"حثالة الأرض".. هكذا رد ناشطون على إنكار وزير إسرائيلي "وجود شعب فلسطين"

12

طباعة

مشاركة

سخط وغضب واسع أثاره وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف، بإنكاره وجود شعب فلسطيني، خلال كلمته من على منصة في باريس رسم عليها ما تسمى "خارطة أرض إسرائيل" وتضم كلا من فلسطين والأردن.

كلمة سموتريتش، جاءت خلال مشاركته في مؤتمر نظمته مؤسسة إسرائيلية في 19 مارس/آذار 2023، وقال فيها إن على المرء أن يقول الحقيقة دون الانصياع لأكاذيب وتحريفات التاريخ، ودون الانصياع لنفاق حركة المقاطعة والمنظمات الموالية للفلسطينيين.

وأضاف: "هناك عرب موجودون في الشرق الأوسط ووصلوا إلى أرض إسرائيل في نفس وقت الهجرة اليهودية والأيام الأولى للصهيونية. بعد 2000 عام من المنفى، عاد شعب إسرائيل إلى دياره، وهناك عرب حولهم لا يحبون ذلك".

وتابع سموتريتش: "إذا ماذا يفعلون؟ لقد اخترعوا شعبا وهميا ويطالبون بحقوق وهمية في أرض إسرائيل لمجرد محاربة الحركة الصهيونية" -بحسب زعمه-.

واستطرد: "أنا أسألكم، من هو الفلسطيني الأول؟ أي لغة كانت للفلسطينيين؟ هل كان هناك شيء اسمه عملة فلسطينية؟ هل يوجد تاريخ أو ثقافة فلسطينية؟ لا يوجد، لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني"، مدعيا أن "الشعب الفلسطيني اختراع لم يتجاوز عمره 100 عام".

وأثارت تصريحات زعيم الحزب اليميني المتطرف ردود فعل غاضبة واستنكارات واسعة على المستوى الرسمي دوليا وعربيا، لكنها كانت في أغلبها مجرد بيانات شجب وإدانة وانتقاد واحتجاج دون ردة فعل قوية ورادعة، وهو ما أثار استياء الناشطين على تويتر، رأوها مجرد "رفع عتب". 

وطالبوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسمي #بتسلئيل_سموتريتش #وزير_المالية_الإسرائيلي، الدول المطبعة بطرد سفراء الكيان، والتوقف عن التغني بالسلام مع العدو ومشاركتهم عقد المؤتمرات والاجتماعات بين الحين والآخر والتي كان آخرها اجتماع "شرم الشيخ" الذي تزامنت معه تصريحات سموتريتش.

وأعرب ناشطون عن غضبهم من النفاق الغربي اللامحدود وغض الطرف عن تصريحات المسؤول الإسرائيلي ومنحه منبرا ليعبر فيه عن معتقداته وآرائه بحرية، صابين جام غضبهم على الاحتلال والسلطة الفلسطينية التي تلتزم بالتنسيق الأمني مع الكيان رغم المواقف المعلنة.

بدوره، أوصى البرلمان الأردني بطرد السفير الإسرائيلي من البلاد، حيث صوت أغلبية أعضاء مجلس النواب، في 22 مارس/آذار 2023، بالموافقة على مقترح بطرده، وطالب رئيس المجلس أحمد الصفدي، الحكومة بإجراءات فاعلة ومؤثرة تجاه ما حدث.

بينما تصاعدت الإدانات العربية والغربية لتصريحات سموتريتش، وكانت فرنسا أبرز الدول المستنكرة للتصريحات، كما أدانتها كل من الإمارات والأردن والسعودية ولبنان ومصر، فيما اكتفت خارجية الاحتلال بالقول إن "إسرائيل ملتزمة باتفاقية السلام مع الأردن منذ 1994". 

عنصرية وتطرف

وتفاعلا مع الأحداث، قال رئيس الدائرة الإعلامية في حركة "حماس"-إقليم الخارج، هشام قاسم، إن "الحركة الصهيونية واضحة ككيان استيطاني توسعي متطرف وتصريحات وزير مالية الاحتلال سموتريتش في باريس في ذات السياق".

وأضاف الوزير المتطرف الذي دعا إلى "محو" بلدة حوارة الفلسطينية في وقت سابق، هو ذاته يعود اليوم ليعلن "لا يوجد شيء اسمه أمة فلسطينية، أو تاريخ فلسطيني، أو لغة فلسطينية".

وأشار قاسم، إلى أن استخدام الوزير المتطرف لخريطة توسعية استعمارية لـ"إسرائيل" تضم حدود المملكة الأردنية والأراضي الفلسطينية المحتلة، على منصات المؤسسات اليهودية التي تنتشر للدفاع عن فاشية الاحتلال والتحريض على أي مكون فلسطيني، يكشف العقلية العنصرية التي لا تأمن بأي قانون أو تحفظ أي حقوق.

ونعت المغرد العوجا، وزير المالية الإسرائيلي بـ"المتطرف"، مستنكرا تشكيكه بوجود وتاريخ الشعب الفلسطيني بقوله "لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني".

وذّكر بأن وزير المالية للاحتلال الصهيوني هو من صرح سابقا بمحو قرية فلسطينية.

ورد محمود المصري على تصريحات وزير مالية الاحتلال، بتذكيره بأنه "قبل أقل من مائة عام لم يكن هناك شيء اسمه إسرائيل وكان هناك عملة ومطار وبلدات فلسطينية وكان اليهود مجرد قطعان منتشرة في العالم تعيش داخل مجتمعات تكرهها". ورأى الأكاديمي أيمن محمد، تصريحات المسؤول الإسرائيلي "غريبة وعنصرية"، وأن الأغرب "هو الصمت المطبق لأميركا وأوروبا عن هذا التجاوز الفج"، متسائلا: "أين الصيحات المستنكرة والعقوبات كما حدث مع روسيا؟".

وقالت الناشطة رحمة أحمد عبيد، إن "تصريحات الوزير في حكومة اليمين المتطرفة سموتريتش، هي محاولة لتزييف التاريخ وتزويره، وإنكار لوجود شعب فلسطيني له تاريخه وإرثه، وموجود على هذه الأرض منذ الأزل".

التنسيق الأمني

وانتقد ناشطون مواصلة السلطة الفلسطينية والأردن تنسيقهما الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، رغم كل التصريحات والمواقف الرسمية المعلنة من جانب الكيان، فضلا عن تصعيد قوات الأمن الإسرائيلية عملياتها في الضفة الغربية.

وقال رئيس لجنة الحريات والدفاع عن الأسرى، كمال الخطيب، إن "تصريح وزير المالية الإسرائيلي، ليس له إلا وصف واحد، أنه وضع أصبعا في عين النظام الأردني وسلطة أبو مازن، خاصة وأنه يأتي بعد قمتي العقبة وشرم الشيخ للتنسيق الأمني مع الحكومة الإسرائيلية التي يشغل سموتريتش وزيرا فيها". 

وتساءل: "ماذا تنتظرون أكثر حتى تغضبوا غضبة حقيقية؟ أم أنه ما لجرح بميت إيلام؟"، مبشرا بقوله: "نحن إلى الفرج أقرب".

واتهم السياسي فايز أبو شمالة، "جماعة أوسلو، وعملاء التنسيق والتعاون الأمني، بأنهم هم الذين شجعوا سموتريتش وأمثاله للتطاول على الشعب الفلسطيني، وتوسيع أطماعهم إلى الأردن". وعلق حبيب أفرم، على نفي وزير المالية الإسرائيلية وجود شعب فلسطيني بقوله إنه "اختراع وهمي لم يتجاوز عمره 100 عام"، متسائلا: "هل هذا كلام عنصري، أو تحريضي، أو استعماري أو غطرسة أو إنكار مخيف؟، إذا مع أي سلطة تنسق؟ وعن أي حل سلمي نتكلم؟ ومع من؟". وقال أستاذ العلوم السياسية، حسن نافعة، إن تصريحات الوزير العنصري سموتريتش، والتي ينكر فيها وجود الشعب الفلسطيني ويستخدم خلالها خريطة تمد حدود إسرائيل حتى مشارف دمشق، "تؤكد للمرة الألف أن إسرائيل لم ولن تفهم سوى لغة القوة، وأن المقاومة المسلحة هي الوسيلة الوحيدة لتحرير الأرض المحتلة". وروى محمد حلاوة، أن تلميذه سأله عن أبرز نتائج اجتماع شرم الشيخ؟ فقال له "تصريحات سموتريتش المهينة انطلاقا من باريس المحتقنة لكل من حضر الاجتماع  وخصوصا السلطة والأردن".

وأضاف أن "ما يفعله (رئيس الوزراء الفلسطيني) محمد اشتية، وأيمن الصفدةي  مسرحية هزلية لا تنطلي على الأطفال فقد باعوا القضية بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيها من الزاهدين".

كاشفة للأطماع

ورأى ناشطون أن تصريحات وزير المالية كاشفة عن أطماع ومخططات الاحتلال وحقيقة أحلامهم، صابين جام غضبهم عليه وعلى سلطة الاحتلال وحكومته المتطرفة.

وكتب فهيم شتاوي: "تصريحات سموتريتش ووقوفه على منصة تحمل خارطة إسرائيل تضم حدود الأردن في مؤتمر صهيوني بفرنسا أثارت غضب المجتمع الدولي! إلا أن هذا الرجل الذي يشغل منصبا وزاريا وأمنيا في الحكومة الحالية، جاهر بشكل واضح وصريح بكل ما يصبو إليه، يطمح إلى الاستيطان حتى دمشق!".

ورأى مستشار التطوير والإدارة، منتصر الصباغ، أن "تصريحات وزير المالية المتطرف تمثل الوجه الحقيقي لسلطات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة، والدليل استمراره حتى اللحظة في عمله كوزير بسلطات إسرائيل الاستعمارية". وقال خميس العدوي، إن "تصريحات سموتريتش العنصرية المتطرفة، ينطبق عليها المثل: (رمتني بدائها وانسلت)". وقال مصطفى المعايطة: "قدرنا أن يجمع الغرب حثالة أهل الأرض في منطقتنا، وما وزير المالية الإسرائيلي إلا عينة من هذه الحثالة". ونشرت المغردة سوزان، مقطع فيديو لسموتريتش، يتحدث باستفاضة عن أصله وأجداده وأنهم من قرية في روسيا، قائلة إنه "نسي أن يذكر كيف جاؤوا لفلسطين بالسفن حفاة عراة يملؤهم القمل والجرب بعد أن ضاقت أوروبا وروسيا بفسادهم وخبثهم وطردتهم ليحتلوا فلسطين التي منحها لهم الاستعمار البريطاني". وأوضح أحد المغردين، أن "الخريطة التي ظهرت مع وزير المالية الإسرائيلي من فرنسا، هي شعار منظمة عسكرية تأسست عام 1931 منظمة إتسيل التي تعتبر أن دولة إسرائيل تشمل فلسطين التاريخية ومملكة الأردن وتعتمد العمل المسلح لتحقيق هذه الخريطة"، قائلا: "يكفي التذكير بأن خريطتهم مستمدة من شعار منظمة الإرغون". وأكد المغرد شريف، أن "ما فعله وزير المالية الإسرائيلي ليس استفزازا، بل توضيح للخطة الجاري تنفيذها".

رفع عتب

وأعرب ناشطون عن استيائهم وسخطهم من ضعف الموقف العربي المناهض للاحتلال الإسرائيلي والرافض لتصريحات المسؤول في الحكومة المتطرفة، مستنكرين إطلاق البيانات الروتينية ومطالبين بمواقف أكثر قوة وصرامة.

وتساءل حسن أبو بكر العولقي، عن موقف العرب والجامعة العربية من تصريحات وزير مالية الاحتلال.

وسخر الكاتب المصري السيد الطحان، من موقف الأنظمة العربية من تصريحات المسؤول الإسرائيلي، قائلا: "من قال العرب لم يقفوا وقفة قوية أمام التصريحات المحرضة والعنصرية من وزير المالية الإسرائيلي ضد العرب والفلسطينيين، بالعكس كلهم وقفوا وتعنتروا وقالوا له عيب اخص عليك". وتساءل المغرد أبو الكميل: "متى يستيقظ العرب؟". وسخرت مها داش، من تصريحات سموتريتش، الذي وصفته بـ"الإرهابي البلطجي"، متسائلة: "أين أصحاب التطبيع  والسلام مع إسرائيل الأغبياء". وعّد حيدر القرشي، تصريحات سموتريتش، الذي نعته بالمجرم، تعديا على الفلسطينيين حيث زعم أنه لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطين وأنه لا حق له بالأرض لأنها ملك لليهود.

وأضاف أن "هؤلاء الصهاينة كل يوم يؤكدون أنهم أعداء للمسلمين، ولكن أنظمة العار الخليجية تهرول للتطبيع معهم وتخدع شعوبها بأن الصهاينة ليسوا أعداء وأن العدو هي إيران".

وأكدت المغردة لجين، أن "سموتريتش، يمثل تفكير كل الصهاينة، لكن بعضهم صريح مثله ومثل (الوزير، إيتمار) بن غفير، وبعضهم يضحكون على الشعوب بالسلام والتعايش"، قائلة: "لو حكام العرب المطبعين عندهم ذرة كرامة لازم كل حد فيهم يقطع العلاقات معهم". وأكد أستاذ العلوم السياسية الإماراتي، عبدالخالق عبدالله، أن "التنديد بتصريحات الوزير الإسرائيلي، غير كاف"، داعيا لـ"استدعاء السفير وتجميد التعاون مع حكومته حتى إشعار آخر". وتفاعلا مع موقف البرلمان الأردني المطالب بطرد السفير الإسرائيلي، قال عماد أبو الروس، إن الدبلوماسية الأردنية لا تختلف في التعامل مع استفزازات الاحتلال عن دبلوماسية السلطة الفلسطينية، كلاهما دبلوماسية خانعة وهنة ضعيفة خاضعة، لكن دبلوماسية الأردن يميزها "نفخ بالبالون" حتى تنفس على الشعب فقط. وكتب مؤسس ورئيس المرصد الأورومتوسطي، رامي عبده: "حتى نفهم شكل الديمقراطيات المدعاة في الحكم في عالمنا العربي، دعونا نترقب ما الذي سيفعله الأردن الرسمي في ضوء تصويت مجلس النواب بالأغلبية على طرد السفير الإسرائيلي اليوم". وقال الكاتب والمحلل السياسي، ياسر الزعاترة: "سواء تمّ الطرد أم لا، فإن المعضلة هي تغيير منظومة التعامل مع "الكيان"، مؤكدا أن مواجهة أطماعه لا تلتقي أبدا مع تسهيل "سلامه الاقتصادي".