بريطانيا تقترح توسيع تحالف أوكوس الثلاثي.. لماذا تحشد ضد الصين؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدث مركز أنقرة للأزمات والأبحاث السياسية "أنكاسام"، عن خلفيات دعوة المملكة المتحدة إلى توسيع تحالف "أوكوس" ليشمل الهند واليابان.

ودعا رئيس لجنة الدفاع في مجلس العموم البريطاني، "توبياس إلوود" نهاية يناير/كانون الثاني 2023 إلى إنشاء هيئة إشرافية مماثلة لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ضمن "أوكوس" لضمان الأمن في المحيطين الهندي والهادئ.

وقال المركز التركي: "يمكن أن يؤدي تحقيق هذا الاقتراح إلى تغيير جذري في أمن آسيا والمحيط الهادئ وميزان القوى الإقليمي".

واستدرك الكاتب "جينك تامر": "تتزايد الأنشطة الأمنية للغرب في منطقة آسيا والمحيط الهادئ أخيرا، وتظهر تحالفات جديدة في المنطقة أو يتوسع نطاقها". 

وأضاف: "تجرى الآن مناقشة الحوار الأمني الرباعي (كواد)، والذي أصبح بشكل رسمي في عام 2017 بين الهند واليابان والولايات المتحدة وأستراليا، ليجرى تحويله إلى منظمة دفاع جماعي أوسع أو دمجها مع حلف الناتو". 

وفي هذا السياق، يمكن تفسير الزيارة الأخيرة التي أجراها الأمين العام لحلف الناتو "ينس ستولتنبرغ" إلى كوريا الجنوبية واليابان، فضلا عن الحوار الإستراتيجي المخطط له مع الهند، على أنها توسع الحلف نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

تحالف أوكوس

وأردف تامر أن هناك كيانا آخر يعتقد أنه يخدم إستراتيجية الولايات المتحدة لاحتواء الصين وهو تحالف "أوكوس". 

ويشار إلى هذه المنصة، التي تتوخى تصدير تكنولوجيا الغواصات النووية إلى أستراليا من قبل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، على أنها تحالف دفاعي أمني على عكس الحوار الأمني الرباعي.

وأعلنت أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا عام 2021 عن تحالف "أوكوس"، الذي يُنظر إليه على أنه محاولة أخرى لمواجهة نفوذ الصين الاقتصادي والعسكري المتزايد في المنطقة.

وأثارت الاتفاقية حفيظة عدة دول على رأسها، الصين وروسيا وكوريا الشمالية. وحذرت بكين من أن التحالف يخاطر "بإلحاق أضرار جسيمة بالسلام الإقليمي، وتكثيف سباق التسلح".

واستدرك الكاتب: "لطالما قيل إنَّ اليابان يمكن أن تنضم أيضاً إلى تحالف أوكوس. لكن حتى الآن، نفت كلٌّ من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة هذه الادعاءات".

لذلك من الجدير بالذكر أنّ اقتراحا لتوسيع تحالف "أوكوس" جاء من لندن، وفق تقدير الكاتب.

وأشار إلى أنه ينبغي أن تؤخذ في الحسبان التطورات الأخيرة في إنتاج الغواصات النووية من قبل اليابان والهند وما إذا كانت تريد المساعدة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بهذا المعنى. 

لأن هذا الاقتراح قد لا يكون له نظير في طوكيو ونيودلهي. ففي الماضي، نفت اليابان الادعاءات بأنها ستنضم إلى تحالف "أوكوس".

وقد تعارض الهند الانضمام إلى التحالف لعدة أسباب؛ الأول هو اعتراض روسيا على تعاون نيودلهي مع الغرب في مجال التكنولوجيا النووية الحساسة للغاية.

ثانيا، طلبت الهند المساعدة من القوى الغربية في هذا الاتجاه حتى عام 2021، عندما جرى التوقيع على اتفاقية أوكوس، لكن الولايات المتحدة وبريطانيا قدمتا التكنولوجيا إلى أستراليا وليس نيودلهي. 

ثم تحولت الهند إلى السعي للتعاون مع فرنسا في مجال الغواصات النووية. وفي الآونة الأخيرة، جرى التوصل إلى تعاون بين البلدين بشأن الإنتاج المشترك للغواصات.

ثالثا، تفضل الهند دعم صناعة الدفاع المحلية في إنتاج الغواصات النووية وتعمل على تقليل حصة شركات الدفاع الأجنبية.

رابعا، قد تمتنع إدارة نيودلهي عن المشاركة في تحالف "أوكوس" كتحالف دفاعي يستهدف الصين بشكل مباشر، بالإضافة إلى أنَّها تخشى من تصعيد التوترات العسكرية في المنطقة.

ولفت الكاتب النظر إلى أنه لن يكون من الصواب تقييم اقتراح المملكة المتحدة بتوسيع تحالف "أوكوس" بشكل مستقل عن الظرف الإقليمي والعالمي، إذ إن صراع العالم الغربي ضد الصين يزداد عمقاً.

ووفقا للكاتب التركي فإن هذا الوضع يسمح بزيادة الانسجام بين واشنطن ولندن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتعميق التعاون من خلال التحالفات.

ويفسر بعض المحللين أيضا توسع تحالف "أوكوس" في الهند واليابان على أنه محاولة من المملكة المتحدة للانضمام إلى الحوار الأمني الرباعي.

ويعود هذا إلى أن الممثلين المذكورين (الهند واليابان) هما أيضا جزء من الحوار الأمني الرباعي، بحسب تقدير الكاتب التركي. 

تعاون مشترك

وأضاف: "تطمح بريطانيا إلى بناء تحالفات دفاعية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تماما كما تفعل في أوروبا". 

ولجعل المنطقة حرة ومفتوحة، تتوخى المجموعة الرباعية التعاون بين الدول الأعضاء في مجالات مثل الملاحة البحرية وأمن المجال الجوي، والتدريبات المشتركة، ومكافحة القرصنة، والحفاظ على الوضع الراهن. 

وتابع: "في هذا الصدد، يعد الحوار الأمني الرباعي منصة مشتركة تهدف إلى المساهمة في الأمن الإقليمي، بدلا من أن تكون تحالفا دفاعيا".

لذلك، يمكن للمملكة المتحدة من خلال مبادرتها الأخيرة أن تسهم في تحويل الحوار الأمني الرباعي إلى منظمة دفاع وأمن جماعية.

وهكذا إذا نجحت بريطانيا في دمج الهند واليابان في كيان إقليمي "مناهض للصين"، مثل تحالف "أوكوس"، فهذا من شأنه أن يمهد الطريق بطبيعة الحال لتحالفات أشبه بحلف شمال الأطلسي في آسيا.

ولفت الكاتب النظر إلى أن إنشاء تحالفات "مناهضة للصين" في المنطقة هو في الأساس إستراتيجية إدارة واشنطن.

غير أن لندن تبرز كلاعب مفيد في هذه الإستراتيجية، لأن الهند لا تريد أن تكون في مواجهة الصين، ولا تستطع الولايات المتحدة إقناع نيودلهي بذلك.

وبالمقارنة مع واشنطن، فإن لندن على علاقة أفضل مع نيودلهي، فهي كانت مستعمرتها السابقة، وقد يكون من الأسهل عليها فرض ما تريد.

ومن ناحية أخرى فإنَّ الولايات المتحدة لديها علاقات إيجابية مع اليابان، لذلك من أجل إنشاء تحالف دفاعي إقليمي، قد تكثف بريطانيا تعاونها مع الهند بينما قد تتحرك واشنطن لإقناع طوكيو.

وأشار الكاتب التركي إلى أنّ توسيع التحالفات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ يشكل جزءا من إستراتيجية الولايات المتحدة لاحتواء الصين. لذلك فإن اقتراح لندن الأخير متوافق للغاية مع مصالح واشنطن.

وهنا يمكن القول إنّ الجهات الفاعلة مثل الهند وكوريا الجنوبية واليابان وأستراليا وكندا ونيوزيلندا وفرنسا ستستمر في توسيع دائرة التحالفات في المنطقة في المستقبل. 

وختم الكاتب مقاله قائلا: "يجب التأكيد على أن اقتراح المملكة المتحدة لا ينتمي بعد إلى الحكومة وقد أثير في مجلس العموم".

"ولكن يمكن القول إن لندن ستسرع سياستها الاستقطابية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في المستقبل القريب"، بحسب تقييمه.