"صنيعة النظام البائد".. سخرية واستنكار من اعتراف حميدتي بـ"خطأ انقلاب 25 أكتوبر"

12

طباعة

مشاركة

بعدما دخلت السودان في عزلة سياسية وشهدت أزمات اقتصادية وفقدت الكثير من الاستحقاقات والإعفاءات، في أعقاب انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، بدأ المشاركون فيه بإبداء الندم والاعتراف بخطأ تمريره وما خلفه من تبعات. 

وفي خطاب لنائب رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، اعترف أمام الشعب "بخطأ" مشاركته في الانقلاب وأنه "أصبح بوابة لعودة النظام البائد".

وأكد في كلمة وجهها في 19 فبراير/شباط 2023، من مقر قيادة الدعم السريع في الخرطوم،  التزامه بـ"الاتفاق الإطاري" بخصوص توحيد الجيش، وأنه لن يسمح لعناصر "النظام البائد" بالوقيعة بين القوات المسلحة والدعم السريع.

ودعا حميدتي عناصر "النظام البائد" إلى الكف عن إحداث الفتنة في المؤسسة العسكرية وفي أوساط المجتمع، فقال: "اتركوا هذا الشعب ينعم بفترة انتقال سياسي مستقر يختار في نهايتها من يحكمه دون تزوير وتزييف".

ولم يلق خطاب حميدتي قبولا بين الناشطين على تويتر، إذ أكدوا أنه "صنيعة النظام البائد"، وأحد أذرعه، وأن ذاكرة الشعب لا تخون ولا تنسى مواقفه ومواجهته للشعب وقتله للمتظاهرين في مجازر دارفور وفض اعتصام القيادة العامة ونهب وسرقة ذهب السودان وغيرها من الجرائم الأخرى.

ورأوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #حميدتي، أن تصريحات قائد قوات الدعم السريع تؤشر إلى وجود خلاف كبير بينه وبين قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان والمجلس العسكري حول أمور عدة، فحاول الاستقواء بالشعب بالعزف على نغمة "النظام البائد".

واستنكر ناشطون ترحيب القوى المدنية الموقعة على "الاتفاق الإطاري" بخطاب حميدتي، وادعائها أنه يحمل رسائل مهمة وإيجابية في توقيت مفصلي تمر به البلاد، مشيرين إلى أن هذه القوى هي من منحته من الأساس أدوارا سياسية وصولا لموقفها الراهن. 

وأكدوا أن اعتذار حميدتي لن يغنى شيئا عن ضرورة محاكمته، خاصة بعدما اعترف بقيادته لـ"انقلاب 25 أكتوبر" وأنه "كان خطأ"، مشيرين إلى أن خطابه بمثابة اعتراف رسمي واضح منه يفرض محاسبته.

صناعة النظام

واستنكر ناشطون تناسي حميدتي أنه صنيعة النظام البائد، وتوجيهه رسالة شديدة اللهجة لأفراده بأنهم حكموا البلاد 30 عاما بغير وجه حق، ونشروا الفساد والاستبداد وأثاروا الفتن، مطالبين حميدتي بتصحيح أخطائه والكف عن الخطابات العاطفية.

ودعا الصحفي الطاهر حسن التوم، إلى إدراك، أن التبضع في سوق عداء "النظام البائد" لا يناسب حميدتي، ولا تاريخ تأسيس قواته.

ونقل علي الشيخ، عن الصحفية سهير عبدالرحيم، قولها إن "حميدتي نسي أنه من عناصر النظام البائد بل وأكثر صنيعة النظام البائد، كما تناسى البرهان وغالبية مجلس السيادة أنهم كانوا أعضاء في الصف الثاني للنظام البائد". وسخر أحد المغردين من قول حميدتي إنه "ضد النظام البائد وضد الفساد"، مذّكرا بمعلومة بسيطة، مفادها أن "النظام البائد هو من صنع حميدتي". وأكد إبراهيم إبراهيم، أن الانقلابيين كذبوا ولو صدقوا، مشيرا إلى أن "حميدتي ذاته صناعة النظام البائد، ويعيش في كنف الكيزان، ووقف ضد حكومة (عبدالله) حمدوك وساند الانقلاب، ومسؤول هو والبرهان عن جريمة فض الاعتصام، وقواته قتلت الثوار". ورأى عمر يوسف، أن "الاعتراف بالخطأ في خطاب عام غير مقنع للشعب السوداني ما لم يؤكد باستحقاقات واجبة السداد ارتكبتها قوات الدعم السريع في حقه بعد سقوط النظام البائد".  وأكد أحد المغردين، أن "الناس لا تنجرف وراء الكلمات الحلوة، وإنما الفيصل هو الفعل فقط والانحياز لمطالب الثورة".

تلميع مرفوض

وأعرب ناشطون عن غضبهم من حفاوة وترحيب القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري -بينها قوى الحرية والتغيير- بخطاب قائد قوات الدعم السريع. 

وأشار الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى هدل، إلى أنه "في الوقت الذي تدعو فيه قوى الثورة لإنهاء الانقلاب وخروج العسكر من السياسة شرعنت قوى إعلان الحرية والتغيير أدوارا للدعم السريع فضلا عن كونه قوات عسكرية تتبع للجيش فهو مؤسسة اقتصادية كبرى وحزب سياسي يصدر بيانات التأييد والمساندة للحلفاء ويضع شروطا لقيادة الجيش ويتحداها علنا".

واستنكر ياسر مصطفى، "حفاوة (قحت) بخطاب حميدتي، وعّدها ممارسة لنوع من أنواع إيهام الجماهير بأن حميدتي فارس الثورة، بينما هو يعجبه الوضع تماما ويظن أنه ينظف سجله ويقدمه بشكل جديد خلاف ما يعرفه عنه العوام، وهو في قرارة نفسه يعلم بأنه سفاح ومجرم".

���������� �������������� (@YASIR_MOS91) February 19, 2023 واستهجن الصحفي الطيب المشرف، ترحيب البعض بخطاب حميدتي وتعاطفهم معهم، محذرا من الإصابة بـ"متلازمة ستوكهولم" التي هي شعور نفسي بالتعاطف مع الجلاد أو المجرم.

وقال عبدالرحمن آدام، إن "حميدتي ألقى خطابه على أسماع قوي الحرية والتغيير والذي كان له وقع الحلوى حين تدس في جيوب الأطفال مفرحا وبهيجا ثم توجه إلى الإمارات".

وأضاف أن "هذا الخطاب متفق عليه مع البرهان ويحمل رسائل عديدة في كافة الاتجاهات الداخل والجوار، وتبقي الخدعة هي السمة الراكزة لدى العسكر في تعاملهم مع المدنيين".

من جانبه، قال الكاتب الصحفي طارق الشيخ: "كلما تحدث حميدتي مباشرة أحسست بالريفي الطيب وكلما قرأ من الأوراق المكتوبة وتاتا وتلعثم أحس بأنه يدرك أنهم يلعبون عليه بما يكتبون، وبهذا يظل متعدد الوجوه فهو يقول إنه انحاز للثورة من يومها الأول لكنه يتغاضى تماما عن قهر قواته للرجال بسياطهم والعنف ويغمض أعينه عن المجزرة فلا يفصح".

وعدت الكاتبة رؤى عربي، حملة تلميع حميدتي "مخجلة" ولا تشبه السودانيين أخلاقيا، مؤكدة أن حميدتي "صاحب المليشيا التي تقتل وتنهب وتغتصب وتسرق الثروات ويجب أن يحاسب دوليا".

إجرام حميدتي

وصب ناشطون غضبهم على حميدتي، واستنكروا ما قاله في خطابه، مذكرين بجرائمه والمجازر التي تورط فيها وطالبوا بمحاسبته بناء على اعترافاته بالمشاركة في الانقلاب وبالتالي يتحمل نتيجة تبعاته.

واستنكر الحقوقي معاذ آدم، تصريحات حميدتي، قائلا إن "اللغة السياسية تُصمَّم لكي تجعل الأكاذيب تلبس ثوب الحقائق، ولكي تقتل ما هو جدير بالاحترام فينطقون بكل ما يودّ المجتمع الدولي سماعه من التزام الجيش بالانتقال الديمقراطي، وعزمه تسليم السلطة للمدنيين".

 

وأعاد الناشط منتصر الأمين، نشر خطاب حميدتي، وعلق عليه قائلا: "بَلِّغِ الثَعلَبَ عَنّي، عَن جدودي الصالِحينا، عَن ذَوي التيجانِ مِمَّن، دَخَلَ البَطنَ اللَعينا، أَنَّهُم قالوا وَخَيرُ القَولِ قَولُ العارِفينا.. مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً أَنَّ لِلثَعلَبِ دينا". ووصفت نسيبة عباس، حميدتي، بأنه "مجرم حرب"، مؤكدة أن "الجنجويد مليشيا خراب ودمار وقتل وحرق واغتصاب".

وأضافت: "لن نصالح ولو قال كل كلمات السلام".

فيما نعت أحد المغردين، قوات الدعم السريع بأنها "قوات ما عندها دين". وأشار محمد عبدالرحمن إلى إعلان حميدتي ندمه المشاركة في انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الثاني، مؤكدا أن "دماء الشهداء وتحقيق العدالة للشعب من العسكر ومعاونيهم تظل مطالب لا تراجع ولا تنازل منها والخزي والعار للقتلة". وتهكم الباحث في التاريخ وعلم الاجتماع عادل الصاوي، على قول حميدتي إنه نادم على الانقلاب، قائلا: "تندم على الانقلاب وما تندم على فض الاعتصام وقتل الأبرياء في يوم وقفة العيد؟"

وشدد الصاوي، على أن "ميزانية الدعم السريع كافية تحول السودان إلى جنة الفردوس في الأرض"، مسلطا الضوء على حاجة البلاد إلى مدارس ومستشفيات وجامعات ذات جودة عالمية.

ورأى أحد المغردين، أن "تصديق كلمة واحدة من خطابات البرهان أو حميدتي مؤشر جيد لك للاهتمام بصحتك العقلية، وضرورة مراجعة الطبيب في أقرب وقت". وقال أحمد بوكش، إن حميدتي قائد مليشيا مجرمة، يتقن فن الكذب والنفاق تحت شماعة أنه "تلقائي"، مضيفا: "الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب، العسكر للثكنات والجنجويد ينحل". ورأى المغرد عمرو، أن الله أنطق المجرم حميدتي ليعترف بأنه انقلابي، قائلا إن هذا معناه أنه خالف الشرع والدستور والقانون العسكري، واعترف أن هذا ساعد على عودة فاسدي نظام الكيزان، إذن هو مجرم باعترافه، ويجب أن يسلم نفسه للمحكمة لأن تصرفه هذا نتج عنه قتل واغتصاب للأبرياء.

خلاف مبطن

وذهب ناشطون إلى أن خطاب حميدتي يؤشر إلى وجود صراع بينه وبين البرهان والجيش وتضارب مصالح، وذّكروا بتصريحات سابقة له دافع فيها عن الرئيس السابق عمر البشير، محذرين من تبعات تصريحات حميدتي وما تحمله من دلالات.

وذّكر الصحفي سليم عزوز، بدفاع حميدتي، عن البشير عام 2018 عندما كان خادما في بلاطه، بينما الآن يصف نظامه بالعهد البائد، مشيرا إلى أن العسكر يسارعون في بيع قياداتهم كما يغيرون بياداتهم.

وأكد المغرد عبدالرحمن، أن "دولة العسكر عندما تتضارب مصالحهم يبدأ الطرف الآخر بكشف أسرارهم". وحذرت المغردة سلمى، من أن "تغير لغة خطاب حميدتي اليوم وتصريحات البرهان ومن قبله الكباشي تشير إلى أن الأمر له ما بعده"، مؤكدة أن "مواقفه تتغير وقف مصالحه".

وأضافت أن "حميدتي حينما شعر بأن المجتمع الدولي يحاصره والجيش أعد العدة لدمج قواته في القوات المسلحة، بدأ بذات مكره يتودد للقوى السياسية بدعمه للاتفاق الإطاري، وهو من شارك البرهان في الانقلاب ودعمه والآن يظن أن القوى السياسية ستكون له حاضنة وملاذه الأخير".

وأشار المغرد مكي، إلى أن "البرهان في جوبا للتوقيع على المصفوفة الجديدة لسلام جوبا وفي ذات الوقت حميدتي يخاطب قواته من داخل مقرها في الخرطوم"، متسائلا: "هل لازال هناك من يشكك في أن الخلاف حقيقي ويتصاعد ويجب إيقافه حتى لا يتطور للتراشق بالسلاح؟!". ورأت نوال الخبير، أن البرهان بتصريحات أثبتت حقيقة وجود خلاف بينه ونائبه حميدتي.