موقع كندي: هذه الأسباب قد تدفع مصر للتدخل عسكريا في السودان ضد حميدتي

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

استعرض موقع كندي احتمالية تدخل مصر عسكريا في السودان، بالتزامن مع استمرار وتعقد الأزمة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.

وقال موقع "جيو بوليتيكال مونيتور" إنه لطالما نظرت مصر إلى السودان على أنه عمق إستراتيجي مهم لأمنها القومي، وبالتالي فإن الأزمة المتسارعة هناك تطرح بلا شك على الإدارة المصرية مجموعة من التحديات المعقدة.

وفي 15 أبريل/نيسان 2023، نشبت اشتباكات عنيفة بين القوات المسلحة السودانية التي يقودها عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التابعة لمحمد حمدان دقلو الملقب بـ "حميدتي".

وانتشرت ألسنة الحرب بشكل سريع من العاصمة الخرطوم إلى مناطق أخرى مثل جنوب كردفان وشمال دارفور وغيرها من المناطق متسببة بمقتل أكثر من 400 مدني وإصابة أكثر من 2300 آخرين منذ بداية الاشتباكات".

وأشار الموقع إلى أن هذه التحديات "تنبع من الوضع الاقتصادي في مصر، بالتوازي مع العوامل المتعلقة بسياستها الخارجية ومصالحها الإستراتيجية التي يمكن أن تتضارب أحيانا مع مصالح حلفائها العرب والغربيين".

وأكد أن تضارب المصالح بين مصر وحلفائها "كان واضحا خلال العقد الماضي فيما يتعلق بكيفية تعامل القاهرة مع ملفات ليبيا وسوريا واليمن وغزة".

دعم الجيوش النظامية

ومع ذلك، فإن الوضع في السودان مختلف، حيث يدور الصراع بين طرفين مدججين بالسلاح، كلاهما بنفس الحجم تقريبا من ناحية القوة البشرية المقاتلة، وفق التقرير.

وقال: "يبدو أن تاريخ قوات الدعم السريع مليء بانتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء السودان، وهذه القوة شبه العسكرية التي أنشأتها الحكومة في الأصل لمواجهة التهديدات الوطنية، أصبحت الآن تهديدا إقليميا رئيسا بحد ذاتها".

وفي هذا الصدد، واستنادا إلى موقف مصر من النزاعات الإقليمية على مدى العقدين الماضيين، بما في ذلك تلك الموجودة في ليبيا وسوريا واليمن والعراق واليمن وفلسطين، يجدر الإشارة إلى أنها تقف دائما إلى جانب الجيوش النظامية وليس المليشيات، يضيف التقرير.

وأردف: "يشير هذا أيضا إلى أنه من المستبعد جدا أن تدعم مصر قوات الدعم السريع كقوة مسيطرة على حدودها الجنوبية".

وتابع: "في حين أن الوضع في السودان بدأ بالفعل في التأثير على البلدان المجاورة مثل تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وإريتريا بسبب التدفق الهائل للمهاجرين، فإن التهديد الذي يواجه مصر أسوأ بكثير.

فقبل القتال، كانت مصر بالفعل موطنا لأكثر من 5 ملايين سوداني يمثلون أكثر من 10 بالمئة من سكان السودان، ناهيك عن عدد الفلسطينيين والليبيين والسوريين الذين شقوا طريقهم إليها منذ عام 2012، يضيف التقرير.

واستدرك: "لكن مع الأزمة المستمرة والمتطورة في السودان، تستعد مصر لمزيد من تدفق اللاجئين - عبر الحدود والتهريب - إلى جانب الخوف من نقص القدرة على استيعابهم".

علاوة على ذلك، تشير التقارير إلى أن جماعات التهريب تستغل الوضع وتنشط بشكل متزايد على طول الحدود السودانية-المصرية، "مما يزيد من المخاطر المرتبطة بالإرهاب وتسلل الجماعات المتطرفة".

وقد تزايدت هذه المخاطر بشكل أكبر – وفق التقرير- من خلال محاولة قوات الدعم السريع فتح سجون السودان، بهدف إشغال القوات المسلحة السودانية وزعزعة استقرار البلاد، ما سمح لجميع السجناء والمجرمين بالفرار.

سد النهضة

وهناك تهديد أمني آخر لمصر يتمثل في معارضة أي عمل عسكري مصري ضد إثيوبيا، إذا ما استمرت الأخيرة في تهديد الأمن المائي للقاهرة عبر سد النهضة.

وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن قوات الدعم السريع تحافظ على علاقات وثيقة مع القيادة الإثيوبية، وهو ما لا يصب في مصلحة مصر، حسب التقرير.

ومن الناحية الاقتصادية، يعد السودان شريكا تجاريا إقليميا لمصر، بمعدل تبادل تجاري يبلغ سنويا مليار دولار تقريبا، إلى جانب كون الخرطوم مصدرا إستراتيجيا للثروة الحيوانية للقاهرة.

كما يُعتقد أن أكثر من 90 بالمئة من أراضي السودان صالحة للزراعة، وهو الأمر الذي سعت مصر منذ فترة طويلة للاستفادة منه، من حيث تحقيق الأمن الغذائي على المدى الطويل لنفسها، ثم التصدير إلى دول العالم.

لكن "مع تطور الصراع في السودان، لن تمضي مثل هذه الخطط قدما في المدى المنظور"، حسب "جيوبوليتيكال مونيتور".

وأكد الموقع أنه "لا يزال من غير الواضح متى وكيف ستتدخل مصر عسكريا في الصراع السوداني، ومع ذلك، تشير الدلائل إلى أن الأمر هناك ليس بعيدا إذا ما استمر الوضع في التدهور".

خاصة أن المواجهة بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية من المتوقع أن تحتدم بعد أن تشارف عمليات إجلاء الأجانب الحالية على الاكتمال، حسب الموقع الكندي.

وأشار التقرير إلى أن "الأجهزة العسكرية والاستخباراتية المصرية تتمتع بالفعل بوجود قوي في السودان، وقد دعمت القوات المسلحة السودانية على مدى السنوات القليلة الماضية".

وبالإضافة إلى ذلك، أجرى الجيشان المصري والسوداني تدريبات مشتركة بشكل منتظم، وقد تعززت كنتيجة لبناء سد النهضة، الذي يشكل تهديدا خطيرا لمصر، وفق التقرير.

ويعتقد الموقع أنه "في ظل غياب قوة "صديقة" أو داعمة في السودان، قد لا تواجه مصر أي خيار آخر سوى مواجهة تهديدات الأمن القومي من خلال قوتها العسكرية".

وألمح إلى "وجود وحدات من القوات الخاصة المصرية وجهاز المخابرات العامة في العاصمة السودانية حاليا، فقط لتنسيق الحماية والإجلاء الآمن للمصريين المقيمين في السودان، الذين يُعتقد أن عددهم يقارب 10 آلاف مواطن".

لكن لا أحد يستطيع أن يتنبأ إلى أي مدى ستظل عمليات القوات المصرية في السودان مقتصرة على ضمان الإجلاء الآمن للمواطنين المصريين، حسب الموقع.

استغلال الأزمة

علاوة على ذلك، أفادت الأنباء أن الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر - الذي دعمته مصر بقوة في محاولته لتوطيد سيطرته على شرق ليبيا- تلقى تحذيرا حازما من القاهرة بعدم دعم قوات الدعم السريع.

وهو الأمر الذي يُظهر بوضوح موقف مصر الحاسم تجاه أحد حلفائها بسبب تهديد خطير يعترضها، وهو قوات الدعم السريع في السودان، يضيف التقرير.

وفي ضوء التقارير حول دعم مجموعة "فاغنر" الروسية لقوات الدعم السريع بصواريخ وأسلحة متطورة، أكد "جيوبوليتيكال مونيتور" أن مصر لن تتسامح مع هذا الأمر.

كما شدد الموقع الكندي على أن مقتل أحد موظفي السفارة المصرية (أعلن عنه في 24 أبريل) على يد قوات الدعم السريع يشكل مزيدا من الضغط الشعبي على الإدارة المصرية فيما يتعلق بضرورة الرد.

وأضاف الموقع سببا آخر قد يدفع مصر للتدخل عسكريا في السودان، وهو ما قاله مسؤولون في منظمة الصحة العالمية بأن أحد مختبرات الصحة الوطنية في السودان- الذي يحتوي على مواد بيولوجية، بما في ذلك مسببات مرض الكوليرا- استولى عليه أحد طرفي النزاع.

وقال إن "هذا لا يشكل خطرا بيولوجيا كبيرا على السودان فحسب، بل يجب على الدول المجاورة والمجتمع الدولي ضمان استعادة هذه المواد البيولوجية وعدم وقوعها في أيدي الجماعات الإرهابية".

وأكد الموقع أنه "من الصعب التنبؤ بما إذا كان الصراع المحتدم في السودان يمكن إنهاؤه عن طريق المفاوضات السلمية أم لا".

ومع ذلك، فإن هذا الوضع المتدهور يجلب مجموعة من التهديدات والمخاطر الكبيرة لمصر، والتي قد تجبرها على التدخل عسكريا، أو على الأقل تقديم الدعم الكامل والإسناد للجيش السوداني".

وعلى الرغم من هذا القرار الصعب، فلا يزال الوضع يمثل فرصة ذهبية لمصر لإعادة مواءمة مصالحها وسياستها الخارجية مع القوى العالمية، حسب التقرير.

وأردف: "وعلى ما يبدو، فإن نية قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، تسليم حكم السودان للمدنيين في إطار زمني متفق عليه، كانت أحد أسباب الخلاف مع قوات الدعم السريع في المقام الأول".

ومن هذه الزاوية، فإن مصر التي تؤيد الجيش السوداني، والولايات المتحدة الأميركية التي تقدر الحكم المدني والديمقراطي تقليديا، لديهما فرصة واضحة لتعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الإستراتيجي حول السودان، بعد سنوات من الخلاف حول قضايا إقليمية.

ووضع الموقع الكندي ذلك في إطار تنامي الدور الصيني في المنطقة عبر بوابة الخليج، قائلا إن "هذا سيساعد في تحقيق التوازن بين القوى العظمى في منطقة الشرق الأوسط، في وقت تتطلع فيه بعض دول الخليج إلى الصين، ودعم روسيا بشكل غير مباشر".