليج.

كذلك، ناقش رئيس الحرس الوطني لجمهورية قبرص، ديموكريتوس زرفاكيس، أهمية تعميق السياسات الدفاعية بين أطراف المنتدى، وضرورة إجراء تدريبات ثنائية مع إسرائيل وأطراف أخرى.

كما ناقش مستشار الأمن القومي لرئيس وزراء اليونان، ثانوس دوكوس، أهمية البناء على العلاقات الحالية بين اليونان وقبرص وإسرائيل؛ لتعزيزها وتوسيعها لتشمل الدول الأخرى، كالتي لديها بالفعل شراكات وثيقة مع الدول الثلاث.

وشدد التقرير على أن "المستقبل ليس واضحا بعد، ففي حين أن هناك رياحا إيجابية، فلا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت سياسة أنقرة ستتحول نحو الحوار أم لا".

وتساءلت الصحيفة العبرية: "هل ستقبل تركيا العصر الإقليمي الدبلوماسي الجديد، الذي انعكس في ترحيب السعودية والجامعة العربية بعودة سوريا إليها، وفي المحادثات الجارية بين تركيا وإيران وروسيا؟"

ومن ناحية أخرى، "تبقى هناك أسئلة أخرى حول كيفية البناء على العلاقات القائمة بين اليونان وقبرص وإسرائيل"، حسب جيروزاليم بوست.

وأضافت: "هل ستحقق دول المنتدى أحلامها في مجال الطاقة، عبر مد خطوط الأنابيب، أو الشبكات الكهربائية، أو الغاز الطبيعي المسال، أو غيرها من المبادرات، أم أنها ستتوقف؟"

وتابعت الصحيفة: "هل ستتطور المزيد من التدريبات العسكرية المشتركة لتصبح تدريبات إقليمية، مرتبطة بدور أكبر للولايات المتحدة، أم ستقلل واشنطن تركيزها على شرق البحر الأبيض المتوسط؟"

وأوضحت أن "هناك قضايا أخرى ما زالت بحاجة إلى نقاش، مثل تغير المناخ ودور الذكاء الاصطناعي".

وختمت الصحيفة العبرية بالتأكيد على أن "ما أظهره المنتدى هو أن شراكة فريدة قد أُنشئت بالفعل بين الأطراف الثلاثة، لكنها ما زالت بحاجة إلى تعزيزها، ودفعها إلى مرحلة متقدمة".