السليمانية وأربيل.. عنوان أزمة تتصاعد بكردستان العراق وتهدد بتقسيم الإقليم

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدث مركز دراسات تركي عن آخر التطورات في مدينة السليمانية بعد وقوع انفجار قرب مطارها الدولي شمالي العراق والأزمة المتصاعدة مع أربيل ما يهدد بتقسيم إقليم كردستان العراق.

والسليمانية معقل حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني” الذي يتزعمه بافل طالباني، نجل الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، وهو أحد الحزبين الكرديين الرئيسين المتنافسين على السلطة في إقليم كردستان العراق إلى جانب “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود بارزاني وابنه نيجيرفان ومركزه أربيل.

وقال مركز دراسات الشرق الأوسط "أورسام" في مقال للكاتب التركي "بيلجاي دومان" إنه بعد هذا حادث انفجار المطار "أصبحت التطورات الأخيرة في السليمانية، القضية الرئيسة لحكومة إقليم كردستان العراق وحتى ضمن المعادلة الإقليمية".

وذكرت مديرية أمن المطار في بيان، أن انفجارا وقع في 7 أبريل/نيسان 2023، قرب سور مطار السليمانية دون ذكر خسائر بشرية. وأضافت أن الانفجار تسبب بحريق سيطر عليه فوج الإطفاء، وأن التحقيق جار لمعرفة أسبابه.

وقبلها بيومين، أعلنت تركيا إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات القادمة من مطار السليمانية الدولي والمتجهة إليه بإقليم شمال العراق، اعتبارا من 3 أبريل.

وعن السبب وراء القرار، قال متحدث الخارجية التركية تانغو بلغيتش، إنه يرجع إلى زيادة أنشطة تنظيم حزب العمال الكردستاني "بي كا كا" المصنف إرهابيا لدى أنقرة وتسلله نحو المطار، الأمر الذي يشكل خطرا على سلامة الرحلات الجوية.

ولفت متحدث الخارجية إلى أن القرار سيسري لغاية 3 يوليو/تموز 2023، ومن ثم إعادة النظر فيه عقب متابعة وتقييم التطورات عن كثب.

توتر العلاقات

وتطرق دومان أيضا إلى تحطم مروحية في محافظة دهوك منتصف مارس/آذار ومقتل عدد من الأشخاص من بينهم عناصر من "حزب العمال الكردستاني" في الحادثة، وفق ما أعلنت السلطات في إقليم كردستان العراق.

وبين أن هذا التحطم وبعد إغلاق تركيا لمجالها الجوي أمام الطائرات المتجهة من وإلى السليمانية، جرى استهداف قافلة من 3 جنود أميركيين ومظلوم عبدي (مظلوم كوباني) قائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، بطائرة بدون طيار ولم يقتل أو يجرح أحد. 

وكشفت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، أن قذيفة سقطت على بعد 100 متر من مظلوم عبدي، خلال وجوده في مطار السليمانية بإقليم كردستان العراق.

 ويعد مظلوم عبدي، المعروف لدى المحيطين به بـ" الجنرال" من أبرز المطلوبين للجانب التركي، ويُنظر إلى "قسد" على أنها الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، المصنف لدى العديد من الدول ضمن خانة التنظيمات الإرهابية.

وزُعِم أن الهجوم من تنفيذ تركيا بسبب الإجراءات التي اتخذتها ضد السليمانية، وأعرب الرئيس العراقي "عبد اللطيف رشيد" عن توقعه اعتذاراً من أنقرة بعد الهجوم.

ولم تصدر تركيا أيَّ بيانٍ حول الأمر. وعلى الرغم من ذلك، يواصل المسؤولون العراقيون والأميركيون والأكراد (خاصة المُوَالين للاتحاد الوطني الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية) اتهام أنقرة بذلك. 

وأردف دومان: بغض النظر عما إذا كانت تركيا قد نفذت الهجوم أم لا، فإنه علامة واضحة على ظهور معادلة وعملية جديدة في المنطقة. 

فعمليات تركيا في شمال العراق ليست جديدة، ومع ذلك، فإن الخطوات التي اتخذها الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يواجه أزمة قيادة كبيرة بعد جلال طالباني، تؤدي إلى عملية جديدة في كل من السياسة الداخلية الإقليمية والكردية. 

وأضاف: في مؤتمر الاتحاد الوطني الكردستاني عام 2019، تحول الحزب إلى نظام الرئاسة المشتركة.

ومع ذلك، فإن أزمة القيادة في الاتحاد الوطني الكردستاني لم تنته مع هذا المؤتمر، وفق قول الكاتب. 

وكانت الأزمة موجودة بين بافل، نجل جلال طالباني، ولاهور، ابن عم بافل، والتي أدت في بعض الأحيان إلى اغتيالات وتسميم.

وبعدما أصبح بافل طالباني الزعيم الوحيد للحزب، يمكن ملاحظة أن الاتحاد الوطني الكردستاني قد اتخذ خطوات لتحويل السياسة الداخلية والخارجية. 

وأشار الكاتب إلى أنه تبين في التحقيق الذي أجراه الحزب الديموقراطي الكردي بشأن تفجير "هاوكار الجاف"، والذي كان من أتباع لاهور، قد جرى من قبل "وهاب حلبجي"، والذي كان مقرباً من بافل طالباني. 

وفي 7 أكتوبر/تشرين أول 2022، اغتيل الجاف وأصيب أربعة من أفراد أسرته بجروح، بتفجير عبوة لاصقة في سيارته وسط أربيل. وانشق الجاف، عن مؤسسة مكافحة إرهاب السليمانية، ولاذ بأربيل.

بسبب هذا التفجير بلغت التوترات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ذروتها. 

وهذه الأزمة بين الحزبين الكرديين في إقليم كردستان العراق، قد تهدد بتقسيم الإقليم إلى إدارتين، واحدة في أربيل يقودها الحزب الديمقراطي، والثانية في السليمانية يرأسها الاتحاد الوطني الكردستاني.

وتابع الكاتب: بسبب التوتر بينهما، قاطع وزراء الاتحاد الوطني الكردستاني اجتماعات مجلس الوزراء، وعاد نائب رئيس الوزراء كوبات طالباني إلى السليمانية على أساس أنه "لم يشعر بالأمان" وقرر عدم الحضور. 

وهكذا، انسحب الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو إحدى السلطتين التنفيذيتين في سياسة حكومة إقليم كردستان، من العملية الإدارية. 

الأمر الذي يبدو وكأن الاتحاد الوطني الكردستاني يحاول أن يجعل الحزب الديمقراطي وحيداً داخل الحكومة.

إستراتيجية العزل

واستدرك الكاتب التركي دومان: نشأ الانقسام نفسه في إنشاء الحكومة المركزية في بغداد. 

ففي حين تحول "الحزب الديمقراطي" إلى محادثات العمل مع حكومة مقتدى الصدر (التي فشل بتشكيلها سابقا) وائتلاف السيادة السني، تصرف "الاتحاد الوطني" في الغالب مع إطار التنسيق الشيعي الذي شكلته الجماعات المقربة من إيران. 

وأضاف: حدث الاختلاف نفسه في تحديد المرشح الرئاسي. فبعد عملية تشكيل الحكومة، لوحظ أن الاتحاد الوطني الكردستاني جلس للتفاوض مع إدارة بغداد بشكل مستقل عن إدارة حكومة إقليم كردستان، خاصة في قضايا مثل كركوك والنفط.

وبهذا المعنى، لن يكون من الخطأ القول إنَّ الاتحاد الوطني الكردستاني يحاول خلق بديل للحزب الديمقراطي وإضعاف وزنه في حكومة إقليم كردستان.

ولم تتوقف تحركات الاتحاد الوطني الكردستاني عند هذا الحد، فقد عزز بافل طالباني علاقته مع قوات قسد بشأن سوريا وأنتج خطابات حول القضية الكردية في تركيا. 

ولفت الكاتب إلى إمكانية قراءة الاجتماعات المتتالية مع قوات "قسد" وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، فضلا عن الزيارات المنتظمة التي يجريها مظلوم كوباني وزملائه إلى السليمانية، على أنها خطوة واضحة ضد المجلس الوطني الكردي، الذي يتمتع الحزب الديمقراطي الكردستاني بعلاقات جيدة معه. 

وهنا، يتبين أنه يحاول الحصول على دعم الشعب من خلال الخطابات القومية وقمع الحزب الديمقراطي الكردستاني بفعالياته العامة وخطابه القاسي. وبهذا المعنى، يبدو أن بافل طالباني قد استخدم قوات سوريا الديمقراطية والدعم الأميركي لهم كأداة. 

من ناحية أخرى، فإن تحركات بافل طالباني لحماية حزب العمال الكردستاني لافتة للنظر أيضاً.

وهذا على الرغم من حقيقة أن تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني كانا في حوار وتعاون وثيقين فيما يتعلق بالحزب، الذي خلق أخيرا حالة من عدم الاستقرار خاصة في حكومة كردستان واستهدف حتى البيشمركة (قوات الإقليم).

وبالتالي، هناك موقف ليس فقط ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني ولكن أيضاً ضد تركيا، وفق تقدير الكاتب.

من ناحية أخرى، يشار إلى أن قوات سوريا الديمقراطية تحول السليمانية إلى قاعدتها الجديدة. وهكذا، تعزز الولايات المتحدة علاقاتها مع الاتحاد الوطني الكردستاني من خلال "قسد". 

وفي الوقت نفسه، قد يكون هذا الوضع خطوة من قبل الولايات المتحدة لزيادة نفوذها في السليمانية عبر العلاقات بين قوات سوريا الديمقراطية والاتحاد الوطني الكردستاني وكسر نفوذ إيران، يقول الكاتب. 

وأردف: "بالإضافة إلى ذلك، قد تحاول قوات سوريا الديمقراطية أيضاً تحويلها من هيكل سوري بحت إلى جهة فاعلة إقليمية. وبالتالي، فهو منافس جديد للحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يعد القوة الرائدة في قيادة الأكراد في المنطقة".

وأشار الكاتب إلى أن موقف بافل طالباني هذا، على الرغم من أنه خطوة لتعزيز مكانته في الحزب والقاعدة الشعبية، يمكن أن يعطل الإيقاع في حكومة إقليم كردستان. 

وفي الواقع، قال المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان "جوتيار عادل" في بيانه بشأن الهجوم بالقرب من مطار السليمانية، "إن موقف الطرف المهيمن في السليمانية أدى إلى إغلاق تركيا المجال الجوي لمطار السليمانية ومن ثم تعرضها للهجوم". 

كما ألقى بافل طالباني باللوم على الحزب الديمقراطي الكردستاني في الهجوم، قائلاً إنه أدى إلى انتهاك حدود حكومة إقليم كردستان والعراق أمام وبتوجيه من جهاز أمن المخابرات الداخلية، ووصف الحكومة بأنها استبدادية.

وأشار الكاتب إلى أن هذا الادعاء قد يزيد من تعقيد سياسات "حكومة إقليم كردستان" في الفترة التي تسبق الانتخابات (البرلمانية في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023). 

وختم مقاله قائلاً: لن يكون من الخطأ القول إن الاتحاد الوطني حاول عزل وقمع الحزب الديمقراطي قبل الانتخابات، وبالتالي إجباره على تقديم تنازلات. 

ومع ذلك، وبالنظر إلى أن الخطوات التي اتخذها بافل طالباني بطموحات شخصية قد بدأت في الإخلال بالتوازنات الدقيقة في "حكومة إقليم كردستان"، فمن المرجح أن تحقق الحكومة نتائج من شأنها تعطيل إنجازاتها حتى الآن. 

وفي هذه المرحلة، ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار دعوات رئيس حكومة إقليم كردستان "نيجيرفان بارزاني" لضبط النفس، يخلص الكاتب.