مع وصول رئيس جديد.. أزمات حادة تعصف بالصومال وسط خلافات سياسية
يتسم عام 2022 بتحديات كبيرة تواجه القارة الإفريقية جرت خلاله وستجرى انتخابات في أكثر من عشرين دولة، وفق ما قال مركز دراسات إيطالي.
وأوضح مركز الدراسات الجيوسياسة أن "ذلك يشمل أنغولا، ثاني أكبر منتج للنفط في إفريقيا وكذلك كينيا، دولة لها دور رئيس في شرق إفريقيا، مرورا بمالي التي المنتظر أن تعود إلى صناديق الاقتراع بعد انقلابين".
وأضاف المركز في مقال نشره موقعه الإلكتروني: في الصومال كذلك جرى انتخاب رئيس جديد بعد 15 شهرا من التأجيلات بسبب الخلافات السياسية.
تحديات أمنية
وسلط الموقع في مقاله الضوء على أبرز التحديات الأمنية خاصة، التي ينبغي على الرئيس الجديد مجابهتها وكذلك بعض الإجراءات التي يتعين عليه اتخاذها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
واحتضن مجمع مطار آدم عبد الله بالعاصمة مقديشو في 15 مايو/أيار 2022، عملية تصويت البرلمان على اختيار رئيس جديد للبلاد انتهت بفوز حسن شيخ محمود (67 عاما) الرئيس السابق بين عامي 2012 و2017 .
وكان من المفترض أن تجرى الانتخابات في نهاية فترة ولاية الرئيس محمد عبد الله محمد فرماجو، في فبراير/شباط 2021.
إلا أن العملية تباطأت بسبب الخلافات السياسية التي أعاقت انتخاب أعضاء البرلمان، بسبب الخلافات بين الحكومة الاتحادية وقادة الولايات الفيدرالية حول النموذج الانتخابي المقرر اعتماده.
وكذلك بسبب الخلافات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء محمد حسين روبل، المسؤول عن تنسيق العملية برمتها.
علاوة على ذلك، كان ينبغي إجراء انتخابات مباشرة ولكن في ظل عدم التوصل إلى اتفاق بشأن الدستور الجديد، اعتُمد نموذج تصويت غير مباشر.
ونص على أن ممثلي العشائر والمجتمع المدني الصومالي يختارون مندوبيهم، والذين بدورهم يختارون 275 عضوا في مجلس النواب و54 عضوا في مجلس الشيوخ لتمثيل ولايات الصومال الإقليمية الخمس.
ذكر الموقع بأن حظر تجول جرى فرضه لمدة 33 ساعة لضمان سير العملية الانتخابية في ظل استمرار انتشار مناخ انعدام الأمن بسبب الهجمات المتكررة التي تنفذها حركة الشباب.
تاريخيا، تميزت البلاد دائما بأوضاع من عدم الاستقرار السياسي الشديد ومستويات عالية من الفساد منذ السبعينيات، عندما وصل الجنرال سياد بري إلى الحكم من خلال انقلاب.
وكان بري قد أسس جمهورية الصومال الديمقراطية، وهي نظام عسكري ذو طابع اشتراكي استمر حتى 1991، السنة التي اندلعت فيها حرب أهلية دامية.
وفي السنوات اللاحقة، قدمت الأمم المتحدة مع منظمة الوحدة الإفريقية، التي حل محلها الاتحاد الإفريقي الحالي، مساعدات إنسانية وموارد اقتصادية للتعامل مع المجاعة ونزع سلاح الأطراف المتنافسة وتعزيز الحوار من أجل السلام.
وفي عام 2004، تأسست الحكومة الاتحادية الانتقالية وأعقبها توسع اتحاد المحاكم الإسلامية الذي بدأ في عام 2006.
على أثر ذلك بدأت حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة في اكتساب المزيد من السلطة والسيطرة على مناطق معينة من البلاد بهدف الإطاحة بالحكومة المركزية وإقامة حكمها الخاص.
أردف مركز الدراسات أن قائمة مرشحي الرئاسة ضمت في مايو/أيار 2022، نحو 37 اسما، أشهرهم الرئيس السابق محمد فرماجو، الذي ظل في منصبه بعد موافقة مجلس النواب بالبرلمان الصومالي على تمديد فترة ولايته لمدة عامين، وهو ما أثار غضب قادة مجلس الشيوخ والنقد من المجتمع الدولي.
وكذلك شريف شيخ أحمد، الرئيس السابق من 2009 إلى 2012، مؤسس المحاكم الإسلامية الصومالية وكل من الرئيس الحالي لمنطقة بونتلاند سعيد داني.
بالإضافة إلى فوزية يوسف عدن، وزيرة الخارجية السابقة ونائبة رئيس الوزراء من 2012 إلى 2014، وحسن شيخ محمود، الرئيس الحالي الفائز في الانتخابات.
أزمة الصومال
لفت الموقع إلى أنه رغم أن الحكومة الصومالية معترف بها من قبل المجتمع الدولي، فإنه جرى تصنيف الصومال مرارا وتكرارا على أنه "دولة فاشلة".
أي أن البلد يفتقر إلى المؤسسات والقدرات الأساسية للحكومة كالضرائب، والشرطة، والحفاظ على سيادة القانون، وحماية الملكية إلى جانب تقديم الخدمات العامة والحفاظ على السيطرة على الأراضي.
بحسب الموقع، سيواجه الرئيس المنتخب حديثًا عددًا من المسائل الملحة على مدى السنوات الأربع المقبلة في ولايته.
أولا الأمن الداخلي المهدد من قبل مقاتلي حركة الشباب التي تواصل السيطرة على مناطق واسعة من البلاد من خلال تنفيذ هجمات دموية بهدف الإطاحة بالحكومة المركزية.
وشدد الموقع على أن الأولوية تظل محاربة مسلحي الحركة لوقف الهجمات على غرار الهجوم الأخير على قاعدة بعثة الاتحاد الإفريقي.
وفي يوليو/تموز 2022، لقي 5 جنود على الأقل مصرعهم، وأصيب آخرون في انفجار استهدف قوات تابعة للاتحاد الإفريقي في الصومال.
وتعرض جنود تابعون لبعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال (ATMIS) لانفجار لغم أرضي على مشارف مدينة ماركا، العاصمة الإقليمية لمنطقة "شابيل" الجنوبية الغربية.
وذكرت تقارير إعلامية محلية أن القتلى هم من الجنود الأوغنديين المشاركين في البعثة. كما أعلنت "حركة الشباب" مسؤوليتها عن الهجوم.
وتجدر الإشارة إلى أن الجيش الصومالي أعلن في خلال أكتوبر/تشرين الأول استعادته السيطرة على عدة قرى في محافظة شبيلي الوسطى ومقتل 30 من مقاتلي حركة الشباب خلال عملية في الإقليم، وفق ما أفادت به وسائل إعلام صومالية.
علاوة على ذلك، سيتعين على الرئيس الجديد تخفيف حدة التوترات بين العشائر المتنافسة، ومواجهة موجات الجفاف والمجاعات المتكررة التي تتسبب في مقتل الملايين وكذلك مستويات الفساد العالية.
في هذا الصدد، ذكر المركز الإيطالي أن الصومال يعد منذ عام 2006، ثاني أكثر دولة فسادا في العالم وفقا لمؤشر مدركات الفساد، الذي أظهر أن هذه الظاهرة تؤثر على المجالات كافة تقريبا في المجتمع الصومالي.
على غرار شبكات المحسوبية للعشائر للحصول على فرص العمل والمزايا السياسية وكذلك الاستخدام غير السليم للوسائل العامة لتحقيق أرباح شخصية، وفق نفس المؤشر الصادر عن منظمة الشفافية الدولية 2021.
وذكر الموقع أن الشركات تأثرت أيضا بهذه البيئة غير القانونية وبدأت في بيع المواد الغذائية والأدوية منتهية الصلاحية وكذلك التهرب من الضرائب.
أكد بأنه في ضوء هذه التحديات الملحة، سيحتاج الرئيس الجديد إلى إحاطة نفسه بكادر من الخبراء يمكنهم توفير الأمن والاستقرار الاجتماعي والسياسي من خلال إجراءات تهدف إلى الحد من الهجمات الإرهابية العنيفة للحركة، كما قال.
علاوة على ذلك، يرى بأنه من الضروري للحكومة الرفع من مداخيلها من خلال الدفع الصحيح للضرائب، والحد من الفساد والتوظيف السليم للمساعدات الإنسانية التي يقدمها المجتمع الدولي.
في الختام، شدد مركز الدراسات أنه سيتعين على الرئيس المنتخب حديثا، على نفس الدرجة من الأهمية، تعزيز المصالحة السياسية والاجتماعية بين مختلف العشائر وتنفيذ سياسات خضراء ومستدامة من أجل مواجهة الظواهر المناخية العنيفة المتزايدة.