الإعلام الإيراني وانتخابات تركيا.. لماذا دعم كليتشدار أوغلو وحرض ضد أردوغان؟

12

طباعة

مشاركة

على غرار وسائل الإعلام العالمية، تابعت الصحافة الإيرانية عن كثب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية التي أجريت في 14 مايو/أيار وشهدت جولة إعادة للرئاسيات في 28 من ذات الشهر.

وفي التقارير المنتشرة قبل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، كانت الصحف الإيرانية تتساءل: هل الأفضل لإيران أن يتولى الرئيس ومرشح تحالف الجمهور رجب طيب أردوغان رئاسة تركيا أم منافسه مرشح تحالف الأمة كمال كليتشدار أوغلو؟

وفاز أردوغان بأكثر من 52 بالمئة من إجمالي الأصوات بينما تصدر حزب العدالة والتنمية الانتخابات التشريعية ليفوز تحالف الجمهور الذي ينتمي إليه بأغلبية مريحة في البرلمان بحصوله على 323 مقعدا من أصل 600. 

أيهما أفضل؟

وتناولت وسائل الإعلام الإصلاحية والمعتدلة أنه من الأفضل لمصالح إيران أن يصبح كليتشدار أوغلو رئيسا لتركيا، بينما تبنت وسائل الإعلام المحافظة نبرة أكثر ترددا دون أن تكون في صف أردوغان.

وقد تداولت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" عنوان "أردوغان يفوز في الانتخابات الرئاسية" بعد أن اتضحت نتائج الجولة الثانية.

فبعد أن اتضح فوز رئيس حزب العدالة والتنمية، نقلت وكالة "إرنا" عن صحيفة "الأخبار" اللبنانية تقريرا تحليليا تحت عنوان "كيف ستكون سياسة أردوغان الخارجية بعد الانتصار؟"

واستند التحليل إلى أطروحة مفادها أن تركيا برئاسة الرئيس أردوغان ستقوي علاقاتها مع إيران وروسيا في الفترة الرئاسية الجديدة.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن المجلس الأطلسي تحليلا آخر بعنوان "طريقة أردوغان الصعبة لإحياء تركيا".

وفي هذا التحليل، يُزعم أن تركيا تواجه مشكلات أمنية وسياسية واقتصادية مختلفة، وهذا الوضع يتطلب من أردوغان أن يتبنى نهجا وخطة جديدين.

كما نشرت وكالة "تسنيم"، وهي شبه رسمية مقربة من الحرس الثوري الإيراني، سلسلة تحليلية من ثلاثة أجزاء بعنوان "آثار إعادة انتخاب أردوغان على السياسة الداخلية والخارجية لتركيا".

وقالت الصحيفة، إن أردوغان نال ثقة الشعب التركي وسيحكم البلاد لمدة 5 سنوات أخرى، قيل إن "تغييرات ستحدث في السياسة الداخلية لتركيا، وكذلك الخارجية، خاصة في سياسات الشرق الأوسط والقوقاز".

وجرى التأكيد على أن "منطقة القوقاز إحدى المناطق التي ستشهد بعد فوز أردوغان تسارع بعض التطورات السياسية والإقليمية".

وافتتحت وكالة "تسنيم" للأنباء، قسما خاصا بالانتخابات التركية على موقعها الرسمي، وعينت علي حيدري لمتابعتها عن كثب.

وسرعان ما شاركت وكالة "فارس" للأنباء، التابعة للحرس الثوري وقيادة فيلق القدس، التطورات بسرعة مع متابعيها من خلال إنشاء صفحة خاصة على موقعها الإلكتروني لعرض نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

ونشرت وكالة "مهر" للأنباء، تقريرا بعنوان "كيف فاز أردوغان في الانتخابات؟". وزعمت أن حزب العدالة والتنمية (الحاكم) ليس لديه خطة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية، وأكدت أن الفترة الأخيرة من ولاية الرئيس ستمر في ظل ظروف صعبة.

واجتمعت الوكالة، وتلفزيون "فوكس" ووسائل الإعلام المعارضة الأكثر متابعة في تركيا، وصحيفة "سوزكو" على فكرة أن "أردوغان فاز بعدد قليل جدا من الأصوات، ولذلك انقسمت البلاد اجتماعيا إلى قسمين مثل البطيخ"، وفق وصفها.

ونشرت صحيفة "شهروند" الإيرانية الحكومية عنوانا رئيسا جاء فيه "الفترة الضبابية لزعيم القبيلة"، وأدرجت تحته رسما كاريكاتوريا يشبه الرئيس أردوغان بالسلاطين العثمانيين.

ومن الجدير بالذكر أن ذات الصحيفة كتبت  "تركيا تنجرف نحو الديكتاتورية" ضمن عناوينها الرئيسة في خبر نشرته عام 2017، مما أثار التوترات بين البلدين.

وكانت قد نشرت في أخبارها سيرة مختصرة عن الرئيس أردوغان، مستخدمة العنوان الفرعي "من بيع الخبز بالسمسم (السميت) إلى الانضمام للأوساط الإسلامية".

تغطية الانتخابات

وتناولت وسائل إعلام فارسية، تصريحات رئيس حزب الشعب الجمهوري كليتشدار أوغلو، عام 2011 التي قال فيها إن "أجدادي جاءوا من خراسان، أرزوروم". كما ذكر خلال فترة الانتخابات الأخيرة أنه "علوي"، عن طريق مقطع فيديو نشره على حسابه الرسمي على تويتر.

وتداولت بعض وسائل الإعلام الفارسية أنباء عن أن كليتشدار أوغلو إيراني الأصل، استنادا إلى قوله: "أجدادي جاءوا من خراسان".

ونشر موقع "انتخاب" الإيراني الإخباري، مقطع فيديو بعنوان "من سيفوز في الانتخابات؟ هل أردوغان المنافس لإيران؟ وأي المرشحين سيفيد طهران؟"

وقد أدلى الموقع الشهير بالتصريحات التالية: "العلاقات التركية الإيرانية تسير في مسار إيجابي، لكن العلاقات تضررت بسبب عدة عوامل مثل سياسة أردوغان تجاه سوريا وموقفه في العلاقات بين أذربيجان وإيران".

وأردف: "لن يسعد المسؤولون الإيرانيون بفوز كليتشدار أوغلو لأسباب أيديولوجية، لكن كونه إيرانيا وعلويا قد يثير التعاطف".

وعلى الرغم من أن فوز كليتشدار أوغلو سيسبب مشكلات في العلاقات بين البلدين، فإن العلاقات بين إيران والغرب ستكون متوازنة، وسيتم إحياء خطة العمل المشتركة الشاملة المتعلقة بالاتفاق النووي، وفق قوله.

وتساءلت صحيفة "اعتماد" المقربة من السياسي المعارض الإصلاحي الإيراني مهدي كروب: "أردوغان أم كليتشدار أوغلو، من تريد إيران الفوز؟"

وقالت الصحيفة في تقرير لها إن "إعادة انتخاب أردوغان لن تكون في مصلحة إيران، وأن العلاقات الودية المشتركة لا تشكل أولوية" للرئيس التركي الحالي.

وتضمنت الأخبار مزاعم بأن "فكرة قيام حزب العدالة والتنمية بإقامة علاقات ودية مع إيران ليست صحيحة، وأن سياسات أردوغان العثمانية الجديدة تهدد طهران".

ونشرت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" تقييمها بعنوان "هل أردوغان؟ أم كليتشدار أوغلو؟".

وقالت إنه "حتى لو لم تدعم إيران أردوغان، فإن المعارضة ستكون موالية للغرب، وحتى لو لم يعلن كليتشدار أوغلو أنه عدو لطهران فلن تبقى المعارضة محايدة في بعض القضايا المتعلقة بها".

واستندت الصحف الإيرانية في هذا التقييم إلى فيديو كليتشدار أوغلو تحت عنوان "لا غرب ولا شرق، هذا الطريق تركي"، والذي نُشر خلال فترة الانتخابات. 

وفي هذا الفيديو، أعلن كليتشدار أوغلو عن مشروع الطريق التجاري الذي يربط تركيا بالعالم التركي والصين، والذي يكون طريقه إيران بدلا من أذربيجان.

صحيفة "كيهان"، التابعة للمرشد الأعلى علي خامنئي وصفت الرئيس أردوغان بأنه "إسلامي علماني"، واستهدفت الإصلاحيين الإيرانيين من خلال الانتخابات التركية.

وقالت: "بينما يفضل العراق وسوريا تحمل العواقب الوخيمة لسياسات أردوغان، تتبنى إيران سياسة صبورة وتنتظر التطورات". 

وأكدت الصحيفة أن الغرب سيكون مسرورا بهزيمة أردوغان. وذكرت كذلك أن الانتخابات سيكون لها تأثير كبير على أمن أوروبا والشرق الأوسط، وأن من سيتم انتخابه سيحدد مصير العديد من الأحداث.

وتعتقد أن تركيا لديها فرصة لوقف الضرر الذي ألحقته إدارة أردوغان والتحرك نحو حكومة أكثر ديمقراطية.

كما تضمنت الصحيفة تقييما بأن انتصار المعارضة سيكون مفيدا أيضا لجيران تركيا الأوروبيين، وذا أهمية جيوسياسية كبيرة للغرب.

ومن جهة أخرى، بينما أظهرت الرسوم الكاريكاتورية في الأخبار كليتشدار أوغلو على أنه أكثر ثقة في نفسه، صورت أردوغان على أنه أكثر اهتزازا.

"القرن التركي"

وأبدت وسائل الإعلام الإيرانية انزعاجها من بناء الرئيس أردوغان حملته الانتخابية على شعار "قرن تركيا"، في إشارة إلى المئوية الثانية للجمهورية. 

واستخدم أردوغان تعبير "قرن تركيا" قبل بدء الحملة الانتخابية، وقد ذكر مرارا أنهم سيبنونه في السنوات الخمس المقبلة.

وقبل بدء الحملة الانتخابية في تركيا، نشرت وكالة "تسنيم" للأنباء المقربة من جيش الحرس الثوري الإيراني مقالا من ثلاثة أجزاء بعنوان "هل أبعاد حلم القرن التركي حقيقية؟"

وفي الجزء الأول من هذا المقال، أكدت على أن 3 أسئلة مهمة يمكن أن تتحدى شعار "قرن تركيا".

وضمت وكالة "تسنيم" الإخبارية البيانات التالية في ملفها: “أردوغان الذي أعلن عن أهداف عام 2023 قبل 12 عاما، بالكاد يمكن أن يصل إلى أي من هذه الأهداف".

وتساءلت: "كيف سيحقق الاقتصاد التركي هذا الهدف المبالغ فيه والطموح للغاية على الرغم من أنه في أكثر المواقف خطورة؟"

وأردفت: "تركيا دولة بحاجة للطاقة وتنفق حوالي 60 مليار دولار من ناتجها المحلي الإجمالي كل عام على مشتريات النفط والغاز".

وتابعت بالقول: "يؤثر هذا الوضع بشكل مباشر على الشعب ويعيش الناس تحت خط الفقر"، وفق زعمها.

وتساءلت أيضا: "هل ما زال من الممكن الحديث عن التطور السريع في مثل هذا البلد؟ يضم فريق أردوغان أكاديميين وأساتذة مفكرين مثل برهان الدين دوران وإبراهيم كالين، لماذا لا يتحدث هؤلاء الأكاديميون والمثقفون عن أن شعار قرن تركيا مبالغ فيه؟"

يبدأ الجزء الثاني من المقال بالنقد القائل بأنه "بينما لا تقدم دولة قوية ومهمة مثل الصين مثل هذا الادعاء المبالغ فيه، فإن تركيا تدعي أنها تركت بصماتها على القرن الحادي والعشرين في مجالات الاقتصاد والعلوم والدفاع"، وفق تعبيره.

وفي هذا الجزء من المقال، جرى الاعتراض بشدة على عبارة "قرن تركيا"، وطُرح سؤالان آخران:

الأول، هل يفكر القادة السياسيون والأحزاب الأخرى في أنقرة مثل أردوغان وحزب العدالة والتنمية؟ هل يمكن تقدير "قرن تركيا" حلما وطنيا؟

الثاني، ما نوع الاستعدادات والبنية التحتية لدى حزب العدالة والتنمية الذي يحكم منذ 20 عاما، لتحويل الـ 77 عاما المتبقية من القرن الحادي والعشرين إلى "القرن التركي"؟

وتختتم وكالة أنباء "تسنيم" مقالها بالعبارة التالية: "في النهاية، سيبقى الادعاء المبالغ فيه بأن القرن الواحد والعشرين سيكون قرن تركيا "شعارا انتخابيا وحزبيا"، وفق وصفها.