"مصر نموذجا".. هذه مخاطر ارتفاع أسعار الغذاء العالمية

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة برتغالية الضوء على الارتفاع المتزايد والمستمر لأسعار المواد الغذائية العالمية، مطالبة باتخاذ إجراءات لـ"تلافي الانهيار" بالنسبة لدول العالم الثالث.

وقالت صحيفة "أو جورنال إيكونوميكو" إن "العالم لا يزال يعاني منذ بداية جائحة فيروس كورونا نهاية عام 2019، وما أعقبها من إغلاقات عالمية، وتأثرات سلبية لسلاسل التوريد العالمية".

وأضافت أن "العالم ما إن لبث في التعافي، أتت الحرب الروسية الأوكرانية منذ 24 فبراير/شباط 2022 لتفاقم الأزمة وتضاعف الآثار السلبية". 

وأوضحت الصحيفة أن "أسعار الطاقة العالمية ارتفعت، وتضررت الإمدادات الغذائية، مما أسهم في رفع أسعار السلع الأساسية عالميا، وقد أدى ارتفاع التضخم إلى عدد من المشكلات، قد يكون من أهمها لجوء الفيدرالي الأميركي لرفع أسعار الفائدة للحد من التضخم داخل الولايات المتحدة".

وأدى ذلك إلى "انهيار باقي العملات، ونقل هذا التضخم -بتوحش أكبر- إلى بقية الدول، لا سيما الأسواق النامية".

ولفتت إلى أن "ارتفاع قيمة الدولار الأميركي، العملة الرئيسة للتجارة الدولية، أسهم في مضاعفة أسعار المواد الغذائية العالمية مرتفعة، كما بلغت أسعار العديد من المنتجات مستويات قياسية في عام 2022. وبسبب هذا الارتفاع المستمر، تتعرض الكثير من الدول النامية لخطر انعدام الأمن الغذائي".

مستويات قياسية

وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة "أو جورنال إيكونوميكو" مخاوف منظمة الأمم المتحدة بشأن هذا الارتفاع غير المسبوق.

وعزت المنظمة أسباب هذا الارتفاع الجنوني بشكل أساسي إلى الحرب الروسية الأوكرانية. ففي عام 2022، كان متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة الأممية (الفاو)، لأسعار الغذاء أعلى بشكل ملحوظ، مقارنة بما كان عليه في العام 2021.

ووفقا للإحصائيات التي نشرتها منظمة الفاو، ذكرت الصحيفة البرتغالية أن الأسعار العالمية للذرة والقمح بلغت مستويات قياسية في عام 2022.

وذلك بمتوسط يزيد بمقدار 24.8 و15.6 في المئة على التوالي عن المتوسط المسجل عام 2021، في حين تجاوزت أسعار تصدير الأرز مستوياتها المسجلة بنسبة 2.9 بالمئة.

هذا إضافة إلى أسعار الزيوت النباتية واللحوم ومنتجات الألبان، والتي قد بلغت أعلى مستوياتها منذ عام 1990.

وبحسب ما أشارت إليه الصحيفة، فقد بلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية 132.4 نقطة في ديسمبر/كانون الأول 2022، متراجعا بمقدار 2.6 نقاط، أي 1.9 بالمئة، عن مستواه المسجل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وهو بذلك يشهد الانخفاض الشهري التاسع على التوالي، ويسجل قيمة تقل 1.3 نقطة عن قيمته المسجلة قبل عام.

ويعزى الانخفاض في قيمة المؤشر في ديسمبر 2022، إلى هبوط حاد في الأسعار الدولية للزيوت النباتية، إلى جانب بعض الانخفاضات في أسعار الحبوب واللحوم، كما أن الزيادات المعتدلة في أسعار السكر ومنتجات الألبان عوّضته بصورة جزئية. 

وحول هذا الانخفاض، يقول ماكسيمو توريرو، كبير الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة، إنه "من الجيد أن تهدأ أسعار المواد الغذائية قليلا، بعد عامين متقلبين للغاية".

واستدرك: "لكن من الضروري بذل الجهد لمحاولة التخفيف من مستوى انعدام الأمن الغذائي العالمي".

ارتفاع الجياع

وفي السياق، أوضحت الصحيفة أنه بالنظر إلى عام 2022 بشكل عام، بلغ متوسط مؤشر المنظمة لأسعار الأغذية 143.7 نقطة، وهو ما يمثل ارتفاعا يصل إلى 18 نقطة، أي 14.3 بالمئة بالمقارنة مع عام 2021.

وأصدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، تقريرا أشار فيه إلى اختلاف الأزمة الحالية عما شهده العالم في الماضي من أزمات غذائية.

كما عزى التقرير خطورة هذه الأزمة إلى ارتفاع قيمة الدولار، وذلك بسبب جائحة كورونا أولا، والغزو الروسي لأوكرانيا ثانيا.

وفي هذا الإطار، أوضحت "أو جورنال أوكونوميكو" أنه خلال الأزمات السابقة، كانت قيمة الدولار منخفضة أمام ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وباعتبار أن الدولار هو العملة الرئيسة للتجارة الدولية، فقد أدى انخفاضه إلى خفض السعر النهائي بالعملات المحلية، التي يدفعها الناس مقابل الغذاء المستورد.

في المقابل، خلال الأزمة الحالية، أصبحت قيمة العملة الأميركية أقوى، حيث ارتفعت بنسبة 24 بالمئة بين مايو/ أيار 2021 وأكتوبر/ تشرين الأول 2022.

وحدث ذلك عندما رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، في محاولة منه لاحتواء التضخم في الولايات المتحدة، بحسب ما أشارت إليه الصحيفة البرتغالية.

وأضاف التقرير الصادر عن "الأونكتاد" أن السوق الدولية هي "شريان الحياة" بالنسبة للدول النامية، وهي مستوردة أساسية للأغذية. 

وبأخذ ارتفاع تكلفة شراء الدولار في الحسبان، يصعب على هذه البلدان سد احتياجات مواطنيها من الغذاء، وبالتالي ارتفاع نسبة الجياع والفقراء.

مصر نموذجا

وحول ذلك، ضربت الصحيفة مثالا بمصر على الدول النامية، حيث أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، عن ارتفاع التضخم لأسعار المستهلكين إلى 15 في المئة خلال سبتمبر/ أيلول 2022.

وسجل بذلك أعلى معدل للتضخم السنوي لأسعار المستهلكين في مدن مصر منذ نوفمبر 2018، حيث سجل التضخم مستوى 15.7 بالمئة.

وأرجع جهاز الإحصاء هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار السلع بالعملة المحلية، بالتزامن مع ارتفاع قيمة الدولار.

ويأتي ذلك بالتزامن مع انخفاض الجنيه المصري مقابل العملة الأميركية بنسبة 40 بالمئة خلال عام 2022، وهو أحد أسوأ أداءات العملة في الأسواق الناشئة العام الماضي، كذلك بدأت قيمة الجنيه العام 2023 في الانخفاض بأكثر من 7 بالمئة.

ووفقا للأرقام الرسمية، كانت قيمة العملة المحلية المصرية 15.70 جنيها أمام الدولار في مارس/ آذار 2022، بينما يبلغ سعر الصرف، في 11 يناير/ كانون الثاني 2023، 29.71 جنيها مقابل الدولار، علما أن الأسعار في السوق الموازي أكبر من مثيلاتها الرسمية.

وبحسب ما ذكرته الصحيفة، ارتفعت أسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 1.8 بالمئة، وارتفاع مجموعة الألبان والجبن والبيض 4.4 بالمئة، إضافة إلى ارتفاع مجموعة الخضراوات 6.2 بالمئة. 

واختتمت الصحيفة تقريرها بإحصائية نشرتها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، أشارت فيها إلى "تضاعف انعدام الأمن الغذائي الحاد ثلاث مرات خلال ثلاث سنوات، من 135 مليون شخص قبل جائحة كورونا، إلى ما يقرب من 350 مليون شخص في الوقت الراهن".

كما حذرت من "الارتفاع المتزايد والمستمر لأسعار المواد الغذائية العالمية"، مطالبة بـ"اتخاذ إجراءات عاجلة لتلافي الانهيار، ومنع انتشار المجاعات وازدياد الوفيات".