خلطة حكومة اليمين الإسرائيلي و"عرين الأسود".. كيف تؤثر على المقاومة؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة إسبانية عن الملامح الجديدة للمقاومة الفلسطينية، بقيادة الفصائل المكونة من شبان في العشرينيات من العمر، "ذوي توجه علماني ومسلحين".

وتمثل هذه المجموعات من الشباب العدو الأول لإسرائيل من رجال المقاومة في الضفة الغربية، وفق صحيفة الكونفدنسيال. 

وأشارت في هذا السياق إلى أن هذا التوتر يأتي اليوم تزامنا مع تشكيل أكثر حكومة يمينية متطرفة في تاريخ إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو. 

وقالت، إن مجموعات المقاومة المسلحة الجديدة على غرار عرين الأسود أو كتيبة بلاطة، أصبحوا الأبطال الجدد للمقاومة في الضفة الغربية، كما يحظون بمتابعة كبيرة من قبل الشباب.  

محاربة إسرائيل

ولا يمكن الإشارة إلى تاريخ أو يوم محدد لانطلاق مجموعة "عرين الأسود" الفلسطينية المسلحة، لكن وفق بياناتها فإن عمرها بهذا الاسم لا يتجاوز الشهور، وإن كان لها جذور بمسميات مختلفة.

ومنذ مطلع العام 2022، أخذت ظاهرة المسلحين الرافضين للاحتلال الإسرائيلي تتسع في البلدة القديمة من مدينة نابلس، أسوة بمخيم جنين، وكلاهما شمالي الضفة الغربية.

فقبل "عرين الأسود" نفذت المجموعة عدة عمليات تحت اسم "كتيبة نابلس" أسوة بكتيبة جنين التي تضم مسلحين من مختلف المشارب، وخاضت اشتباكات مسلحة مع الجيش الإسرائيلي.

وفي 3 سبتمبر/ أيلول 2022، كان الظهور العلني الأبرز لـ "عرين الأسود" على شكل مجموعة منظمة من عشرات المسلحين، وذلك في تأبين من قالت إنه مؤسسها محمد العزيزي، ومن وصفته بـ "أسد الاشتباكات المسلحة عبد الرحمن صبح"، بعد 40 يوما على استهدافهما، وفق بيان للمجموعة في حينه.

وفيما يشبه الميثاق، قرأ ملثم يتقدم عشرات المسلحين بيانا للمجموعة، قال فيه: "بنادقنا لن تُصدِر رصاصة في الهواء عبثا، وجهتها الوحيدة هي الاحتلال".

في الأثناء، غزت صور شهداء الفصائل الفلسطينية المسلحة الجديدة شوارع نابلس ومخيم بلاطة للاجئين، موطنهم الأصلي، كما اجتاحت صورهم الهواتف المحمولة للشبان المحليين.

وتعليقا على ذلك، يعترف جمال الطيراوي القيادي في حركة التحرير الوطني "فتح"، التابعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، بأن "الشباب ينظر إلى الفصائل الجديدة على أنهم أبطال قادرون على مواجهة الاحتلال. في المقابل، يرون (قادة السلطة) أننا ضعفاء أمام إسرائيل". 

ونقلت الصحيفة أن الفصائل الجديدة تتكون في جزء كبير منها من شباب من مواليد التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين.

علاوة على ذلك، فهي نشطة للغاية على شبكات التواصل الاجتماعي، ومسلحة بالسلاح، ولا تنتمي إلى أحزاب وحركات فلسطينية تقليدية، مثل فتح أو حركة المقاومة الإسلامية حماس.

من جانب آخر، لا يوجد في هذه الفصائل تسلسل هرمي واضح ويرتبط كفاحهم بمحاربة إسرائيل والسعي لتحرير فلسطين أكثر مما هو مرتبط بالقتال.

ويوضح الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "هيو لوفات": "ليس لديهم برنامج سياسي، باستثناء ردة الفعل على الاحتلال".

ويضيف الخبير: "لطالما كانت هناك مجموعات مسلحة مرتبطة بأحزاب، لكن خلال العامين الماضيين، بدأت هذه الجماعات في الظهور دون انتماءات سياسية". 

أسباب الظهور

ويفسر الباحث ظهور هذه الفصائل بعاملين: أولهما، عدم شعبية وضعف السلطة الوطنية الفلسطينية، وفقدان الثقة في المنظمات التقليدية، وثانيا، الأعمال العسكرية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. ويواصل الخبير: "إنها مجموعة من الأسباب السياسية والعسكرية".

ومن مكتبه في نابلس، يقر الطيراوي بأن هذه المجموعات الجديدة جاءت "لملء الفراغ" في مواجهة "فقدان ثقة الشباب في السلطة الفلسطينية" بقيادة حزبه. ويعترف بأن "هناك فجوة بين الناس والقادة" بسبب نقص فرص العمل وضبابية المستقبل. 

من ناحية أخرى، نوهت الصحيفة إلى أن الفساد والمحسوبية اللذين يميزان الحكومة الفلسطينية، من الأسباب الأخرى التي تفسر ظهور هذه المقاومة الجديدة.

لكن، يصرّ الطيراوي على أن السبب الرئيسي لظهور هذه المجموعات هو "العدوان الإسرائيلي". ويقول السياسي: "تعمل السياسات الإسرائيلية على إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية. لذلك، يرانا الشباب عاجزين أمام إسرائيل".

وأردف أن "صلاحياتي غير مجدية: أنا قائد في مجتمعي ولكن بمجرد عبوري الحاجز (الإسرائيلي)، فأنا لا شيء ويمكنهم إذلالي ومهاجمتي". 

في هذا المعنى، يعتقد الطيراوي، القائد السابق لكتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح الذي حلّه محمود عباس قبل سنوات، أن عرين الأسود "ليست المجموعة الأولى ولن تكون الأخيرة" في الظهور على الساحة الفلسطينية. 

وأشارت الكونفدنسيال إلى أن عرين الأسود وكتيبة بلاطة، مثل العديد من الجماعات الأخرى التي ظهرت في العام الماضي، تحظى بدعم الفلسطينيين لمقاومتهم الشجاعة لتوغلات الجيش الإسرائيلي في مدن مثل جنين ونابلس، والتي وقفت السلطة الوطنية الفلسطينية عاجزة أمامها. 

كما استفادوا من هالة الانتصار التي خلفتها عشرات الهجمات التي تنسبها لهم إسرائيل، والتي أودى بعضها بحياة عسكريين، وفق تعبير الصحيفة.

من بين الهجمات التي تبنتها عرين الأسود، على سبيل المثال، يبرز الهجوم على مسيرة للمستوطنين اليهود بالقرب من بلدة دير شرف الفلسطينية في 11 أكتوبر/تشرين الأول، والذي قتل فيه جندي يبلغ من العمر 21 عاما.

لكن بشكل عام، اقتصرت معظم أعمال هذه الفصائل على المقاومة في المدن الفلسطينية خلال التوغلات العسكرية.

في المقابل، تعد العمليات العسكرية الإسرائيلية لهذه السنة الأكثر دموية على مدار العقد الماضي، في الضفة الغربية. في عام 2022، قتل بالفعل أكثر من 135 فلسطينيا، وهو أعلى رقم منذ عام 2004.

كان العديد منهم من رجال الفصائل ومدنيين آخرين، وكان 30 على الأقل من الأطفال أو المراهقين، وفقا للمنظمات غير حكومية.

من ناحية أخرى، قتل جراء العمليات الفلسطينية في إسرائيل أو الضفة الغربية حوالي 30 إسرائيليا، وهو أعلى رقم منذ سنة 2008.

لاعب سياسي

ونقلت الصحيفة عن آفي ميلاميد، مسؤول المخابرات الإسرائيلية السابق المتخصص في الشؤون العربية، أن الجماعات المسلحة الجديدة ليست "تهديدا جديدا" لإسرائيل، رغم أنها "لاعب سياسي جديد في فلسطين". 

وأوضح أن: "عرين الأسود ليست مهمة عسكريا، لكنها تقول الكثير من الناحية السياسية". ويواصل: "هذه الفصائل تصر على عدم الانتماء إلى الجماعات التقليدية، وهذا مثير للاهتمام للغاية لأنه يظهر إحباط وانعدام ثقة الفلسطينيين بحماس والسلطة الفلسطينية"، وفق تعبيره.

ويتوقع المحلل "حالة من الانقسام الفلسطينية" في اليوم الذي يموت فيه الرئيس محمود عباس أو يترك منصبه. 

وبالإضافة إلى الاستقلالية من الناحية التنظيمية، يشير المحللون إلى دور شبكات التواصل الاجتماعي ونوعية الأسلحة باعتبارها عناصر جديدة تميّز هذه المجموعات.

يوضح ميلاميد أن "الافتقار الواضح للنظام في هذه الجماعات قد يعقد عملية محاربة وجودها" على يد جيش الاحتلال، لكنه يرى أن "العمليات العسكرية كانت ناجحة جدا من وجهة النظر الإسرائيلية".

يتفق كل من ميلاميد ولوفات وكونريكوس على تعريف الشبكات الاجتماعية بأنها سيف ذو حدين لمجموعات جديدة.

يقول الأول: "إنها تمنحهم الدعاية وتضفي طابعا مثاليا على أفعالهم كما أنها جذابة جدا للشباب ولكنها في الوقت نفسه تجعل متابعتها أمرا سهلا".

من جانبه، يشير لوفات إلى أن الشبكات الاجتماعية كانت أساسية في "تنسيق الهجمات ونشر المعلومات".

ويتفق الخبراء الذين استشارتهم الصحيفة حول حقيقة أن الشبكات الاجتماعية سيف ذو حدين بالنسبة للمجموعات الجديدة.  

وحول الأسلحة التي تستخدمها الجماعات، يتفق جميع المحللين على كونها "عسكرية عالية الجودة".

ويشير الكولونيل جوناثان كونريكوس إلى أن الفصائل الفلسطينية تحصل عليها بثلاث طرق: التهريب من الأردن، والذي "زاد في الفترة الأخيرة"؛ وعمليات السطو في القواعد العسكرية الإسرائيلية "التي أصبحت أقل على نحو متزايد"؛ والتصنيع المحلي. 

ومن بين هذه المصادر الثلاثة، أكثر ما يقلق إسرائيل هما الأولان، إذ إنهم ظهروا بأسلحة نادرا ما تُرى في فلسطين.

ويضيف كونريكوس أن مجموعات مثل حماس أو الجهاد الإسلامي ساعدت في تشكيل الفصائل الجديدة، وتوفير التمويل والمعرفة.

ويقول: "على الرغم من أن عرين الأسد هو نموذج لفصيل مستقل، فإنه تلقى أسلحة ومتفجرات من حركة الجهاد الإسلامي"، وفق تقديره.