بهاء الجوراني.. عامل عراقي بسيط حوّله الأميركان إلى اقتصادي متهم بالفساد

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

عاد إلى الواجهة مجددا رجل الأعمال العراقي بهاء الجوراني، المسجون منذ نحو عامين على خلفية قضايا "فساد" تتعلق بمئات الملايين من الدولارات العائدة لمشاريع وزارة الصناعة والمعادن، وصدر عليه حكم بالسجن ستة أعوام، وتغريمه 7 آلاف دولار.

عاد الجوراني إلى الأضواء مجددا، بعد ظهور اعترافات أدلى بها أمام "لجنة الفساد"، نشرها الإعلامي حميد عبد الله عبر حلقتين من برنامجه "تلك الأيام" على "يوتيوب" في 25 و27 ديسمبر/كانون الأول 2022.

وخلال إفادته أمام القضاء، قال الجوراني إن "الاعترافات التي وقّعت عليها قد أخذت من هاتفي التي عثر فيه على رسائل مكتوبة وأخرى صوتية ومكالمات، وجرى تفريغ هذه المواد على جهاز حاسوب وأخذ المعلومات منها".

وفي 15 فبراير/ شباط 2021، اعتقل الجوراني من طرف "لجنة التحقيق العليا في قضايا الفساد والجرائم الجنائية الكبرى" التي شكلها رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي.

ميكانيكي سابق

بهاء علاء عبد الرزاق الجوراني من مواليد بغداد عام 1978، بدأ حياته المهنية مكانيكيا للسيارات، ثم انتقل إلى تصليح الثلاجات، قبل أن يتحول بعد ذلك إلى أبرز رجال الأعمال في العراق.

وقبل عام 2003، كانت ملكية بهاء الجوراني سيارة من نوع "بي إم دبليو" موديل 1991، لكن حالته الاجتماعية تغيرت بعدما عمل موظفا مع قوات الاحتلال الأميركي في العراق عام 2005.

وأوضح الجوراني في اعترافاته أنه "عمل بصفة موظف متعاقد مع إحدى الشركات العراقية المتعاقدة مع قوات الاحتلال الأميركية، وكانت حصيلة عمله تحقيق ثروة مالية بلغت 5 ملايين دولار".

وفي عام 2007، عمل الجوراني مقاولا ثانويا مع مجموعة "شمارة" لتنفيذ محطة "كهرباء جنوب بغداد الغازية الثانية"، والتي استطاع أن يحقق منها ربحا بقيمة 800 ألف دولار.

وتمكن الجوراني في 2008، من تأسيس شركته الخاصة باسم "الشبوب للمقاولات العامة والتجارة"، وكذلك أسس شركة "ضلال الأبراج للتجارة والمقاولات العامة"، وباعها لأخيه صفاء.

صديق السياسيين

بدأت علاقة الجوراني مع السياسيين والوزراء عام 2013، إذ دعاه النائب السابق في البرلمان أحمد عريبي على مأدبة إفطار في منزله الذي كان يوجد فيه عدد كبير من الوزراء والشخصيات.

وأوضح الجوراني أن "النائب عريبي عرض عليه وقتها أن يعمل مع وزارة الصناعة والمعادن لغرض إبرام عقود معهم، وعلى أثر ذلك أعطيته 150 ألف دولار مقابل تنفيذ أحد العقود".

وعمل الجوراني مع وزارة الصناعة عندما كان الوزير أحمد ناصر الكربولي، حيث جرى التواصل معه ومع شقيقه النائب السابق محمد الكربولي (أشقاء زعيم حزب الحل، جمال الكربولي) واللقاء معهم في منزل الأخير ببغداد بطلب منهم.

واتفق رجل الأعمال مع الوزير وشقيقه على إحالة بعض المشاريع الخاصة بالوزارة والشركات التابعة لها، مقابل إعطائه لهم نسبة تتراوح من 5 إلى 10 بالمئة من قيمة كل مشروع، وبالفعل تم إحالة مشروع تفكيك "محطة كهرباء جنوب بغداد الأولى".

ووفقا للقوانين، فإن تفكيك المحطة يفترض أن تنفذه إحدى شركات وزارة الصناعة، لكن الوزير أحاله إلى شركة "الجوراني" بقيمة 3.6 مليارات دينار عراقي (نحو 412 مليون دولار)، وكانت حصة الوزير وشقيقه 300 مليون دينار (205 آلاف دولار).

وفي صفقة أخرى، أحال وزير الصناعة مشروعا آخر إلى شركة الجوراني وكانت قيمته 29 مليار دينار (نحو 19.9 مليون دولار)، وأعطيت 5 بالمئة إلى محمد الكربولي (شقيق الوزير).

لم يكتف الجوراني بالتعاون مع عائلة الكربولي، فقد تعرف عام 2014 على محافظ محافظة صلاح الدين السابق، النائب في البرلمان الحالي، رئيس حزب "الجماهير"، أحمد الجبوري (أبو مازن)، وذلك عن طريق وزير البيئة السابق، قتيبة الجبوري.

وعقد الجوراني صفقة كبيرة مع "أبو مازن" عام 2014، حيث عرض عليه الأخير مشاريع محافظة صلاح الدين لاختيار ما يريد منها مقابل نسبة 5 إلى 10 بالمئة من قيمة العقد.

وجرى الاتفاق عل 3 مشاريع بقيمة 60 مليار دولار وأعطى مليارا للجبوري قبل البدء بالعمل، لكن الصفقة توقفت بعدما هاجمها أحد النواب في البرلمان.

وفي 2014، تعرف الجوراني عن طريق "أبو مازن" على معتصم النعيمي، مدير مكتب وزير الصناعة السابق صالح الجبوري، وعين له النعيمي 4 مديرين عامين لشركات داخل وزارة الصناعة مقابل 250 ألف دولار عن كل شخص، حتى يتم من خلالهم إبرام العقود.

وكشف الجوراني -خلال الاعترافات- أنه لقاء عدد من المشاريع التي حصل عليها، أعطى إلى الوزير السابق، قتيبة الجبوري، مبلغ 2.5 مليون دولار على شكل دفعات حتى يشتري فيلا في العاصمة اللبنانية بيروت، واشتراها بالفعل.

وتولى الجوراني مهمة تأهيل مصنع الصلب والحديد في بغداد بقية 150 مليون دولار، لكن المصنع منع من العمل بسبب إرادات خارجية، وأن اثنين من أصحاب المعامل واحد في بغداد والآخر في إقليم كردستان يدفعون 500 ألف دولار شهريا إلى مدير مصنع الصلب عباس حيال مقابل توقفه.

وتحدث رجل الأعمال العراقي عن محاولة برلمانيين إلغاء مذكرة إلقاء القبض التي صدرت بحقة من لجنة مكافحة الفساد عام 2021، وتحديدا من النائبة عالية نصيف عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، والنائب، محمد الغزي، عن التيار الصدري.

وأوضح الجوراني أن "النائب الغزي طلب مبلغ 200 مليون دينار (137 ألف دولار) مقابل إلغاء مذكرة التوقيف بحقي عن طريق فريق من المحامين، وبالفعل جرى تسليمه المبلغ، لكن تم بعدها القبض عليّ".

سجين محكوم

وقضت محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية، على رجل الأعمال الجوراني بالسجن المؤقت لمدة 6 سنوات، بتهم عقود فاسدة، حسب وثيقة رسمية قضائية في 24 أغسطس/ آب 2021.

وفي 17 فبراير/ شباط 2022، أصدرت محكمة جنايات الكرخ في بغداد، حكما جديدا بحق الجوراني.

وذكر مجلس القضاء الأعلى في بيان أنه "بناء على تحقيقات لجنة مكافحة الفساد، حكمت محكمة جنايات النزاهة في الكرخ بالسجن ست سنوات وغرامة مالية بقيمة 10 ملايين دينار (نحو 7 آلاف دولار) بحق المتهم بهاء علاء عبد الرزاق الجوراني".

وأكد البيان أن "القرار جاء وفق المادة 310 من عقوبات قانون العقوبات العراقي، على قضية دفع مبالغ مالية وتعين مديرين عاميين مقابل إحالة مشاريع لشركاته، ومازالت بحقه قضايا أخرى".

وعلى ضوء أسماء السياسيين والمسؤولين الذين ذكرهم الجوراني في اعترافاته، اعتقلت قوة أمنية برفقة "لجنة مكافحة الفساد" في 18 أبريل/ نيسان 2021، زعيم حزب "الحل"، جمال الكربولي، لكن أفرج عنه في 28 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه بكفالة بلغت 100 مليون دينار (68.5 ألف دولار).

وفي 19 أبريل 2021، كشف رئيس لجنة النزاهة البرلمانية، ثابت محمد سعيد، عن "قرب تنفيذ عمليات قبض بحق بعض الشخصيات، من خلال مذكرات صادرة عن القضاء، متضمنة رفع الحصانة عن بعض أعضاء البرلمان، يصل عددهم إلى نحو ثمانية نواب، فضلا عن مديرين عامين ودرجات خاصة".