صحيفة برتغالية: هكذا سترد أميركا على استقبال البرازيل سفنا حربية إيرانية
وجهت صحيفة "إيه ريفرانسيا" البرتغالية الأنظار إلى التوتر المتصاعد أخيرا بين البرازيل والولايات المتحدة على خلفية رسو سفينتين من الأسطول الإيراني في ميناء ريو دي جانيرو.
فبعد أن تجاهلت البرازيل ضغوط الولايات المتحدة لمنع رسو السفينتين، في 26 فبراير/شباط 2023، وجه السيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس تيد كروز نقدا قاسيا إلى الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، كما أنه اقترح فرض عقوبات ضد البلاد.
وقال السيناتور في بيان له على شبكات التواصل الاجتماعي: "يُعد رسو السفن الحربية الإيرانية في البرازيل تطورا خطيرا وتهديدا مباشرا لأمن الأميركيين".
وأكد السياسي، وهو عضو في لجنة التجارة والعلوم بمجلس الشيوخ، أن السفينتين "إيريس مكران" و"إيريس دينا" فُرض عليهما عقوبات من قبل واشنطن.
وهو ما يعني أن ميناء ريو دي جانيرو بأكمله، حيث سمح للأسطول الإيراني بالبقاء حتى 4 مارس/آذار 2023، معرض للتهديد بالعقوبات الأميركية.
وبحسب كروز، فإن الشركات البرازيلية والأجنبية التي تقدم خدمات للسفن معرضة كذلك لخطر العقوبات.
وحول موقف البرازيل السياسي من الولايات المتحدة، صرح عضو مجلس الشيوخ بأن "الرئيس لولا معارض لواشنطن، ويؤيد أيديولوجية سياسية يسارية تستند إلى أفكار وبرامج وأسلوب حكومة الرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز".
وفي نفس البيان، أشار إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "ملزمة بفرض العقوبات ذات الصلة".
فضلا عن إعادة تقييم تعاون البرازيل مع جهود "مكافحة الإرهاب الأميركية" وإعادة فحص ما إذا كانت تلك الدولة تحافظ على مثل هذه الإجراءات بشكل فعال في موانئها.
وفي هذا السياق، أكد قائلا: "من الضروري إجبار الكونغرس هناك على القيام بهذه الإجراءات، في حال لم تنفذها الحكومة البرازيلية".
الجانب الإيراني
تشير الصحيفة البرتغالية إلى أنه من خلال الأدميرال الإيراني حمزة علي كافياني، رحبت البحرية الإيرانية بوصول سفنها إلى ميناء ريو دي جانيرو البرازيلي.
وقال المسؤول العسكري لقناة "برس تي في" الإيرانية الرسمية: "على الرغم من كل الضغوط التي تعرضت لها الجمهورية الإسلامية على مدى السنوات الـ 43 الماضية، تزداد القوة العسكرية الإيرانية يوما بعد آخر".
وعزت الصحيفة زيادة القدرة الحربية والوجود البحري الدولي الإيراني إلى توجيهات وأوامر المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي.
وقد أدى الضوء الأخضر من قيادة البحرية البرازيلية إلى استياء البيت الأبيض، الذي فرض عقوبات من جانب واحد على إيران، واحتجاج السفيرة الأميركية لدى البرازيل، إليزابيث باغلي.
وأخبرت السفيرة الصحفيين في 15 فبراير 2023، أن "هذه السفن لا ينبغي أن ترسو في أي مكان".
وأتبعت الصحيفة: "من خلال زيارة لولا إلى البيت الأبيض، في العاشر من فبراير 2023، زادت الحساسية الدبلوماسية حول هذا الشأن، وتجنبا لاستياء الولايات المتحدة، اتخذ قرار بتأجيل وصول السفن آنذاك".
وفي خضم التوتر المتزايد بين واشنطن وطهران، قيمت الأولى الوضع ووصفته بأنه "استفزاز" من قبل إيران.
وقالت، إن "الجمهورية الإسلامية تدعم الإرهاب وتعزز تجارة المنتجات غير القانونية، وتريد الآن إظهار قوتها البحرية بهدف إثبات وجودها البحري الدولي".
وعلى عكس البرازيل، رفضت تشيلي والأرجنتين وأوروغواي طلب طهران واعترضت على إرساء السفن الإيرانية في الميناء البرازيلي، وفقا للصحيفة.
كما استنكره كذلك ناشطون حقوقيون يراقبون الأوضاع الاجتماعية في الدولة الشرق أوسطية بعد وفاة مهسا أميني، وفقا لتقرير تابع لمركز حقوق الإنسان في إيران (CHRI)، وهي منظمة أميركية غير حكومية.
وفي 16 سبتمبر/أيلول 2022، اندلعت احتجاجات بأنحاء إيران إثر وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) بعد 3 أيام على توقيفها لدى "شرطة الأخلاق" المعنية بمراقبة قواعد لباس النساء. وأثارت الحادثة غضبا شعبيا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية، وسط روايات متضاربة عن أسباب الوفاة.
العلاقات المشتركة
وتعد "إيريس مكران" أكبر سفينة عسكرية في الأسطول البحري لجمهورية إيران الإسلامية، ويبلغ طولها 228 مترا.
وتشير الصحيفة البرتغالية إلى تحويل السفينة، التي كانت تستخدم سابقا كناقلة نفط، إلى قاعدة استكشافية تعمل كمنصة لوظائف متعددة، فهي حاملة لطائرات هليكوبتر على سبيل المثال.
ومن ناحية أخرى، تُستخدم فرقاطة "إيريس دينا"، التي جرى تصميمها وبناؤها في إيران، لمجموعة متنوعة من الأنشطة.
يشمل ذلك الدفاع الساحلي والحرب المضادة للغواصات والدوريات البحرية، فهي مجهزة بالمدافع ولديها القدرة على إطلاق الصواريخ والطوربيدات.
ووفقا للبرازيل، تُعد زيارة هذه السفن لسواحلها رمزا للاحتفال بمرور 120 عاما من العلاقات الدبلوماسية بينها وبين إيران.
تلفت "إيه ريفرانسيا" إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين البرازيل وإيران تأتي وسط اضطرابات اجتماعية تهيمن على البلد الشرق أوسطي.
ففي الأشهر الأخيرة، خرجت الاحتجاجات الشعبية إلى الشوارع الإيرانية بعد وفاة مهسا أميني.
وكانت انطلاقتها، من كردستان المحافظة التي تعيش فيها الفتاة ثم انتشرت في أنحاء البلاد، تحت هتافات "الموت للديكتاتور"، ودعوات إلى إنهاء الجمهورية الإسلامية.
وكرد فعل، بدأت قوات الأمن الإيرانية في قمع التظاهرات باستخدام القوة والعنف، مما تسبب في سقوط عشرات القتلى.
في أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2022، نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" غير الحكومية تقريرا يصنف النظام الإيراني على أنه "فاسد مستبد".
واستنكرت المنظمة "سلسلة الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن الإيرانية في قمع الاحتجاجات الشعبية".
بالإضافة إلى القتلى والجرحى، تستشهد "هيومن رايتس ووتش" بمئات الناشطين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، الذين انتهى بهم الأمر -حتى خارج الاحتجاجات- إلى الاعتقال.
كما أدانت قطع خدمات الإنترنت، مع حجب منصات التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء البلاد منذ 21 سبتمبر 2022، بأمر من مجلس الأمن القومي الإيراني.