موقع روسي: أردوغان أسقط أساطير الأوروبيين وبات شوكة في حلقهم
تفتح الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في تركيا، والتي لم تكف لفوز أحد المرشحين وحافظت على الأجواء ساخنة حتى 28 مايو/ أيار 2023، مجالا واسعا لتحليل نتائجها.
وتحليلا للانتخابات الأكثر دراماتيكية في البلاد، يسرد موقع "روسيا اليوم" بعضا مما استنتجه من هذه الجولة الانتخابية، والتي لخصها في ثلاث نقاط رئيسة.
وحصل أردوغان الرئيس التركي الحالي وزعيم حزب العدالة والتنمية على نسبة 49.5 بالمئة من الأصوات، بينما حصد كليتشدار أوغلو مرشح تحالف الأمة وزعيم حزب الشعب الجمهوري نسبة 44.89 بالمئة في الانتخابات التي أجريت في 14 مايو/أيار 2023.
وجاء سنان أوغان، المنافس القومي اليميني، في المرتبة الثالثة بنسبة 5.17 بالمئة. كما فاز حزب العدالة والتنمية وشركاؤه من حزب الحركة القومية في انتخابات البرلمان المؤلف من 600 عضو، وحصلوا على 322 مقعدا.
وجاء حزب الشعب الجمهوري العلماني وخمسة أحزاب معارضة أخرى متحدة تحت اسم "تحالف الأمة" في المرتبة الثانية، بحصولهم على 213 مقعدا.
بينما احتلت كتلة يسارية بقيادة حزب "اليسار الأخضر" - الموالي للأكراد- في المرتبة الثالثة برصيد 65 مقعدا.
أسطورة خادعة
ذهب الموقع الروسي إلى أن هذه الانتخابات أنهت الأسطورة الغربية حول "تركيا باعتبارها أوتوقراطية (نظام حكم تكون فيه السلطة بيد شخص واحد) يجب إنقاذها، وإعادتها إلى حضن الديمقراطيات".
ويلفت الموقع إلى أن هذه الأطروحة، بناء على مزاعم قوى خارجية، تغيرت خلال الحملة الانتخابية لمرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو.
وبصورة إجمالية، يؤكد الموقع أن "الجولة الأولى من الانتخابات التركية أصبحت نموذجا حقيقيا للديمقراطية". كما رأى أنها ضربة لقلاع "الديمقراطيات الليبرالية".
ومن الجدير بالذكر أن نسبة الإقبال على الانتخابات في تركيا اقتربت من الـ 90 بالمئة. وهنا قارن الموقع الوضع الانتخابي في تركيا بأوروبا، وأكد أن الإقبال كان "فريدا ليس له نظير".
بالإضافة إلى ذلك، يشير الموقع إلى أن "المعارضة، التي لم تف بوعودها المفاخرة بالفوز بمرشحها في الجولة الأولى، لم تظهر أي اعتراض أو ادعاء بشأن نزاهة العملية الانتخابية".
وهذا يعني -في رأي الموقع- أن "مرحلتي الانتخابات والفرز كانتا عادلتين، دون خداع أو تلاعب يصب في مصلحة الرئيس الحالي، والذي كان سيحقق الفوز من الجولة الأولى لو زادت نسبته 0.5 بالمئة فقط".
ولكن إذا صحت الصورة الغربية الكاذبة وكانت تركيا حقا أوتوقراطية، يقول موقع "روسيا اليوم" "لكان من السهل عليهم رفع الرقم البالغ 49.51 بالمئة -الذي حددته لجنة الانتخابات- إلى 50 بالمئة بالإضافة إلى صوت واحد، لتحقيق فوز أردوغان".
وعلاوة على ذلك، تأكيدا على النزاهة التامة للانتخابات، يلفت الموقع إلى انتهاء العملية الانتخابية دون أي فضائح وأعمال عنف، حيث يبدو أنه "لم تسقط شعرة واحدة من رأس أحد".
"إنجازات غير كافية"
ينظر موقع "روسيا اليوم" إلى السباق الانتخابي التركي على أنه "معركة ملحمية بين السياسة الواقعية والديماغوجية القوية (الكلام الفارغ والفوضى السياسية) التي تعارضها"، مشيرة بذلك إلى أن الأخيرة "يمكنها التلاعب بالحقائق وصنع العجائب حقا".
فخلال فترة حكمه الطويلة، لفت الموقع إلى المنجزات الكثيرة للرئيس أردوغان بالفعل لبلاده. لكن في الوقت نفسه، لا يستطيع رؤساء بلديات المدن الرئيسة، إسطنبول وأنقرة وإزمير، التابعون لأحزاب المعارضة، التباهي بالكثير من المنجزات، كما قال.
وأشار إلى أن أردوغان، خلال الحملة الانتخابية، حاول تذكير الشعب مرارا وتكرار بالفشل الإداري لخصومه. فبعد وصوله إلى إزمير، أشار إلى أن هذه المدينة الساحلية غالبا ما تغمرها الأمطار الغزيرة، وهو ما لا تُلقي له سلطات البلدية بالا.
وقال أيضا: "قبل ذلك، كان الطريق من إسطنبول إلى إزمير يحتاج 7 ساعات ونصف، أما الآن فيستغرق 3 ساعات و15 دقيقة فقط"، مضيفا أن حزبه هو من أنشأ مطار عدنان مندريس الجديد في المدينة.
بشكل عام، يخلص الموقع إلى أن "تصريحات أردوغان تصب في حقيقة أن الدولة لديها حكومة قوية قادرة على حل المهام الصعبة والعمل في ظروف قاسية، بما في ذلك القضاء على آثار الزلازل والكوارث الطبيعية".
ورغم ذلك، أوضح أن نتائج التصويت في إزمير والمدن الكبيرة الأخرى أظهرت أن غالبية الناخبين فيها ما زالوا يفضلون مرشح المعارضة.
وهنا لفت الموقع إلى أنه "في عصر القوة المطلقة للعلاقات العامة السياسية، لا يكفي تقديم الإنجازات الحقيقية للحكومة للفوز بالانتخابات".
وفي المقابل، يرى الموقع أن الحشو المستمر لاستطلاعات الرأي الزائفة التي تتحدث عن "القيادة الواثقة" لمرشح المعارضة ألهم كثيرا من الناخبين بفكرة أن أردوغان "استبدادي"، وأن كليتشدار أوغلو هو "التجسيد لمستقبل مشرق جديد في تركيا".
"الغرب وراء المعارضة"
تحدث الموقع عن حقيقة أن "كليتشدار أوغلو لم يكن هو المعارض الوحيد لرجب طيب أردوغان، بل إن الغرب بأكمله يقف وراء ظهر مرشح المعارضة ويتصرف معه كمروج، بعد أن أصبح الزعيم التركي شوكة في الحلق بالنسبة لهم".
وقد صرح وزير الداخلية التركي سليمان صويلو قائلا إن "أميركا وأوروبا يسعيان للإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان من السلطة".
وإثر ذلك، رأى الموقع أن "الاختلاف الجذري بين خطاب الخصمين الرئيسين في الانتخابات الرئاسية أمر طبيعي".
إذ تحدث أردوغان عن المستقبل ودعا إلى الدفاع عن السيادة الوطنية وتعزيزها، مع التأكيد على القيم التقليدية.
وعلى العكس من ذلك، دعا خصمه إلى العودة إلى الماضي، ووعد على وجه الخصوص بإحلال السلام مع الغرب، الذي لا يحب مسار أنقرة المستقل والمضطرب تحت حكم الرئيس الحالي.
كما أشار الموقع إلى إعلان كليتشدار أوغلو أن "إحدى مهامه الرئيسة إحياء مشروع انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي، والذي تلاشى في عهد الرئيس التركي الحالي".
وفي ختام التقرير، ذكر أنه "على عكس التوقعات، فاز ائتلاف الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية بأغلبية المقاعد، 323 من أصل 600 مقعد".
وبالنظر إلى أنه لم يتبق سوى أيام على الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، يتساءل الموقع: "من سيفوز بالقرعة التي بدأت في 14 مايو/ أيار؟"، مؤكدا أن إيجاد الإجابة لن يستغرق وقتا طويلا.