يهاجم أردوغان ويتخوف من كليتشدار أوغلو.. كيف ينظر الإعلام العبري لانتخابات تركيا؟

حسن عبود | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد ظهور النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية في تركيا، تسلل الإحباط الذي أصاب المعارضة التركية، إلى إسرائيل التي تابعت العملية الديمقراطية بدقة.

وتحدثت وسائل الإعلام العبرية بسلبية عن رجب طيب أردوغان الرئيس التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية، فيما تمنت الفوز لخصمه كمال كليتشدار أوغلو، مرشح تحالف الأمة. 

وفي الانتخابات التي أجريت في 14 مايو/أيار، حصل أردوغان على 49.51 بالمئة من أصوات الناخبين، بينما حصل كليتشدار أوغلو على 44.88 بالمئة.

وقال رئيس الهيئة العليا للانتخابات التركية أحمد ينار: كلا المرشحين (أردوغان وكليتشدار أوغلو) لم يحصلا على الأصوات الكافية للفوز في الجولة الأولى، وستُعقد جولة ثانية للانتخابات الرئاسية في 28 مايو (أيار)".

دعم المعارضة

في تفاعلها مع الحدث، علقت صحيفة يديعوت أحرونوت قبل صدور النتيجة بالقول: "من المحتمل أن يخسر أردوغان التصويت أخيرا بعد أن تراجعت شعبيته بفعل الزلزال (في كهرمان مرعش فبراير/شباط 2023) وبفعل الضغوط الاقتصادية الهائلة"، وفق زعمها.

وأردفت الصحيفة في 14 مايو: "من المؤكد أن أردوغان لا يزال يتمتع بمتابعين مخلصين، لكن بالنسبة للكثيرين في تركيا، أدار الزعيم الاستبدادي الزلزال بصورة سيئة، ويأمل الكثيرون أن تكون هذه هي ولايته الأخيرة".

وادعت وجود "مخاوف من أن الانتخابات الحرة والنزيهة بعيدة كل البعد في ظل حكم أردوغان"، قائلة إن "مقدار وقت البث في المحطات العامة الذي حصلت عليه المعارضة وكذلك وسائل الإعلام الرئيسة كان ضئيلا".

وفي هذا السياق، قالت صحيفة جيروزاليم بوست العبرية إنه "جرى إغلاق معظم وسائل الإعلام المعارضة، لذلك تصدر النتائج والأخبار من وسائل الإعلام الحكومية التي يديرها حزب العدالة والتنمية أو تلك الموالية له".

وأردفت في تحليل لها نشرته في 15 مايو أنه "خلال الانتخابات، كان من الصعب الاعتماد على البيانات الصادرة عن هذه المنافذ الإعلامية، والتي صورت أردوغان دائمًا على أنه الفائز"، وفق زعمها.

وعن الحملة الانتخابية، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت: "كان هناك الكثير من المعلومات المضللة في التجمعات العامة"، زاعمة أن الحكومة الحالية "هددت باستخدام القوة الكاملة لشغل المنصب (الرئاسي) لتقويض المعارضة".

وهاجمت ما أسمته "نهج أردوغان الإسلامي"، وادعت أن مؤيديه في السابق "يشعرون بالإحباط منه، وهذا أمر لا ينبغي الاستخفاف به".

ولعبت ذات الصحيفة على وتر "الجالية اليهودية في تركيا"، وأجرت مقابلات مع يهود رفضوا الكشف عن أسمائهم دعموا كليتشدار أوغلو وقالوا إنه "المرشح الأفضل" بالنسبة لهم.

ورأت أن مرشح المعارضة "لن يدعم حركة (المقاومة الإسلامية) حماس، التي يساندها أردوغان في تقليد قديم، وهنا سنشهد تغييرا في النغمة المعهودة"، وفق وصفها.

وتوقعت كذلك أن يغلق حال فوزه "مكاتب حماس" وينهي وجودها على الأراضي التركية، لتجنب ما أسمته "التورط بدعم الإرهاب"، وفق وصفها.

وأوضحت صحيفة جيروزاليم بوست أنه على الرغم من أن الانتخابات التركية سجلت نسبة إقبال قياسية (88.92 بالمئة داخل البلاد، و52.69 بالمئة في الخارج.)، فإن "المشهد العام مشابه للعديد من البلدان التي لديها ديمقراطية مختلطة، حيث توجد أحزاب متعددة، لكن الاتجاهات تعمل ضد المعارضة لكونها منافسًا شرعيًا".

وبحسب زعمها، "تدرك المعارضة أنها إذا نفذت حملات شديدة، أو تحدت كثيرًا، فقد ينتهي الأمر بقادتها في السجن، وهذا يعني أن انتخابات أنقرة لها قواسم مشتركة مع تلك الموجودة في فنزويلا وروسيا وإيران ومصر أكثر من كونها انتخابات حرة ونزيهة تمامًا تُجرى في دول غربية أكثر، مثل الدنمارك أو المملكة المتحدة".

وادعت أن "الديمقراطية لم تكن سوى جزء من تاريخ تركيا، وقد عانت من العديد من الانقلابات العسكرية على مدار القرن الماضي".

ومع ذلك، تظل تركيا عضوًا في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وهو الإرث التاريخي للحرب الباردة، والتي تميل فيها نحو روسيا، وفق قولها.

سياسة مبهمة

ومع ذلك، في حين يبدو أن كليتشدار أوغلو مفضل من قبل الجالية اليهودية، فهو بعيد كل البعد عن كونه زعيمًا مؤيدًا لإسرائيل، بل إنه ضد تعميق العلاقات معها، كما قالت جيروزاليم بوست.

وفي تقرير متلفز لها، قالت قناة i24 العبرية إن بقاء أردوغان على سدة الحكم ليست مسألة تركية فحسب، بل ينظر لها على أنها تطور إقليمي ودولي يمس العلاقة مع إسرائيل، على مبدأ شيطان تعرفه، خير من آخر تجهله".

وتابعت في 15 مايو: "كان أردوغان بالأمس يمثل للإسرائيليين وجعا دائما بسبب مواقفه من القضية الفلسطينية واحتضانه حركة حماس".

وكانت إحدى أبرز محطات هذه المرحلة، حادثة سفينة التضامن التركية "مافي مرمرة"، التي هاجمها سلاح البحرية الإسرائيلي في المياه الدولية قرب شواطئ قطاع غزة 31 مايو/ أيار 2010، مما أسفر عن مقتل 10 متضامنين أتراك.

وهذه الحادثة دفعت تركيا لتخفيض علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل إلى أدنى مستوى، كما دأب أردوغان على مهاجمة دولة الاحتلال عند كل عدوان على غزة.

ومن الحوادث اللافتة في هذا الإطار، مغادرة أردوغان الشهيرة قاعة منتدى دافوس عام 2009، عندما كان رئيسا للوزراء، حيث كان يجرى نقاش حول الوضع في غزة.

وأخذ أردوغان على المنظمين وقتها منعه من الكلام بعد مداخلة طويلة للرئيس الإسرائيلي آنذالك شيمون بيريز سعى فيها لتبرير الهجوم على قطاع غزة.

لكن، قررت تركيا وإسرائيل في 17 أغسطس/آب 2022، رفع العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى سفير ضمن جهودهما لتطبيعها بعد انتكاساتها الأخيرة، لتتبعها زيارات عديدة لاحقا بين مسؤولي الجانبين.

وفي هذا السياق، بين سفير إسرائيل الأسبق لدى تركيا ألون يئييل في حديث مع قناة i24 العبرية أن "أردوغان وخلال العامين الماضيين، نعرفه في ملف السياسات الخارجية ككتاب مفتوح، ويصعب أن نتنبأ بمواقف المعارضة خاصة أن كليتشدار أوغلو يساري ولديه أيضا مواقف مؤيدة للفلسطينيين".

ولفتت إلى أن "المتغيرات الأخيرة تجعل إسرائيل تفضل بقاء أردوغان في القصر الرئاسي، عن معارضته التي تسودها توجهات يسارية تجعلها أقرب إلى الفلسطينيين".

وبينت أن هذا التفضيل اليوم، ينبع من مراهنة إسرائيل على فترة ذهبية في العلاقة مع تركيا حال بقاء أردوغان على عرش السلطة، في إشارة إلى تعميق التطبيع.

وعن هذا التخبط بين دعم كلا الطرفين، غرد الخبير في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات بالقول: "ما قبل الحلم وما بعده، عند ساعات الصباح من اليوم التالي للانتخابات في تركيا، وبعد انتقال المتنافسين الرئيسين للجولة الثانية، تغير اللسان الإعلامي الإسرائيلي".

وبين المحلل الفلسطيني أن الإعلام الإسرائيلي "كان حادا وعدوانيا وتهجميا واتهاميا ووقحا جدا ضد أردوغان وفترة حكمه، وتحول بعد ذلك إلى محايد، وناقل للصورة العادية في تركيا".

وأردف: "وحتى لهجة المراسلين الإسرائيليين من تركيا تغيرت لتصبح صحفية أجنبية تنقل الخبر مجردا بدون تهجم… لتقول لمتابعها دون زيادات: التقديرات تقول إن اردغان سيفوز بالجولة الثانية".

وتابع بالقول: "ولأكون دقيقا جدا لا يزالون في إسرائيل يرون أن تركيا ليست ديمقراطية، وللتخفيف يقولون إن أردوغان يشبه (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو".

كان من اللافت أن المسؤولين الرسميين في إسرائيل، لم يعلقوا على الانتخابات التركية، في محاولة لمنع التقارب الأخير بين الطرفين من أن يصبح قضية انتخابية هناك.

وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية "مئير مصري" في مقابلة تلفزيونية في 15 مايو، إن أغلب الإسرائيليين ممن يتابعون الشأن الإقليمي يفضلون خصم أردوغان على المستوى الشخصي، ولكن المستوى الرسمي محايد ولا يتدخل بالشأن السياسي التركي.

الزميل غير المقيم في تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات سنان سيدي لا يعتقد أن لدى كليتشدار أوغلو نية لتدمير العلاقات مع تل أبيب.

لكنه شدد على أن مرشح المعارضة لن يفتح صفحة جديدة في العلاقات مع إسرائيل، وستستمر كما هي الآن، وفق ما قال في تصريحات جاءت ضمن تقرير يديعوت أحرونوت السابق.

وهو تقدير يعتقد كثيرون أنه يأتي للحفاظ على العلاقات الحالية دون أي تدهور قد تسببه أي تسريبات أو تصريحات إسرائيلية، بعد قطع شوط كبير في التطبيع.

في السياق، أكد موقع "المونيتور" الأميركي أنه "لا يبدو أن أي شخص في إسرائيل يعد أردوغان حليفا حقيقيا، لكن الدبلوماسيين الإسرائيليين يتوقعون منه أن يواصل عملية التطبيع إذا أُعيد انتخابه".

وذكر الموقع أنه "إذا فازت المعارضة، فقد لا تتراجع عن التقارب مع إسرائيل، لكنها قد تظهر بشكل أكثر انتقادا للحكومة الإسرائيلية".

فعلى مدار السنوات الماضية، أدلى كليتشدار أوغلو بعدة تصريحات تتعلق بإسرائيل. وفي عام 2011، انتقد تقرير الأمم المتحدة بشأن حادثة "مافي مرمرة" القوات الإسرائيلية لاستخدامها القوة المفرطة.

وردا على ذلك، طرد أردوغان السفير الإسرائيلي وخفض العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، لكن انتقد كليتشدار أوغلو هذه الخطوة. وقال زعيم المعارضة التركية حينها: "لا فائدة من ذلك ولا حاجة لنا للمخاطرة بمصلحتنا بأعمال تافهة".

كما انتقد فاروق لوغوغلو نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أردوغان، قائلا إن "احتمال أن يكون الحزب (الحاكم في تركيا) قد دفع البلاد إلى حافة صراع ساخن أمر محزن وغير مقبول".

وأكد "المونيتور" أنه "إذا وضعنا التصريحات الأخرى لكليتشدار أوغلو في الصورة، سيبدو أن تصريحه الذي ذكرناه لعام 2011 كان في الأساس انتقادا لأردوغان، وليس إشارة إيجابية تجاه إسرائيل".

لكن شدد التقرير على أنه "بالرغم من هذه التصريحات، فإن سياسة كليتشدار أوغلو تجاه إسرائيل لا تزال غير واضحة".

وألمح الموقع إلى أن "إسرائيل تشعر بالقلق أيضا بشأن بعض شركاء كليتشدار أوغلو في تحالف الأمة المعارض (الطاولة السداسية)".

"فقد كان زعيم حزب المستقبل، أحمد داود أوغلو، ضد إعادة تأهيل العلاقات مع إسرائيل، كما أن لديه علاقة معقدة معها".

علاوة على ذلك، يعارض رئيس حزب السعادة، تمل كرم الله أوغلو، بشدة التقارب مع إسرائيل، حيث إنه في عدة مناسبات، انتقد أردوغان؛ لتخفيفه حدة انتقاداته للعمليات الإسرائيلية التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة، واتهمه بخيانة القضية الفلسطينية.

وعلى الرغم من ذلك، رأى الموقع أنه بالمثل، قد يسير كليتشدار أوغلو على نفس خط أردوغان حال فوزه؛ وذلك فقط لتجنب المواجهة مع واشنطن والغرب، ولخدمة المصالح الاقتصادية لتركيا، وفق التقرير.