أنشأتها لخدمة مونديال 2022.. هكذا ستستفيد قطر من البنية الصحية لعقود

12

طباعة

مشاركة

أنجزت دولة قطر بنية تحتية صحية شاملة ضمن استعدادها لاحتضان مونديال عام 2022 لكرة القدم، الذي يقام لأول مرة على أرض عربية وفي الشرق الأوسط.

ومنذ حصول قطر على شرف تنظيم العرس الكروي العالمي في ديسمبر/كانون الأول 2010، وضع القطاع الصحي خطة منهجية تلبي متطلبات الحدث الرياضي الأكبر.

وجاء توقيت المونديال في وقت يتعافى فيه العالم من جائحة كورونا التي فتكت بالبشرية، وخلفت أكثر من ستة ملايين وفاة منذ ظهوره عام 2020، مما دعا الدول لفرض قيود صارمة على المواطنين وعلى القادمين إليها من الخارج.

لقاح غير إلزامي

وفي خطوة جريئة ومحسوبة طبيا، أعلنت السلطات القطرية في 29 سبتمبر/أيلول 2022، أن لقاح كورونا لن يكون إلزاميا للمشجعين القادمين لحضور كأس العالم، الذي سينطلق من 20 نوفمبر/تشرين الثاني حتى 18 ديسمبر/كانون الأول 2022.

وأكدت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، أن وزارة الصحة ألغت إجراءات الحجر الصحي لجميع المسافرين القادمين إلى قطر، سواء الحاصلين على اللقاح أو غير المحصنين، وبغض النظر عن بلد المغادرة.

لكن يتوجب على كافة الزائرين فوق سن السادسة تقديم نتيجة سلبية لفحص كوفيد قبل الصعود على متن الطائرات المتوجهة إلى قطر لحضور البطولة. كما يتوجب إحضار شهادة اختبار "بي سي آر" بنتيجة سلبية صالحة لمدة 48 ساعة.

ويتعين على المسافرين القادمين إلى دولة قطر تحميل وتفعيل تطبيق "احتراز" على هواتفهم المحمولة عند الوصول إلى منافذ الدولة، وهو التطبيق الخاص بالهواتف الذكية الذي جرى تطويره لحماية المجتمع من انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19).

وتزامن هذا الإجراء مع إعلان قطر استعدادها لتفعيل ونشر خطط شاملة للاستجابة للحوادث الكبرى عند الحاجة، خلال بطولة كأس العالم.

وعملت وزارة الصحة العامة في قطر، وشركاء الرعاية الصحية، بما في ذلك مؤسسة حمد الطبية، ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية ومؤسسات رئيسة أخرى في قطر خلال السنوات الأخيرة على تطوير خططها للاستجابة للحوادث الكبرى.

وكجزء من الشراكة بين وزارة الصحة العامة ومنظمة الصحة العالمية في مشروع "الرياضة من أجل الصحة"، عمل خبراء إدارة الكوارث من منظمة الصحة العالمية جنبا إلى جنب مع نظرائهم في قطر لدعم تطوير خطط الاستجابة.

ويفتح هذا الباب أمام إلقاء نظرة فاحصة على كيفية عمل الحكومة القطرية على تأسيس بنية طبية متكاملة تستوعب أكثر من مليون نسمة سيحضرون البطولة من مختلف دول العالم.

ومع عدم قدرة القطاع الصحي الحكومي على تغطية محبي الحدث المروي طبيا، جرى منح تراخيص لافتتاح مراكز صحية خاصة لاستيعاب الجماهير التي ستستضيفها الدولة، بهدف تغطية الحوادث الفردية أو البيئية التي قد تقع.

خطة شاملة

وفي إطار الخطة الرئيسة لمنشآت الرعاية الصحية في قطر، وهي خطة سياسية طموحة لمدة 20 عاما جرى إطلاقها عام 2013، حددت الحكومة لنفسها هدف إكمال 48 مشروعا جديدا بحلول نهاية عام 2020، من خلال 31 عيادة صحية وثماني وحدات تشخيصية وعلاجية، ومستشفى عام ومتخصص.

وبحسب رئيس لجنة الاتصال العليا للرعاية الصحية علي عبد الله الخاطر، جرى توفير 100 عيادة في الملاعب الثمانية لبطولة كأس العالم.

بالإضافة إلى عيادات طبية في منطقة المشجعين وفي أماكن السكن، وفق ما قال الخاطر لصحيفة "الشرق" المحلية في 25 سبتمبر.

كما جرى وفق الخاطر، تزويد مناطق المشجعين بفرق طبية متكاملة تتألف من كوادر رعاية صحية من ذوي الخبرة.

وسيجري تشغيل عيادات طبية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع في عدد من مواقع الإقامة الرئيسة للجماهير لضمان وصولهم بسهولة للخدمات الطبية.

واللافت أن دور قطاع الرعاية الصحية لا يقتصر على ذلك، بل هناك ما هو أبعد من الدعم الطبي وخدمات الطوارئ، ليشمل مجالات مهمة مثل الخدمات الاستباقية للصحة والسلامة.

ويشمل ذلك عمليات الفحص والتفتيش المنتظمة للملاعب والفنادق والمرافق الأخرى قبل وأثناء البطولة لتقييم سلامة الأغذية ومخاطر المشكلات الصحية الأخرى كالأمراض المعدية.

وجرى افتتاح عشرة مستشفيات جديدة و16 مركزا صحيا جديدا للرعاية الأولية منذ عام 2010، مع توسيع خدمة الإسعاف الوطنية وافتتاح أكبر مركز للطوارئ والحوادث في المنطقة في عام 2019.

وجرى إيلاء أهمية كبيرة لبناء فريق من الكوادر ذات الخبرة والمهارة من المتخصصين في الرعاية الصحية.

خدمة المشجعين

ومن أجل ضمان إقامة مونديال متميز في الدوحة عبر تحقيق أفضل معايير السلامة في هذا الحدث العالمي، فإنه بإمكان المشجعين الحصول على خدمات الرعاية الصحية في أي من المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات والصيدليات الحكومية أو الخاصة في قطر.

إذ تتوفر الخدمات الصحية للحالات الطارئة والعاجلة في المستشفيات الحكومية بالمجان لحاملي "بطاقة هيا" التي يتعين على المشجعين من أصحاب الوثائق الدولية القادمين إلى الدوحة ممن يحملون تذاكر مباريات المونديال الحصول عليها والتي تعد بمثابة تصريح دخول إلى قطر.

وتتيح "هيا" للمشجعين دخول الملاعب وحضور المباريات (شرط الحصول على تذكرة المباراة)، والاستخدام المجاني لوسائل النقل العام في أيام المباريات، وكذلك حضور عدد من الفعاليات والأنشطة المصاحبة للبطولة.

وتشترط وزارة الصحة العامة في قطر حصول الزوار على تأمين السفر، بحيث يغطي خدمات الرعاية الصحية طوال مدة إقامتهم في هذا البلد.

وأطلقت وزارة الصحة العامة، في 20 سبتمبر 2022 موقعا إلكترونيا جديدا يوفر للمشجعين المحليين والزوار مجموعة واسعة من المعلومات المتعلقة بخدمات الرعاية الصحية والنصائح الصحية التي سيجري تقديمها خلال بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.

وتوقع عبد الوهاب المصلح رئيس لجنة الرعاية الصحية ومكافحة المنشطات في بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، مشاركة حوالي 2000 طبيب وممرض خلال فعاليات البطولة.

كما أن هناك خدمات خاصة للجمهور لتلقي العلاج سريعا، وجميع هذه الخدمات مجانية للجميع.

وتشمل الخطة المتكاملة والشاملة للخدمات الطبية ثلاثة مستويات: المستوى الأول سيكون في الملاعب والفنادق، والثاني في المراكز الصحية، والمستوى الثالث في المستشفيات، وجميعها ضمن فريق واحد، بهدف تقديم خدمات طبية متكاملة للزوار دون تأثر الخدمات الطبية الاعتيادية في الدولة.

شراكة صحية

وضمن حرص الدوحة على أن تقام بطولة كأس العالم التي تنظمها في بيئة صحية، عقدت وزارة الصحة العامة بقطر تحت عنوان "الرياضة من أجل الصحة" شراكة مع منظمة الصحة العالمية لمدة ثلاث سنوات.

تشمل الشراكة تقييم المخاطر وبروتوكولات التجمعات الجماهيرية داخل الملاعب وخارجها، والمراقبة القائمة على الأحداث لحماية الناس من تفشي الأمراض المعدية.

وكذلك الإبلاغ عن المخاطر لكون عنصر الأمن الصحي يلعب دورا أساسيا في ضمان صحة ورفاهية المشاركين في الأحداث الرياضية الضخمة.

وألغت قطر إلزامية استخدام أقنعة الوجه الواقية "الكمامة" في الأماكن العامة والمغلقة واقتصارها على المنشآت الصحية ووسائل النقل العام، والموظفين الذين لديهم تعامل مباشر مع الجمهور.

وفي هذا الإطار، أكد صالح المقارح مساعد المدير التنفيذي للفعاليات وخطط الطوارئ في إدارة خدمة الإسعاف بمؤسسة حمد الطبية، أنه خلال فعاليات المونديال ستكون هناك وحدة قيادة متنقلة وطواقم مخصصة للاستجابة للحوادث الكبرى في كل ملعب من الملاعب في أيام المباريات، والتي سيجري دعمها بخدمة الإسعاف الروتينية.

وأوضح المقارح خلال تصريحات صحفية في 29 سبتمبر 2022، أنه بالإضافة إلى وحدات القيادة، ستكون هناك أيضا وحدة استجابة متنقلة للحوادث الكبرى في كل ملعب في أيام المباريات، لإقامة موقع علاج ميداني مؤقت يضم مجموعة متنوعة من الخيام المكيفة، التي يمكن من خلالها علاج المرضى وفقا لحالتهم المرضية.

ويؤكد القائمون على القطاع الطبي القطري، أن تنظيم كأس العالم للأندية قطر 2019، وبطولة العالم لألعاب القوى 2019، وبطولة كأس العربفيفا  - قطر 2021، مكنت قطاع الرعاية الصحية من اكتساب خبرات قيمة، واختبار خططه للاستجابة للحوادث الكبرى قبل بطولة كأس العالم 2022.

وبين جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" في تصريحات صحفية في 25 سبتمبر 2022، أن بطولة كأس العالم في قطر ستكون الأفضل في التاريخ من واقع التحضيرات القطرية للحدث العالمي.

حدث استثنائي

ومما دفع قطر إلى تعزيز بنيتها الصحية وتحصينها، أن الملاعب الثمانية التي ستقام عليها مباريات البطولة تفصلها عن بعضها مسافات قصيرة تتيح حضور أكثر من مباراة في اليوم الواحد، وبذلك تكون نسخة مونديال قطر 2022 هي الأكثر قربا في المسافات بين مبارياتها.

ويشير أحمد المحمد رئيس مجموعة القيادة الإستراتيجية الصحية لبطولة كأس العالم فيفا - قطر 2022، إلى أن الخطط المتعلقة بخدمات الرعاية الصحية لبطولة كأس العالم تجمع شركاء من كافة أنحاء القطاع الصحي.

ويؤكد المحمد أنه سيكون هناك دور لكل جزء من نظام الرعاية الصحية لدينا طوال فترة بطولة كأس العالم، وذلك عبر القطاعين العام والخاص، وفق ما نقلت وكالة "قنا" الرسمية في 10 أغسطس/آب 2022.

وقال: "افتتحنا منذ عام 2011 عشرة مستشفيات جديدة على أحدث طراز، و16 مركزا حديثا ومتطورا للرعاية الصحية الأولية، والعديد من المرافق المتخصصة الجديدة، بما في ذلك وحدات للرعاية الطارئة والعاجلة".

ومضى يقول: "لم نزد السعة والنشاط فحسب، بل طورنا جودة الرعاية التي نقدمها لمرضانا بشكل كبير".

وفي 6 يوليو 2022 أكد رئيس رابطة رجال الأعمال القطريين فيصل بن قاسم آل ثاني أنه جرى "إنفاق ما يزيد على 200 مليار دولار على المرافق الأساسية من طرقات وجسور وموانئ ومطار ومترو أنفاق ومساكن وسياحة ومناطق حرة"، منذ الإعلان عن فوز قطر بتنظيم كأس العالم.

وأضاف آل ثاني لوكالة الأنباء القطرية "قنا": "هذه البنية التحتية ستتحول إلى مكاسب فيما بعد الانتهاء من تنظيم البطولة".

وأمام ذلك، فإنه بدا واضحا أن قطر سددت هدفان في البنية التحتية لكأس العالم التي تعد من ضمن تحقيق أهداف رؤية قطر 2030.

وخاصة أن المشاريع الصحية الجديدة ستنعكس مستقبلا على خدمة الشعب القطري، وهذا ما قاد لانضمام جميع المدن القطرية إلى شبكة المدن الصحية العالمية في 8 أكتوبر 2022، وفق ما أعلن منصور آل محمود وكيل الوزارة المساعد لشؤون البلديات بوزارة البلدية.

وهذا ما جعل دولة قطر أول دولة عربية على مستوى إقليم شرق المتوسط تنال جميع بلدياتها لقب المدينة الصحية من منظمة الصحة العالمية.

وسيشارك في مباريات العرس الكروي 32 منتخبا، منهم 13 فريقا من أوروبا، و6 من آسيا (قطر الدولة المستضيفة)، و5 من إفريقيا، و4 من أميركا الجنوبية، و4 من أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي.

وكشف الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" في 7 أكتوبر 2022 عن أغنية جديدة خاصة بكأس العالم قطر 2022، عنوانها "قناديل السماء" (Light The Sky).

وجاءت أحدث أغنية في سلسة أغاني المونديال بمشاركة أربع من أشهر الفنانات في الوطن العربي، وهن اليمنية الإماراتية بلقيس والمغربية الكندية نورة فتحي والعراقية رحمة رياض وكاتبة الأغاني منال المغربية.

وأغنية "قناديل السماء" الموسيقى التصويرية الرسمية هي الرابعة للبطولة، بعد أغنية هيا هيا (نحن أفضل معا)، وأغنية "ارحبو"، ومقطع The World is Yours to Take، وستصدر المزيد من التسجيلات قبل انطلاق المنافسة.

وحرصت قطر على أن يكون مونديالها أكثر من مجرد بطولة كرة قدم، كونه فرصة لتلاقي كل الثقافات في حدث واحد مما أتاح للقائمين على الدورة إبراز الخصوصية العربية وإعطاء صورة مغايرة عن المواطن العربي القادر على الإنجاز في مثل هذه الأحداث العالمية الاستثنائية.