موقع برتغالي: فرنسا حريصة على عدم إغضاب العرب لكنها تريد محاكمة الأسد
سلط موقع "إيه ريفرانسيا" البرتغالي الضوء على موقف فرنسا من رئيس النظام السوري بشار الأسد وجرائمه ومطالب محاكمته، عقب عودته إلى جامعة الدول العربية التي ترتبط مع دولها بعلاقات جيدة.
وفي 23 مايو/ أيار 2023، صرحت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، أن بلادها تؤيد محاكمة الأسد.
ففي معرض ردها على سؤال صحفي حول ما إذا كانت تؤيد أن يُحاكم رئيس النظام السوري، قالت كولونا: إن "محاربة الجرائم والإفلات من العقاب جزء من قيم الدبلوماسية الفرنسية".
وأكدت الوزيرة الفرنسية على أنه "من الواجب أن نتذكر من هو بشار الأسد، إنه زعيم عدو شعبه منذ أكثر من 10 سنوات"، مضيفة: "يجب التذكر بأن مئات آلاف القتلى سقطوا، وتم استخدام الأسلحة الكيميائية".
وقال موقع "إيه ريفرانسيا" البرتغالي إن "هذه الجرائم كفيلة بأن تذهب ببشار الأسد إلى محكمة العدل الدولية".
في المقابل، علقت وزارة خارجية النظام السوري على دعوة "كولونا"، لمحاكمة بشار الأسد، قائلة: "تابعنا أخيرا الهستيريا والمواقف المعزولة والمنفصلة عن الواقع للدبلوماسية الفرنسية التي فقدت صوابها بعد القرارات التاريخية التي اتخذتها القمة العربية في المملكة العربية السعودية تجاه سوريا".
وأضافت أن "فرنسا التي فشلت هي وأدواتها الإرهابية.. قد أصابها العمى وعدم الاعتراف بالحقائق والتغيرات الجارية على الساحتين العربية والإقليمية وعلى الساحة الدولية".
وكانت باريس قد قطعت جميع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق في عام 2011، وأوضحت وزارة الخارجية الفرنسية في مناسبات عدة أنها لا تنوي تغيير موقفها من النظام السوري.
توقيت لافت
وقال الموقع البرتغالي إن هذه التصريحات الاحتجاجية لوزيرة الخارجية الفرنسية تأتي في وقت يجري فيه الأسد استعدادات للعودة إلى الأضواء، رغم أن "الحرب الأهلية" في سوريا ما زالت مستمرة.
فخلال مايو 2023، قبلت جامعة الدول العربية عودة نظام الأسد إليها مرة أخرى، بعد أن كان مطرودا منها لمدة تقرب من عقد من الزمن.
وحضر رئيس النظام السوري القمة العربية التي انعقدت في جدة بالمملكة العربية السعودية، بناء على دعوة رسمية وجهتها إليه الرياض.
وقال مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في أوائل مايو 2023، بعد عودة الأسد لجامعة الدول العربية، إنه لم يتغير شيء بشأن موقف الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا.
وأضاف أن "العقوبات الحالية لا تزال سارية، والشرط الأساسي لتطبيع العلاقات مع النظام السوري هو التغيير السياسي في البلاد".
ومع ذلك، تجد فرنسا والاتحاد الأوروبي نفسيهما في موقف حرج؛ لأن الأسد الآن جزء من جامعة الدول العربية، وهي هيئة يتوق الأوروبيون إلى الحفاظ على علاقات قوية معها.
وبالأخص، إذا كانت الرياض تتجه الآن إلى دمشق، فيجب على باريس وبروكسل أن تقرر كيف تنوي التعامل معها.
وأشار الموقع البرتغالي إلى أنه تم التأكيد أخيرا على اتهام من بين الاتهامات التي وجهتها "كولونا" للأسد، وهو ما يتعلق باستخدام الأسلحة الكيميائية في الحرب المستمرة منذ أكثر من عِقد.
ففي يناير/ كانون الثاني 2023، أدان تقرير صادر عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أو ما يُعرف بـ"OPCW" نظام الأسد بشن هجوم بالأسلحة الكيميائية في مدينة دوما، أهم مدن محافظة ريف دمشق، في عام 2018.
وقالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في بيان، إن "وحدة النخبة "قوات النمر" السورية أسقطت أسطوانتين تحتويان على غاز الكلور السام على بنايتين سكنيتين في منطقة مأهولة بالسكان المدنيين في دوما.
وأفاد البيان بأن ذلك تم في ليلة 7 أبريل/ نيسان 2018، وأسفر عن مقتل 43 شخصا وإصابة العشرات، معظمهم من المدنيين.
أدلة مؤكدة
وأوضحت المنظمة أن "الأدلة تشمل 70 عينة بيئية وطبية حيوية، و66 شهادة شهود، وغيرها من البيانات التي تم التحقق منها، مثل التحليل الجنائي، وصور الأقمار الصناعية، ونمذجة تشتت الغاز، ومحاكاة المسار.. وقد فُحصت من قبل محققين ومحللين وخبراء خارجيين مستقلين".
وفي وقت سابق، وبالتحديد في عام 2017، استخدمت حكومة الأسد أيضا غازات السارين والكلور في ثلاث هجمات منسقة على الأقل في اللطامنة، قرب مدينة "حماة"، وفقا لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وفي تقرير آخر، خلص فريق تحقيق تابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى أن سلاح الجو في جيش الأسد شن هجمات كيماوية على مدينة اللطامنة شمال غربي سوريا في مارس/آذار 2017.
"وأسفرت تلك الهجمات عن إصابة ما لا يقل عن 100 شخص، وتدمير حقول زراعية ونفوق طيور وحيوانات"، وفق التقرير.
وحسب الموقع، فإنه "تم تجريم استخدام الغازات التي استخدمتها سوريا في هذه الهجمات، بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي تم التوقيع عليها في عام 1997".
وقد اتخذت فرنسا بالفعل خطوات في سبيل محاكمة بعض رموز نظام الأسد، في أبريل/ نيسان 2023، حيث أمر قاضيا تحقيق فرنسيان بمحاكمة ثلاثة مسؤولين كبار في النظام السوري بتهمة التواطؤ لارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وصدر هذا القرار بحق كلّ من اللواء علي مملوك المدير السابق للمخابرات العامة في النظام السوري، وجميل حسن رئيس إدارة المخابرات الجوية، واللواء عبد السلام محمود المكلف بالتحقيق في إدارة المخابرات الجوية، في سجن المزة العسكري في دمشق.
وجاء القرار الفرنسي بناء على تهمة التواطؤ في قتل مواطنيْن فرنسييْن، هما مازن دباغ ونجله باتريك، اللذين اعتقلا عام 2013، وأعلنت القوى الأمنية السورية وفاتهما عام 2018.
وضع معقد
ولفت الموقع البرتغالي إلى تعقيد الوضع على الساحة السورية، قائلا إن "الحرب الأهلية في سوريا، المستمرة منذ أكثر من 11 عاما، تضع روسيا وإيران -حلفاء الأسد- في مواجهة تركيا، التي تدعم ثوار الجيش السوري الحر في القتال ضد النظام.
وتطالب المعارضة -المدعومة من تركيا والغرب- بإسقاط الأسد الذي يتهمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
ومن ناحية أخرى، ينتقد أنصار النظام السوري ما يعدونه تدخلا من جانب الولايات المتحدة بقصد الإطاحة بالأسد.
وبعد أن تكبدت خسائر فادحة في بداية الصراع، تمكنت قوات الأسد من استعادة الأراضي السورية التي خرجت عن سيطرتها، بمساعدة حلفائها.
لكن هناك منطقة أخيرة تشهد تواجدا قويا للمعارضة المسلحة، وهي محافظة إدلب وأجزاء من محافظات حلب وحماة واللاذقية المجاورة، حسب "إيه ريفرانسيا".
وفي خطوة نحو وقف إطلاق النار، تم التوصل إلى هدنة بوساطة روسيا وتركيا، عام 2020، بين تركيا والثوار السوريين من جهة، وقوات نظام الأسد من جهة أخرى، وفق التقرير.
"وفي الوقت نفسه، فإن الجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروف اختصارا بـ"داعش"، الذي لا تزال نشطة في سوريا، ليس جزءا من الاتفاق"، وفق الموقع.
ويرى أنه "منذ ذلك الحين، تمكنت أنقرة من تعزيز نفوذها في شمال البلاد، الأمر الذي ساعدها في البداية على تجنب جولة جديدة من القتال والسيطرة على تدفق اللاجئين".
"ومع ذلك، استأنفت الحكومة التركية أخيرا العمليات العسكرية، مما أثار استياء كل من الولايات المتحدة وروسيا"، يختم الموقع.