احتياجات أمنية أم شعبية متزايدة.. لماذا غير نتنياهو موقفه من وزير الجيش؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع عبري الضوء على تبدل مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من وزير الجيش في حكومته، يوآف غالانت.

وقال موقع "زمان" العبري إنه "في غضون سبعة أسابيع فقط، حول نتنياهو وزير الدفاع غالانت من شخص غير موثوق به، إلى أحد الأصول الأساسية والرائدة للحكومة الإسرائيلية السابعة والثلاثين". 

ففي 27 مارس/آذار 2023، أُرسلت رسالة مقتضبة عبر المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي لوسائل الإعلام يوناتان أوريتش، تعلن عزل غالانت من منصبه.

وأوضح التقرير أن "هذه الإقالة تمت هكذا ببساطة، دون الإعلان عمن سيترأس جهاز الأمن خلال شهر رمضان، ودون أن يشرح للجمهور سبب ذلك، وكل ذلك لمجرد أنه تجرأ على قول ما كان معروفا للجميع".

الإقالة جاءت بعد خطاب متلفز لغالانت، دعا فيه إلى وقف فوري ومؤقت لخطة الحكومة اليمينية التي تسمى بـ"الإصلاح القضائي"، في أول معارضة علنية من داخل ائتلاف حكومة نتنياهو.

وجاء في الخطاب، أن "الأحداث الجارية لا تستثني الجيش الإسرائيلي من جميع الجهات، وتنشأ مشاعر الغضب والألم وخيبة الأمل، بمستوى لم أواجهه من قبل".

وأكد غالانت أنه يدعم التغييرات في النظام القضائي، لكنه زعم أنها "تتم من خلال الحوار والخطاب".

وكان الوزير الإسرائيلي قد قدم لنتنياهو ما وصفت إعلاميا بأنها "مؤشرات مقلقة" عن الوضع في الجيش، لكن رئيس الحكومة لم يأخذ التحذيرات على محمل الجد.

كما ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن غالانت، أبلغ نتنياهو حينها أنه سيصوّت ضد مشروع القانون الخاص بالإصلاح القضائي.

وأورد موقع "زمان" أنّ غالانت قال لمقربين منه إنّ "محيط رئيس الحكومة ليس فيه إدراك للوضع الأمني الصعب".

عودة عن الإقالة

وبعد مرور سبعة أسابيع على الإقالة - وهذه فترة زمنية قصيرة جدا في السياق الإسرائيلي- وضع نتنياهو وزير الجيش الخاص به بجانبه، ونشر صورا تظهرهما معا، حسب التقرير.

وأشار إلى أن نتنياهو أجرى مباحثات مع غالانت خلال عملية "السهم الواقي"، التي شنتها القوات الإسرائيلية ضد قطاع غزة في 9 مايو/أيار 2023.

كما أنه في ذروة العملية العسكرية، توفيت والدة غالانت، ونعاها نتنياهو، وأرسل تعازيه إليه، قائلا إن قصتها كانت "إلهاما وتجسيدا للرؤية الصهيونية".

وأوضح الموقع أنه، خلال عملية "السهم الواقي"، نشر نتنياهو عددا كبيرا من الصور للاجتماعات الأمنية المنعقدة، لكن ما كان بارزا فيها هو تجدد علاقاته مع وزير جيشه.

ويرى الموقع أن "هذه الصور كانت لها أهمية تتجاوز إسرائيل، إذ أن طرد غالانت - والذي لم ينفذ في الواقع- أثار رغبة الفصائل الفلسطينية في لبنان بالإضرار بالمجتمع الإسرائيلي".

وفي السادس من أبريل/نيسان 2023، أي بعد أسبوع تقريبا من إعلان الإقالة، "تصاعدت الهجمات على الحدود"، حيث أطلقت الفصائل الفلسطينية 34 صاروخا على المستوطنات الشمالية، وهو أول هجوم مكثف منذ حرب لبنان الثانية.

وأكد الموقع أنه "في مواجهة غزة والمنظمات المرتبطة بها، فإن إسرائيل كانت في حاجة لإظهار أن صفها الداخلي موحد، وهذا ما جرى عبر نشر هذه الصور".

ومع ذلك، شدد الموقع على أن "الأمر لا يقتصر على الاحتياجات الأمنية وتصدير صورة عامة معينة عن الحكومة فحسب، بل يُعد غالانت أيضا الوزير الأكثر شعبية في هذه الحكومة التي يستهجنها الجمهور".

مظاهرات غاضبة

وأوضح موقع "زمان" أن "غالانت يحظى بتقدير عالٍ، لكن الأشخاص الذين خرجوا للتظاهر ضد إقالته لم يفعلوا ذلك من منطلق إعجابهم بوزير الدفاع، بل بدافع الصدمة من حكم رئيس الوزراء المعيب".

والجدير بالذكر أنه بعد إقالة غالانت مباشرة، تظاهر المئات أمام منزل رئيس الحكومة في القدس المحتلة، فيما خرج الآلاف في تل أبيب، كما قطعوا طريق "أيالون" أمام حركة المرور، وهو أحد الطرق الرئيسة، حيث يربط كل الطرق السريعة المؤدية إلى تل أبيب.

وأشار التقرير إلى دور وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، في إقالة غالانت، حيث انتقده بشكل مباشر في قضية إعادة جثامين الشهداء الفلسطينيين، وأزمة الإصلاحات القضائية.

ففي 12 مارس 2023، أعلنت مجموعة "عرين الأسود" الفلسطينية العسكرية أن 3 من أفرادها استشهدوا في اشتباك مع الجيش الإسرائيلي على حاجز صرة، جنوب غرب نابلس.

وفي 5 مايو 2023، كتب بن غفير على حسابه في تويتر، إن "قرار وزير الدفاع غالانت بإعادة جثث أعضاء منظمة عرين الأسود الإرهابية سيكلفنا غاليا"، وفق تعبيره.

وأردف: "لم يفت الأوان بعد لقيادة سياسة أمنية قوية وهجومية"، مؤكدا أن حزبه (القوة اليهودية)، "سيظل ممتنعا عن التصويت للقرارات الحكومية في الكنيست (البرلمان)، حتى تغير الحكومة الإسرائيلية نهجها وتتمسك بالسياسة التي انتخبت من أجلها".

وقبل ذلك بأسابيع، وفي خضم الخلاف الداخلي حول تشريع الإصلاح القضائي، كتب بن غفير أيضا: "استسلم غالانت الليلة بابتزاز وتهديدات لكل الفوضويين الذين يدعون إلى المقاومة ويستخدمون الجيش الإسرائيلي كأداة للمساومة".

وأضاف الوزير اليميني المعروف بتطرفه، أنه "جرى انتخاب غالانت بأصوات ناخبي اليمين، لكنه عمليا يروج لأجندة يسارية، وفي لحظة الحقيقة انهار تحت ضغط الإعلام والمحتجين. لذلك، أطالب رئيس الوزراء بإقالته فورا".

شخصية محورية

وأشار موقع "زمان"، إلى أنه مع ذلك، تبقى تقييمات الرأي العام هي ما يهم نتنياهو، فمنذ تشكيل الحكومة، وبجانب الأرقام المتدهورة لشعبية رئيس الوزراء، يعد بن غفير الوزير الأقل تقديرا.

وفي المقابل، فإن غالانت شخص ذو قيمة عالية في نظر الجمهور، حيث إنه تعامل بشكل مسؤول، عبر موقفه من التشريعات الخاصة بالإصلاح القضائي.

وألمح الموقع إلى أنه "في ذروة الحملة العسكرية، وعندما كان كبار قادة القوات العسكرية والأمنية منشغلين بعمليات الجيش في قطاع غزة، تلقى غالانت نبأ وفاة والدته".

وأفاد بأن "غالانت فقد والده عندما كان صبيا في السابعة عشرة من عمره، وقد دأب على التذكير بعلاقته الوطيدة بوالدته في كل فرصة".

إذ أنه يتحدث عن والدته كثيرا ويمدحها، وحتى في ليلة إقالته، حرص على نشر المحادثة الهاتفية بينهما، وفق الموقع.

وأضاف أنه "عندما يتلقى وزير الدفاع خبرا صعبا بكل المقاييس، ولا يتردد في تنفيذ مهمته الأمنية بلا توقف، ويستمر في الجلوس بجانب سكرتيره العسكري، ياكي دولف، ويواصل العمل بلا كلل دون أن يُظهر أدنى قدر من التراخي، فإن ذلك ينقل رسالة قوة وثقة إلى الجمهور".

وأكد التقرير أن "نتنياهو أجرى تحوّلا سريعا جدا، حيث استدارت الموازين في غضون سبعة أسابيع قليلة".

وبطريقة ساخرة للغاية، حوّل غالانت من مجرد عضو مهمل في حزب الليكود (اليميني المتطرف)، إلى الشخصية الأهم في المشهد السياسي، بحسب موقع "زمان".


المصادر