عقبة كبيرة.. موقع عبري: لهذا السبب انتكس مسار تطبيع السعودية وإسرائيل
سلط موقع "جويش إنسايدر" العبري الضوء على مسار تطبيع السعودية مع الاحتلال الإسرائيلي، في ظل الأزمة بين واشنطن والرياض، بسبب قرار منظمة "أوبك بلس"، في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا.
ويمثل خفض الإنتاج، الذي سيدخل حيز التنفيذ في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ما نسبته 2 بالمئة من إمدادات النفط عالميا.
ويضم تحالف أوبك بلس 23 دولة (بينها 13 عضوا في أوبك)، من بينها السعودية وروسيا، ويجتمع بصورة منتظمة لاتخاذ قرارات بشأن حجم إنتاج النفط الخام عالميا.
ونشر الموقع العبري تقريرا جاء فيه أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مدعومة من أعضاء الكونغرس من الحزب الديمقراطي، تفكر بإحداث تغييرات كبيرة في العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية ردا على خفضها إنتاج النفط.
لكن في الوقت نفسه يحث بعض النواب في الكونغرس، إدارة بايدن على العمل للحفاظ على مسار التطبيع السعودي الإسرائيلي، والتعاون الأمني الإقليمي، وفق الموقع.
إذ صرح النائب براد شنايدر، أنه "من المناسب تماما لإدارة بايدن (والكونغرس) تقييم علاقة الولايات المتحدة بالسعوديين باستمرار؛ لتحديد الخطوات اللازمة التي تعالج سلوكهم غير المبرر، وتحمي المصالح الأميركية في المنطقة".
لكنه استدرك قائلا إنه "لا يوجد سبب يمنعنا من التمسك بمبادئنا وحماية مصالحنا، جنبا إلى جنب مع الاستمرار في العمل مع حلفائنا والفاعلين الآخرين في المنطقة لتعزيز الأمن وآفاق السلام".
وجدير بالذكر هنا أن "شنايدر" هو الرئيس المشارك لمؤتمر اتفاقات أبراهام (التطبيعية)، وكذلك الراعي الرئيس لقانون الدفاع الإقليمي، الذي يشجع على إنشاء بنية تحتية متكاملة للدفاع الجوي في الشرق الأوسط، تشترك فيها إسرائيل والسعودية، وغيرهما.
كذلك أثارت جوني إرنست السيناتور والرئيسة المشاركة لاتفاقات أبراهام، ومقدمة مشروع قانون الدفاع الإقليمي، مخاوف من أن "يعرقل البيت الأبيض زخم إنشاء نظام دفاع جوي متكامل، عبر تأجيل اجتماع مجموعة العمل الأميركية- الخليجية".
و"مجموعة العمل الأميركية-الخليجية" هي تحالف إقليمي يضم السعودية والعديد من حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، وكانت بمثابة خط دفاع رئيس ضد الهجمات الإيرانية.
تدمير الثقة
في هذا السياق، كتبت إرنست رسالة إلى مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، رسالة قالت فيها، إن "قرار تأجيل الاجتماع يدمر الثقة، إذ إنه يضع حل النزاعات الأوسع في مجالي الطاقة والسياسة، كشرط للعمل على تحقيق الأمن الإقليمي".
ووصفت "إرنست" القرار بأنه "سابقة سيئة من شأنها أن تعرقل التعاون الأمني المستمر والضروري لتعزيز الاستقرار في المنطقة"، داعية الإدارة الأميركية لتغيير موقفها.
ويقول الموقع الإسرائيلي، إن "الآمال قد انتعشت في كل من الولايات المتحدة والشرق الأوسط بإحراز تقدم نحو الهدف الذي طال انتظاره، المتمثل في تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية".
إذ زادت هذه الآمال خلال الصيف، عندما زار الرئيس جو بايدن السعودية وإسرائيل، في يوليو/تموز 2022، الزيارة التي صاحبها إعلان بأن الرياض ستسمح للرحلات الجوية بعبور أجوائها من وإلى تل أبيب، حسب الموقع.
وتحدث خبراء لموقع "جويش إنسايدر"، مرجحين يُشكل التوتر الحالي في علاقات السعودية بالولايات المتحدة عقبة كبيرة أمام التطبيع السعودي الإسرائيلي.
وصرح روب جرينواي، الزميل المساعد في معهد هدسون الذي شارك في مفاوضات اتفاقات أبراهام، أن "كل شيء يتوقف على النهج الأميركي بالمنطقة"، في إشارة إلى وعود واشنطن بمواصلة دعمها ودفاعها عن الدول العربية التي طبعت مع إسرائيل عام 2020.
وبين جرينواي أن "الدول الأخرى ستبحث عن الشيء نفسه، وأن درجة استعداد الولايات المتحدة لتوفير الدعم والحماية هي التي ستقود مسار التطبيع".
ومن جانبه، يعتقد السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل والزميل البارز في المجلس الأطلسي، دان شابيرو، أن "العلاقات الأميركية-السعودية والتطبيع السعودي الإسرائيلي يمكنهما التحرك في مسارات منفصلة في بعض الجوانب، إلا أنه لا يمكن فصلهما تماما".
وأردف شابيرو "إذا كانت السعودية تعتقد أنه في اللحظة التي تقرر فيها تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ستصدر حزمة قرارات أميركية مهمة لصالحها، فإنه من الواجب أن تعود تلك الشراكة إلى أرضية أكثر استقرارا مما هي عليه الآن".
ورأى شابيرو أن "هذا السيناريو ليس ممكنا في الوقت الحالي"، ووافقه في ذلك الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، هارون ديفيد ميلر.
وأشار ميلر إلى أن الحكومة السعودية تتوقع على الأرجح "الكثير من الفوائد" من الولايات المتحدة إذا طبّعت العلاقات مع إسرائيل، إلا أن الأمر سيكون أكثر صعوبة إذا كانت العلاقات الأميركية- السعودية في تراجع".
أثر ممتد
وينقل الموقع الإسرائيلي عن مدير مركز القوة العسكرية والسياسية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، برادلي بومان، قوله إن "إسرائيل ستستمر على الأرجح في المضي قدما نحو التطبيع".
ولكن "يبدو الأمر سيكون أقل احتمالا (في الوقت الحالي)؛ بسبب الدور المحوري الذي تلعبه الولايات المتحدة كوسيط في اتفاقات التطبيع".
كما اتفق شابيرو وجرينواي أن موقف السعوديين يمكن أن يؤثر أيضا على التقدم نحو التطبيع بين إسرائيل ودول أخرى في جميع أنحاء المنطقة، لما للسعودية من "ثقل ضخم" في الإقليم.
إذ قال جرينواي، إن "الدول التي انضمت إلى اتفاقات التطبيع -وخاصة الإمارات والبحرين- فعلت ذلك بعد التشاور مع السعودية والولايات المتحدة"، مضيفا أن "المملكة تتحرك الآن في الاتجاه المعاكس، وبذلك فقدنا بعض الزخم".
كما صرح شابيرو أن الدول الأخرى "ربما تراقب السعوديين لمعرفة نواياهم ووتيرة سيرهم في هذا المسار، لذا فمن المحتمل أن تكون لهذه القرارات تأثير على الإطار الزمني لتطبيع البلدان الأخرى".
ويعتقد "بومان" أن العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والسعودية ستزيد على الأرجح من صعوبة إدخال المملكة وإسرائيل في نظام دفاع صاروخي متكامل، حتى دون التطبيع الكامل بين الرياض وتل أبيب.
لكنه أكد أن هناك العديد من حالات التعاون العسكري السعودي الإسرائيلي غير الرسمي الجارية بالفعل في المنطقة.
وأضاف بومان أن "السعودية ليس لديها أي شك في التهديد الذي تمثله إيران. وهذا أحد الأسباب التي تجعلني أعتقد أن عوامل الجذب بمرور الوقت ستدفع إسرائيل والمملكة إلى التقارب بعض الشيء، بشكل مستقل عن العلاقات بين واشنطن والرياض التي ستظل أحد العوامل في المسألة".
وافق ميلر على أنه "من المرجح أن يستمر الاتصال والتعاون العسكري والدبلوماسي "تحت الطاولة"، مشيرا إلى أنه من المستبعد ظهور الصورة الكاملة للعلاقة الأميركية-السعودية إلا بعد انتخابات التجديد النصفي الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.
وأكد ميلر أنه "إذا مضى الكونغرس قدما في حظر بيع الأسلحة للسعودية أو سحب القوات والأنظمة الأميركية من المملكة، فإن ذلك سيؤثر بالتأكيد على انضمام الرياض إلى تعاون إسرائيلي-بحريني-إماراتي".
ويختم ميلر بالقول إن "عدم انضمام السعودية لهذا التعاون البحري أو الجوي، سيكون له تأثير مريع".