مداهمة الأمن العراقي "مخيم مخمور".. هل يحسن العلاقات مع تركيا؟ 

12

طباعة

مشاركة

سلط مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأوسط (أورسام) الضوء على خطوات الحكومة العراقية لتحقيق الأمن في مخيم مخمور للاجئين وأهميته بالنسبة لحزب العمال الكردستاني "بي كا كا".

وكانت الحكومة العراقية قد حاولت السيطرة على مخيم مخمور على بعد 105 كم جنوب شرقي الموصل ونحو 70 كم غربي أربيل وأرسلت قوات الأمن إلى المنطقة في مايو/أيار 2023.

إلا أنّ المقيمين الذين يعيشون في المخيم نظموا احتجاجات، ونتيجة لذلك اضطرت قوات الأمن العراقية إلى الانسحاب، في وقت تقول مصادر أخرى إن العملية مستمرة. 

وبدأ الجيش العراقي نهاية مايو، عملية حفر خندق وإنشاء نقاط مراقبة أمنية حول مخيم مخمور، الذي يضم المئات من أسر مسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، والموجود على الحدود بين محافظتي نينوى وأربيل.

وتقول مصادر محلية إن المخيم يضم أكثر من 1500 أسرة من أكراد تركيا، وهم من عائلات مسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة.

خطوات عملية

واستدرك المركز التركي بالقول: "يبدو أن الحكومة العراقية، التي لم تتخذ خطوات بشأن هذه القضية منذ فترة، قد اتخذت الآن خطوة أخرى ضد مخمور".

ففي 20 مايو، ذهب وفد من الحكومة العراقية برفقة قوات الأمن إلى المنطقة والتقى بوفد من المخيم، وفق ما قال الكاتب التركي "بيلجاي دومان". 

وبحسب تقارير إعلامية محلية، من المعروف أن الحكومة العراقية عرضت 4 شروط على السكان المحليين المسؤولين عن المخيم وهي كالتالي:

إغلاق المخيم بأسوار سلكية وضمان الأمن من قبل الجيش والشرطة، ضمان دخول وخروج المخيم عبر طريق واحد، إغلاق الطرق بالحواجز الخرسانية، ثم رابعا أن يطلب من الشرطة المحلية العودة إلى المخيم.

وأصدرت الحكومة العراقية بياناً قالت فيه إن هذه الخطوات تهدف إلى ضمان سلامة الموجودين في المخيم "لأنه أصبح مركزا للتلقين العقائدي حيث تعشش منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية فيه"، وفق الكاتب.

وبحسب الأرقام الرسمية، حقق التنظيم المصنف إرهابيا سيطرة كاملة على جميع مناطق المخيم التي يعيش فيها نحو 13 ألف شخص. 

ولفت الكاتب النظر إلى أنه لن يكون من الخطأ القول إن حزب العمال الكردستاني يحاول السيطرة على حياة كل فرد في المخيم وتشكيلها منذ الولادة وحتى الموت. 

وأشار إلى أن المخيم أصبح مركزا للإنتاج المسلح والدعاية لحزب العمال الكردستاني. 

فبالإضافة إلى التدريبات العقائدية والأيديولوجية والتكتيكية المقدمة في المدارس ومراكز التدريب هنا، يجرى تجنيد المقاتلين في المنظمة من خلال منظمات غير حكومية مختلفة أنشئت في كل مجال تقريبا، وفق قوله. 

ولا ينبغي أن يقتصر هذا التشدد على تشكيل القوات المسلحة، فهناك تشدد في كل مجال تقريبا من السياسة إلى الثقافة "التي ستدعم المنظمة الإرهابية".  

أهمية مخمور

وأشار الكاتب إلى أن مخيم مخمور اكتسب في الآونة الأخيرة أهمية أكبر بكثير بالنسبة لحزب العمال الكردستاني بفضل العمليات العسكرية التركية في شمال العراق.

بالإضافة إلى العمليات الموجهة ضد الأشخاص في مواقع مهمة لحزب العمال الكردستاني، والتي نجم عنها فقدانه لأراض ودعم بشكل كبير.  

وأدى نضال تركيا الفعال في شمال العراق، وخاصة على الخط الحدودي، إلى قطع الاتصال في الممر الشمالي الممتد من جبل قنديل، الذي يعد مركز التنظيم الإرهابي، إلى سوريا، يقول الكاتب. 

وأضاف دومان: حاول حزب العمال الكردستاني، إقامة اتصال من الجو بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الوطني الكردستاني بعد أن عجز عن ذلك من الأرض.

وقد جرى الكشف عن هذا الوضع بوضوح من خلال تحطم المروحية في دهوك في 15 مارس، والتي كانت تحمل ذخيرة وقتل فيها 7 أشخاص، ولم تعرف هويتها.

ووقتها، نفت وزارة الدفاع التركية صحة مزاعم تداولتها حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي عن سقوط مروحية تابعة لقواتها المسلحة شمالي العراق.

وتداولت مواقع إلكترونية وحسابات مقربة من تنظيم "بي كا كا" على مواقع التواصل الاجتماعي مزاعم "بسقوط مروحية تابعة للجيش التركي في منطقة دهوك شمالي العراق".

وفي هذه المرحلة، تعطلت أيضا الخطوط اللوجستية لـ "حزب العمال الكردستاني" في الممر الشمالي، يقول الكاتب. 

لهذا السبب، من المعروف أن حزب العمال الكردستاني يحاول توفير الاتصال والدعم مع الهياكل التابعة له في سوريا من خلال خط قنديل- السليمانية- كركوك- المخمور- الموصل- تلعفر- سنجار. 

وتابع: في الآونة الأخيرة، لوحظ أن تصرفات حزب العمال الكردستاني وتحركاته قد ازدادت في كركوك وحولها.

واستدرك دومان: إن وجود حزب العمال الكردستاني في هذه المنطقة ليس جديدا. 

وعلى الرغم من ذلك، يمكن القول إن الحكومة العراقية، التي تعاملت مع أزمات سياسية وأمنية واقتصادية خطيرة في الفترات السابقة، ظلت "غير فعالة" لوجود حزب العمال الكردستاني في العراق. 

ومع ذلك، يبدو أن الحكومة العراقية قد أظهرت موقفا أكثر تصميما واستعدادا لمحاربة حزب العمال الكردستاني مقارنة بالفترات الماضية. 

وبين أن هذا الموقف من الحكومة العراقية له تأثير على التطورات الإيجابية والاستقرار في السياسة الداخلية العراقية وكذلك محاولة حزب العمال الكردستاني فرض الهيمنة على المدن.

بالإضافة إلى سوريا، فإن منظمة حزب العمال الكردستاني تحاول أيضا تطبيق "نموذج الحكم الذاتي" لزعيمها عبد الله أوجلان (معتقل في تركيا) بالعراق. لهذا، فإن سنجار ومخمور هما المركزان الرئيسان. 

تحسين العلاقات

وفي هذه المرحلة، يعتقد الكاتب أن الحكومة التي اكتسبت زخما معينا في فترة ستّة أشهر بعد تشكيلها برئاسة محمد شياع السوداني في العراق، تحاول تحقيق السيادة الكاملة سياسيا وجغرافيا وعسكريا واقتصاديا. 

في الواقع، أصبح التأكيد على "السيادة العراقية" الخطاب الأكثر شعبية في العراق في الآونة الأخيرة. ولذلك فهو يهدف إلى منع العوامل الخارجية من تعطيل الزخم الإيجابي في البلاد. 

وكان البيان الذي أدلت به الحكومة العراقية بشأن الوضع في مخمور لافتا للنظر، حيث أفاد "إن الإجراءات التي اتخذتها القوات الأمنية تهدف إلى ضمان سلامة الجميع في المخيم ضد الأعمال غير القانونية لبعض الأطراف التي تسبب عدم الاستقرار في البلاد وتضر بأمن العراق".  

من ناحية أخرى، لا يمكن تجاهل أن الخطوات الملموسة التي اتخذتها الحكومة العراقية ضد حزب العمال الكردستاني كان لها أيضا تأثير على العلاقات الجيدة القائمة مع تركيا. 

فبعد زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني إلى تركيا في فبراير/شباط 2023، زادت التوقعات بتحسن العلاقات المشتركة.

وأضاف الكاتب: أصبح موقف تركيا أكثر أهمية على صعيد "مشروع طريق التنمية" الذي سيكون مكملا لـ "مشروع ميناء فاو الكبير" الذي يظهر كأحد أهم المشاريع لمستقبل العراق، والذي يتضمن خطوط سكك حديدية وبرية ستمتد من هذا الميناء إلى الحدود التركية. 

في هذه المرحلة، يمكن رؤية بداية زيادة العراق تعاونه واتخاذ خطوات ملموسة بشأن قضية حزب العمال الكردستاني، التي أصبحت قضية رئيسة في العلاقات مع تركيا. 

وفي الواقع، من المعروف أن الحكومة العراقية بدأت في إنشاء "قوة حرس الحدود" ليس فقط في قضية مخمور ولكن أيضا بشأن حماية الخط الحدودي.

ومع ذلك، في الحرب ضد المنظمة، يبدو أن مخمور يمثل اختبارا مهما للعراق. فإذا استعاد السيطرة على المخيم، قد تكون سنجار على جدول الأعمال مرة أخرى في المرحلة المقبلة. 

من وجهة النظر هذه، إذا تمكنت الحكومة العراقية من الحد من منظمة حزب العمال الكردستاني على أراضيها، فإنها ستقدم مساهمة إيجابية في استقرارها الداخلي وفي الأمن الإقليمي وكذلك العلاقات مع تركيا.