صراعات مسلحة.. هذه مآلات استمرار واشنطن في تشكيل تحالفات ضد الصين
سلط موقع روسي الضوء على تصريحات الصين التي قالت إن معظم دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ "لا تدعم المواجهة بين التكتلات الموجودة" في المنطقة.
وأشار موقع "روسيا اليوم" إلى أن "دول آسيا والمحيط الهادئ تعارض تغلغل حلف شمال الأطلسي (الناتو) في المنطقة، ولن تسمح بتكرار حرب باردة أو ساخنة في آسيا".
وذكر أنه في السنوات الأخيرة شاركت الولايات المتحدة بنشاط في تطوير العديد من المنظمات الإقليمية، بما في ذلك "الناتو"، في محاولة منها لاحتواء الصين.
وفي هذا الإطار، تحدث الموقع عن المنظمات والتحالفات التي شاركت فيها الولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، موضحة مآلات استمرار وجود هذه التحالفات.
قلق بالغ
وقال ممثل وزارة الخارجية الصينية، وان ون بين، إن "معظم دول آسيا والمحيط الهادئ لا يدعمون الدخول في صراع بين التكتلات الموجودة في المنطقة"، كما أوضح أنهم يعارضون وجود "الناتو" فيها.
واستطرد: "تتحدث بعض الدول شفهيا عن حريتها وانفتاحها، وتعلن عن رغبتها في الحفاظ على السلام والازدهار في المنطقة، لكنها في الواقع منخرطة باستمرار في تكوين تكتلات عسكرية مختلفة، بالإضافة إلى أنها تحاول دفع الناتو شرقا إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ".
وتابع ممثل الوزارة: "موقف معظم دول المنطقة واضح للغاية بشأن محاولات تلك الدول، حيث تعارض دول المنطقة تشكيل تكتلات عسكرية مختلفة في المنطقة ولا توافق على مد مخالب الناتو إلى آسيا".
وأضاف أن دول المنطقة لن تسمح "بتكرار الحرب الباردة أو الحرب الساخنة في آسيا".
وفي السابق، أشار الموقع الروسي إلى إبداء الصين معارضتها مرارا وتكرارا إنشاء الولايات المتحدة لتكتل "أوكوس" وتحالفي "كواد" و"الناتو" وتدخلها في المنطقة.
وفي نفس الوقت، شدد وزير الدفاع الصيني، لي شانغ فو، أوائل يونيو/ حزيران 2023، على أن "ظهور تحالفات عسكرية مثل الناتو من شأنه أن يزعزع أمن المنطقة ويغرقها في دوامة الصراع".
وذكر الموقع أن الخبراء السياسيين يرون أن "سياسة الولايات المتحدة المتمثلة في إنشاء تكتلات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ تؤدي إلى تقويض الأمن الإقليمي".
وردا على طلب الصحفيين بالتعليق على كلمات عدد من المشاركين في مؤتمر "شانغريلا" للأمن الدولي، أعرب وزير الدفاع السنغافوري، نغ يونغ هين، عن رأيه بأن "دول آسيا والمحيط الهادئ لا تريد أن تضطر للاختيار بين الصين والولايات المتحدة"، وفقا لـ"روسيا اليوم".
وتابع: "إن دول الآسيان، التي تتذكر بوضوح المنافسة بين القوى العظمى في ماضينا وكيف أدت إلى تدميرها، تشعر بقلق عميق من أن تدهور العلاقات بين هاتين القوتين، أي الولايات المتحدة والصين".
والجدير بالذكر أيضا أنه خلال مؤتمر حوار "شانغريلا"، تحدث وزير الدفاع الصيني أيضا عن "محاولات إنشاء كتل مثل الناتو في منطقة آسيا والمحيط الهادئ".
وفي رأيه، كما يشير الموقع، "يمكن لمثل هذه السياسة أن تغرق المنطقة في دوامة من الانقسامات والصراعات".
وذهب الموقع إلى أن "الهدف الحقيقي من إقامة تحالفات عسكرية مثل الناتو في منطقة آسيا والمحيط الهادئ هو جعل دول المنطقة رهينة وورقة رابحة في الصراعات والمواجهات".
ودون تسمية الولايات المتحدة بشكل مباشر، قال لي شانغ فو إن "إحدى الدول تتدخل باستمرار في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتعتمد على عقلية الحرب الباردة، مما يزيد بشكل كبير من المخاطر الأمنية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ".
وبحسب الموقع الروسي، في حديثه عن العلاقات الصينية الأميركية، أكد الوزير أن "العلاقات بين الدولتين الآن في أدنى مستوى في التاريخ"، مضيفا أن البلدين "يحتاجان إلى إيجاد لغة حوار مشتركة".
إثارة التوتر
ولفت "روسيا اليوم" إلى أنه "في السنوات الأخيرة، شاركت الولايات المتحدة بنشاط في تطوير العديد من المنظمات الإقليمية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في وقت واحد".
ولذلك، في عام 2021، أنشأت الولايات المتحدة تكتل "أوكوس"، والذي تضمن أيضا المملكة المتحدة وأستراليا.
وذكر الموقع أن أحد أهداف هذا التكتل كان "نقل التكنولوجيا إلى كانبرا، عاصمة أستراليا، لبناء غواصات نووية".
وأشار إلى أن الاتحاد الروسي والصين "كانا ينظران إلى مثل هذا التكتل بشكل سلبي".
وصرح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف عام 2022، بأن أنشطة الولايات المتحدة في كوسوفو "يمكن أن تؤدي إلى نزاع تسلح".
وقال لافروف: "لدينا أسئلة حول التعهد المثير للجدل لأستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة لإنشاء شراكة مغلقة (أوكوس)، فمن الواضح أن هذا التحالف له تأثير سلبي على نظام منع الانتشار النووي، ويثير التوتر ويخلق المتطلبات الأساسية لبدء جولة جديدة من صراع تسلح".
كما أعربت السفارة الصينية في المملكة المتحدة عن وجهة نظر مماثلة في أبريل/ نيسان 2023، وشدد دبلوماسيون على أن "التعاون بين أعضاء التكتل في مجال بناء الغواصات النووية يخلق خطر الانتشار النووي ويقوض نظام عدم الانتشار النووي الدولي".
بالإضافة إلى ذلك، لفت الموقع إلى مشروع إقليمي آخر تدعمه الولايات المتحدة هو تحالف "كواد"، والذي يضم أستراليا والهند والولايات المتحدة واليابان.
وبشأن هذا التحالف، تعتقد الصين أن الأهداف الرئيسة للشكل الرباعي هي "احتواء الصين والحفاظ على الهيمنة الأميركية"، وفقا لممثل وزارة الخارجية الصينية في عام 2022، تشاو ليجيان.
في المقابل، نقل الموقع رأي الاتحاد الروسي بشأن تحالفي "أوكوس" و"كواد"، حيث ترى أنهما "يهدفان إلى تآكل الأشكال الحالية للتعاون في منطقة آسيا والمحيط الهادئ".
ولفت الأنظار إلى التحالف الثالث والأهم، والذي تلعب الولايات المتحدة فيه دورا رائدا وهو "الناتو".
وبالإضافة إلى دول الحلف، ذكر الموقع أنه يضم الآن أربع دول من منطقة آسيا والمحيط الهادئ، أستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية، وإسرائيل.
وأشارت إلى أن واشنطن الآن في صدد إقناع الهند بالانضمام إلى "الناتو".
الحد من النفوذ
وفي نهاية التقرير، نقل الموقع عن المحللين السياسيين رؤيتهم بأن "العديد من دول آسيا والمحيط الهادئ، وفي مقدمتها الصين، ليست مهتمة حقا بجلب سياسات الكتلة إلى المنطقة"، مضيفة أنه "قد يتم جذبهم إليها ضد إرادتهم".
وبشكل نظري، رأى رئيس قطاع الاقتصاد والسياسة الصيني في مركز لدراسات آسيا والمحيط الهادئ، سيرجي لوكونين، أن "معظم دول آسيا والمحيط الهادئ تعارض مواجهة التكتلات".
لكن في نفس الوقت، تساءل الخبير السياسي: "ما الذي يمكنهم فعله لعدم المشاركة في مثل هذه الكتل؟"، موضحا أن الدول الرائدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ تندمج بالفعل في تحالف أو آخر، وفق الموقع الروسي.
بدوره، أشار المدير العلمي لمعهد الصين وآسيا الحديثة التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ألكسندر لوكين، إلى أن "عملية تشكيل الكتل في منطقة آسيا والمحيط الهادئ قد تتأثر أيضا بمخاوف بعض الدول في المنطقة من قوة الصين".
وقال الخبير في مقابلة مع "روسيا اليوم": "بعض الدول تعد العلاقات مع الولايات المتحدة أو أستراليا، موازنة لصعود الصين".
وأضاف: "لقد أنشأت الولايات المتحدة هذه الأنواع من التكتلات من أجل احتواء الصين"، لافتا إلى أن الدول على المستوى الرسمي تصف الصين بأنها "تهديد".
وأوضح الخبير كذلك أن "واشنطن تعد الصين دولة غير ديمقراطية لديها الموارد والنفوذ للوصول إلى واجهة العالم، مما قد يؤدي تقويض نفوذ الولايات المتحدة".
وبعد كل شيء، قال الموقع إنه "يمكن اعتبار الوضع آمنا فقط عندما تكون الحرب في المنطقة أقل احتمالا"، مضيفة أن "ظهور التحالفات في آسيا يزيد من مخاطر الاشتباكات العسكرية".