رشيد العلمي.. رئيس برلمان المغرب الذي هاجم أردوغان وحضر حفل تنصيبه

سلمان الراشدي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أثار ظهور رئيس البرلمان المغربي، رشيد الطالبي العلمي، في حفل تنصيب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نقاشا سياسيا واسعا داخل المملكة.

مرد هذه التعليقات، تصريحات القيادي في حزب "التجمع الوطني للأحرار"، الطالبي العلمي (65 عاما) عن تركيا ورئيسها أردوغان قبل سنوات قليلة، حين وصفه سياسته بـ"الفشل". 

وعلى مدى سنوات عمله في السياسة، ارتبط اسم العلمي بتصريحاته "الخارجة عن السياق" وملفات فضائح تدور رحاها في دهاليز المحاكم، مما جعل اسمه يطفو على السطح بين الحين والآخر.

ووفي 3 يونيو/حزيران 2023، مثل رئيس مجلس النواب، الطالبي العلمي، بالعاصمة أنقرة، الملك محمد السادس، في مراسم تنصيب أردوغان، الذي انتخب لولاية رئاسية جديدة نهاية الشهر الذي سبقه.

وباستغراب شديد، تساءل مغاربة عن أسباب اختيار العلمي لهذه المهمة، خاصة أنهم استنكروا آنذاك تصريحاته عندما كان وزير الشباب والرياضة (عام 2018)، ضد أردوغان حين اتهمه بـ"الفشل وتدمير العملة التركية".

الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، قالت "يجب احترام تركيا لأنها دولة تقف أمام القوة الإمبريالية، ونحن كمغاربة لا بد أن نرسل أناسا محترمين وليس من تحدثوا بشكل سلبي عنها"، في إشارة للطالبي العلمي.

وفي مقطع مصور منشور في 6 يونيو 2023، أضافت منيب: "على المغرب أن لا يقع في خطأ دبلوماسي مثل هذا، يجب أن نختار رجالا محترمين، ومن ذمتهم نظيفة، ولهم رزانة ومواقف، هل ترسل شخصا لاحتقار تركيا التي انتخبت بشكل ديمقراطي من تريد؟".

وبعد عودته من حفل التنصيب، وجه رئيس مجلس النواب المغربي، دعوة إلى رئيس الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، أمير أوحانا، لزيارة المغرب.

واستقبل العلمي أوحانا في مقر البرلمان بالعاصمة الرباط، في 8 يونيو 2023، وهي أول زيارة لمسؤول إسرائيلي في هذا المنصب.

وقبل وصول أوحانا بساعات، أعلنت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع (غير حكومية)، رفضها زيارة للزيارة.

وقالت الجبهة، في بيان إنها ترفض زيارة رئيس الكنيست إلى المغرب وتراها "مشؤومة"، ودعت "كل مناصري القضية الفلسطينية في البرلمان المغربي إلى رفض الزيارة داخل قاعته والإعلان عن رفضهم للتطبيع مع إسرائيل".

وفي 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت إسرائيل والمغرب استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد توقفها عام 2000، جراء اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

صفقات بلا حسيب

وكلما ذُكر اسم الطالبي العلمي عبر وسائل الإعلام، يكون الأمر مرتبطا بشيء من اثنين، إما أن الرجل سيحمل حقيبة وزارة أو مسؤولية سياسية جديدة، أو أنه متورّط في قضايا تتعلق بتبذير المال العام، حسب متابعين.

ففي عام 2014، فاز الطالبي العلمي برئاسة مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) لما تبقى من الولاية التشريعية (2011 - 2016)، ليثير الجدل عبر صفقة باهظة مع شركة وطنية للاتصالات.

من خلال الصفقة، مكن العلمي جميع البرلمانيين من حمل هواتف ذكية باشتراكات شهرية، وأجهزة آيباد وبطاقات للبنزين وليالي مبيت مجانية بفنادق الرباط من أجل التحفيز على حضور أعمال البرلمان.

الصفقة كلفت 140 مليون سنتيم (ما يقارب 140 ألف دولار)، وفي 2016 فوجئ البرلمانيون المنتهية ولايتهم بانقطاع خط الاتصالات، فيما احتفظوا بالهواتف وأجهزة آيباد"

وفي سبتمبر/أيلول 2016، حجزت الخزينة العامة للمملكة على رواتب 10 نواب برلمانيين، بعد صدور أحكام قضائية ضدهم بخصوص تملصهم من أداء الضرائب للدولة، من بينهم العلمي.

كما يواجه منذ 2015، تهمة تتعلق بـ"التهرب الضريبي" لمدة تزيد على 25 سنة، بعد أن قضت المحكمة الإدارية بالرباط بمتابعته في القضية، قبل أن تدخل محكمة الاستئناف بالرباط.

وذكرت تقارير صحفية أن القضية معروضة على أنظار قاضي الاستئناف بالمحكمة الإدارية بالرباط، من أجل إجبار القيادي في حزب "التجمع الوطني للأحرار"، على أداء ما بذمته المالية لصالح خزينة الدولة.

وتوقعت المصادر ذاتها أن تؤيد محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي الذي قضى بأداء مبلغ ما لا يقل عن 800 مليون سنتيم (800 ألف دولار)، يرفض العلمي تأديته لخزينة الدولة، والناتج عن تراكم الضرائب عن شركته التي تحمل اسم "ورفي كوير".

وكان الخازن العام للمملكة، نور الدين بنسودة، قد رفع دعوى قضائية ضد العلمي بـ"تهمة التهرب الضريبي".

وقالت المصادر ذاتها إنه رغم أن الإدارة الضريبية عمدت في إطار تسوية على تخفيض قيمة الضريبة من مليار و200 مليون سنتيم، إلى 800 مليون، فقد رفض تأدية ذلك.

في 2013، وحين كان رئيسا لجهة (إقليم) طنجة - تطوان، خصص 14 مليون درهم - أي ما يزيد على مليون دولار - لفائدة جمعية للأعمال الاجتماعية لموظفي مجلس الجهة، والتي تضم 40 شخصا، أغلبهم يتقاضون شهريا أزيد من 20 ألف درهم (2000 دولار)، من أجل "مساعدتهم على تملك السكن".

وعقب الضجة التي خلفها القرار إثر تسريبه لوسائل الإعلام، رفض العلمي التعليق عليه قائلا: "المغرب ليس دولة شيوعية حتى تُحاسب الجمعيات على 5 دراهم".

ملف آخر فتح عام 2019، عندما كشفت البرلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ابتسام مراس، عن خلاصات تقرير المفتشية العامة للمالية (مؤسسة للرقابة) الذي أظهر وجود اختلالات في تدبير شؤون وزارة الشباب والرياضة في عهد العلمي.

ووصف العلمي، في حوار صحفي اتهامه بصرف 250 مليون سنتيم (ما يقارب 250 ألف دولار) على موقع إلكتروني بـ"الكلام الفارغ الذي لا أساس له من الصحة".

سيرة سياسي

ولد العلمي عام 1958 بمدينة تطوان (شمال)، وتابع دراساته العليا بجامعة محمد الخامس أكدال بالرباط، وحصل على دكتوراه في التدبير والمالية، تخصص المالية المحلية، من جامعة نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية.

ويعد العلمي خبيرا دوليا في اللامركزية والنظام المالي المحلي لدى الوكالات والبنوك المانحة، وأسس وأدار عدة شركات استثمارية بكل من الدار البيضاء وتطوان.

وفي عام 1992، انتخب عضوا ثم نائبا لرئيس الجماعة الحضرية "سيدي المنضري" بتطوان.

وتبعا لذلك شغل عضوية المجموعة الحضرية بتطوان ورئاسة لجنة المالية والميزانية بكل من الجماعة والمجموعة.

وكان العلمي عضوا بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بولاية تطوان منذ 1992، وعضو المجلس الإقليمي في نفس المدينة منذ 1997.

في إطار مشاريع التعاون الدولي المتعدد الأطراف، أسهم العلمي في إنجاز عدة دراسات وتقديم خدمات للجماعات المحلية من أجل تقوية قدراتها في مجال تدبير الشأن المحلي على المستوى الوطني وعدد من الدول الإفريقية.

كما تقلد مسؤولية إعادة تشييد البنيات التحتية بالأراضي الفلسطينية المحتلة وعمل خبيرا بعدة مكاتب دراسات دولية.

أخذ العلمي عضوية في الجمعية الدولية للتخطيط الإستراتيجي من أجل محاربة الفقر في المدن، وانتخب عضوا في اللجنة المركزية لحزب التجمع الوطني للأحرار في المؤتمر الوطني الثالث المنعقد سنة 2001، كما يشغل مهام منسق الحزب بإقليم تطوان منذ 1996.

تقلد منصب وزير في 3 مناسبات، وزيرا للصناعة والتجارة ما بين نوفمبر/تشرين الثاني 2002، وحتى يونيو/حزيران 2004، ثم مباشرة وزيرا منتدبا مكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة إلى أكتوبر/تشرين الأول 2007.

ثم أصبح وزيرا للشباب والرياضة ما بين أبريل/نيسان 2017، إلى أكتوبر 2019

وفي 2009 انتخب العلمي رئيسا لمجلس جهة طنجة تطوان، ليعاد انتخابه على رأس هذا المجلس في 2012.

وفي تعليق على سيرة الطالبي العلمي، قال الكاتب المغربي، بوشعيب أمين: "كتبتُ اسم هذا الشخص على شبكة الإنترنت، فكانت النتيجة صادمة، فالرجل -حسب عدة مصادر عليمة- متورط في عدة فضائح مالية".

وفي مقال نشره على موقع "الرأي اليوم" في 21 أبريل 2023، أضاف أمين "بالرجوع إلى تاريخ هذا الكائن السياسي الخرافي نجد أيضا أنه كان متابعا بتهمة التهرب الضريبي وغيرها".

وبين أن "الفضائح السياسية والمالية، والفساد بجميع أنواعه، لن يمنعا أيّ شخص من تولي المناصب السامية، والمسؤوليات الكبيرة، شرط أن يتمتع بعلاقات متشعِّبة مع ذوي السلطة والنفوذ".