"تجنب الخسارة".. لماذا تحرص واشنطن على خفض التوتر مع جنوب إفريقيا؟

تطرق موقع إيطالي إلى السيناريوهات المستقبلية للتوترات بين الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا على خلفية اتهامات أميركية بشحن أسلحة سرا إلى روسيا.
وقال موقع "معهد تحليل العلاقات الدولية" إن "التوترات قد تصاعدت إثر المناورات العسكرية وروسيا، وتهديد رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا بعدم تسليم الرئيس فلاديمير بوتين الصادرة في شأنه مذكرة تفتيش".
واتهم السفير الأميركي روبين بريغتي في 11 مايو/ آيار 2023، بريتوريا بتزويد روسيا بالأسلحة في حربها على أوكرانيا عبر سفينة شحن رست سرا في كيب تاون خلال ديسمبر/ كانون الأول 2022 وشحنت الأسلحة من قاعدة سيمون تاون البحرية ونقلتها إلى روسيا.
واستدعت بريتوريا على إثر ذلك بيوم واحد، السفير الأميركي إلى اجتماع في وزارة الخارجية بسبب هذه الاتهامات.
بينما أكد بريغتي أن بلاده "واثقة" من أنه تم تحميل أسلحة وذخيرة على سفينة شحن روسية في كيب تاون بين 6 و8 من ديسمبر 2022.
في غاية الخطورة
وذكر "معهد تحليل العلاقات الدولية" أن الأمر يتعلق بالسفينة "ليدي آر" وهي سفينة شحن بُنيت عام 2004 وتبحر حاليا تحت العلم الروسي وهي في طريقها إلى الصين في هذ الفترة بعد أن قامت بتوقف في مصر.
وأشار إلى أن التصريحات صدرت بالتزامن مع حضور رئيس جنوب إفريقيا رامافوزا بالبرلمان في كيب تاون للرد على أسئلة النواب.
ورفض رامافوزا تقديم توضحيات مشيرا إلى ضرورة إجراء تحقيق شامل للوقوف على ما حدث.
من جانبه، أكد بريغتي، بدعم من زعيم المعارضة الجنوب إفريقية، على جدية الدعم المزعوم من جنوب إفريقيا لما من شأنه أن يقوض موقف الحياد الذي تبنته البلاد تجاه الصراع.
وصرح أن تسليح الروس "أمر في غاية الخطورة"، مشددا على أن واشنطن تحض "جنوب إفريقيا على (البدء) بتطبيق سياسة عدم الانحياز".
وأثار زعيم حزب التحالف الديمقراطي، جون ستينهوزين، تساؤلات حول رسو سفينة ليدي آر "الغامض" في قاعدة سيمون تاون.
من جانبها، لم تعلق حكومة جنوب إفريقيا على الحادث إلا أن وزير دفاعها كان قد صرح أواخر ديسمبر 2022، أن السفينة كانت بصدد إفراغ شحنة لطلبية قديمة من الذخيرة.
وذكر الموقع الإيطالي أنه لطالما أعلنت الحكومة حيادها تجاه النزاع الروسي الأوكراني معربة عن أملها في التوصل إلى حل سلمي للصراع.
ومع ذلك، لفت إلى أن أشكال التقارب الأخيرة مع روسيا "أثارت خلافا بين البلد الإفريقي مع واشنطن".
في نفس الإطار، أشار الموقع إلى زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى جنوب إفريقيا في يناير/ كانون الثاني 2023 أي بعد حوالي شهر من حادثة سفينة "ليدي آر".
وانتقد لافروف خلالها رفض الغرب المفاوضات في الصراع الأوكراني وإصراره على الحل العسكري، ورغبته في تدمير روسيا، كما دافع أيضا عن المناورات البحرية المشتركة مع الصين وجنوب إفريقيا.
بعد أسابيع، أجرت البحرية الجنوب إفريقية مناورات مشتركة قبالة الساحل الشرقي مع الجيشين الروسي والصيني بمشاركة الفرقاطة الروسية "الأدميرال جورشكوف" المسلحة بصواريخ قوية تفوق سرعة الصوت.
وفي يناير 2023، أعلن بوتين بدء دخول الفرقاطة للخدمة العسكرية، في حدث وصفه بـ"الهام جدا"، مؤكدا أن تسليح الفرقاطة الجديدة سيحمي روسيا بشكل موثوق من التهديدات الخارجية.
وكان الجيش الروسي قد نفى استعداده لاختبار صواريخ "تسيركون" خلال المناورات التي جرت في ذكرى غزو أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط 2022.
ووفقا لحكومة جنوب إفريقيا "عززت المناورات العسكرية المشتركة العلاقات الممتازة بالفعل مع روسيا والصين".
بدورها، عززت بكين، وفق الموقع الإيطالي، علاقاتها أيضا مع موسكو بفضل اللقاء الذي دار في الكرملين بين بوتين ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني وانغ يي.
سيناريوهات مستقبلية
وأشار المعهد الإيطالي إلى أن الحزب الحاكم، المؤتمر الوطني الإفريقي، بقيادة رامافوزا والحكومة يوجدان في مرمى سهام انتقادات شديدة حاليا من المعارضة وجبهة "فريدوم فرون بلاس" بزعامة بيترو غرونيفالد.
ويعارض غرونيفالد شرعية الشحن السري المزعوم للأسلحة إلى روسيا لأنه يخالف الأحكام التي تنص عليها اللجنة الوطنية لمراقبة الأسلحة التقليدية.
وينص القانون بوضوح على أن مثل هذه الأسلحة والذخيرة لا يمكن استخدامها في النزاعات الإقليمية.
ووصف المعهد الإيطالي أن الوضع لا يزال متوترا رغم تأكيد القوات المسلحة لجنوب إفريقيا أن التخطيط للتمرين يعود إلى ما قبل اندلاع الصراع.
وقال إنه "بينما تعرب الولايات المتحدة على لسان سفيرها عن قلقها البالغ، تقف جنوب إفريقيا أمام مأزق دبلوماسي".
وشرح أن بوتين خطط للقيام بزيارة إلى البلاد في أغسطس/ آب 2022 لحضور اجتماع لقادة مجموعة بريكس، البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
ويذكر أن جنوب إفريقيا هي إحدى الدول الموقعة على ميثاق محكمة جرائم الحرب الدولية، وبالتالي ستكون مجبرة على اعتقال الرئيس الروسي الصادرة في شأنه مذكرة توقيف.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت في 17 مارس 2023 مذكرة توقيف بحق بوتين لـ"مسؤوليته في جرائم حرب" ارتكبت في أوكرانيا.
وبحسب الموقع، أعلنت حكومة جنوب إفريقيا أنها لن تعتقل بوتين، فيما أكد الرئيس أن البلاد ستدرس مسألة الانسحاب من المحكمة وفقا لقرار الحزب الحاكم بهذا الشأن.
على إثر ذلك، أعلنت إدارة رامافوزا في أبريل 2023 أن البلاد لا تنوي الانسحاب واصفة تصريح رئيس البلاد بهذا الشأن بأنه "خاطئ".
وأشار الموقع كذلك إلى أن إرسال رامافوزا لوفد إلى موسكو "كان قد تسبب في توتر أكثر للعلاقات المتوترة بالفعل مع الولايات المتحدة".
ويرجح الموقع أن "يصدر رد دبلوماسي من البيت الأبيض في الأسابيع المقبلة، يؤكد الحرص على توحيد الصفوف وعدم فقدان لاعب أساسي في رقعة الشطرنج التجارية وفي العلاقات مع القارة الإفريقية".