لم يعمل قط بالسياسة الخارجية.. كيف يتعامل ريشي سوناك مع دول الشرق؟

12

طباعة

مشاركة

أصبح وزير المالية والخزانة البريطاني السابق ريشي سوناك، أول رئيس وزراء هندوسي للمملكة المتحدة، إذ دعمه حوالي 200 من برلمانيي حزب المحافظين، ليصبح رئيسا للحزب والحكومة في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

وفي ضوء عدم اشتغاله بالسياسة الخارجية قبل ذلك، حاول موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، استعراض مواقف رئيس الحكومة الجديد من أهم قضايا الشرق الأوسط، وفي مقدمتها إسرائيل، وإيران، ودول الخليج، وأزمة اللاجئين.

خبرة محدودة

وذكر الموقع البريطاني أن سوناك وصل إلى منصب رئيس الحكومة بعد أن انسحبت منافِسته الوحيدة، رئيسة مجلس العموم، بيني موردونت، بعد فشلها في الحصول على الدعم الكافي من أعضاء البرلمان.

وبصفته وزيرا للخزانة بين عامي 2020 و2022، كان سوناك مسؤولا عن الحزم المالية للحكومة البريطانية للتعامل مع التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا.

كما وُقعت عليه غرامة، مع رئيس الحكومة الأسبق بوريس جونسون، بسبب حضورهما حفل عيد ميلاد أثناء الإغلاق العام المرتبط بجائحة كورونا.

وفي يوليو/ تموز 2022، أدت استقالة سوناك من الحكومة، إلى جانب وزير الصحة آنذاك ساجد جاويد، إلى موجة من الاستقالات، ما أدى إلى سقوط حكومة جونسون في النهاية.

وفي السباق التالي على رئاسة الحزب، كان سوناك منافسا رئيسا لرئيسة الوزراء السابقة، ليز تراس، غير أنه خسر أمامها.

ولكن بعد أن أصبحت تراس رئيسة الوزراء الأقصر مدة في تاريخ بريطانيا، باستقالتها في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، فإن الفرصة سنحت أمام سوناك لقيادة البلاد.

وعلى عكس تراس، فإن رئيس الوزراء الجديد لم يكن وزيرا للخارجية، ولم يشغل أي مناصب حكومية تتعلق بالسياسة الخارجية لبريطانيا، بما في ذلك سياستها تجاه الشرق الأوسط.

نقل السفارة

وأدلى سوناك خلال الأشهر الأخيرة، بتصريحات عديدة داعمة للكيان الصهيوني، بما في ذلك النظر في نقل السفارة البريطانية إلى القدس، والاتفاق النووي الإيراني، وخطر ما أسماه "التطرف الإسلامي"، وفق وصفه.

فخلال فعالية لمجموعة "أصدقاء إسرائيل" في حزب المحافظين، في أغسطس/ آب 2022، قال سوناك إن هناك "مبررات قوية للغاية" لنقل المملكة المتحدة سفارتها من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالأخيرة كعاصمة لإسرائيل.

والبعثة الدبلوماسية البريطانية حافظت على وجودها في تل أبيب، حتى بعد إعلان "إسرائيل" القدس، عاصمة لها، وهذا جزء من سياسة بريطانية طويلة الأمد تقضي بأن الوضع النهائي للمدينة يجب أن يتقرر بعد المفاوضات.

وموقف سوناك من نقل السفارة أثار موجة من الإدانات، صدرت عن قادة مسيحيين، ومسلمين، وكذلك أحزاب المعارضة في بريطانيا.

كما عارض سوناك تصنيف "إسرائيل" كدولة فصل عنصري، في مخالفة لما أقرته منظمات حقوقية رائدة في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، ومنظمة "بتسيلم" الإسرائيلية الحقوقية.

ففي تصريح له للمجلة اليهودية "جويش كرونيكل"، قال سوناك إن "ادعاء الفصل العنصري ليس فقط غير صحيح وفق الحقائق، ولكنه أيضا وبمنتهى الصراحة اتهام مسيء".

وأردف سوناك أن "إسرائيل، مثل أي أمة، ليست مثالية، لكنها ديمقراطية نابضة بالحياة، ومتعددة الأعراق، وتتمتع بصحافة حرة وسيادة القانون".

وزعم أن إسرائيل "منارة أمل مشرقة في منطقة من الأنظمة الاستبدادية والمتطرفين الدينيين".

مستبدو الخليج

وأشاد سوناك، في المقابلة ذاتها، باتفاقيات التطبيع التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين "إسرائيل" وعدة دول عربية.

وفي هذا السياق، قال إن "بريطانيا في وضع قوي للاستفادة من علاقاتها التاريخية مع دول الخليج الأخرى لتوسيع تلك الاتفاقات، وأود أن أرى الدبلوماسيين البريطانيين يركزون بشكل أكبر على هذا الأمر".

كما تعهد وزير الخزانة السابق بإقرار مشروع قانون يضيق الخناق على "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" على إسرائيل (BDS).

ففي عام 2018، وبصفته وزيرا في الحكومة، أصدر سوناك توجيهات ضد العاملين في القطاع العام الذين يستخدمون معاشاتهم التقاعدية لدعم مقاطعة إسرائيل.

وقال حينها إنه "لا ينبغي لهم اتباع سياسات استثمارية تتعارض مع السياسة الخارجية للمملكة المتحدة أو سياسات الدفاع البريطانية".

وفي مارس/ آذار 2022، التقى سوناك بوزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، لمناقشة اتفاقية التجارة الحرة المنتظرة بين المملكة المتحدة وإسرائيل.

وأشار الموقع إلى الانتقادات التي تعرض لها "جونسون"، حينما زار السعودية، في مارس/ آذار 2022، والتقى بولي العهد محمد بن سلمان؛ بحثا عن مزيد من إنتاج النفط، على الرغم من السجل الحقوقي للمملكة.

ففي برنامج صباحي لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، في الشهر نفسه، قال سوناك: "لا أحد يغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان، لقد أثار (جونسون) انتهاكات حقوق الإنسان أثناء وجوده هناك".

وأردف: "ولكن أجرى أيضا حوارا بنّاء للغاية حول كيفية العمل مع الحلفاء في جميع أنحاء العالم لتحقيق قدر أكبر من أمن الطاقة لوطننا، ومن الصواب أن يقوم بذلك".

وحسب الموقع البريطاني، فخلال البرنامج نفسه، واجه سوناك تحديا للتعقيب على تصريحات سابقة له قال فيها إنه "مبتهج" لأن شركة "دي بي ورلد" الإماراتية ستدير عددا من الموانئ الحرة في بريطانيا.

وذلك لأن الشركة الإماراتية متعددة الجنسيات طردت لاحقا 800 موظف من الشركة المالكة للعَبَّارات، الأمر الذي أثار غضبا في المملكة المتحدة.

وحينها رد سوناك على عمليات الفصل الجماعي قائلا: إن ما حدث مروع، ولا ينبغي معاملة الناس على هذا النحو".

أقصى العقوبات

أما فيما يتعلق بإيران، فرأى الموقع أن رئيس الوزراء البريطاني الجديد "أكثر حزما" مما كانت عليه وزارة الخارجية في عهد جونسون، وفق ما قاله ليام فوكس، وزير الدفاع السابق وحليف سوناك.

وصرح فوكس أن "سوناك يريد فرض أقصى العقوبات، ليرى إذا ما كان يمكن إقناع إيران أو إجبارها على اتفاق أوسع يتجاوز برنامجها النووي فقط".

وأضاف فوكس أن "سوناك يعتقد أن الاتفاق النووي مع إيران لا يُنهي برنامجها النووي في واقع الأمر، بل يؤخره فقط، ويزيد من صعوبته بعض الشيء".

وفي شأن آخر، زعم سوناك أن "التطرف الإسلامي كان أكبر تهديد للأمن القومي البريطاني"، مضيفا أن إستراتيجية "بريڤنت (Prevent)" التي دخلت حيز التنفيذ في 2011، فشلت في معالجته.

ووفق "ميدل إيست آي"، فقد أعلن سوناك عن خطط للتصدي لأولئك الذين "يشوهون بريطانيا" بتطرفهم، عبر إحالتهم إلى برنامج مكافحة الإرهاب المثير للجدل.

وفيما يخص اللاجئين، ففي يوليو/ تموز 2022، صرح سوناك أنه سيفعل "كل ما يَلزم" لإنجاح "خطة رواندا"، واصفا سياسة الهجرة في المملكة المتحدة بأنها "معطلة" و"فوضوية".

و"خطة رواندا" تسعى لترحيل طالبي لجوء من بريطانيا إلى رواندا، وفق اتفاقية هجرة وقعتها حكومة البلدين، اعتمدتها الحكومة في أبريل/ نيسان 2022، وتنص على منح الأشخاص الإقامة والدعم في رواندا أثناء النظر في طلب اللجوء الخاص بهم.

كما وعد سوناك بمنح البرلمان صلاحية التحكم في عدد القادمين إلى المملكة المتحدة من خلال وضع "حد أقصى سنوي" لعدد اللاجئين المقبولين، مع إمكانية تغيير ذلك في حالات الطوارئ.