سلطان الجابر.. لماذا يعمل رئيس "كوب 28" على تبييض صفحته في ويكيبيديا؟

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على خطوات الإمارات العربية المتحدة من أجل مواجهة الانتقادات بشأن تعيين سلطان الجابر، الرئيس التنفيذي لشركة النفط الحكومية "أدنوك" رئيسا للدورة الثامنة والعشرين لقمة "كوب 28" في دبي.

وتحاول الإمارات السيطرة على ما يقال عن الجابر وعن مؤتمر المناخ، المزمع تنظيمه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، من خلال موسوعة الإنترنت، ويكيبيديا.

وقالت صحيفة الدياريو إن سلطان الجابر، متهم بمحاولة تلميع صورته بعد أن تبيّن أن أعضاء فريقه عدلوا صفحات ويكيبيديا في إشارة إلى دوره كرئيس تنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية، أدنوك.

من بين التغييرات التي أدخلها فريقه على مقالات ويكيبيديا، يبرز اقتباس من افتتاحية جاء فيها أن "الجابر هو الحليف المنتظر من أجل المناخ".

في الأثناء، كشف مركز التقارير المناخية غير الحكومية وصحيفة الغارديان البريطانية، أن محرري هذه التغييرات على ويكيبيديا عمدوا إلى إزالة كل المعلومات التي تحيل إلى صفقة تطوير خط أنابيب بمليارات الدولارات جرى توقيعها خلال سنة 2019. 

في هذا المعنى، قالت النائبة في البرلمان عن حزب الخضر البريطاني كارولين لوكاس، إن "شركات النفط ومديريها التنفيذيين ينتقلون إلى مستوى جديد من تلميع صورتهم".

إذ يتولون رئاسة مؤتمرات المناخ العالمية، ثم يطلبون من موظفيهم إزالة الانتقادات الموجهة إلى نفاقهم الصارخ من ويكيبيديا، وفق تعبيرها. 

وأشارت لوكاس إلى أن هذا النوع الجديد من تلميع صورة كبار مسؤولي قطاع النفط يعتمد على شكل من أشكال الدعاية يجرى فيها تنفيذ التسويق الأخضر بطريقة خادعة لتعزيز التصور بأن منتجات أو أهداف أو سياسات المنظمة التابعين لها تحترم البيئة، من أجل زيادة أرباحهم. 

سجل ملطخ "بالنفط" 

ونقلت الصحيفة أن حكومة الإمارات تسيطر على حوالي ستة بالمائة من احتياطيات النفط في العالم، وقد تلقت انتقادات كثيرة لتعيين مسؤول تنفيذي من صناعة الوقود الأحفوري (المسؤول عن تدهور المناخ وتغيره خلال السنوات الماضية) على رأس كوب 28.

ودعت مجموعة من 130 برلمانيا من الكونغرس الأميركي والبرلمان الأوروبي خلال الأسابيع الماضية إلى إقالته من رئاسة القمة.

أمام هذا الوضع، وظف الجابر وكالات علاقات عامة كبرى ومكاتب استشارات مهمة من أجل تثمين عمله كمدافع عن الاستثمارات في الطاقة المتجددة.

في المقابل، رحّب بتعيينه رئيسا لقمة المناخ، كوب 28، مبعوث الرئيس الأميركي الخاص للمناخ، جون كيري، من بين شخصيات أخرى في دبلوماسية المناخ الدولية.

ونقلت الصحيفة أن متحدثا باسم كوب 28 أكد قائلا: "سنواصل ضمان أن تظل جميع مصادر المعلومات العامة حول رئاسة قمة المناخ القادمة والقيادة محدثة واستنادا إلى حقائق دقيقة"، في إشارة إلى العمل الذي قام به الجابر بشأن القضايا المناخية خلال السنوات العشر الماضية.

وبشكل عام، كان دور الجابر كمدير عام لشركة أدنوك ورئيس قمة المناخ، كوب 28، في قلب الجدل.

ونوهت الصحيفة بأن وكالة الطاقة الدولية قد حذرت من أنه لا يمكن أن تكون هناك مشاريع جديدة للنفط والغاز إذا كان العالم يريد خفض صافي انبعاثات الكربون بحلول عام 2050.

إلا أن شركة بترول أبوظبي الوطنية، أدنوك، تتوقع نموا هائلا في إنتاج الوقود الأحفوري في الإمارات العربية المتحدة.

وأضافت "الدياريو" أن التعديلات التي أجريت منذ مارس/آذار 2022 على ملف تعريف الجابر على موقع ويكيبيديا، تشير إلى أي مدى يحاول المسؤول تشكيل تصورات حول حياته المهنية في صناعة الوقود الأحفوري.

تغييرات مثيرة

وكشفت الدياريو أن أحد مستخدمي ويكيبيديا، الذي ادعى أنه تلقى مقابلا ماليا من أدنوك والذي لم يكشف عن هويته، اقترح على محرري الموسوعة إزالة الإشارة إلى اتفاقية بقيمة أربعة مليون دولار لتطوير أنابيب النفط، جرى التوقيع عليها في عام 2019 من قبل المدير العام آنذاك وصناديق الاستثمار الأميركية العملاقة بلاك روك وكيه كيه أر. 

في المقابل، اقترح المستخدم أن تسلط الصفحة الضوء بدلاً من ذلك على أن أدنوك خصصت عائدات من زيادة إنتاج النفط للاستثمارات "في الوقود الأخضر وتقنيات التقاط الكربون".

ومع ذلك، أجريت بعض التغييرات المقترحة فقط على صفحة ويكيبيديا الجابر. وردّ محرر الموسوعة على أحد المستخدمين بالقول إن "المواد الموثقة بشكل جيد والتي تضيف معلومات مهمة تظل دائما، حتى لو كانت تحمل تفاصيل أكثر قليلا مما تود الشركة الكشف عنه في مقال". 

في الأثناء، قال متحدث باسم أدنوك: "نحن فخورون جدًا بإنجازات الدكتور سلطان بصفته رائدا عالميا في مجال الطاقة، ونراجع المحتويات باستمرار للتأكد من دقتها".

وأردف: "تم طلب التحديثات من ويكيبيديا في ربيع وصيف عام 2022، بطريقة شفافة تماما ووفقا لإرشادات الموسوعة".

وفي الآونة الأخيرة، وعلى الرغم من "تحذير" أحد مديري ويكيبيديا المتطوعين، عدّل أحد أعضاء فريق كوب 28 المقالات مباشرة على الموسوعة الحرة. 

وفقًا للمستخدم، كانت المقدمة تحتوي على "تفاصيل كثيرة جدا". وكان اقتراحه أن ينوه ببساطة بأن الجابر قد جذب "استثمارات دولية" لشركة أدنوك.

كما أوصى محرري الموسوعة الإلكترونية بإزالة اقتباس من صحيفة فايننشال تايمز البريطانية سلط الضوء على التناقض في تسمية الجابر، الشخص الذي يقود التوسع في الوقود الأحفوري في البلاد، على أنه "قيصر" المناخ في الإمارات العربية المتحدة.

ونقلت الصحيفة عن السيناتور الأميركي، شيلدون وايتهاوس، الذي دعا إلى استبدال الجابر وازاحته من رئاسة القمة، أنه "ليس من المستغرب أن يحاول كوب 28 تسليط الضوء على دور هذا الشخص في دعم مسألة المناخ".

ولكن، نظرا لأنه مسؤول تنفيذي لصناعة النفط، فهو مسؤول أيضا عن الكثير من الأضرار التي لحقت بكوكب الأرض، وفق قوله.

ودعا وايتهاوس الأمم المتحدة، التي تشرف على تنظيم مؤتمرات المناخ، إلى "إعادة التفكير في كيفية إدارتنا لهذه المنتديات المهمة للغاية" لتجنب التأثير غير المبرر لصناعة الوقود الأحفوري. 

وبحسب مروة فطافطة، مديرة السياسات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة أكسس ناو للدفاع عن الحقوق الرقمية، فإن هذه المعلومات "المثيرة للقلق" هي ​​جزء من المحاولة واسعة النطاق التي تقودها الإمارات "للسيطرة على السرد" وأيضا "تلميع صورة الجابر".

وتواصل: "كانت هناك انتقادات عندما جرى تعيينه، وأعتقد أنه كلما اقتربنا من كوب 28، سيزداد هذا النقد أكثر فأكثر. لذا أرى أنها خطوة استباقية للتحكم في السرد وتشكيله قدر الإمكان"، قبل نوفمبر.