وزيرة تونسية سابقة لـ"الاستقلال": قيس سعيد اعتقل الغنوشي لتخويف معارضي الانقلاب
أكدت وزيرة المرأة السابقة في تونس سهام بادي، أن تونس تشهد اليوم هدما لكل ما بنته الثورة لزرع ديكتاتوريه ناشئة أشد قسوة من سابقتها، محذرة من تداعيات الخطوات الأخيرة لرئيس النظام قيس سعيد.
وقالت الوزيرة في أول حكومة بعد ثورة الياسمين وحتى 2013، في حوار مع "الاستقلال"، إن اقتحام منزل زعيم حركة النهضة رئيس البرلمان المنتخب راشد الغنوشي واعتقاله (خلال أبريل/ نيسان 2023)، بمثابة استعراض بوليسي من قبل "سعيد" ورسالة تخويف لمعارضي الانقلاب.
وأشارت بادي المقيمة خارج تونس إلى أن "سعيد" ما هو إلا أداة هدم لديمقراطيتنا التونسية الناشئة والتي كانت منارة وقدوة يحتذى بها في العالم العربي.
اعتقال الغنوشي
- ما رؤيتك لتطور الأوضاع في تونس بعد اعتقال رمز بحجم الغنوشي؟
الأوضاع في تونس للأسف تتطور نحو الأسوأ، فنحن بصدد هدم كل المؤسسات الديمقراطية وكل ما بُني في العشرية الفارطة من دستور توافقي، ومن مؤسسات وحياة ديمقراطية تحترم الأحزاب والتداول السلمي على السلطة.
صحيح كان هناك عثرات اقتصادية ولكن على مستوى البناء الديمقراطي بدأنا في إنجاز مؤسسات وحياة ديمقراطية سوية، ولكن ما يحدث في تونس اليوم هو مِعْول هدم لكل ما بنته ثورة الياسمين؛ لبناء معالم ديكتاتوريه ناشئة قد تكون أشد قسوة من ديكتاتورية الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
- ما دلالات اقتحام الأمن منزل الغنوشي رئيس أكبر حزب معارض؛ بل وتفتيشه قبيل اختطافه؟
هذا الاقتحام بمثابة استعراض بوليسي في مواقف يريدها أن تكون بطولية بأنه يعتقل رموز المعارضة وينكل بهم وأن قيس سعيد قوي وقادر على وضع الغنوشي في السجن ليخيف المعارض البسيط، فهي رسالة لتخويف كل من تسوّل له نفسه معارضة هذا المسار والوقوف ضد مسار المنقلب.
- ما خطورة إقدام قيس سعيد على غلق مقرات حركة النهضة بشكل غير قانوني؟
لقد عبر قيس سعيد عنه أنه لا يؤمن بالأحزاب ولا بالمجتمع المدني ولا بهذه الأجسام الوسيطة التي ربما تكون غير متماهية مع برنامجه، وبالتالي فإن غلق المقرات يشعره وكأنه يُجهز بنفسه على الأحزاب.
ولا يدرك المنقلب أن الأحزاب يمكنها أن تجتمع عن بُعد عبر الإنترنت بديلا عن المقرات، ولكنه يتوهم انتهاء زمن الأحزاب والمجتمع المدني التي تتحرك خارج دائرة نفوذ الديكتاتور الذي يحرص على وأد أي تعبيرات حرة.
- إغلاق مقر جبهة الخلاص وتوقيف رموزها ومنع مؤتمراتها.. إلى أين يريد أن يأخذ سعيد البلاد؟
قيس سعيد يدرك أنه لا يمكنه الرجوع الى الوراء لأن ذلك يعني نجاح المعارضة وانتهاء مشروعه ووضع حد للعبث الذي يمارسه بحق مؤسسات الدولة التونسية وبمسارها الديمقراطي برمته؛ ومن ثم محاسبته على خرق القانون والدستور والانقلاب على الشرعية.
وقيس سعيد يعلم جيدا أنه لن يفلت من العقاب فكل ما يجب عليه أن يفعله هو حماية نفسه وعرشه ومشروعه الاستبدادي الذي يؤسس له، وأن مصيره حال نجحت المعارضة إيداعه مستشفى الأمراض العقلية، أو السجن لا محالة.
فهو من تآمر على الدولة والشرعية، وعلى المؤسسات، وهو من نكّل بشعبه وعبث بمقدرات تونس ومكتسباتها وأموالها لتحقيق مآرب شخصية ولم نره ينجز في هذه السنوات التي مضاها في الحكم أي شيء يذكر للشعب التونسي.
- هل استغل قيس سعيد انشغال العالم بحرب السودان ووجه هذه الضربات للنهضة والجبهة معا؟
للأسف ملامح مشروع قيس سعيد كانت واضحة في حملته الانتخابية منذ زمن ولكن ربما نحن لم ننتبه إليه، كما نجحت الدولة العميقة وداعموه في وضع التوانسة بين فكي كماشة إما قيس سعيد أو نبيل القروي (منافسه الانتخابي وقتها) وما أثير حوله (الأخير) من ملفات فساد وهو ما أفقدنا القدرة على التمييز آنذاك وجاء سعيد في غفلة منا.
وبما أن برنامجه التدميري واضح في رأسه فقد سمحت له الفرصة بتمريره رويدا رويدا قطرة- قطرة حتى وصل الآن لمراحله النهائية؛ فإذا بنا نرى قيس سعيد مجرد مِعْول وأداة هدم للديمقراطية التونسية الناشئة والتي كانت منارة وقدوة ومثلا يحتذى به في العالم العربي، وكنا نفاخر بها بين الدول.
هذه الديمقراطية العربية وهذه الثورة التي جاءت لتنهي الاستبداد ولذلك حرص قيس سعيد أن ينهي هذه التجربة وأن يخمد أنفاسها حتى لا يكتب لها النجاح.
وبالتالي كما رأيتم لها تأثير إذا نجحت هذه الثورة على المنطقة العربية ككل، وهذا بالطبع ما لا يحبذه العديد من الأطراف.
مستقبل تونس
- في ظل هذه الأجواء الضبابية.. تونس إلى أين؟
نحن أمام خيارين إما أن يكون لنا سيسي (نسبة إلى رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي) جديد في تونس واستبداد واضح المعالم يتركز أكثر ويتغلغل أكثر في البلاد ويقضي على آخر نفس من هذه الثورة وهذه التجربة التونسية.
هذا بالطبع إذا وجدنا أنفسنا أمام شعب راضٍ بأن يحكم من جديد بالنار والحديد، وبأن تكمم الأفواه من جديد بعودة دولة البوليس والقمع والإرهاب.
والخيار الثاني هو أن هذا الشعب قد ذاق الحرية وتمتع بها لسنوات وأصبح يرفض أن يساس بهذا الشكل وأن تقع مصادرة رأيه وحريته وإرادته وأن يستثنى من المساهمة في صنع القرار وفي بناء بلده.
إذا وجدنا أنفسنا أمام شعب حر أبيّ يناضل من أجل الحرية والكرامة وسقط لنا شهداء وجرحى، حتى توصلنا إلى دستور توافقي وإلى بناء مؤسسات ديمقراطية وإلى التداول السلمي على السلطة.. فلا يمكن أن نفرط في ذلك.
فنحن سنجد أنفسنا مع نخب ومع مواطنين لا رعايا يقاومون بكل الأشكال السلمية المتاحة لهم حتى إسقاط هذه الديكتاتورية والتخلص من هذا الكابوس الجاسم على البلاد والذي يزج بها من يوم إلى آخر في نفق مظلم، وفي مصير لا يحمد عقباه.
في هذه الحالة لن يستسلم هذا الشعب الأبي وسيواصل مقاومته وصموده حتى وإن أدى ذلك إلى وضع كل من يريد قيس سعيد في السجن.
هذا هو الثمن للحرية والضريبة ستكون باهظة والتكلفة ستكون غالية ولكن وطنا يستحق منا هذه التضحيات وفي البلد بالطبع نساء ورجال أحرار مستعدون للدفاع عن حريتهم وكرامتهم ووطنهم بالغالي والنفيس.
- كيف يمكن إخراج تونس من مستنقع الاستبداد الذي تغرق فيه البلاد اليوم؟
فعلا هو مستنقع والاستبداد لا يمكن أن يكون إلا مستنقعا، فالخروج من هذا المأزق أولا بالعودة إلى الشرعية لأنه لا يمكن أبدا أن نتصور بلادا بدون مؤسسات وبدون رقابة وبدون مساهمة فعلية وتشريك فعلي للمجتمع بكل مكوناته في صنع وتقرير المصير.
فضروري جدا أنه تكون ضمن أطر الشرعية والتداول السلمي على السلطة، والعودة إلى الدستور 2014 التوافقي، ومن جديد يعني تركيز الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كهيئة مستقله فعليا والمجلس الأعلى للقضاء مع تحييد كامل للقضاء ورفع اليد على القضاة وإعادة التقدير لدورهم.
لأنه لا معنى لدولة بدون استقلالية تامة للقضاء، وعودة السلطة بكل الاستقلالية التنفيذية والتشريعية والرئاسية مع ضمان الرقابة للمجلس النيابي على هذه السلطات.
وهذا أساسي لا يمكن بدونه ولا يمكن خارج هذا الإطار أن نتصور حياة سياسية سوية، ولا يمكن لدولة أن تنهض اقتصاديا لأن المعضلة الكبرى في تونس اليوم هي اقتصادية بالأساس.
ولا يمكن أن ننجح اقتصاديا إذا كان هناك اضطراب وتوتر سياسي وإذا وصلنا في هذا النهج وبالتالي التطور والتقدم الاقتصادي مرهون بالاستقرار الأمني والسياسي.
داعمو المستبد
ما الدول الإقليمية التي تقف وراء قيس سعيد وتدعمه في تحركاته؟
الدول التي تدعم قيس سعيد هي التي لا تريد لتونس أن تستقل استقلالا حقيقيا، ولا تريد لتونس أن تكون لها سيادة حقيقية على كامل أراضيها، ولا تريد لتونس أن تقرر مصيرها بيدها بل يجب أن ترتهن لهذه الدول اللي تتحكم فيها عن بعد.
وبالتالي الدول التي لا تحب لتونس ان تنجح في ثورتها هي دول تخاف من عدوى الثورة والتخلص من كابوس الاستبداد والعنجهية والحكم المؤبد.
تساند اليوم قيس سعيد والدول المستفيدة من أن تبقى البلاد ضعيفة وأن يحكمها رجل مستبد طَوْع يمينهم يحرّكونه بسبابتهم أو بإبهامهم حتى يكون جنديا من جنودهم داخل أرض الوطن.
وبالتالي كل الدول التي ترى أنه بوجود قيس سعيد يمكن أن تخدم مصالحها حتى قبل مصلحة الوطن هذه أيضا دول تدعم وتقف وراء قيس سعيد.
- ما رؤيتك لمواقف الاتحاد العام التونسي للشغل إزاء سعيد؟
الاتحاد العام للشغل أصبح كحزب سياسي بدون أن تكون له الصفة السياسية ويتخفى وراء الدور النقابي ليمارس دوره كحزب سياسي ويشارك فعلا في السلطة.
وقد كان قبل الثورة دائما مواليا للسلطة الحاكمة ويمارس دوره النقابي بكثير من الاحتشام وبتوافق كبير مع السلطة الحاكمة ولكن وفرت له أجواء الحرية ما بعد الثورة بأن يكون له دور أكثر عمقا داخل الشعب وفرض نفسه في الساحة كطرف مهم حقيقة.
أولا الدور الذي لعبه كان فيه ولاء كبير للدولة العميقة وأسهم في كثرة الإضرابات والتوتر الذي ساد داخل البلاد وخلق حالة من اللا استقرار الاجتماعي، ضد التيار الإصلاحي وضد عمليه البناء التي كانت تفتضيها المرحلة ما بعد الثورة، وكان أحد المعرقلين لعملية البناء الديمقراطي.
كما أنه اليوم موالٍ نوعا ما للانقلاب ولعل بعض ملفات الفساد في الاتحاد قد حالت دون أن يكون له نفس الدور الذي لعبه في العشرية السابقة.
وهناك دور سلبي جدا وخضوع تام للسلطة الحاكمة، واليوم لا نكاد نسمع له صوتا، وهو الحائز على جائزة نوبل للسلام ورغم ما يفعله قيس سعيد من تنكيل بالشعب ولكنه لا يحرك ساكنا فما أبعده اليوم على جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها في سنه 2014.
مواجهة سعيد
- معاناة الشعب التونسي وزيادة حدة الفقر.. كيف يمكن استثمار ذلك للتخلص من كابوس الاستبداد؟
الوضع الاقتصادي حقيقة معذبة كبيرة نظرا لأنه بعد الثورة جرى الاهتمام ببناء المؤسسات ولم يجر إعطاء أولوية للبناء وللإصلاحات الاقتصادية العميقة مما جعل الشعب يتذمر شيئا فشيئا نظرا لأنه لم ير في الأفق إصلاحات اقتصادية يمكن أن يجني ثمارها إن عاجلا أو آجلا.
وبالتالي فالطبقات الفقيرة ازدادت فقرا والطبقات المهمشة ازدادت تهميشا ولم يكن هناك تحسن في المقدرة الشرائية للمواطن.
كما أن الوضع السياسي- ونظرا لتعاقب حكومات عديدة على تونس في فتره قصيرة- خلق نوعا من عدم الاستقرار الذي لم يسهم في استمرارية النهوض الاقتصادي.
وبالتالي تعثر كبير على المستوى الاقتصادي وتغليب الجانب السياسي الذي وجد فيه قيس سعيد فرصة سانحة للركوب على آلام الشعب وعلى مشاكلهم الاجتماعية ليبرر انقلابه ووعوده الكاذبة.
ولكن منذ جاء إلى السلطة وحتى الآن لم نر له ولو برنامجا واحدا اقتصاديا ولو إصلاحا واحدا على المستوى الاقتصادي ولو بصيص أمل في إمكانية تحسين المقدرة الشرائية أو الوضع الاجتماعي أو تحسين نسبة الفقر أو البطالة؛ لأنه ليس له أي مشروع للنهوض الاقتصادي بالبلاد.
- كيف يمكن مواجهة الاعتقال العشوائي، وتجاوز قواعد القضاء النزيه، وحملات الترهيب؟
من المفروض أنه كل جسم أيضا يدافع عن نفسه وشرف مهنته وأن يناضل من أجل استقلاليتها، فالقضاء أيضا جزء من المقاومة ومن النضال وبأشكال مختلفة يحاولون محو مهنتهم وأن يتصدوا لهذا الانقلاب.
في الأخير القضاة هم مواطنون؛ فيهم من عنده القوة والقدرة والإرادة على أن يعرض نفسه لكل المخاطر في سبيل أن يبقى مستقلا ويقوم بمهنته بكل حياد، ومنهم من يخاف على خبزته، كما نقول.
وبالتالي فإنه يحاول قدر الإمكان أن يساير النسق السياسي الموجود وأن لا يخالف كثيرا قيس سعيد وهذا نراه؟
ونرى أن فيهم موالين بل إن فيهم قضاة يتحولون إلى أداة في يد السلطة تضرب بها خصومها وتعاقب بها كل من تسول له نفسه الخروج عن طوع يمينه، فلذلك معركة القضاة هي معركة لا تهم القضاة فقط، بل تهم الشعب كافة لأنه لا معنى لأي دولة تحترم نفسها أن لا يكون فيها القضاء مستقلا، وبالنسبة للمناضلين والنخب والحقوقيين فعليهم الدفاع عن استقلال القضاء؛ لأنه جزء من معركتنا في مقاومه هذا الانقلاب.
- هل يمكن أن يتخلص الشعب التونسي من قيس سعيد بالانتخابات الرئاسية المقبلة؟
واهم من يظن أن قيس سعيد سيمكن البلاد من انتخابات رئاسية شفافة وحرة ونزيهة وبهيئة انتخابات مستقلة أو بقضاء عادل.
فكل المؤشرات تدل على أنه لن يتقاسم السلطة أو يسلمها لأحد؛ لأنه أعطى لنفسه الحق في دستوره الجديد أن يؤجل الانتخابات فكل السلطات في يده، ولو أراد أن يؤجلها 100 سنة سوف يفعل.
ملفات أخرى
- ما رؤيتك لتطبيع قيس سعيد الكامل مع النظام السوري رغم جرائمه الوحشية؟
قيس سعيد الآن يصطف مع من كانوا ضد الثورات العربية ومن قاوموها ومن وقفوا ضدها وعملوا على تخريبها وعلى تخذيلها.
فعلاقته القوية الآن بالسيسي وعلاقته القوية بالإمارات وعلاقته القوية ببشار (الأسد رئيس النظام السوري) ومن ثم إعادة العلاقات مع سوريا تندرج في هذا الإطار، فكلهم من بعضهم؛ فهذه الديكتاتوريات يساند بعضها بعضا، وتقف مع بعضها وتحاول أن تؤبد نفسها في الحكم.
- ملف اللاجئين الأفارقة وحملات القمع والعنصرية ضدهم.. ما انعكاسه على العمق الإفريقي لتونس؟
نستطيع أن نقول إن ذلك أظهر النزعة العنصرية عند قيس سعيد، فنراه يتحدث بشكل عنصري عن الأفارقة وعن وجودهم في أرض الوطن.
وهذا حقيقة نحن استأنا لها كثيرا؛ لأن تونس البلد المضياف تونس البلد المتوسطي الذي عوّد الدول على اعتداله وعلى قبوله بالآخر، قيس سعيد أعطى أسوأ صورة عن تونس في إفريقيا، وفي الدول أيضا التي تحترم إنسانية جميع الأجناس.
ولكن المنقلب يتخبط تخبط عشوائي مما يمكن أن يضر بتونس وبدبلوماسيتها وبعلاقاتها ببلدان الجوار وعلاقاتها الاقتصادية في المستقبل وبذلك تخسر تونس كثيرا.
- كيف يستغل قيس سعيد ملف المهاجرين غير الشرعيين في علاقته بأوروبا؟
أوروبا وكأننا بها لا تريد الديمقراطية إلا لنفسها فقط وترى أنه ربما بعض الدول ليست أهلا للديمقراطية أو لم تصل بعد إلى درجة النضج حتى يصبح لها الحق في الديمقراطية.
فأوروبا النخبة، وأوروبا الإعلام، وأوروبا الشعب ليس بالضرورة مثل أوروبا الحكام.. فالحكام يرون مصلحتهم وحماية حدودهم وحماية مصالحهم داخل البلاد.
فأي طرف يأتي ويحمي هذه المصالح، ويحمي الحدود من الهجرة غير الشرعية ويمكنهم من نهب خيرات البلاد منذ عهد الاستعمار يرحبون به ولتذهب الحريات والديمقراطية إلى الجحيم.
- قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني وموقف الشعب التونسي؟
قيس سعيد مستعد أن يبيع كل شيء من أجل بقائه في الحكم وتأبيد حكمه الديكتاتوري ولا مانع لديه من الاصطفاف إلى جانب الكيان الصهيوني نظير بقائه في الحكم للأبد.
فهو ليس صاحب قضية أو مبدأ وليس ممن سوف يدافع دفاعا شرسا عن حق الشعب الفلسطيني في تحرير مصيره وفي حماية أراضيه وفي حماية القدس.
ولكن يبقى الشعب التونسي شعبا مؤمنا بعدالة القضية الفلسطينية التي تجري في دمه، ودائم الدفاع عن الحق الفلسطيني وموقفه ثابت ولم يتغير بعيدا عن المنقلب قيس سعيد.
- لماذا يصر قيس سعيد على حالة العداء مع كل المؤسسات المنتخبة قبل مجيئه للسلطة؟
قيس سعيد رجل لا يؤمن بالديمقراطية ولا بالاختلاف ولا بالأحزاب والجمعيات وبالطبع إذا كان لا يؤمن بها كفكرة فلا يؤمن بها كمؤسسات.
لذلك أول ما فعل وضع دبابة أمام البرلمان في حركة رمزية ليقول إنهاء الشرعية وإنهاء للمؤسسة الأم للديمقراطية وللتشاور وللمساهمة في صنع مصير البلاد.
وحتى لو أعاد البرلمان فإن ذلك سيكون اضطرارا أمام الضغط الدولي الذي لابد له أن يتعامل مع السلطة غير الرئاسية، ومع السلطة التشريعية، فإن وجد نفسه مضطرا فسيضع برلمانا كديكور للمطلب الخارجي.
ولكن هو في حد ذاته لا يؤمن بالبرلمان حتى إنه وضع فيه أشخاصا على المقاس يأتمرون بأمره وليس لهم أي سلطة رقابية أو سلطة المبادرة التشريعية نظرا لأن قيس سعيد هو "المؤسسة الوحيدة" التي تحكم في البلاد.
فهو السلطة الرئاسية والتشريعية والتنفيذية ولا يؤمن بأنه توجد هناك هيئات رقابية أو تقاسم لسلطة حتى السلطة القضائية هو يهيمن عليها ويضع عليها يده بعزل أكثر من 57 قاضي والتنكيل بالقضاة وتخويفهم وترعيبهم ووضعهم تحت السيطرة.
وبذلك يكون قد وضع كل السلطات في يده ولا معنى في هذه الحالة للمؤسسات ولا جدوى لها، فقط إن اضطر إلى ذلك فسيعمل مؤسسات ديكورا حتى يوهم الغرب أساسا حين يخاطبه بأننا مازلنا بلدا ديمقراطيا وعندنا مؤسسات ديمقراطية ولكن الواقع غير ذلك تماما.