بتفوق "الأسود" ونجاح قطر.. ما فرص المغرب في تنظيم مونديال 2030؟
النجاح الباهر لمونديال قطر 2022، وتقديم الدولة العربية الخليجية نسخة استثنائية من كأس العالم فاقت كل التوقعات، منح شحنة من التفاؤل لباقي الدول العربية والإفريقية.
ويرى المغرب الذي حقق إنجازا عربيا وإفريقيا غير مسبوق بالتأهل للمربع الذهبي، فرصة في ذلك، لاحتلال دور أكبر في خريطة كرة القدم على المستوى القاري والدولي.
إذ تأمل المملكة في استضافة بطولتي كأس الأمم الإفريقية 2025 وبعدها كأس العالم 2030، مع أمانيها في أن تكون بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال.
فكرة مجنونة
وفي هذا السياق، رأت صحيفة "واشنطن بوست"، أن "الإنجازات التاريخية التي حققها المنتخب المغربي في مونديال قطر، ستزيد من إمكانية استضافة المملكة لكأس العالم 2030، إلى جانب إسبانيا والبرتغال".
وأضافت الصحيفة الأميركية في 15 ديسمبر/ كانون الأول 2022، أن "فكرة مشاركة المغرب في استضافة كأس العالم 2030 مع إسبانيا والبرتغال بدت مجنونة بعض الشيء عندما تم طرحها قبل أربع سنوات".
ولفتت إلى أن "الأمر لا يبدو مجنونا الآن، إذ اكتسب المغرب مكانة داخل فيفا ومصداقية لدى الجماهير بإقصائه إسبانيا ثم البرتغال في مباريات خروج المغلوب (6 ثم 10 ديسمبر 2022) ليكون أول فريق إفريقي يتأهل إلى نصف نهائي المونديال".
وأوضحت أن "المنتخب المغربي يتمتع بقدرات كبيرة على أساس متين، فهناك تجنيد قوي من المغاربة في أوروبا، إلى جانب لاعبين محليين تمت رعايتهم في مركز تدريب عالمي المستوى قرب الرباط".
ونقلت الصحيفة عن رئيس اتحاد المغرب لكرة القدم، فوزي لقجع، عزم المملكة التقدم بملف ترشيح مشترك، "من أجل أن نظهر للعالم أن العلاقة بين إفريقيا وأوروبا ليست فقط علاقة تعاون في مجال محاربة الهجرة غير النظامية".
وأضاف المسؤول المغربي "نحن على بعد 14 كيلومترا فقط من عن إسبانيا والبرتغال (...) ونسعى الآن لأن نكون لاعبا رئيسا داخل الاتحاد الدولي".
وأوضحت الصحيفة الأميركية أن "المغرب بات يتمتع بنفوذ أكبر في الاتحاد الدولي للعبة، وتجمعه علاقة طيبة مع رئيس فيفا، جياني إنفانتينو، وله نفوذ ويتوفر على بنية تحتية".
وأشارت في هذا الصدد إلى "مركز محمد السادس لكرة القدم الذي قالت إن ميزانيته تفوق 65 مليون دولار".
ولم تحدد "فيفا" بعد جدولا زمنيا ولا شروط استضافة مونديال عام 2030.
من جانبه، أكد رئيس فيفا، إنفانتينو، أن الإعلان الرسمي للدولة المنظمة لكأس العالم نسخة 2030 سيتم ابتداء من عام 2024.
وعلى هامش المؤتمر الصحفي في 16 ديسمبر بالعاصمة الدوحة، تمنى إنفانتينو أن يدخل السباق دول عديدة، حتى يتسنى اختيار البلد الذي يستحق.
وتتحدث التقارير عن ملف سعودي مصري يوناني، وإسباني برتغالي، وملف صيني، وآخر من أميركا الجنوبية، فيما يرغب المغرب في الالتحاق بالملف البرتغالي الإسباني.
تاريخ من المحاولات
موقع "زنقة 20" المحلي أشار بدوره إلى أن "المغرب يتجه لتقديم طلب استضافة مونديال 2030، خلال الأسابيع القليلة المقبلة".
وذكر الموقع نقلا عن مصادر لم يسمها في 16 ديسمبر، أن "الملك محمد السادس سيكلف شخصيا خلال الأيام القليلة المقبلة رئيس الحكومة ورئيس اتحاد الكرة بإعداد ملف الترشح خلال القادم من الأشهر".
وتابع: "كما لم تستبعد مصادرنا المطلعة أن يكون الترشيح المغربي بشكل مشترك مع بلد آخر، قد يكون فرنسا".
وشدد الموقع على أن "الإنجاز التاريخي للمنتخب المغربي في مونديال قطر، ونجاح قطر كدولة عربية أولى في تنظيم المونديال، جعل رغبة أعلى سلطة في البلاد بحماس كبير لاستضافة مونديال 2030".
واستطرد: "ملف إنجاز الملعب الكبير لمدينة الدار البيضاء أضحى حقيقة، بعدما كان مجرد حلم، والمغرب تلقى عروضا من الصين لإنجاز ملعب بمعايير عالمية، سيكون الأحدث والأكبر في القارة بطاقة استيعابية تتجاوز 80 ألف متفرج".
من جانبه، قال الأكاديمي المغربي المتخصص في سياسة كرة القدم، منصف اليازغي، إن "أحدث نجاح للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (الاتحاد) على أرض الملعب في المونديال قد يضع المملكة في خضم محاولة ناجحة لاستضافة كأس العالم 2030 بعد عدة محاولات فاشلة".
وأضاف اليازغي لموقع "أريبيان بزنس" العربي في 15 ديسمبر، أن "المغرب مؤهل للترشح مرة أخرى وبمصداقية بعد أن أثبت أنه أمة كبيرة في مجال كرة القدم".
ملف ترشيح 2030 سيكون هو الملف السادس للمغرب لتنظيم كأس العالم بعد محاولات غير ناجحة في 1994، 1998، 2006، 2010 و2026، خسرها كلها لصالح الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، جنوب إفريقيا والولايات المتحدة/كندا/المكسيك.
وإذا نجح الملف، فستكون المرة الثانية التي تنظم فيها البطولة في دولة إفريقية، بعد دورة 2010 في جنوب إفريقيا، والمرة الثانية التي تقام في دولة عربية وإسلامية بعد دورة 2022 التي أقيمت في قطر، وللمرة الأولى في شمال إفريقيا.
وتعود فكرة تنظيم مونديال مشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال إلى عام 2019، حين أعلنت إسبانيا عزمها تقديم ملف مشترك مع البرتغال والمغرب لاستضافة نسخة عام 2030.
وعاد هذا المشروع إلى الواجهة في يونيو/ حزيران 2022، حين نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تقريرا أشار إلى دعم فيفا لتنظيم مونديال مشترك بين الدول الثلاثة.
وفي 14 يونيو 2018، أعلنت الرباط عزمها المنافسة على تنظيم نسخة 2030، بعد يوم واحد من خسارتها حق تنظيم بطولة عام 2026، لصالح ملف ثلاثي تقدمت به الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وقال وزير الشباب والرياضة المغربي حينها، رشيد العلمي في تصريحات إعلامية "بتعليمات سامية من الملك محمد السادس، سنترشح لتنظيم مونديال 2030".
صعوبات بنيوية
فيما استبعدت صفحة "كازافوبي" المغربية على موقع "فيسبوك نجاح فكرة استضافة المونديال، وقالت "حتى نكون متفقين ومتفاهمين ونختم ملف المونديال، أول وآخر دولة عربية ستحظى بتنظيم كأس العالم هي قطر..".
وشددت في تدوينة نشرتها في 19 ديسمبر 2022، على أنه "لن تحلم بعدها برؤية كأس العالم لا في شمال إفريقيا ولا في الشرق الأوسط".
وتابعت: "كونوا على يقين أن مونديال أميركا والمكسيك وكندا المقبل سيفرض عليكم مشاهدة الخبث والخبائث.. بعدما فرضت قطر على العالم احترام الدين والأعراف.."
ورأت أن "فيفا لن تعيد الخطأ نفسه على الأقل لـ100 عام مقبلة.. من الآن فصاعدا سيبقى المونديال حكرا على أوروبا وأميركا وربما أستراليا وبعض دول آسيا كالصين واليابان وكوريا ..".
وختمت الصفحة تدوينتها بالقول: "شكرا قطر على تشريف الدول العربية والإسلامية".
وفي تعليق متشائم، قال الصحفي الرياضي، عادل أربعي: "الآن أصبح صعبا جدا على المغرب وأي بلد آخر تقديم ملف تنظيم مونديال 2030 بعد كل هذا الخيال الذي تقدمه هذه الدولة الصغيرة قطر".
وعبر فيسبوك في 19 نوفمبر 2022، أوضح أربعي أن قطر تتوفر على "شبكة مترو الأحدث في العالم، وتنقل مجاني على متن حافلات حديثة من وإلى الملاعب، وفضاءات ترفيه فسيحة مجهزة بالإنترنت عالي الصبيب".
واستطرد: "نحن في المغرب شبكة الإنترنت لا تشتغل حين المرور بنفق القطار بالرباط لمدة دقيقة واحد فقط".
من جهته، قال الناقد الرياضي المغربي، رضا اليوسفي: "لنكن واضحين، يصعب على المغرب تنظيم كأس عالم لوحده لوجود فارق بين باقي المتنافسين المحتملين، لكن بملف مشترك مع إسبانيا والبرتغال حظوظ الثلاثي ستكون قوية جدا، خاصة أنها بين قارتين، في 3 دول قريبة، وستعطي نكهة خاصة".
وأضاف لـ"الاستقلال" أنه "يمكن القول إننا حطمنا الرقم القياسي في تقديم ملفات الترشيح لكن دون نتيجة إيجابية، كل فترة وأسبابها، وحسابات فيفا والدول الغربية كانت لها القرار الأخير، حيث كنا في بعض الأحيان قريبين من الوصول لحلم شرف تنظيم هذه البطولة العالمية".
وأشار إلى أن "مونديال قطر له إيجابيات كبيرة على المنطقة العربية والإفريقية، خصوصا بعد نجاح الدورة بشكل لم يكن يتوقعه أحد، فقطر آمنت بحظوظها وإمكانياتها، ورغم كل الانتقادات والتقارير الغربية للإساءة، لكن ألجمت ألسنتها مع انطلاقة المونديال".
ولفت اليوسفي إلى أن "المغرب يعرف انتقالا وتطورا ملحوظا على مستوى البنى التحتية منذ نحو 10 سنوات تقريبا، وهناك ملاعب جديدة وأخرى تمت صيانتها".
وأشار إلى أن "البطولات القارية والإقليمية وأيضا الدولية، وإقامة كأس العالم للأندية في المغرب(1-11 فبراير 2023)، أصبحت تختار المغرب لاستضافتها ونجحت بلادنا في ذلك".
واستطرد: "احترافية البطولة الوطنية رغم بعض علاتها، وتألق الفرق المحلية قاريا هذا يصب في مصلحة الملف".
ورأى اليوسفي أن "الإعجاز الكروي للمنتخب الوطني ووصوله للمربع الذهبي بكرة نظيفة احترافية جعلت كل الأنظار تتابع كل صغيرة وكبيرة عنه، وتعداه إلى بحث الجماهير في محركات البحث عن دولة المغرب، وهذه نقطة في صالح الملف المرتقب".