دعوات للتصعيد.. لماذا يتظاهر السودانيون ضد حكم العسكر بقيادة البرهان؟

12

طباعة

مشاركة

ضاعف قمع الشرطة السودانية مواكب الغضب التي خرجت بالعاصمة الخرطوم وعدد من الولايات في 10 يناير/كانون الثاني 2023، إصرار السودانيين على مواصلة حشدهم للخروج في مواكب أوسع نطاقا، داعين إلى مليونية 12 يناير/كانون الثاني، تحت عنوان #معاش_الناس.

الشرطة السودانية اعترضت كلا من المواكب التي خرجت للمطالبة بمحاسبة “قتلة المتظاهرين”، ورفض الاتفاق الإطاري وتطوراته الأخيرة، بالرصاص والقنابل الصوتية والبمبان (قنابل الغاز)، ما أسفر عن سقوط إصابات بالغة، بينها إصابة بالعين أدت لفقدان الرؤية.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، وقّع المكون العسكري اتفاقا إطاريا مع القوى المدنية، بقيادة قوى إعلان الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم السابق)، وقوى سياسية أخرى (الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، المؤتمر الشعبي)، ومنظمات مجتمع مدني، بالإضافة إلى حركات مسلحة تنضوي تحت لواء (الجبهة الثورية) لبدء مرحلة انتقالية تستمر لمدة عامين.

والاتفاق الإطاري شاركت في مشاوراته الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية إيغاد)، والرباعية المكونة من (الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات).

ويهدف الاتفاق إلى حل الأزمة السودانية الممتدة منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، حين فرض رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان إجراءات استثنائية منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين واعتقال وزراء وسياسيين وإعلان حالة الطوارئ وإقالة الولاة (المحافظين).

وقبل إجراءات البرهان الاستثنائية، بدأت بالسودان في 21 أغسطس/آب 2019 مرحلة انتقالية كان مقررا أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024 ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاق سلام جوبا عام 2020.

تسيير المواكب

وبدورها، أعلنت تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم، عن تسيير مواكب "مليونية 12 يناير"، متوجهة نحو شارع الستين الساعة الواحدة ظهرا، داعية إلى التصعيد في أنحاء المدينة كافة بشتى طرقه السلمية حتى إسقاط النظام الانقلابي الدموي غير الأخلاقي وشاكلته، وفق قولهم.

وأعربت عن رفضها واستنكارها لجريمة اختطاف واغتصاب طفلة القيادي الطيب عثمان عضو لجنة إزالة التمكين قبل أيام (خلال يناير)، واتهمت القوات الانقلابية باغتصاب الأطفال كوسيلة لتكميم أفواه الناس بعدما كانت تمارس القتل والسحل والترهيب تجاه المتظاهرين.

وأوضحت تنسيقات لجان مقاومة الخرطوم أن كل ذلك نتيجة لما تنتهجه القوات الانقلابية ومناصروهم من سلوك مسيء لا يشبه السودان ولا السودانيين البته.

فيما حددت تنسيقيات أم درمان الكبرى، السوق الرئيسة وجهة لمليونية 12 يناير، وأطلقت عليها اسم "موكب معاش الناس"، بالتزامن مع سخط شعبي جراء زيادة رسوم الجامعات الحكومية، وإغلاق المدارس العامة بسبب إضراب المعلمين.

وشددت التنسيقيات على أنها ستظل ترفض "كل أشكال الظلم الذي تمارسه السلطة الانقلابية بفرضها موازنات الجوع والإفقار وتسليع وخصخصة التعليم وتحويله إلى مؤسسة ربحية ذات طابع استثماري".

ويواصل المعلمون السودانيون إضرابهم عن العمل للشهر الثاني على التوالي، احتجاجا على تضاعف الأزمات عقب الانقلاب الذي نفّذه قائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان في أكتوبر 2021.

الأمر الذي دفع وزارة التربية ببعض الولايات، لتعديل التقويم المدرسي للعام الدراسي الحالي، بالتزامن مع تصاعد إضراب المعلمين.

وهو ما عدته لجنة المعلمين السودانيين انتصارا للإضراب الشامل الذي يقوده المعلمون احتجاجا على ضعف الأجور وقلة الصرف على التعليم في الموازنة.

ويُطالب المعلمون بزيادة الحد الأدنى للراتب الشهري من 12 إلى 69 ألف جنيه، إضافة إلى رفع طبيعة العلاوات وزيادة الإنفاق على التعليم بنسبة 20 بالمئة من ميزانية الدولة.

ولاقت الأحداث في السودان تفاعلا بين الناشطين على تويتر، إذ أعربوا عن تأييدهم لإضراب المعلمين وحثوا باقي المتضررين من المهن الأخرى على إشهار سلاح الإضراب بوجه سلطة الانقلاب والانضمام إلى صفوف المواكب المناهضة له.

واستنكروا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #مليونية12يناير، تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد منذ الانقلاب العسكري الذي قاده البرهان، معربين عن غضبهم من إفراط السلطة في استخدام العنف تجاه المتظاهرين.

وتداول ناشطون صورة لأحد أفراد قوات الأمن السوداني وهو يحمل ساطورا في مواجهة الثوار السلميين بالقرب من البرلمان قبل يومين، مشيرين إلى أنها تجسد عقلية الانقلاب الذي يجب إسقاطه وتفكيك المليشيات واستلام السلطة عبر العصيان المدني. 

تصعيد ثوري

وتفاعلا مع الأحداث، أكد الصحفي الطيب المشرف، أن كل الظروف الحالية تستوجب التصعيد الثوري في ظل الجوع والظلم والمرض واتفاقيات الشر ومع توسع قاعدة الإضراب المهني الشامل وجب العمل بالتوازي مع لجان المقاومة على التتريس الثوري الشامل.

ودعا الثائرات والثوار في الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب الاستعداد لذلك.

وقال الباحث في الاجتماع المعرفي والسياسي عبد العظيم الشوتلي: "إسقاط الانقلاب والتسوية اليوم أو سيسقط الوطن غدا".

وكتب الصحفي أحمد القرشي إدريس: "لا يوجد انتصار للحق دون صعاب وأحزان مرة، والأهم برشد وحكمة. ما يحدث في مسار بلدنا، استشهاد وإصابات معيقة لشبابنا ومواجهة شراسة كذبة آكلي سحت نزع الله عنهم الحياء وتصدروا الآن ضجيج المشهد".

واستدرك: "لكن بفضل الله وكرمه سنرى اللجان تمسك بزمام المبادرة سياسيا مجددا وهي تبقي نار الثورة متقدة مورقة".

وأكد المغرد مكي، أنه ليس صعبا لكل متابع يدقق في التفاصيل أن يشعر ببداية معركة كسر العظم وقد تتحول من الكلام للمواجهة العسكرية في أي لحظه وهذا ما لا نتمناه ولا نرجوه.

أزمة المعلمين

وأعلن ناشطون تضامنهم مع المعلمين في إضرابهم وتأييدهم لكل مطالبهم التي تهدف إلى تحقيق واقع أفضل للتعليم والمعلمين والطلاب.

وأعرب هيثم عثمان، عن تضامنه مع المعلمين في إضرابهم وممارستهم للطرق السلمية لنيل حقوقهم المطلبية، موجها التحية لنقابة المعلمين التي أوضحت للجميع قوة وأهمية الجسم النقابي كجماعة ضغط مطلبية.

وأضاف أن معاناة المعلمين هي معاناة كل السودانيين في ظل الأوضاع الاقتصادية والذين لم يتوافر لهم جسم نقابي يطالب بحقوقهم.

 

ونقل أحد المغردين عن المتحدث باسم لجنة المعلمين سامي الباقر، قوله "نحن معلمون ولسنا حركات مسلحة حتى نتفاوض مع الحكومة على زيادات وأرقام مالية".

وبين أن لجنة المعلمين تستمد شرعيتها من المعلمين، وهم الذين كونوها وهم فقط من لهم الحق في حلها، ولن تستطيع أي جهة حلها ولو كانت الأمم المتحدة.

وتحدث علي تشيهامر، عن تعليق الدراسة في الخرطوم حتى نهاية يناير، قائلا: "اخيرا الخرطوم تنحني إلى عاصفة الإضراب وتعلنها عطلة إلي نهاية يناير.. إضراب العزة.. معا نستطيع بتكاتف الجميع".

رفض العنف

وهاجم ناشطون البرهان والمجلس العسكري، مستنكرين استخدامهم العنف في مواجهة المحتجين السلميين.

وعبروا عن غضبهم من تعامل السلطة العنيف مع المتظاهرين، وقمع تحركاتهم ومنع مواكبهم ومواجهتها بالقوة المفرطة، مستنكرين تكرر مشهد حمل قوات الأمن للساطور في مواجهة الثوار السلميين، في الآونة الأخيرة.

ورأت الصحفية داليا الطاهر، أن انتهاكات المجلس العسكري الانقلابي المتكررة وإطلاق البمبان بصورة مباشرة ومن مسافة قريبة في وجه وأجساد الثوار هي رسالة مفادها أن الموت والإعاقة هما اللغة الوحيدة التى يجيدونها.

 

وأوضح أحد المغردين، أن الشرطي المتداولة صورته وهو يحمل الساطور، كان في موكب أم درمان يتوعد المتظاهرين بالذبح، مستنكرا وصول جهاز الشرطة إلى مرحلة بعيدة بأن يهدد ويتوعد الموطنين والمتظاهرين بالقتل.

 

ونشر الدكتور آدام عبدالله، صورة الشرطي حامل الساطور، وعلق قائلا: "بعد التوثيق ده يطلع واحد جردل يقول ليك ده فوتوشوب".

رفض المبادرة

واستهجن ناشطون طرح رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، على قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان مبادرة من أجل التوصل إلى "تسوية سياسية سريعة" في السودان.

وسخر السياسي والناشط الحقوقي المصري أسامة رشدي، من المبادرة، قائلا: "صحيح إذا لم تستح فاصنع ما شئت يا عم فاقد الشيء لا يعطيه".

وأردف: "شوف حوارك الوطني الفاشل بسبب فاشيتكم وإرهابكم وإغلاقكم للمجال العام.. يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم اهتموا بخيبتكم الثقيلة".

وأشار أحمد الواكد، إلى أن المبادرة المصرية المطروحة على البرهان، جاءت نتيجة الرعب من إخراج الجيش من السلطة.

واستنكر محمد متولي اتفاق البرهان مع رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، على عناصر المبادرة المصرية بشكل أكبر وبصورة فاعلة لمختلف الدوائر الرسمية والإعلامية والشعبية بالسودان.

وقال: "وصلت درجة العمالة أن عباس كامل يوري البرهان يقول شنو وما يقول شنو".

وكتب المستشار القانوني حسن شقاق: "الناس مستغربين ليه من تدخل حكومات وسفارات في أمورنا السياسية!!! إذا نحنا ما قادرين نحافظ على مواردنا وبنسمح بتهريبها والبلد بقت معبر لتجارة البشر والمخدرات، وعاجزين نشتغل سياسة صح و ندير حوار جاد ونشكل حكومة تمثلنا عشان نوقف المهزلة دي".

وأكد خالد الإعيسر، أن المواقف المتناقضة للبرهان تضعه في خانة شكوك وكأنما هو يعمل لصالح مشروع مريب، يرفع شعار التصحيح والحياد ويمارس عكسه، ويدعو لتوسيع المشاركة ويزيد في التضييق.

وتساءل: "لماذا يفعل كل ذلك والنتيجة النهائية ستقود لتفكيك السودان؟ ولصالح من يصمت الجيش على هذا الخطر وأين قسم منتسبيه بالولاء للوطن؟".