ملحمة أسطورية.. إشادة برد المقاومة على قصف إسرائيل للضفة لأول مرة منذ 20 عاما

12

طباعة

مشاركة

لأول مرة منذ ما يقارب 20 عاما يستخدم الجيش الإسرائيلي المروحيات القتالية الحربية لقصف المدنيين في الضفة الغربية ويعزز قواته العسكرية باتجاه مدينة جنين منذ فجر 19 يونيو/حزيران 2023، خلال عملية عسكرية شنها على مخيم المدينة.

جيش الاحتلال زعم أن قوات مشتركة دخلت مخيم جنين لاعتقال "مطلوبين" لكن اشتباكات وصفها بـ"الكثيفة" وقعت؛ وأسفرت عن إصابة 7 من جنوده.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، ارتقاء 3 شهداء فلسطينيين بينهم طفل وإصابة 29 آخرين بينهم حالات حرجة برصاص إسرائيلي، والشهداء هم الطفل أحمد يوسف صقر (15 عاما)، وخالد عزام عصاعصة (21 عاما) قسام فيصل أبو سرية (29 عاما).

وأكدت "كتيبة جنين" التابعة لسرايا القدس الجناح المسلح لحركة "الجهاد الإسلامي" في سلسلة برقيات على منصة "تليغرام"، خوضها اشتباكات مع الجيش في أكثر من نقطة "وتحقيق إصابات مباشرة بين الجنود".

وقالت: "ردا على العدوان المستمر، نفذ مجاهدونا ضربة نوعية في صفوف قوات الاحتلال، حيث تمكنوا من تفجير عدد من عبوات التآمر المعدة مسبقا في ناقلة جند صهيونية، ما أدى إلى إعطابها ومحاصرة من فيها واستهدافها بوابل كثيف من الرصاص".

وأعرب ناشطون على تويتر، عن سعادتهم بقدرة المقاومة الفلسطينية على التصدي لقوات الاحتلال، ونصب كمين لهم والاشتباك معهم في مواجهات قوية تمكنوا خلالها من إلحاق أضرار مادية ومعنوية في صفوفه، في مقاومة نوعية استخدموا فيها عبوات ناسفة.

وتداولوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #جنين_تقاوم، #جنين، #كتيبة_جنين، #بأس_الأحرار، وغيرها مقاطع فيديو تظهر حجم العدوان الإسرائيلي على جنين وترصد القصف الجوي للمخيم، وأخرى توثق الأضرار التي تمكن المقاومون من إلحاقها بجيش الاحتلال.

وأكد ناشطون أن "الألم الصهيوني" من إصابة المقاومة لجنود الاحتلال دفعت الكيان للتوحش والقصف الجوي وإرسال تعزيزات عسكرية نحو جنين ومعها معدات لنقل المركبات، متمنين "الخزي والعار" للسلطة الفلسطينية القاطنة بمقاطعة رام الله وأجهزتها الأمنية الصامتة على العدوان الإسرائيلي.

تحية للمقاومة

وتفاعلا مع الأحداث، قال رئيس الدائرة الإعلامية في حركة حماس إقليم الخارج، هشام قاسم، إن "جنين لم تتوقف يوما عن العطاء وهي تتصدى بشعبها ووحدة مقاومتها لأبشع أنواع القتل والتنكيل والهدم وسلب الأراضي".

وأوضح أن "الاحتلال يحاول بائسا أن يوقف نضال شعبنا في انتزاع حريته عبر عمليات القتل والاقتحامات العسكرية للمدن والمخيمات، لكن هذه الدماء ستكون وقودا لانتفاضة شعبنا وثورته المستمرة".

وأضاف قاسم: "المقاومة هي الخيار الوحيد القادر على لجم العدوان الإسرائيلي، هذا الإجرام لن يزيد إلا من ثورة شعبنا وإصراره على المواجهة، الشعب الفلسطيني لن يصمت أمام إراقة الدماء واستمرار الاعتداء على أرضه ومقدساته، ستواجه الاعتداءات بالمزيد من المقاومة وستبقى حالة الاشتباك السبيل نحو الحرية".

وأعرب الباحث في الشؤون الإسرائيلية، عدنان أبو عامر، عن سعادته بما فعلته المقاومة في جنين، قائلا: "عاشت جنين عاشت". وكتب محمد علي: "فجّر في جنين براثن الموت، ولا تعتد فيها الخراب.. يا مقاتل تأهب للبارود واحفر بسيفك للعدا قبوره، إن المدينة التي لم تبع نارها ولا ترابها لا تهزم.. إن جنين التي لم تركع لعشرين عاما لن تهون.. بوركت بنادقكم، بوركت عبواتكم وصليات ناركم، بورك صبركم.. والذي زرع الرصاص يحصد الفتح القريب". وأكد مغرد آخر، أن "كتيبة جنين ملحمة المجد التليد والرقم الصعب في وجه الكيان المسخ".   وقال المغرد عكاشة: "سيخرجون لهم من أزقة المخيم، من الحارة الشرقية وشارع حيفا، ستراهم من بين البيادر وهم ضاغطون على الزناد، ستراهم وهم واضعين فلسطين صوب أعينهم، مؤمنين بالرصاص طريقا للخلاص، (..) في جنين لا صوت أصدق من صوت البنادق".

خيانة السلطة

وصب ناشطون جام غضبهم على سلطة محمود عباس، مستنكرين تجاهلها للتصعيد الإسرائيلي على مخيم جنين وانشغالها بملاحقة أبناء الشعب الفلسطيني.

وأوضح الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي، صالح النعامي، أن "تصدي المقاومة الفلسطينية البطولي للقوات الصهيونية التي اقتحمت جنين، وتكبدها خسائر لم تكن بالحسبان، أخرج القيادة الإسرائيلية عن طورها مما جعلها تهدد بشن عملية عسكرية واسعة شمال الضفة، مع أن هذه العملية تتواصل بالفعل منذ أكثر من عام ونصف".

وأشار إلى أن إسرائيل "صعدت عدوانها لكي تتمكن من تطبيق مخططها الاستيطاني الهادف عمليا إلى ضم الضفة الغربية لها".

ولفت إلى أن "تشبث السلطة بطابع وظيفتها الأمنية يفاقم من الأعباء على كاهل المقاومين ويعد أحد العوامل التي تعمل على تجفيف بيئة المقاومة في الضفة".

وأوضح الكاتب أسامة أبو رشيد، أن "عملاء الاحتلال المتمثلين في السلطة الفلسطينية كانوا يشنون غارة في بيرزيت ضد أبناء شعبهم إرضاء لأسيادهم في الكيان الصهيوني، وإشباعا لغرائز التوحش والعصبوية عندهم كفصيل متلاش يزعم المقاومة، حين كان جنود الاحتلال يعدون لمجزرتهم في جنين". وتساءل عبدالعزيز زيدان، عن "دلالة صمت السلطة الفلسطينية على جرائم الاحتلال في الضفة الغربية، وخاصة في مدينة جنين ومخيمها، وقيام طائرات الاحتلال بقصف المواطنين الآمنين".

فشل الاحتلال

وتحدث ناشطون عما تحمله الأحداث في مخيم جنين من دلالات على الجانبين الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية.

وأكد الكاتب السياسي، إبراهيم المدهون، أن "كل من يدخل جنين من الغزاة مفقود"، مشيرا إلى "استهداف آلية الجيش الإسرائيلي في جنين وإصابة عدد من جنود نخبة العدو".

وقال المدهون، إن "هذه الاشتباكات القوية، دليل على فشل سياسة حصر واستهداف المقاومة في الضفة، ولسنا بعيدين عن قذائف الهاون وصواريخ القسام تدك المستوطنات".

وعد الصحفي وائل أبو عمر، استخدام الاحتلال الإسرائيلي سلاح الجو في مداهمته لمخيم جنين "هو عنوان ضعف عسكري له بعدم قدرته دخول المخيم، وفعل ما يحلو له كما كان سابقا"، قائلا إن "هذا إن دل على شيء فإنما يدل على بسالة الرجال هناك وتصديهم لهذا العدوان". وأشار المغرد حسن، إلى أن "جيش العدو لأول مرة منذ ما يقارب 20 عاما يستخدم المروحيات القتالية -البالونات الحرارية- لقصف المدنيين في الضفة ويعزز قواته العسكرية باتجاه المدينة"، مؤكدا أن "الألم الصهيوني من إصابة المقاومة في جنين لـ6 من أفراده بعد كمين محكم، وكذلك غياب المحاسبة الدولية دفعهم دفعا نحو التوحش". وقال الصحفي نضال سلامة، إن "دخول جنين القادم لن يكون سهلا وهناك أسئلة لا بد أن تُسأل وهي كيف عجزت الاستخبارات وقوات الجيش عن معرفة حجم العبوات". وتحت عنوان "الفشل المركب للاحتلال في جنين"، قال ياسين عز الدين، إن "الكمائن التي وقع فيها جيش الاحتلال اليوم في جنين تشير إلى فشل مركب لجيش الاحتلال وتطور نوعي أكبر من تتخيلون في عمل المقاومة".

ولفت عز الدين إلى أن "استخدام عبوات كبيرة الحجم ضد الدوريات كان أمرا متوقعا، وتقارير الإعلام الصهيوني تحدثت عنها قبل فترة قصيرة بعدما لمسوا تطورا في العبوات المستخدمة خلال الأسابيع الأخيرة".

وأضاف أن "توقعهم للأمر لم يستفيدوا منه مطلقا ولم ينجحوا باتخاذ أي إجراء لتجنب ما حصل اليوم، كما أن الآليات التي يستخدمونها هي محصنة ومجهزة أصلا لهذه المواقف، وكان الحديث عن زيادة تحصينها لكن كل ذلك لم يفدهم".

شماتة بالاحتلال

واحتفى ناشطون بإصابة جنود الاحتلال في جنين بعدما وقعوا في كمين للمقاومين، واعتراف الكيان بإعطاب آليتين جراء استهدافهما بالعبوات الناسفة فيها، مشيدين بقدرة المقاومة على تأديب الاحتلال.

وقال يزن ناصر: "في اليوم الأول من ذي الحجة، جنين القسام ترسم أسمى آيات الجهاد والمقاومة وتمرغ أنف العدو في التراب، وتؤكد أن جنين أرض حرام على العدو، وأنها باتت رعبا مضاعفا وتجربة غزة ليست عنها ببعيد".

وعرض المغرد عمر، مقطع فيديو يوثق سحب إحدى آليات الاحتلال التي تم إعطابها خلال الاشتباكات في جنين.

ووصف أحد المغردين "اليوم بيوم الملحمة"، مؤكدا أن "كل طلقة لا تناصر جنين مشبوهة". ونشرت الصحفية زين ساندوك، مقطع فيديو يوثق لحظة تفجير جيب عسكري إسرائيلي في جنين. وأشادت الصحفية ليالي جرادي ببسالة جنين ومقاومتها، موجهة ألف تحيّة لـ"سرايا القدس" الذين "هزئوا بالاحتلال وأحالُوا آليّاتهم إلى دُمًى غير صالِحَة للّعِب!".